أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 346

جلسة 15 من مارس سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد الديب، ومحمد على بليغ، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(71)
الطعن رقم 1175 لسنة 48 القضائية

(1) شروع. سرقة. قصد جنائى جريمة. "أركانها".
تحقق جريمة الشروع فى السرقة. ليس رهنا بوجود المال.
(2) قانون. سلاح. جريمة "أركانها". ظروف مشددة. سرقة. مناط اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً فى جريمة المادة 306 عقوبات؟
(3) إثبات "اعتراف" إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. اعتراف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف. ماهيته؟ حق المحكمة فى الأخذ بالاعتراف الصادر فى أى دور من أدوار التحقيق. متى اطمأنت إليه.
إثارة بطلان الاعتراف. لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى.
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه. كفاية قضائها بالإدانة رداً عليها.
1 - من المقرر أنه ليس بشرط فى جريمة الشروع فى السرقة أن يوجد مال فعلاً، ما دام أن نية الجانى قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.
2 - إن العبرة فى اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً فى حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر، وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد فى الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه فى هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التى تعتبر عرضاً من الأسلحة التى تحدث الفتك وأن لم تكن معدة له بحسب الأصل - كالسكين أو المطواه - فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة.
3 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ولها فى سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم فى اى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه فى مراحل أخرى لما كان ذلك وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه ولا أنه كان وليد اكراه أو تهديد فلا يقبل منه اثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض.
4 - إن النعى بأن الواقعة مجرد جنحة ضرب وليست جناية شروع فى سرقة لا يعدو أن يكون منازعه فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، طالما أنها تناولت دفاعه وردت عليه رداً سليما يسوغ به اطراحه - كما هو الحال فى الدعوى - هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبة يثيرها على استقلال إذ فى قضائها بالادانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها. ولم تعول عليها.


الوقائع:

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) شرع مع آخرين مجهولين فى سرقة محتويات مسكن ...... حالة كونهم حاملين أسلحة ظاهرة (مدى) وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطه واضطرار الآخرين للفرار. (ثانياً) ضرب المجنى عليه سالف الذكر وزوجته ....... فأحدث بهما الاصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائى والشرعى والتى أعجزتهما عن أشغلهما الشخصية لمدة تزيد على عشرين يوماً وكان الضرب نتيجة محتملة لجريمة الشروع فى السرقة سالفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمواد 543 و45 و46 و316 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الشروع مع آخرين ليلاً فى سرقة مع حمل سلاح وجنحة ضرب، قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن من بين ما قام عليه دفاع الطاعن، وأغفل الحكم الرد عليه، أن منزل المجنى عليه حديث البناء وخال مما يسرق فلا تنهض جريمة الشروع فى السرقة، وأن حمل المطواه ليس مؤثماً ومن ثم فإن استعمالها فى الحادث لا يسوغ اعتبارها سلاحاً وظرفاً مشدداً فى الجريمة، كما عول الحكم على اعتراف الطاعن بمحضر ضبط الواقعة رغم مبالغته فيما رواه لأنه كان وليد صدمة عصبية إثر الاعتداء عليه، وأن طلب الطاعن استعمال الرأفة معه إنما كان ينصرف إلى اعتبار الواقعة جنحة ضرب فقط ولا يفيد تسليمه بأنها جناية شروع فى سرقة حسبما اعقتده الحكم، كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتبن اللتين دان بهما الطاعن، وأورد على ثبوتهما فى حقه، مما له معينة الصحيح من الأوراق ولا يمارى فيه الطاعن، أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود والمعاينة والتقرير الطبى وضبط الطاعن بمكان الحادث وإقراره بمحضر الشرطة، ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم أنه استظهر فيما ساقه من الأدلة ثبوت قصد السرقة فى حق الطاعن وكان من المقرر أنه ليس بشرط فى جريمة الشروع فى السرقة أن يوجد مال فعلا، ما دام أن نية الجانى قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة، وكانت العبرة فى اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً فى حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر، وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد فى الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه فى هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التى تعتبر عرضاً من الأسلحة التى تحدث الفتك وأن لم تكن معدة له بحسب الأصل - كالسكين أو المطواه - فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة، وهو الأمر الذى خلصت إليه المحكمة فى الدعوى المطروحة، فى حدود حقها ودللت عليه بالأدلة السائغة، وكان حمل السلاح فى السرقة من الظروف المادية المتصلة بالفعل الإجرامى ويسرى حكمه على كل ما قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن عليه فى خصوص ما تقدم غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ولها فى سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه فى مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه ولا أنه كان وليد اكراه أو تهديد فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان النعى بأن الواقعة مجرد جنحة ضرب وليست جناية شروع فى سرقة لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، طالما أنها تناولت دفاعه وردت عليه رداً سليما يسوغ به اطراحه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبة يثيرها على استقلال إذ فى قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها. ولم تعول عليها. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.