أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 355

جلسة 18 من مارس سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد حلمى راغب، وجمال الدين منصور.

(73)
الطعن رقم 1882 لسنة 48 القضائية

(1 - 2) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. جريمة. "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إعتراف". "قرائن".
(1) مناط المسئولية فى جريمتى إحراز المخدر أو حيازته؟
إنتهاء المحكمة إلى أن المخدر ضبط بملابس الطاعن. أخذها. من بعد. تدليلاً على نسبته إليه بما قرره من ضبط المخدر إلى جوراه على مقعد السيارة. لا تناقض. أساس ذلك؟
(2) للمحكمة أن تستنبط من الاعتراف وغيره من عناصر الإثبات الحقيقية بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
(3) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب. "موانع العقاب".
مناط الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات؟
1 - لا جدوى فيما ينعاه الطاعن على الحكم بشأن أخذه له بوصف إحراز المخدر استناداً إلى أقوال شهود الإثبات ثم أخذه أيضاً باعتراف الطاعن بحيازته للمخدر، ذلك بأنه متى كانت المحكمة قد أثبتت على الطاعن بالأدلة التى أوردتها أنه قد تم ضبط المخدر بملابسه فلا ضير عليها إن هى - فى سبيل تكوين معتقدها بنسبة المخدر إلى الطاعن - قد أخذته بما قرره من أن المخدر ضبط إلى جواره على مقعد السيارة، وهو ما يحق معه عقابه طبقاً لنص المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها سواء أكان حائزاً للمخدر أو محرزاً له إذ أن مناط المسئولية فى كلتا الحالتين هو ثبوت اتصال الجانى بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية. وإذ كانت عقوبة جريمة الحيازة هى ذات العقوبة التى نص عليها القانون لجريمة الاحراز التى أتهم ودين بها الطاعن، فإن هذا الوجه من النعى لا يكون له محل.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى اعتراف الطاعن فى تحقيقات النيابة بقوله "وقد اعترف المتهم الأول - الطاعن - بتحقيقات النيابة بحيازته للمواد المخدرة المضبوطة مقرراً أن المتهم الثانى وضعها بجواره على مقعد السيارة" وكان لا ينقص من قيمة الاعتراف الذى تساند إليه الحكم فى قضائه ما يذهب إليه الطاعن من أن هذا القول لا يعد اعترافاً بالحيازة وإنما كان قصده منه نسبة الجريمة إلى المتهم الثانى، ذلك بأن محكمة الموضوع ليست مقيدة فى أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الطريقة التى تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق. وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد استظهرت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافره فى حقه - توافر فعلياً - أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها فإنه لا يجوز مصادرتها فى عقيدتها ولا المجادلة فى تقديرها أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن مناط الاعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذى تحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين فى الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء والمبادرة بالابلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط باقى الجناة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه - وهو فى معرض الرد على دفاع الطاعن فى هذا الشأن - أن المتهم الثانى قد ضبط مع الطاعن بذات السيارة ولم يكن ضبطه نتيجة ارشاد الطاعن، وكان لقاضى الموضوع أن يفصل فى ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون فى رفض مطلب الطاعن الانتفاع بالاعفاء المقرر فى المادة 48 من قانون المخدرات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم المتهم الأول (الطاعن): أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. المتهمان الثانى والثالث: حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بمواد الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 34/ أ، 36، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) وآخر بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهما خمسة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وبراءة المتهم الثالث مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم قد تردد بين القول تارة أن الطاعن كان محرزا للمخدر أخذاً بأقوال الشهود وتارة أنه كان حائزا له استنادا إلى قوله بأن المتهم الثانى وضع له المخدر إلى جواره على مقعد السيارة وسمى هذا القول اعترافاً فى حين أنه لا يؤدى إلى هذا المعنى إذ لم يكن الطاعن منفرداً بالجلوس على ذلك المقعد. كما أطرح الحكم دفاع الطاعن القائم على تمسكه بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بعد أن أخبر السلطات بأمر المتهم الثانى بما مكنها من ضبطه وتقديمه للمحاكمة والقضاء بإدانته وجاء رد الحكم على هذا الدفاع معيباً إذ وصف أقوال الطاعن فى شأن المتهم الثانى بأنها مجرد دفاع عن نفسه ثم أخذ بها كدليل قبل المتهم الثانى، وكل ذلك ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأقام عليه فى حقه أدلة مستمدة من أقوال رئيس مكتب مكافحة المخدرات ببلبيس ورجال الشرطة الذين كانوا يرافقونه وقت الحادث ومن نتيجة التحليل وما ثبت من التحريات ومن اعتراف الطاعن وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك - وكان لا جدوى فيما ينعاه الطاعن على الحكم بشأن أخذه له بوصف احراز المخدر استنادا إلى أقوال شهود الإثبات ثم أخذه أيضاً باعتراف الطاعن بحيازته للمخدر، ذلك بأنه متى كانت المحكمة قد أثبتت على الطاعن بالأدلة التى أوردتها أنه قد تم ضبط المخدر بملابسه فلا ضير عليها إن هى - فى سبيل تكوين معتقدها بنسبة المخدر إلى الطاعن - قد أخذته بما قرره من أن المخدر ضبط إلى جواره على مقعد السيارة، وهو ما يحق معه عقابه طبقاً لنص المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها سواء أكان حائزاً للمخدر أو محرزاً له إذ أن مناط المسئولية فى كلتا الحالتين هو ثبوت اتصال الجانى بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية. وإذ كانت عقوبة جريمة الحيازة هى ذات العقوبة التى نص عليها القانون لجريمة الاحراز التى أتهم ودين بها الطاعن، فإن هذا الوجه من النعى لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى اعتراف الطاعن فى تحقيقات النيابة بقوله "وقد اعترف المتهم الأول - الطاعن - بتحقيقات النيابة بحيازته للمواد المخدرة المضوطة مقرراً أن المتهم الثانى وضعها بجواره على مقعد السيارة" وكان لا ينقص من قيمة الاعتراف الذى تساند إليه الحكم فى قضائه ما يذهب إليه الطاعن من أن هذا القول لا يعد اعترافا بالحيازة وإنما كان قصده منه نسبة الجريمة إلى المتهم الثانى، ذلك بأن محكمة الموضوع ليست مقيدة فى أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقية التى تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق. وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد استظهرت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافره فى حقه - توافر فعلياً - أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها فإنه لا يجوز مصادرتها فى عقيدتها ولا لمجادلة فى تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط الاعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذى تحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين فى الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء والمبادرة بالابلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ قد وصل فعلا إلى ضبط باقى الجناة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه - وهو فى معرض الرد على دفاع الطاعن فى هذا الشأن - أن المتهم الثانى قد ضبط مع الطاعن بذات السيارة ولم يكن ضبطه نتيجة ارشاد الطاعن، وكان لقاضى الموضوع أن يفصل فى ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون فى رفض مطلب الطاعن الانتفاع بالإعفاء المقرر فى المادة 48 من قانون المخدرات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.