مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1613

(188)
جلسة 2 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5766 لسنة 44 القضائية

( أ ) أملاك الدولة الخاصة - الأوقاف الخيرية - سلطة إزالة التعدى عليها.
المشرع أسبغ حمايته على أملاك الدولة الخاصة والأوقاف الخيرية وحظر تملكها بالتقادم أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم أو التعدى عليها وخول وزير الأوقاف أو من يفوضه فى الاختصاص المنصوص عليه فى الماد (970) من القانون المدنى فى أن يتخذ الاجراءات الكفيلة بحماية الأوقاف الخيرية وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى.
(ب) قرار إدارى - عيوبه - عيب عدم الاختصاص
إذا فقد القرار أحد أركانه الأساسية يعتبر قراراً معيباً سواء أعتبر الاختصاص أحد أركانه أو أحد مقومات الإرادة التى هى ركن من أركانه - مؤدى ذلك فإن صدور القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانوناً أو غير مفوضة فى إصداره يصمه بعيب عدم الاختصاص لما فى ذلك من افتئات سلطة على سلطة أخرى، وهذا العيب من النظام العام وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها - تطبيق.


إجراءات الطعن:

أنه فى يوم الأربعاء الموافق 3/ 6/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5766 لسنة 44 ق. ع وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالاسماعيلية بجلسة 18/ 4/ 1998 فى الدعوى رقم 7707 لسنة 1 ق والقاضى منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتهما - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة لحين الفصل فى موضوع الطعن ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لقتضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 7/ 2/ 2000، وجرى تداوله بالجلسات إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 5/ 9/ 2000 ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص التى نظرته بجلسة 17/ 1/ 2001 وبجلسة 4/ 3/ 2001 قررت إصدار الحكم بجلسة 2/ 5/ 2001 وتقديم ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
وحيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 18/ 10/ 1989 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 181 لسنة 12 ق إبتداء بإيداع عريضتها قلم كتاب - محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة وطلب فى ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 28 لسنة 1989 الصادر من هيئة الأوقاف المصرية بالشرقية بإزالة تعديه على الأرض الزراعية التى يستأجرها من الهيئة.
وذكر شرحاً لذلك أنه بتاريخ 17/ 10/ 1989 تم إعلانه بقرار الهيئة المطعون فيه ونعى على هذا القرار بالبطلان لأن البناء الذى أقامه لا يعدو أن يكون حظيرة مواشى ومخزن تم إقامتهما على أرض لا تصلح للزراعة داخل الكتلة السكنية فضلاً عن مخالفة القرار لأحكام العلاقة العقدية التى تربطه بالهيئة وكذلك وجود دعوى متداولة بالمحاكم المدنية.
تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة وبجلسة 4/ 1/ 1992 أصدرت المحكمة حكمها بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وإنه نفاذاً لقرارى رئيس مجلس الدولة رقم 167 لسنة 1995، 175 لسنة 1996 بإنشاء محكمة للقضاء الإدارى بالاسماعيلية فقد أحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة وقيدت بجدولها تحت رقم 7707 لسنة 1 ق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى إرتأت فى ختامه الحكم بإلغاء القرار الطعين رقم 28 لسنة 1989 الصادر من هيئة الأوقاف المصرية بالشرقية بتاريخ 20/ 9/ 1989 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
تدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/ 4/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المساحة محل التداعى من أملاك الأوقاف الخيرية التى لا يجوز التعدى عليها، وأن إزالة التعدى فى حالة وقوعه وفقاً لنص المادة (970) من القانون جعل لوزير الأوقاف ولم يخول القانون شخص آخر أو جهة أخرى هذا الحق، كما خلت الأوراق مما يفيد صدور تفويض من وزير الأوقاف إلى مدير أوقاف الشرقية فى مزاولة هذا الاختصاص ومن ثم لا يجوز لأى شخص عدا وزير الأوقاف إصدار قرار بإزالة التعدى على أموال الأوقاف الخيرية، ويكون القرار الصادر بذلك قد صدر من غير مختص وبالتالى غير قائم على سند قانونى جديراً بالإلغاء، هذا فضلاً عن أن المساحة محل القرار مؤجره إلى/ ....... وبالتالى تنتفى شبهة الغصب أو التعدى المبررة لإزالة التعدى إدارياً.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين بصفتهما فقد بادرا إلى إقامة الطعن الماثل بغية الحكم لهما بطلباتهما المشار إليها ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول أن المدعو/ ..... تواطأ مع نجله (المطعون ضده) وسمح له بالتعدى على مساحة 187.20 م2 من الأرض المؤجره له بإقامة منزل بالطوب الأخضر ومستوصف بالبوص والخشب البلدى من أربع حجرات وحظيرة الأمر الذى حدا بالجهة الإدارية إلى إصدار قرارها المطعون فيه بإزالة هذا التعدى بالطريق الإدارى مما يكون القرار مصادفاً لصحيح حكم القانون سيما وأن مصدر القرار مفوضا فى هذا الاختصاص.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع أسبغ حمايته على أملاك الدولة الخاصة والأوقاف الخيرية وحظر تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم أو التعدى عليها، وخول وزير الأوقاف أو من يفوضه فى الاختصاص المنصوص عليه فى الماد (970) من القانون المدنى فى أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية الأوقاف الخيرية وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا فقد القرار أحد أركانه الأساسية يعتبر قراراً معيباً سواء أعتبر الاختصاص أحد أركانه أو أحد مقومات الإرادة التى هى ركن من أركانه، وصدور القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانوناً أو غير مفوضة فى إصداره يعيب ركن الاختصاص لما فى ذلك من إفتئات سلطة على سلطة أخرى وذلك يعد عيب من عيوب عدم الاختصاص فى النظام الإدارى وهو من النظام العام وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن والد المطعون ضده ...... يستأجر من هيئة الأوقاف أطياناً زراعية مساحتها 8 س 15 ط 1 ف تابعة لوقف كاظم أغا وكائنة كفر أبو الديب (عزبة الأزهرى) مركز الابراهيمية وقد نسب إلى المطعون ضده تواطؤه مع والده المستأجر وتعديه على مساحة 187.20 م2 ضمن الأرض الزراعية المستأجرة وأقام عليها منزلاً بالطوب الأخضر ومسقوف بالبوص والخشب البلدى وهو عبارة عن أربع حجرات وحظيرة مواشى، وعليه صدر قرار مدير منطقة الأوقاف بالشرقية المطعون فيه رقم 28 لسنة 1989 بإزالة التعدى بالبناء وفقاً لنص المادة (970) من القانون المدنى واستناداً إلى محضر المعاينة المؤرخ 16/ 9/ 1989.
من حيث إن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه قد خلا من ذكر أى تفويض لمصدر القرار من وزير الأوقاف المختص بحسبان أن سلطة إزالة التعدى وفقاً لنص المادة (970) من القانون المدنى منوطة به بحسبانه الوزير المختص أو من يفوضه ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص جديراً بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولا ينال من ذلك ما ذكرته الجهة الإدارية الطاعن من أن مصدر القرار مفوض فى هذا الاختصاص، فإن ما ذكرته فى هذا الشأن جاء قولاً مرسلاً لا دليل عليه من أنها لم تقدم أى مستند يفيد تفويضه مصدر القرار سواء فى مرحلة نظر الدعوى أو تحضير تقرير الطعن أو أثناء نظر الطعن بالجلسات لاسيماً وأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه على عدم اختصاص مصدره.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بهذا المذهب فإنه يكون قد واكب الصواب مطابقاً لصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً، وألزمت جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.