أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 22 - صـ 448

جلسة 7 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى، وحسن المغربى، ومحمود السيد المصرى.

(109)
الطعن رقم 338 لسنة 41 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". شهادة". "خبرة". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن بالنقض. بطلان الحكم". قتل. شهود. خبرة.
( أ ) الأخذ بالدليلين القولى والفنى عند القضاء بالإدانة. دون رفع ما بينهما من تعارض. قصور وتناقض. مثال.
(ب) تعرف الكلب البوليسى على المتهمين بشم المضبوطات التى ضبطت بمنزل أحدهم. عدم بيان الحكم صلة هذه المضبوطات بالحادث. قصور. مثال.
1 - متى كان البين مما أورده الحكم نقلا عن شاهدى الإثبات أنهما لم يشهدا بأنهما رى الطاعنين يطعنون المجنى عليه بآلة حادة رغم ثبوت اصابته بإصابات طعنية فضلا عن الإصابات الرضية على ما يبين من تقرير الصفة التشريحية، مما يتعارض معه الدليل الفنى ولم يعن الحكم برفع هذا التناقض فى أسباب حكمه فإنه يكون مشوبا بالقصور والتناقض.
2 - متى كان الحكم قد عول فى إدانة الطاعنين على تعرف الكلب البوليسى إذ قال: "وثبت من تجربة الكلب البوليسى أنه تعرف على المتهمين الثلاثة بعد أن شم المضبوطات التى وجدت بمنزل المتهم الأول". وكان الحكم لم يبين مدى صلة هذه المضبوطات التى وجدت بمنزل الطاعن الأول بالحادث حتى يستقيم دليله فيما انتهى إليه، فإنه يكون مشوبا بالقصور مما يعيبه بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا ........ عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية (بنادق) وآلات حادة، وتربصوا فى المكان الذى أيقنوا بمروره فيه حتى إذا ما ظفروا به ضربوه بدباشك بنادقهم وآلات حادة قاصدين من ذلك قتله حين أجهزوا عليه وأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا لمواد الاتهام. فقرر بذلك وادعى ....... بصفته ولى طبيعى على أولاد ابنه مدنى قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورى عملا بالمواد 230 و231 و232 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وألزمهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ ألفا قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه قصور وتناقض فى التسبيب ذلك بأنه أورد فى بيانه لواقعة الدعوى، كما استقر فى وجدانه أن الطاعنين "انهالوا على المجنى عليه ضربا بمؤخر البنادق وطعنا بالأسلحة الحادة التى كانوا يحملونها وظلوا يوالون الاعتداء عليه على هذه الصورة حتى فاضت روحه". إلا أنه حصل أقوال شاهدى الإثبات التى عول عليها فى الإدانة بأن الطاعنين كانوا يحملون البنادق واعتدوا على المجنى عليه بمؤخرها على رأسه دون أن ينسب إليهم أنهم رأوا الطاعنين يحملون أسلحة حادة، ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن بالمجنى عليه إصابات طعنية ورضية أدت إلى وفاته مما يتعارض معه الدليل القولى مع الدليل الفنى دون أن يعنى برفع هذا التناقض. كما عول الحكم فى الإدانة على تعرف الكلب البوليس على الطاعنين بعد أن شم المضبوطات التى وجدت بمنزل الطاعن الأول، دون أن يبين مدى صلتها بالحادث حتى يستقيم دليله فيما انتهى إليه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: "من حيث أن وقائع الدعوى حسبما تبينتها المحكمة من الإطلاع على الأوراق والتحقيقات التى تمت فيها وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل فى أن المتهم الأول ...... سرق منه بعض النعاج ولم يقم بالتبليغ عن سرقتها فى محاولة لاستردادها من المجنى عليه ...... والذى اشتهر عنه ارتكاب السرقات اعتقادا منه أنه السارق لنعاجه، ولما لم يفلح فى استردادها ملأ الغضب نفسه ونفس ابنه المتهم الثانى ...... وقريبه ...... وعقدوا العزم على الانتقام من المجنى عليه والتخلص منه وإزهاق روحه وتوافقوا على هذا العزم وبيتوا النية على قتله فى هدوء وروية، وأعدوا لذلك أسلحة نارية وآلات حادة وظلوا يتحينوا الفرصة لتنفيذ ما اتفقوا عليه إلى كانت ليلة 2 مارس سنة 1969 حيث كان يجرى الإعداد لحفل قران ...... بعزبة عبد المسيح القريبة من بلدتى المتهمين والمجنى عليه، وكان الأخير أحد المدعوين لهذا الحفل والتزم بتقديم فرقة موسيقية للحفل ردا لنقوط سبق أن أداه صاحب الحفل له، وبينما كان المجنى عليه بعزبة عبد المسيح لهذا الغرض قبيل بداية الحفل توجه ...... والذى كان يقوم بالأعمال الكهربائية للحفل بدراجته البخارية إلى بلدة السنبلاوين مع ....... لإحضار بعض مستلزمات الطهى وتوجه معهما المجنى عليه ليؤكد على الفرقة الموسيقية الحضور فى الموعد واستقل ثلاثتهم الدراجة البخارية إلى السنبلاوين، وإذ علم المتهمون بذلك تربصوا للمجنى عليه فى طريق عودته، وظلوا يترقبون حضوره إلى أن شعروا بقدوم الدراجة البخارية فاعترضوا طريقها وأوقفوها وأسقطوها ومن عليها على الأرض وتطلعوا فيمن كانوا عليها وإذ تأكدوا من المجنى عليه حتى انهالوا عليه ضربا بمؤخرة البنادق وطعنا بالأسلحة الحادة التى كانوا يحملونه، وظلوا يوالون الاعتداء عليه على هذه الصورة حتى فاضت روحه." واستند الحكم فى التدليل على ثبوت الواقعة لديه بالصورة المتقدمة فى حق الطاعنين إلى أقوال محمود سليمان بحيرى ومحمد محمد حسانين الشهير بفكرى والرائد عبد العزيز محمود السحرتى رئيس وحدة مباحث ديرب نجم وما تبين من التقرير الطبى الشرعى عن تشريح جثة المجنى عليه، وما ثبت من المعاينة للدراجة البخارية ومكان الحادث وما ثبت من تجربة الكلب البوليسى فى تعرفه على المتهمين، وقد أورد الحكم مؤدى أقوال شاهدى الإثبات محمود سليمان البحيرى ومحمد محمد حسانين الشهير بفكرى بما مؤداه أنهما عند عودتهما والمجنى عليه إلى القرية ليلا تصدى لهم المتهمون الثلاثة وأوقفوا الدراجة البخارية وأسقطوها على الأرض وسقط معهما المجنى عليه وقائدها وتقدم المتهم الأول واعتدى على المجنى عليه بمؤخرة البندقية على رأسه كما تقدم المتهمان الثانى والثالث وانهالوا عليه أيضا بمؤخرة البندقية التى كان يحملها كل منهما حتى غاب عن وعيه. ثم حصل الحكم تقرير الصفة التشريحية بما يفيد أن الإصابات الموصوفة بجثة المجنى عليه بمنطقة الرأس والوجه إصابات رضية حيوية حديثة تحدث من المصادمة بجسم صلب ثقيل نوعا من الجزء الخشبى لبندقية مثل دبشك البندقية وأن الإصابات الموصوفة بالعتق ومقدم الصدر وخلفية الظهر والبطن وخلفية الاليتين بالجثة هى حيوية وحديثة نوعا وهى إصابات قطعية على غرار ما ينشأ بنصل آلة حادة كسكين أو مطواة وتحدث من مثل السكين المضبوطة وأن وفاة المجنى عليه جنائية وتعزى إلى الإصابات الطعنية والرضية سالفة الذكر. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم نقلا عن شاهدى الإثبات أنهما لم يشهدا بأنهما رى الطاعنين يطعنون المجنى عليه بآلة حادة رغم ثبوت إصابته بإصابات طعنية فضلا عن الإصابات الرضية على ما يبين من تقرير الصفة التشريحية، مما يتعارض معه الدليل القولى مع الدليل الفنى ولم يعن الحكم برفع هذا التناقض فى أسباب حكمه. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم أيضا أنه عول فى إدانة الطاعنين على تعرف الكلب البوليسى إذ قال: "وثبت من تجربة الكلب البوليسى. أنه تعرف على المتهمين الثلاثة بعد أن شم المضبوطات التى وجدت بمنزل المتهم الأول"، وكان الحكم لم يبين مدى صلة هذه المضبوطات التى وجدت بمنزل الطاعن الأول بالحادث حتى يستقيم دليله فيما انتهى إليه، لما كان ذلك كله، فإن الحكم يكون مشوبا بالقصور والتناقض، مما يعيبه بما يوجب نقضه والاحالة.