مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1627

(190)
جلسة 2 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 154 لسنة 45 القضائية

آثار - المواقع والأراضى الأثرية - حمايتها.
قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسة 1983.
حدد المشرع المقصود بالآثر سواء كان عقاراً أو منقولاً وتم تسجيله كأثر، وأعتبر أرضاً آثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص، كما اعتبر مبان أثرية المبانى التى اعتبرت كذلك وسجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة، وتعتبر جميع الآثار من الأموال العامة عدا ما كان منها وقفاً، ولا يجوز حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وطبقاً للشروط المنصوص عليها قانوناً، ويجوز لرئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بناء على قرار اللجنة الدائمة للآثار إزالة أى تعد على أى موقع أثرى أو عقار أثرى بالطريق الإدارى. كما يجوز لوزير الثقافة بناء على طلب مجلس إدارة الهيئة المذكورة إصدار قرار بتحديد خطوط التجميل المعتمدة للآثار العامة والمناطق الآثرية وتعتبر المناطق الواقعة داخل تلك الخطوط أرضاً أثرية تسرى عليها أحكام هذا القانون الذى حدد المواقع والأراضى الأثرية والأراضى المتاخمة لها، والأراضى التى يحتمل وجود آثار فى باطنها، مؤدى ذلك خضوع الأراضى المتاخمة للمناطق الآثرية فى حدود ثلاثة كيلو مترات للقيود الواردة بالقانون دون قرار يصدر بذلك إلا بالنسبة للمسافة التى تحددها الهيئة فى المناطق غير المأهولة، أما بالنسبة للمناطق المأهولة فتخضع بصراحة النص للقيود الواردة بقانون حماية الآثار حماية لهذه الآثار من أى تطاول أو عبث - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الخميس الموافق 8/ 10/ 1998 أودع الأستاذ ..... المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 154 ل45 ق. ع وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 18/ 8/ 1998 فى الدعويين رقمى 9688 لسنة 49 ق، 6108 لسنة 50 ق والقاضى منطوقه بقبول الدعويين شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار رقم 1774 لسنة 1986 وفى الموضوع بإلغائه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم بصفتهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 1/ 2000 لنظر الطعن، وجرى تداوله بالجلسات إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 27/ 8/ 2000 ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص التى نظرته بجلسة 17/ 1/ 2001 إلى أن قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 2/ 5/ 2001 ومذكرات ومستندات خلال ثلاث أسابيع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 7/ 9/ 1995 أقام الطاعنون الدعوى رقم 9688 لسنة 49 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طالبين فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1774 لسنة 1986 الصادر من هيئة الآثار المصرية بتاريخ 15/ 9/ 1986 وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكروا شرحاً لذلك أنهم فى خلال عام 1990 استأجروا محلات تجارية بالعقار رقم 24 حارة البرقوقية بالجمالية من المدعو/ ........ - مالك هذا العقار - وأنه فى غضون شهر أغسطس حضرت شرطة الآثار لتنفيذ قرار الإزالة رقم 1774 لسنة 1986 المطعون فيه بمقولة أن بعضا من شاغلى المحلات المشار إليها كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 500 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالبين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه على الرغم من أنهم لم يعلموا بهذا القرار إلا بتاريخ 30/ 8/ 1995 عند الشروع فى تنفيذه، وأضافوا أن مالك عقار النزاع سبق وأن اشتراه من المدعو/ ...... بصفته الشخصية وبصفته وكيلاً رسمياً عن المستحقين فى وقف فرج بن برقوق واستصدر بشأن ذلك الحكم رقم 6038 لسنة 1980 مدنى كلى جنوب القاهرة والذى قضى فيه بصحة ونفاذ عقد البيع لتلك الأرض والتى تبلغ مساحتها 1034 متراً مربعاً والذى تأيد إستئنافاً بالإستئناف رقم 3716 لسنة 98 ق، ثم قام المذكور بتنفيذ هذا الحكم على يد قلم محضرى الجمالية بتاريخ 28/ 1/ 1982 بموجب محضر تسليم رسمى، وحازها حيازة هادئة ومستقرة وأقام عليها محلات تجارية ثم قام بتأجيرها لهم (المدعين) اعتباراً من يناير 1982 بالإضافة إلى ربط الضريبة العقارية عليها، ومن ثم فإن الأرض موضوع النزاع لا تعد أثراً.
ونعوا على القرار المطعون فيه عدم صدوره على سبب يبرره وبالمخالفة للقانون حيث إن المادة (12) من القانون 117 لسنة 1983 توجب تسجيل الأثر بالشهر العقارى ونشر هذا التسجيل فى الوقائع المصرية والتأشير به على هامش التسجيل الخاص بالعقار بالشهر العقارى المختص، بالإضافة إلى قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 وبرقم 187 اعتبر جامع فرج بن برقوق أثراً إلا أنه لم يعتبر الأرض المحيطة به كذلك، كما أنه وفقا للمادة (6) من قانون حماية الآثار المشار إليه تعتبر الآثار من الأموال العامة فيما عدا ما كان منها وقفاً، ومن ثم فإن حجة الوقف المؤرخة فى 16 صفر سنة 1224 هجرية اعتبرت جامع فرج بن برقوق والخانقاة وقفاً ومن ثم فإن هذا المسجد يخرج من عداد الأموال العامة، بالإضافة إلى أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 6038 لسنة1980 مدنى كلى جنوب القاهرة اعتبر مالك الأراضى سالفة الذكر هو واضع اليد عليها اعتباراً من أول يناير 1976 بموجب عقد بيع إبتدائى مؤرخ فى ذات التاريخ، وهذا الحكم يعتبر ورقة رسمية فضلاً عن إكتسابه لملكية الأرض بالتقادم المكسب القصير، وهو خمس سنوات استناداً إلى حكم المادة (169) من القانون المدنى.
وبتاريخ 16/ 9/ 1995 أقام المدعون الدعوى رقم 6636 لسنة 1995 بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة طالبين فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ قرار الإزالة رقم 1774 لسنة 1986 قيد الفصل نهائياً فى الدعوى رقم 9688 لسنة 49 ق، وتدوول نظر هذه الدعوى بجلسات المحكمة، وبجلسة 27/ 2/ 1996 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.
ونفاذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى وقيدت بجدولها برقم 6108 لسنة 50 ق.
وتدوول نظر الدعويين بجلسات المحكمة على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 10/ 3/ 1998 قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 18/ 8/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وشيدت قضاءها بعد إستعراضها لمواد القانون 117 لسنة 1983 على أساس أن البادى من الأوراق أن آثار وأطلال خانقاة السلطان برقرق - والتى تعد جزءاً لا يتجزأ من مسجد السلطان برقوق المسجل برقم 187 ضمن الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة بموجب قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 لسنة 1951 - تعدى عليها المدعو/ ....... فحررت ضده هيئة الآثار المحضر رقم 482 لسنة 1983 إدارى الجمالية لقيامه بالبناء عليها ثم صدر الحكم الجنائى بحبسه ثلاثة أشهر فى جحنتى التعدى رقمى 1433، 1330 لسنة 1983 جنح الجمالية، كما صدر حكم محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية فى الدعوى رقم 2832 لسنة 1983 مدنى كلى جنوب القاهرة والمقامة من المذكور فى مواجهة هيئة الآثار بتثبيت ملكيته على قطعة الأرض المعتدى عليها والتى تحمل رقم 24 حارة البرقوقية والتى قضت فيها المحكمة المذكورة برفضها ثم إستأنف الحكم أمام محكمة إستئناف القاهرة وقيد برقم 3080 لسنة 102 ق وقضت بجلسة 6/ 2/ 1986 برفض الإستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 15/ 9/ 1986 أصدر رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية القرار رقم 1774 لسنة 1986 المطعون فيه بإزالة التعديات الواقعة على خانقاة السلطان برقوق الأثرية بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية وبالتالى يكون قد جاء بحسب الظاهر من الأوراق قائماً على سببه المبرر له وصدر ممن يملكه الأمر الذى ينتفى معه ركن الجدية مما يتعين معه رفض طلب وقف التنفيذ دون حاجة لاستظهار ركن الإستعجال لعدم جدواه.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاموا طعنهم الماثل تأسيساً على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: عدم اعتبار الأرض موضوع النزاع أثراً طبقاً للقانون لأن قرار وزير المعارف العمومية الذى اعتبر جامع فرج بن برقوق أثراً بموجب القرار رقم 10357 لسنة 1951 وبرقم 187 دون الأرض المحيطة به، وبالتالى تعتبر أرض النزاع غير مشمولة بقرار وزير المعارف العمومية باعتبارها أثراً.
ثانياًً: حجة الوقف المؤرخة 16 صفر 1224 هجرية تضمنت إعتبار جامع فرج بن برقوق والخانقة وقفاً وبالتالى فإنه يخرج عن الأموال العامة وخاصة الأرض المقامة عليها المحلات التجارية التى يستأجرها الطاعنون.
ثالثاً: ثابت من الحكم رقم 6038 لسنة 1980 مدنى كلى جنوب القاهرة أن مالك هذه الأرض وضع اليد عليها منذ أول يناير سنة 1960 بموجب عقد بيع إبتدائى مؤرخ فى ذات التاريخ وأن هذا الحكم يعتبر ورقة رسمية ومالك الأرض يضع اليد عليها بموجب هذا الحكم ومن ثم يتعين تطبيق المادة (969) من القانون المدنى والتى تقضى بأن مدة التقادم المكسب فى هذه الحالة هى خمس سنوات.
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 تنص على أن " يعتبر أثر كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة وحتى ما قبل مائة عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية.. "
وتنص المادة الثانية على أنه " يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة أن يعتبر أى عقار أو منقول ذا قيمة تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية أثراً متى كان للدولة مصلحة قومية فى حفظة وصيانته وذلك دون التقيد بالحد الأدنى الوارد بالمادة السابقة ويتم تسجيله كأثر وفقاً لأحكام هذا القانون...... "
وتنص المادة (3) من هذا القانون على أن " تعتبر أرضاً أثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التى يصدر باعتبارها كذلك قراراً من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة....... "
وتنص المادة (4) على أن " تعتبر مبان أثرية المبانى التى اعتبرت كذلك وسجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة....... "
وتنص المادة (6) على أن تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة - عدا ما كان منها وقفاً - ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها فى هذا القانون والقرارات المنفذة له ".
وتنص المادة (17) على أن " مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها فى هذا القانون أو غيره من القوانين يجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة بناء على قرار من اللجنة الدائمة للآثار دون حاجة للالتجاء إلى القضاء أن يقرر إزالة أى تعد على موقع أثرى أو عقار أثرى بالطريق الإدارى وتتولى شرطة الآثار المختصة تنفيذ قرار الإزالة.
وتنص المادة (19) على أن " يجوز للوزير المختص بشئون الثقافة بناء على طلب مجلس إدارة الهيئة إصدار قرار بتجديد خطوط التجميل للآثار العامة والمناطق الأثرية وتعتبر الأراضى الواقعة داخل تلك الخطوط أرضاً أثرية تسرى عليها أحكام هذا القانون ".
وتنص المادة (20) على أن " لا يجوز منح رخص للبناء فى المواقع أو الأراضى الأثرية، ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مرافق أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو فى المنافع العامة للآثار أو الأراضى الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة، كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها.
ويسرى حكم الفقرة السابقة على الأراضى المتاخمة التى تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها فى الفقرة السابقة والتى تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات فى المناطق المأهولة، ولمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر فى غيرها من المناطق......... ".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع قد حدد المقصود بالآثر سواء كان عقاراً أو منقولاً وتم تسجيله كأثر، كما أعتبر أرضاً آثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص، واعتبر مبان أثرية المبانى التى اعتبرت كذلك وسجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة، وتعتبر جميع الآثار من الأموال العامة - عدا ما كان منها وقفاً ولا يجوز حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال والشروط المنصوص عليها قانوناً ويجوز لرئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بناء على قرار اللجنة الدائمة للآثار أن يقرر إزالة أى تعد على أى موقع أثرى أو عقار أثرى بالطريق الإدارى، كما يجوز لوزير الثقافة - بناء على طلب مجلس إدارة الهيئة المذكورة إصدار قرار بتحديد خطوط التجميل المعتمدة للآثار العامة والمناطق الأثرية، وتعتبر الأراضى الواقعة داخل تلك الخطوط أرضاً أثرية تسرى عليها أحكام هذا القانون، كما أن المستفاد من نص المادة (20) سالفة الذكر أنها تنظم أموراً ثلاثة أولها بشأن المواقع أو الأراضى الأثرية، وثانيها الأراضى المتاخمة لتلك الأراضى التى تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها فى الفقرة السابقة والتى تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات فى المناطق المأهولة أو المسافة التى تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر فى غيرها من المناطق، وثالثها الأراضى التى يحتمل وجود آثار فى باطنها، وأن الإستخلاص السائغ لنص المادة (20) المشار إليها مفاده أن الأراضى المتاخمة التى تقع خارج نطاق الأراضى الأثرية، والتى تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات فى المناطق المأهولة أو المسافة التى تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر فى غيرها من المناطق تكون خاضعة للقيود الواردة بالقانون، دونما حاجة إلى قرار يصدر بذلك إلا بالنسبة للمسافة التى تحددها الهيئة فى المناطق غير المأهولة، أما بالنسبة للمناطق المأهولة، فلا جدال فى أن صراحة النص ووضوح عباراته تؤكد أنه لا جدال ولا مناقشة فى خضوع الأراضى المتاخمة للمناطق الأثرية، والمأهولة، ولمسافة ثلاثة كيلو مترات للقيود الواردة بقانون حماية الآثار، والتى تستهدف تقرير الحماية لهذه الآثار من أى تطاول أو عبث هو فى حقيقة الواقع عبث وتطاول على تراث كل مصرى، بل تراث تفخر الإنسانية جمعاء أن تشارك فيه أبناء مصر - يتشرف بأن يكون تراث مصر مما يفيض على الإنسانية جمعاء.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على المنازعة الماثلة، وكان البادى من الأوراق أن المدعو/ ..... قام بالتعدى على أرض تقع بها آثار وأطلال خانقاة السلطان برقوق والمتاخمة لمسجد السلطان برقوق وتعد جزءاً لا يتجزأ منه أو ينفصل عنه والمسجل أثراً إسلامياً بمدينة القاهرة برقم 187 بموجب قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 لسنة 1951، وبناء عليه حررت ضده الهيئة المطعون ضدها محضراً بالتعدى قيد تحت رقم 482 لسنة 1983 إدارى الجمالية لقيامه ببناء محلات داخل هذه الأرض وتأجيرها، وقدم للمحاكمة فى جنحتى التعدى رقمى 1433، 1330 لسنة 1983 جنح الجمالية حيث صدر الحكم بحبسه ثلاثة أشهر، كما أصدرت محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية حكمها فى الدعوى المقامة من المتعدى المذكور ضد هيئة الآثار المصرية - والتى طلب فيها تثبيت ملكيته على قطعة الأرض المعتدى عليها رقم 24 حارة البرقوقية بموجب الدعوى رقم 2832 لسنة 1983 مدنى كلى جنوب القاهرة حيث قضت برفض الدعوى، وتأيد هذا الحكم إستئنافياً بموجب الإستئناف رقم 3080 لسنة 102 ق أمام محكمة إستئناف القاهرة بجلسة 6/ 2/ 1986 حيث رفضت المحكمة الإستئناف المشار إليه إستناداً إلى أن وقف السلطان برقوق وهو وقف خيرى وليس وقفاً أهلياً كما جاء بتقرير الخبير المقدم فى الإستئناف المشار إليه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم أصدر رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية القرار رقم 1774 لسنة 1986، 15/ 9/ 1986 المطعون فيه - والمتضمن إزالة التعديات الواقعة على خانقاة السلطان برقوق الأثرية وبعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار، ومن ثم يكون هذا القرار قد جاء - بحسب الظاهر - على سند صحيح من الواقع والقانون مما ينتفى معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه دون حاجة لاستظهار ركن الإستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك أو يغيره ما أثاره الطاعنون من أن قرار وزير المعارف العمومية اعتبر جامع السلطان فرج بن برقوق أثراً دون أن يدخل فى ذلك الأرض المحيطة به، ومن ثم لا تعتبر هذه الأرض أثرية وفق قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 لسنة 1951، فإن هذا القول مردود عليه بأن الأرض محل النزاع - وفقاً لما هو بادى من الأوراق والخريطة المساحية المقدمة من الهيئة المطعون ضدها ضمن حافظة مستنداتها المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 16/ 1/ 1996 - مستند رقم 5 - أن هذه الأرض تعتبر جزءاً لا يتجزأ أو ينفصل عن جامع السلطان برقوق والذى سجل، أثراً إسلامياً بمحافظة القاهرة برقم 187 - وعلى ما سبق بيانه - ومن ثم يسرى عليها ما يسرى على الجامع الأثر المشار إليه، ومن ناحية أخرى فإنه طبقاً لنص المادة (20) من قانون حماية الآثار أنها أعطت الأراضى المتاخمة للمناطق الأثرية والمأهولة ولمسافة ثلاثة كيلو مترات للقيود الواردة لقانون حماية الآثار والتى تستهدف تقرير حماية لهذه الأراضى من أى تطاول أو عبث، وهذا الحكم هو بدون شك ينطبق على الأرض محل النزاع باعتبارها ملاصقة تماماً لجامع السلطان برقوق الأثرى.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك أيضاً ما ساقه الطاعنون من أن المدعو/ ....... الذى قام بتأجير المحلات لهم قد حصل على حكم من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 6038 لسنة 1980 بصحة ونفاذ العقد الإبتدائى المؤرخ 1/ 1/ 1976 للقطعة رقم 24 حارة البرقوقية والمتضمن بيع المدعى عليه له للأرض محل النزاع وقد تأيد هذا الحكم إستئنافياً بالإستئناف رقم 3716 لسنة 98 فإن الثابت من الاطلاع على الحكم رقم 6038 لسنة 1980 أن الهيئة المطعون ضدها لم تكن طرفاً فيه وبالتالى لا يعتد عليها بهذا الحكم ولا يحوز أى حجية إلا من خصومة فقط وبالتالى لا يغل يد الهيئة المطعون ضدها فى أن تستعمل السلطة المخولة لها قانوناً فى إزالة التعديات التى تقع على هذا الأثر لاسيماً وأن الدعوى التى أقامها المذكور بتثبيت ملكيته فى مواجهة الهيئة المطعون ضدها قد رفضت وأصبح فيها الحكم نهائياً وذلك على النحو آنف البيان وقد جاء فى تقرير الخبير المكلف بالمأمورية - والذى استندت إليه المحكمة فى رفض الدعوى - أن الأرض محل النزاع هى جزء من مسجد السلطان برقوق مملوكة لوزارة الأوقاف المصرية بموجب حجة شرعية بتاريخ 16 صفر 1224 ه بإعتبار أن أعيان هذا الوقف خيرية تنظر عليه وزراة الأوقاف بموجب قرار الحفظ المسجل برقم 1286 فى 8/ 9/ 1901 الصادر من محكمة مصر الشرعية فضلاً عن أن الأرض محل النزاع مملوكة للدولة ملكية عامة منذ عام 1951 وذلك بصدور قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 والمسجل برقم 187.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد واكب الصواب ويكون الطعن عليه قد جاء دون سند جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعاً وإلزمت الطاعنين المصروفات.