مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1639

(191)
جلسة 5 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه تناغو نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عادل حسيب، ويسرى هاشم الشيخ، ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، ود. محمد ماجد محمود نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1786 لسنة 39 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون - انقطاع - التصريح بإجازة عن فترة الانقطاع - الأجر.
المادة 74 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم47 لسنة 1978 - الأصل العام هو أن الأجر مقابل العمل فإذا لم يؤد العامل العمل خلال مدة معينة فلا يستحق أجر عنها - يستثنى من ذلك حالة التصريح للعامل بإجازة من رصيد أجازاته عن فترة الإنقطاع عن العمل - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون - تأديب - سلطة المحكمة فى إستخلاص عناصر جريمة الإشتراك بالإتفاق - إن فعل الإشتراك بالإتفاق يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الإستدلال بها عليه، فإنه يكفى أن تكون المحكمة إعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون إعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التى أثبتها الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن:

بتاريخ 11/ 3/ 1993 أودعت النيابة الإدارية تقرير الطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 12/ 1/ 1993 فى الدعوى رقم 198 لسنة 19 ق والقاضى ببراءة المتهم ....... مما نسب إليه.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المتهم مما نسب إليه.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة ..... من الوقائع المنسوبة إليه ومجازاته بالجزاء المناسب الذى تراه المحكمة.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 8/ 1995 وبجلسة 10/ 6/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة - موضوع" لنظره بجلسة 18/ 7/ 1998، وبتلك الجلسة والجلسات التالية نظرت المحكمة الطعن واستمعت إلى مارأت لزوماً للإستماع إليه من إيضاحات ذوى الشأن ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد إستوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط بتاريخ 31/ 12/ 1991 أوراق القضية رقم 858 لسنة 1991 المنيا وقرار إتهام ضد المطعون ضده وآخرين ونسبت للمطعون ضده أنه على الرغم من إنقطاعه عن العمل أيام 12، 13/ 12/ 1990 و 6/ 2/ 1991 والمدة من 9/ 5/ 1991 حتى 31/ 7/ 1991 قام بصرف مرتبه عن تلك الأيام، واشترك مع المتهم الثانى فى إجراء تزوير توقيعه بسجل الحضور والإنصراف خلال المدة من 9/ 5/ 1991 حتى 1/ 8/ 1991، وطلبت النيابة محاكمة المطعون ضده والأخرين لإرتكابهم المخالفات الإدارية والمالية المؤثمة بالمواد 76/ 1، 77/ 1، 3، 4، 78/ 1، 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وتعديلاته والمادة 11/ 1، 4 من قانون الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 144 لسنة 1988 والمواد الأخرى المنصوص عليها تفصيلاً بتقرير الاتهام.
وبجلسة 12/ 1/ 1993 أصدرت المحكمة التأديبية بأسيوط حكمها ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه. وأسست قضاءها على أن ما نسب إليه من صرف مرتبه عن مدة الإنقطاع ثابت من ناحية الإسناد الموضوعى إلا أنه من ناحية التكييف لا يعد ذنبا إداريا يستوجب مساءلته تأديبياً لأنه قام بصرف راتبه عن تلك المدة طواعية من المسئول عن المرتبات ولم يستخدم طرقاً إحتيالية وبالمثل فإن ما نسب إليه من حيث إشتراكه مع الثانى فى تزوير توقيعه بسجل الحضور والإنصراف فى المدة 9/ 5/ 1991 فإنه لم يثبت أنه إتفق معه أو حرضه أو ساعده على هذا التزوير.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون لأن المطعون ضده حين قام بصرف أجره عن مدة إنقطاعه كان يعلم تمام العلم أنه لا يستحق هذا المرتب لعدم أدائه لأى عمل خلال تلك المدة وأنه لولا أنه إتفق مع المتهم الثانى على تزوير توقيعه ما تمكن من صرف راتبه فليس من المنطق أن يقوم المتهم الثانى بذلك من تلقاء نفسه.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة فى الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم وزناً مناطه إستظهار - ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التى تعيبه وللمحكمة الإدارية العليا سلطة تعديل الحكم المطعون فيه وإلغائه أو الحكم بالعقوبة المناسبة طبقاً لحقيقة ما إرتكبه العامل من ذلك وبمراعاة الظروف والأسباب المحيطة بواقعة الطعن.
ومن حيث إن المادة 74 من نظام العاملين المدنيين بالدولة تقضى بأنه (إذا إنقطع العامة عن عمله يحرم من أجره عن مدة غيابه وذلك مع عدم الإخلال بالمسئولية التأديبية ويجوز للسلطة المختصة أن تقرر حساب مدة الإنقطاع من أجازاته ومنحه أجره إذا كان له رصيد منها يسمح بذلك) مفاد هذا النص أن المشرع قد جعل الأصل العام هو أن الأجر مقابل العمل فإذا لم يؤد العامل العمل خلال مدة معينة فلا يستحق أجر عنها وإستثنى من ذلك حالة التصريح للعامل بإجازة من رصيد إجازاته عن فترة الإنقطاع عن العمل.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد إنقطع عن عمله فى الفترات 12، 13/ 12/ 1990 و 6/ 2/ 1991 والمدة من 9/ 5/ 1991 حتى 31/ 7/ 1991 ولم يثبت من الأوراق أن له رصيد أجازه وافقت عليها السلطة الإدارية ومن ثم فهو لا يستحق أجر عن هذه الأيام وأنه قدم للمحاكمة على أساس مخالفتين الأولى قيامه بصرف راتبه عن الأيام المشار إليها والثانية إشتراكه مع المخالف الثانى فى إجراء تزوير توقيعه بسجل الحضور والإنصراف خلال المدة من 9/ 5/ 1991 وحتى 1/ 8/ 1991.
ومن حيث إنه بالنسبة للتهمة الأولى والتى إنتهى الحكم المطعون فيه إلى أنها لا تعد ذنبا إداريا فى حق المطعون ضده يستوجب المساءلة التأديبية رغم ثبوتها فى حقه بحسبان أن واقعة حصول المتهم على مرتبه قد تمت طواعية من المسئول عن المرتبات فى المدرسة وبالتالى عاقبت المحكمة باقى المتهمين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان يقوم بصرف مرتبه عن مدة الإنقطاع على الرغم من عدم أدائه لأى عمل خلالها لإنقطاعه عن العمل طوال هذه المدة التى تم الصرف عنها وأنه كان يعلم تمام العلم أنه لا يستحق هذا المرتب الذى يتم صرفه إليه ومن ثم فإنه يكون قد حصل دون وجه حق على المبالغ التى صرفت له وكان المفترض إذا كان حسن النية أن يمتنع عن إستلام هذه المبالغ وأن فى إستلامه لهذه المبالغ لدليل على سوء نيته مما يعتبر خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفى وسلوكاً منه لا يتفق وواجباته الوظيفية يستوجب مؤاخذته عنه تأديبيا.
ومن حيث إنه لم يبين من الأوراق أن السلطة المختصة قامت بحساب مدة الإنقطاع حيث إن قيام السلطة المختصة بحساب هذه المدة من إجازاته إذا كان له رصيد يسمح بذلك، تفترض أن انقطاع العامل وغيابه عن العمل قد تم بعلم وتحت نظر الجهة الإدارية ودون إستعمال أية وسيلة إحتيالية أو غش لإخفاء هذا الإنقطاع وذلك حتى تتمكن الجهة الإدارية أن تعمل سلطتها التقديرية فى ظروف طبيعية بحساب هذا الإنقطاع من إجازاته ومنحه أجره إذا كان له رصيد يسمح بذلك طبقاً للقانون أما إجراء الغش أو الإحتيال لإخفاء واقعة الإنقطاع بالتوقيع المزور فى دفتر الحضور والإنصراف سواء بواسطة المتغيب أو علمه فإنه يفسد التصرف ولا محل معه لإفتراض حسن نية وأنة صرف مرتبه مبرراً ذلك بأحقيته فيه لخير دليل على غشه وينفى إفتراض حسن النية أو المشروعية فى صرف المرتب عن فترة الإنقطاع، ومما يدل على ذلك ما إعترف به/ ...... بعد مواجهته بمذكرة مدير المدرسة بأن المطعون ضده لم يحضر وإنما وقع هو بدلاً منه مجاملة له، كما قرر شقيقه فى التحقيقات أن شقيقه كان يصرف مرتبه بنفسه إعتباراً من 8/ 5/ 91 حتى 3/ 8/ 1991 وسافر إلى الكويت فى 9/ 8/ 1991، فإذا ما جاء الحكم المطعون فيه وبرأه من هذه التهمة على أساس أنه تسلم مرتبه طواعية من المسئول عن المرتبات بالمدرسة دون إستعمال طرق إحتيالية فى الوصول إلى المرتب فقد أخطأ فى تطبيق القانون فى هذه الحالة أما بالنسبة للتهمة الثانية المسندة للمطعون ضده والخاصة بإشتراكه مع المخالف الثانى فى إجراء تزوير توقيعه بسجل الحضور والإنصراف خلال المدة من 9/ 5/ 1991 وحتى 1/ 8/ 1991 والتى إنتهت المحكمة إلى تبرئته منها لخلو الأوراق من قيام الدليل قبل المطعون ضده على إتيانه أى من أفعال الإشتراك الواردة بالمادة 40 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه إذا كانت واقعة تزوير توقيع المطعون ضده بسجل الحضور والإنصراف تشكل جريمة جنائية فى حق من قام بها إلا أنها فى ذات الوقت تشكل مسلكا سلبيا فى حق المطعون ضده تتحقق به المخالفة لواجبات الوظيفة العامة والخروج على مقتضياتها بما يعد ذنباً إدراياً يسوغ مؤاخذته تأديباً عنه فهو يعلم أنه منقطع وأنه يقوم بصرف مرتبه عن مدة الإنقطاع وحسب الظاهر الذى قد يصل لحد اليقين أنه يعلم المتهم الثانى بالتوقيع وإلا لما صرف له المرتب.
ومن حيث إن فعل الإشتراك بالإتفاق - حسبما إستقرت عليه محكمة النقض المصرية - يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الإستدلال بها عليه، فإنه يكفى أن تكون المحكمة إعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون إعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التى أثبتها الحكم.
وحيث إن الواضح تماماً من وقائع الطعن الماثل أن هناك إتفاقاً بين المطعون ضده وأخر - تم إدانته بمعرفة الحكم المطعون فيه - تطمئن إليه المحكمة بقصد تمكين المطعون ضده من الحصول على المبالغ التى حصل عليها عن طريق تزوير توقيعه بدفتر الحضور والإنصراف بمعرفة المتهم الثانى فى الدعوى التأديبية فإذا ما جاء الحكم المطعون فيه وقرر أن صور الإشتراك المنصوص عليها فى المادة 40 من قانون العقوبات لم يقم الدليل على قيامها قبل المطعون ضده وإتيانه أى منها يكون بذلك قد أخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة لهذا الجزء أيضاً غير صحيح.
ومن حيث إنه وقد إنهارت الأسباب التى قام عليها الحكم المطعون فيه فقد بات متعينا الحكم بإلغائه.
وترتيباً على ذلك فإن المطعون ضده يكون مرتكباً ذنباً إدارياً يستوجب مساءلته تأديبا، وتوقيع عقوبة خصم شهر من راتبه لما هو منسوب إليه.
وتود المحكمة هنا أن تشير إلى أنه على الرغم من عدم مثول المطعون ضده أمام المحكة إلا أن إعلانه قد تم صحيحاً وذلك لتمام إعلانه أمام النيابة وبعد إجراء التحريات اللازمة عنه عن طريق جهة الإدارة ومصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمعاقبة المطعون ضده بخصم شهر من راتبه.