مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1647

(192)
جلسة 5 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه تناغو - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عادل حسيب، ويسرى هاشم الشيخ، ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، ود. محمد ماجد محمود - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3003 لسنة 43 القضائية

عاملون مدنيون - تأديب - مفهوم المخالفة التأديبية - نطاقه.
المادة (76) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
المخالفة التأديبية ليست فقط إخلال العامل بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً بل كذلك تنهض المخالفة التأديبية كما سلك العامل سلوكاً معيناً ينطوى على إخلال بكرامة الوظيفة، أو لا يستقيم مع ما تفرضه عليها من تعفف واستقامة وبعداً عن مواطن الريبة والدناية حتى خارج نطاق الوظيفة، حيث لا يقوم عازل سميك بين الحياة العامة والحياة الوظيفية للعامل - لا يسوغ للعامل حتى خارج نطاق وظيفته أن يغفل عن صفته كعامل ويقدم على بعض التصرفات التى تمس كرامته وتمس بطريق غير مباشر كرامة المرفق الذى يعمل به، إذ لا ريب أن سلوك العامل وسمعته خارج عمله ينعكس تماماً على عمله الوظيفى ويؤثر عليه وعلى الجهة التى يعمل بها - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأربعاء الموافق 9/ 4/ 9117 أودع الأستاذ/ ..... المحامى والوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 15/ 2/ 1997 فى الدعوى رقم 712 لسنة 24 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضى بمجازاته بخصم شهر من راتبه.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بعريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا لإعادة محاكمة الطاعن فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 23/ 4/ 1997 أعلن المطعون ضده.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9/ 2/ 2000، وبجلسة 26/ 7/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا " الدائرة الرابعة موضوع " لنظره بجلسة 26/ 8/ 2000 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/ 1/ 2001 قررت المحكمة الحكم فى الطعن بجلسة 10/ 3/ 2001 ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم فى الميعاد واستوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 712 لسنة 24 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا متضمنه تقريراً باتهام/ .......، مفتش إرشاد بإدارة شبين الكوم الزراعية التابعة لمديرية الزراعة بالمنوفية، لأنه خلال الفترة من 20/ 3/ 1992 وحتى 7/ 4/ 1996 إبان عمله سكرتيراً لجمعية مساكن الزراعيين بالمنوفية، لم يؤد العمل المنوط به بدقة وأمانة وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب، وخالف اللوائح المالية المقررة وخرج على مقتضى الواجب بأن:
1 - أحتفظ دون وجه حق بمبلغ 1000 جنيه الموردة من الدكتور/ ..... خلال عام 1992 حتى 17/ 9/ 1995 تاريخ التوريد للبنك الوطنى للتنمية.
2 - قام بإيداع مبلغ 1000 جنيه لحساب الجمعية التعاونية لبناء المساكن للزراعيين بالمنوفية بتاريخ 17/ 9/ 1995 على الرغم من انتهاء صفته كسكرتير الجمعية طبقاً لقرار وزير الإسكان رقم 143 فى 2/ 5/ 1995 بحل مجلس إدارة الجمعية.
3 - قصر عن إبلاغ جهة عمله بتغيير محل إقامته وذلك بإقراره بمحاضر التحقيق فى 7/ 4/ 1996 بأن محل إقامته هو 15 ش أحمد عرابى بشبين الكوم على خلاف المدون ببيان الحالة الوظيفية الخاص به والوارد من جهة عمله.
ورأت النيابة الإدارية أن المذكور بذلك يكون قد ارتكب المخالفة المالية المنصوص عليها فى المواد 76/ 1، 3، 4، 77/ 3، 4، 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادة رقم 11/ 3، 4 من القانون رقم 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزى للمحاسبات.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً بهذه المواد والمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 15/ 2/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن ما نسب إلى المتهم من مخالفات ثابت فى حقه على سبيل القطع واليقين من واقع الأوراق والتحقيقات، مما يتعين معه مجازاته تأديبياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً - مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال: ذلك لأنه بالنسبة للمخالفتين الأولى والثانية، فإن الدكتور/ ......، سدد بالجمعية التعاونية لبناء المساكن للزراعيين مبلغ 3000 جنيه بالإيصال رقم 1119 فى 19/ 3/ 1992 مقابل نسبة 20% من ثمن الشقة رقم 17 والتى تنازلت عنها السيدة/ ..........، إلا أنه تقدم بطلب للجمعية مؤرخ 20/ 3/ 1992 يلتمس فيه تخفيض المبلغ إلى 2000 جنيه، ووافق مجلس إدارة الجمعية على عرض الأمر على الاتحاد التعاونى للإسكان بالقاهرة، وبتاريخ 21/ 3/ 1993 استرد المبلغ المذكور السابق سداده بالكامل، وتولى بنفسه سداد 2000 جنيه لحساب الجمعية بالقسيمة رقم 889161 فى 24/ 3/ 1993 وظل باقى المبلغ 1000 جنيه طرفه لحين البت فى الطلب المقدم منه، وبتاريخ 16/ 3/ 1995 ورد للجمعية كتاب الاتحاد رقم 695 بعدم الموافقة على الطلب، وبناء عليه تولى الطاعن إيداع هذا المبلغ (1000 جنيه) لحساب جارى الجمعية ببنك المنوفية الوطنى، وأن ما شهد به الدكتور/ ..... لا يصلح سنداً لمجازاة المطعون ضده بحسبان أن بينهم خلافات، إذ تقدم المذكور ببلاغ ضد الطاعن قيد جنحة تحت رقم 1707 لسنة 1995 جنح قسم شبين الكوم وقضى فيها ببراءته بجلسة 13/ 12/ 1995، كما أن الطاعن لم يقم بتوريد مبلغ 2000 جنيه ولم يحتفظ بمبلغ 1000 جنيه من 19/ 3/ 1992 حتى 17/ 9/ 1995 كما ورد بتقرير الاتهام الأمر الذى يتعين معه القضاء ببراءته من هاتين المخالفنين.
ثانياً - بطلان فى الإجراءات التى بنى عليها الحكم المطعون فيه. لأن ما نسب إلى الطاعن من مخالفات، قام على أساس أن علاقته بالجمعية هى علاقة عمل بوظيفة موظف عام بها، وأخضعت المخالفات المشار إليها للأحكام الواردة بقانون العاملين المدنيين بالدولة فى حين أنه لا تربطه بالجمعية علاقة عمل، بل إنه يشغل عضو مجلس إدارة بالانتخاب طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1981 ومن ثم فإنه يخضع لأحكامه فيما يتعلق بمسئوليته عن أى أخطاء تقع منه، وليس لأحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة، إذ لم يصدر له قرار انتداب أو إعارة للجمعية حتى يمكن خضوعه لأحكام هذا القانون الأخير، فضلاً عن أن الواقعة خارج نطاق عمله الوظيفى كمفتش إرشاد بإدارة شبين الكوم الزراعية ولا تشكل مخالفة تأديبية ماسة بالشرف والأمانة كما ورد بالحكم الطعين كما أن رد الحكم على الدفع المبدى ببطلان التحقيقات لعدم صدور طلب من الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى أو الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، بأن علاقة المتهم بالجمعية قد انتهت فى 20/ 5/ 1995 لحل مجلس إدارة الجمعية قبل طلب مديرية الزراعة التحقيق معه فى 10/ 12/ 1995 بزوال صفته كسكرتير للجمعية، فإن قرار حل مجلس إدارة الجمعية قد سبق حكم محكمة القضاء الإدارى بطنطا بإيقاف تنفيذه بما تكون معه عضويته بمجلس إدارة الجمعية لا زالت مستمرة بالنسبة له، ويكون الدفع ببطلان التحقيقات فى محله.
وفيما يتعلق بالمخالفة الثالثة، فإن الطاعن لم يغير محل إقامته، ولكن له فى ذات المدينة أكثر من محل إقامة مما يضحى معه هذا الاتهام غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مديرية الزراعة بالمنوفية أبلغت بكتابها رقم 3397 المؤرخ 10/ 12/ 1995 النيابة الإدارية للتحقيق وتحديد المسئولية بشأن ما تضمنه بلاغ الجمعية التعاونية لبناء المساكن للزراعيين بالمنوفية المتضمن إيداع مبلغ 1000 جنيه لحساب الجمعية بالبنك الوطنى للتنمية بشبين الكوم بتاريخ 17/ 9/ 1995 بمعرفة....... الموظف بمديرية الزراعة والذى كان يعمل لدى الجمعية فى غير مواعيد العمل الرسمية والوقوف على ظروف هذا الإيداع حتى يمكن تسويته بالدفاتر، بعد أن نفى العامل المذكور إيداعه هذا المبلغ فى التحقيق الذى أجرته الجهة الإدارية وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقها فى القضية رقم 44 لسنة 1996 خلصت منه بأن نسبت للطاعن المخالفات الواردة بتقرير الاتهام، وطلبت محاكمته عنها تأديبياً، فأصدرت المحكمة التأديبية بطنطا حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من التحقيق الذى أجرته النيابة الإدارية أنه بسؤال/ .........، مدير عام الهيئة العامة لتحسين الأراضى بالمنوفية ورئيس مجلس الإدارة المؤقت لجمعية إسكان الزراعيين بالمنوفية أنه قرر بأنه أثناء مراجعة كشف حساب المودع عن شهر سبتمبر 1995 عن حساب الجمعية بالبنك الوطنى للتنمية بالمنوفية، تلاحظ إيداع مبلغ 1000 جنيه بتاريخ 17/ 9/ 1995 دون وجود أية أسماء أو مستندات عن نوعية هذا الإيداع، وأنه تبين بالاستعلام من البنك، أن...... هو الذى قام بإيداع هذا المبلغ وأنه كان يعمل بالجمعية وتركها بتاريخ 28/ 5/ 1995.
وبسؤال......، مهندس زراعى بمديرية الزراعة بالمنوفية، قرر أنه كان يعمل بالجمعية بعد مواعيد العمل الرسمية وأنه لم يقم بإيداع هذا المبلغ وترك العمل بها اعتباراً من 2/ 5/ 1995 كما قرر أنه المختص بتوريد المبالغ بالبنك خلال فترة عمله، طالما أن المبلغ صادر بإيصلات من الجمعية، كما يجب الحصول كذلك على إخطار إيداع منها، وهو ما أيده.......، إذ قرر أن إيداعات الجمعية تتم بموجب أمر توريد معتمد ومختوم ممن لهم حق التوقيع.
وبإعادة سؤال.......، قرر أن آخر إيصال قام بإيداعه بالبنك الوطنى للتنمية كان بتاريخ 27/ 6/ 1995 بموجب أمر توريد.
وبسؤال الطاعن قرر أنه قام بإيداع مبلغ 1000 جنيه باسم السيد/ أمين الخزنة بتاريخ 17/ 9/ 1995 لحساب/ .......، مبرراً ذلك بأنه كان طرفه هذا المبلغ باقى حصته فى التنازل عن الوحدة السكنية المعاد تخصيصها إليه، ولأن بعض أعضاء المجلس المؤقت حاول إقناعه بعدم السداد رغبة منهم فى إحراج الموظف المسئول عن خزينة الجمعية، فقام بإيداع هذا المبلغ وأن المتنازل إليه/ ...... كان يتعين عليه سداد مبلغ 3000 جنيه سدد منه 2000 جنيه والباقى ورده إلى الجمعية فى هذا التاريخ 17/ 9/ 1995.
وبسؤال/ ......، مدرس بكلية الهندسة بشبين الكوم، قرر أنه اشترى وحدة سكنية من السيدة/ .......... والتى حصلت عليها من جمعية إسكان الزراعيين بالمنوفية، وقد طلب المختصين بجمعية الإسكان قبل تحرير العقد مبلغ 3000 جنيه، قام بسدادها إلى سكرتير الجمعية/ ....... بموجب إيصال صادر من الجمعية بهذا المبلغ أودعه بجلسة التحقيق 29/ 6/ 1996 وبمواجهته بما قرره المذكور من أنه استرد مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وقام بإيداع 2000 جنيه فقط ومبلغ 1000 جنيه ورده إلى الجمعية وقام هو بإيداعه بتاريخ 17/ 9/ 1995، قرر أن الطاعن حصل على المبلغ كاملاً بموجب الإيصال المودع بالأوراق برقم 1119 بتاريخ 19/ 3/ 1992.
وباستدعاء الطاعن على عنوانه 15 شارع أحمد عرابى بشبين الكوم الذى أدلى به بالتحقيقات، تبين أنه لم يخطر جهة عمله بتغيير محل إقامته. وبسؤال/ ....... مدير شئون العاملين بمديرية الزراعة بالمنوفية قرر بأن الطاعن أخطر المديرية بأن محل إقامته هو شارع عبد الناصر البحرى عمارة الزراعيين أمام كلية الهندسة بشبين الكوم، وقدم ما يثبت ذلك بيان بالحالة الوظيفية له.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن ما نسب إلى الطاعن فى المخالفتين الأولى والثانية، وهو أنه احتفظ دون وجه حق بمبلغ 1000 جنيه الموردة من الدكتور/ ....... خلال عام 92 وحتى 17/ 9/ 1995 وقيامه بإيداعه لحساب الجمعية التعاونية لبناء المساكن للزراعيين بالمنوفية بتاريخ 17/ 9/ 1995 على الرغم من انتهاء صفته كسكرتير للجمعية طبقاً لقرار وزير الإسكان رقم 143 فى 2/ 5/ 1995 بحل مجلس إدارة الجمعية فإنهما ثابتتين فى حقه من واقع ما قرره/ .... من أنه قام بسداد مبلغ 3000 جنيه للطاعن كسكرتير عام الجمعية وأنه لم يسترد هذا المبلغ بعد إيداعه بالإيصال رقم 1119 بتاريخ 19/ 3/ 1992 المودعة صورته بالأوراق، وإذ أجدبت الأوراق من دليل على أن الدكتور/ .... استرد هذا المبلغ مرة أخرى، ويؤكد ذلك أن مجرد موافقة مجلس إدارة الجمعية على عرض طلب خفض مقدم ثمن الشقة على الاتحاد التعاونى للإسكان بالقاهرة، لا ينهض مبرراً كافياً لاسترداد الدكتور/ ...... كامل مقدم ثمن الشقة، لأن الاتحاد قد يوافق، وقد يرفض وقد رفض بالفعل هذا الطلب.
كما أنه ليس منطقياً أن يسترد الدكتور. ....... كامل المبلغ السابق سداده كمقدم ثمن الشقة، لأنه يلتمس تخفيض هذا المبلغ فقط وليس الإعفاء منه كلية.
ومن حيث إنه عما ذكره الطاعن فى عريضة طعنه وهو أن الدكتور/ ....... هو الذى تولى سداد مبلغ 2000 جنيه لحساب الجمعية، هو قول يدحضه ما جاء بشهادة/ ......... - المختص بتوريد المبالغ إلى البنك من أن المبلغ الذى يتم توريده إلى البنك يكون بمقتضى إيصال من الجمعية، ويجب الحصول كذلك على إخطار إيداع منها (أى من الجمعية) وهو ما أكده/ ...... فى شهادته من أن إيداعات الجمعية تتم بموجب أمر توريد معتمد ومختوم ممن له حق التوقيع.
ومن حيث إنه عما قرره الطاعن من أن الدكتور/ ..... استرد المبلغ وأنه قام بإيداع 2000 جنيه بنفسه إلى البنك الوطنى للتنمية، فإن المجرى العادل للأمور يقتضى أن يودع باقى المبلغ 1000 جنيه بنفسه كذلك وليس هناك من مبرر لأن يؤدى الطاعن هذا المبلغ بدلا منه، إلا أن يكون هو الذى قام بإيداع مبلغ 2000 جنيه ثم احتفظ بباقى المبلغ (1000) حتى قام بإيداعه بتاريخ 17/ 9/ 1995 على الرغم من انتهاء صفته كسكرتير للجمعية، الأمر الذى يتعين معه مجازاته عنهما تأديبياً.
ولا ينال مما تقدم ما ورد بتقرير الطعن من أن شهادة/ ...... لايعتد بها، إذ إن بينه وبين الطاعن خصومة، حيث سبق أن تقدم ضده ببلاغ قيد جنحة تحت رقم 1707 لسنة 1995 جنح شبين الكوم وقضى فيها بالبراءة بجلسة 13/ 12/ 1995، لأن الثابت بالتحقيقات أن الطاعن قرر أنه قام بإيداع مبلغ 1000 جنيه بتاريخ 17/ 9/ 1995 لحساب المذكور، فضلاً عن أنه لم يثبت من الأوراق أن المذكور استرد مبلغ الثلاثة آلاف جنيه السابق تقديمها إلى الجمعية بالإيصال المشار إليه، ومن ثم فإن شهادة/ ..... ليست هى الدليل الوحيد لإدانة الطاعن، فضلاً عن أن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن القاضى التأديبى يتمتع بحرية كاملة فى مجال الإثبات، فهو الذى يحدد بكل حرية طرق الإثبات التى يقبلها وأدلة الثبوت التى يرتضيها وفقاً لظروف الدعوى المعروضة عليه، وله أن يستند إلى ما يرى أهميته ويبنى عليه اقتناعه ويحدد ما يرى التشكك فى أمره ويطرحه جانباً، إذ إن اقتناع القاضى التأديبى هو سند قضائه.
ومن حيث إنه عن السبب الثانى للنعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان، لأن علاقة الطاعن بالجمعية ليست علاقة عمل بوظيفة موظف عام حتى يخضع إلى قانون العاملين المدنيين بالدولة فيما نسب إليه من مخالفات إذ إنه يشغل عضو مجلس إدارة بالانتخاب طبقاً لأحكام القانن رقم 14 لسنة 1981 ويخضع فقط لأحكامه فى كل ما يرتكبه من مخالفات.
فإن المستقر عليه أن المسئولية التأديبية لعضو مجلس إدارة الجمعية، إذا كان من العاملين المدنيين بالدولة تستمد من نص المادة (76) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والتى تنص على أنه:
....... يجب على العامل مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها، وعليه:
1 - ............... 2 - .................
3 - أن يحافظ على كرامة وظيفته طبقاً للعرف العام وأن يسلك فى تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام والواجب.
وأن المخالفة التأديبية ليست فقط إخلال العامل بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً بل كذلك تنهض المخالفة التأديبية، كما سلك العامل سلوكاً معيناً ينطوى على إخلال بكرامة الوظيفة، أو لا يستقيم مع ما تفرضه عليها من تعفف واستقامة وبعد عن مواطن الريبة والدناية حتى خارج نطاق الوظيفة، حيث لا يقوم عازل سميك بين الحياة العامة والحياة الوظيفية للعامل - لا يسوغ للعامل حتى خارج نطاق وظيفته أن يغفل عن صفته كعامل ويقدم على بعض التصرفات التى تمس كرامته وتمس بطريق غير مباشر كرامة المرفق الذى يعمل به، إذ لا ريب أن سلوك العامل وسمعته خارج عمله ينعكس تماماً على عمله الوظيفى ويؤثر عليه وعلى الجهة التى يعمل بها، ومن ثم فإنه لذلك يكون ما أبداه، الطاعن فى عريضة دعواه من أن علاقته بالجمعية ليست علاقة عمل بوظيفة موظف عام حتى يخضع فيما نسب إليه من مخالفات إلى قانون العاملين المدنيين بالدولة إذ أنه يشغل عضو مجلس الإدارة بالانتخاب طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1981 ومن ثم فإنه يخضع لأحكامه فيما نسب إليه من احتفاظه دون وجه حق بمبالغ مالية، غير قائم على أساس سليم من القانون جدير بالالتفات عنه.
ومن حيث إنه عما ساقه الطاعن من أوجه النعى على الحكم المطعون فيه، وهو بطلان التحقيقات لعدم صدور طلب من الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى أو الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، فإن الثابت من الأوراق أن عضوية الطاعن بالجمعية قد زالت بتاريخ 2/ 5/ 1995 بصدور قرار وزير الإسكان بحل مجلس إدارة الجمعية، فى حين طلبت مديرية الزراعة التحقيق معه بتاريخ 10/ 12/ 1995 - أى بعد زوال صفته كسكرتير للجمعية، فإذا كان الطاعن حال إحالته للتحقيق لا يتمتع بعضوية الجمعية، فإن الأمر لا يتطلب صدور مثل هذا الطلب كما أن المخالفتين المنسوبتين إلى الطاعن من المخالفات الماسة بالشرف والاعتبار، ويخضع الطاعن فى محاكمته عنهما تأديبياً إلى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وهو لا يشترط أى طلب من أية جهة لإجراء التحقيق مع الطاعن، طالما أن مديرية الزراعة جهة عمله هى التى أحالته إلى التحقيق.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثالثة المتمثلة فى أنه لم يبلغ جهة عمله بتغيير محل إقامته بأنه 15 ش أحمد عرابى بشبين الكوم، فإن هذه المخالفة ثابتة فى حقه من واقع ما ورد بأقوال/ ....... مدير شئون العاملين بالمديرية الزراعية، ومن واقع بيان الحالة الوظيفية للطاعن.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، فإن المخالفات المسندة إلى الطاعن تكون ثابتة فى حقه، ويكون الحكم المطعون فيه بمجازاته عنها قد أقام قضاءه على أساس سليم من الواقع والقانون، ويتعين لذلك رفض الطعن بطلب إلغائه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.