أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 394

جلسة 26 من مارس سنة 1979

برياسة السيد المستشار عثمان مهران الزينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عادل برهان نور، وشرف الدين خيرى، ومحمد وهبة، ومصطفى جميل مرسى.

(81)
الطعن رقم 1956 لسنة 48 القضائية

(1) حكم. "بيانات التسبيب". "بطلانه". "تسبيبه. تسبيب معيب". بطلان.
المراد بالتسبيب المعتبر فى حكم المادة 310 إجراءات.
إفراغ الحكم فى عبارات عامة مجهلة. بطلانه.
(2) حكم. "بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "بوجه عام". "شهود". "اعتراف".
كفاية تشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة. ما دام قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
قعود الحكم عن بسط مضمون اعترافات المتهم بتحقيقات النيابة ومحضر الاستدلالات ومناقشة أقوال الشهود وتمحيص كافة أدلة الثبوت.قصور. مثال.
1 - إن الشارع يوجب فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الاسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هى له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكى يحقق الغرض منه يجب أن يكون فى بيان جلى مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم فى عبارة علمة معماه أو وضعه فى صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب تسيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة التطبيق القانونى على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن تلتزم الحقائق الثابتة بالأوراق وبأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى معرض تبريره لقضائه ببراءة المطعون ضده أن اعترافه فى محضر الشرطة جاء مخالفاً لما ورد فى تحقيقات النيابة فضلاً عن عدوله عنه مقررا أنه وليد إكراه وقع عليه دون أن يبسط الحكم مضمون ما أدلى به المطعون ضده من اعترافات فى محضر الشرطة وتحقيقات النيابة أو يفصح عن أوجه الاختلاف فى هذه الاعترافات على النحو الذى يستقيم معه ما ذهب إليه من إطراح الدليل المستمد منها، ودون أن يكشف الحكم عن سنده فيما اعتد به من قول المطعون عليه بأن اعترافه كان وليد الاكراه حتى يبين منه وجه استدلاله لما جهله. وإذ كان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده أقر أمام قاضى المعارضات بمحضر جلسة 6/ 2/ 1974 أنه استلم الطفل (المجنى عليه) من أمه وألقاه فى النيل استجابه لطلبها بيد أن الحكم لم يفطن إلى هذا الدليل رغم أنه يستقل فى ذاتيته وظروف الادلاء به من قبل المطعون ضده عما جرى على لسانه فى محضر الشرطة أو تحقيقات النيابة من الأقوال التى تساند الحكم فى قضائه بالبراءة إلى عدول المطعون ضده عنها وإكراهه عليها، هذا فضلاً عن أن الحكم اجتزأ فى بيان رواية الشاهد......... على القول بأنه شهد بمثل ما شهد به......... من مجرد رؤية المطعون ضده وبرفقته المجنى عليه يوم الحادث دون أن يستظهر حقيقة ما أدلى به الشاهد.......... من أقوال فى التحقيقات وما شهد به فى جلسة المحاكمة الغيابية بتاريخ 10/ 11/ 1977 من أنه أبصر المطعون ضده مساء يوم الحادث يجلس فى مكان خلوى قريب من النيل ويضع طفلاً فى حجره ويغطيه بقطعة من قماش أسود وكان الطفل ما زال حياً وكلما حاول القيام من حجر المطعون ضده (يكمده) لابقائه فى مكانه وهو ما لم يشهد به الشاهد الآخر، كما أغفل التحدث عما جاء فى المحضر المؤرخ 5/ 1/ 1974 عن واقعة انتشال جثة المجنى عليه من شاطىء النيل والعثور على جلباب أسود ملفوف حول رقبته وذلك فى تاريخ لاحق على ما قرره المطعون ضده فى محضر الشرطة وتحقيقات النيابة يومى 2، 3/ 1/ 1974 من أنه هو الذى ألقاه فى النيل دون أن يراه أحد حينئذ. ولما كانت المحكمة لم تعرض فى قضائها ببراءة المطعون ضده إلى هذا الجانب من أدلة الثبوت ولم تدل برأيها فيه، فإن كل ذلك ينبىء عن أنها أصدرت حكمها المطعون فيه بغير أحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لادلتها مما يصم هذا الحكم بعيب القصور.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه مع آخر سبق الحكم عليه قتلا ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله فكتما نفسه وألقيا به فى نهر النيل قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الأعراض والإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات، فقرر ذلك، ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ذلك بأنه أطرح اعتراف المطعون ضده بمقولة وجود اختلاف بين ما قرره فى محضر الشرطة وما أدلى به فى تحقيقات النيابة وأنه عدل عن هذا الاعتراف مقرراً أنه كان وليد الإكراه دون ما تحديد لهذا الاختلاف أو تبرير سائغ لما استند إليه الحكم فى الأخذ بدعوى الاكراه هذا إلى أنه أغفل ما صدر عن المطعون ضده فى جلسة المعارضة من اعتراف بأنه هو الذى ألقى الطفل (المجنى عليه) فى النيل بعد أن أخذه من أمه كما التفت الحكم عما قرره الشاهد.......... فى جلسة المحاكمة الغيابية من رؤيته للمطعون ضده وهو يضع الطفل فى حجرة ويضغط عليه كلما تحرك وكان يغطيه بقطعة قماش سوداء وحينما تم العثور بعد ذلك على جثة المجنى عليه فى النيل وجدت قطعة مماثلة حول رقبته الأمر الذى يكشف عن أن المحكمة لم تمحص عناصر الدعوى تمحيصاً كافياً بما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إن الشارع فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الاسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هى له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكى يحقق الغرض منه يجب أن يكون فى بيان جلى مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم فى عبارة عامة معماه أو وضعه فى صورة مجهلة مجملة فلا يتحقق الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام وليمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم. كما أنه من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن تلتزم الحقائق الثابتة بالأوراق وبأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى معرض تبريره لقضائه ببراءة المطعون ضده أن اعترافه فى محضر الشرطة جاء مخالفاً لما ورد فى تحقيقات النيابة فضلا عن عدوله عنه مقررا أنه وليد اكراه وقع عليه دون أن يبسط الحكم مضمون ما أدلى به المطعون ضده من اعترافات فى محضر الشرطة وتحقيقات النيابة أو يفصح عن أوجه الاختلاف فى هذه الاعترافات على النحو الذى يستقيم معه ما ذهب إليه من إطراح الدليل المستمد منها، ودون أن يشكف الحكم عن سنده فيما اعتد به من قول المطعون عليه بأن اعترافه كان وليد الاكراه حتى يبين منه وجه استدلاله لما جهله. وإذ كان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده أقر أمام قاضى المعارضات بمحضر جلسة 6/ 2/ 1974 أنه استلم الطفل (المجنى عليه) من أمه وألقاه فى النيل استجابه لطلبها بيد أن الحكم لم يفطن إلى هذا الدليل رغم أنه يستقل فى ذاتيته وظروف الادلاء به من قبل المطعون ضده عما جرى على لسانه فى محضر الشرطة أو تحقيقات النيابة من الأقوال التى تساند الحكم فى قضائه بالبرءة إلى عدول المطعون ضده عنها وإكراهه عليها، هذا فضلاً عن أن الحكم اجتزأ فى بيان رواية الشاهد........ على القول بأنه شهد بمثل ما شهد به........... من مجرد رؤية المطعون ضده وبرفقته المجنى عليه يوم الحادث دون أن يستظهر حقيقة ما أدلى به الشاهد.......... من أقوال فى التحقيقات وما شهد به فى جلسة المحاكمة الغيابية بتاريخ 10/ 11/ 1977 من أنه أبصر المطعون ضده مساء يوم الحادث يجلس فى مكان خلوى قريب من النيل ويضع طفلاً فى حجره ويغطيه بقطعة من قماش أسود وكان الطفل ما زال حياً وكلما حاول القيام من حجر المطعون ضده (يكمده) لإبقائه فى مكانه وهو ما لم يشهد به الشاهد الآخر، كما أغفل التحدث عما جاء فى المحضر المؤرخ 5/ 1/ 1974 عن واقعة انتشال جثة المجنى عليه من شاطىء النيل والعثور على جلبات أسود ملفوف حول رقبته وذلك فى تاريخ لاحق على ما قرره المطعون ضده فى محضر الشرطة وتحقيقات النيابة يومى 2، 3/ 1/ 1974 من أنه هو الذى ألقاه فى النيل دون أن يراه أحد حينئذ. ولما كانت المحكمة لم تعرض فى قضائها ببراءة المطعون ضده إلى هذا الجانب من أدلة الثبوت ولم تدل برأيها فيه، فإن كل ذلك ينبىء عن أنها أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لادلتها مما يصم هذا الحكم بعيب القصور، ومن ثم يكون من المتعين نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.