أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 22 - صـ 503

جلسة 27 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(122)
الطعن رقم 502 لسنة 41 القضائية

تبديد. خيانة أمانة. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. إثبات. "الإثبات بالكتابة". "أوراق". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". "حكم". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد الامتناع عن رد المال المختلس أو التأخير فى الوفاء به. لا تتحقق به جريمة خيانة الأمانة. إلا إذا كانت نية الجانى قد انصرفت إلى إضافته إلى ملكه إضرارا بصاحبه.
دفاع المتهم بملكيته لبعض المنقولات المختلسة وانتفاء القصد الجنائى لديه بالنسبة للبعض الآخر. متى يكون جوهريا. إذا كانت الأوراق تشهد له.
خلو الورقة العرفية من التوقيع. صيرورتها ولا قيمة لها فى الإثبات.
إن مجرد الامتناع عن رد المال المختلس، لا تتحقق به جريمة الاختلاس، ما دام أن سبب الامتناع راجع إلى منازعة الطاعن فى ملكية المطعون ضدها لبعض المنقولات، ولا يكفى فى تلك الجريمة مجرد التأخير فى الوفاء، بل يجب أن يقترن ذلك بانصراف نية الجانى إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضرارا بصاحبه. وإذ كان ذلك، وكان دفاع الطاعن تشهد به الأوراق التى قدمها والتى تمسك بدلالتها على ملكيته لبعض المنقولات المتنازع عليه، وعلى انتفاء القصد الجنائى لديه للبعض الآخر منه، وقد التفت الحكم عن هذا الدفاع، كما لم يتحدث عن خلو قائمة المنقولات أو عدم خلوها من توقيع الطاعن، مع ما قد يكون لذلك من أثر فى إثبات عقد الأمانة، ذلك أن المحرر العرفى لا تكون له قيمة فى الإثبات إلا بعد التوقيع عليه، كما لم يعن ببحث وتمحيص الإقرار المقدم من المدعية بالحق المدنى والتى تقر فيه بملكية الطاعن لكافة المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية وأنه اشتراها من ماله الخاص، وأن المدعية تملك فقط بعض المنقولات التى قام بعرضها عليها رسميا بمقتضى إنذارين وكذلك الإنذارات الموجهة إليها بعرض بعض تلك المنقولات عليه، مع ما قد يكون لها من الدلالة فى انتفاء القصد الجنائى لدى الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ذلك الدفاع - وهو دفاع يعد هاما ومؤثرا فى مصير الدعوى - ولم يرد عليه بما يفنده، وقصر فى استظهار القصد الجنائى وهو ركن أساسى من أركان الجريمة التى دان الطاعن به، يكون مشوبا بالقصور.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 14/ 10/ 1969 بدائرة قسم الأهرام محافظة الجيزة: بدد منقولات الزوجية المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمملوكة ل .... والمسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال فبددها إضرارا بالمجنى عليها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعت المجنى عليه، مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ثم عدلت طلباتها إلى مبلغ عشرة آلاف جنيه. ومحكمة مركز الجيزة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لايقاف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ عشرة ألاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع ببطلان الحكم المستأنف وبحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحق المدنى مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة تبديد منقولات، قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنه أغفل دفاع الطاعن الجوهرى فى شأن خلو قائمة المنقولات من توقيعه وهى التى عول عليها الحكم واتخذها سندا لقضائه واعتبرها إقرارا منه بملكية المدعية بالحق المدنى للمنقولات المتنازع عليه، كما لم يتحدث عن الإقرار المقدم منه والموقع عليه من المدعية وتقر فيه بملكيته لكافة المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية، ولم يستظهر ركن القصد الجنائى ولم يعرض لدفاع الطاعن فى شأنه بما يفنده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد دفاع الطاعن بما مجمله أن قائمة المنقولات المؤرخة 8 من يونيه سنة 1969 خالية من توقيعه، وأن هناك إقرار من المدعية بالحق المدنى - قدمه بالجلسة - مؤرخ 26 من مايو سنة 1966 تقر فيه بملكية الطاعن لكافة المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية وأنه اشتراها من ماله الخاص وأن المدعية تمتلك فقط بعض المنقولات قام بعرضها عليها رسميا بمقتضى انذارين مؤرخين 25 أكتوبر سنة 1970، 24 يناير سنة 1971 ورفضت استلامه، رد الحكم على هذا الدفاع بقوله "إن المدعية بالحق المدنى قد طالبت المتهم بمنقولات المبينة بالقائمة المؤرخة 8/ 6/ 1969، وقد امتنع المتهم عن رد جميع تلك المنقولات رغم تلك المطالبة بأن قام بعرض جزء يسير منه، فإن احتفاظ المتهم بكامل المنقولات أو بعضها يدل على تغيير نية الحيازة لديه، وأنها عدلت إلى نية حيازة بقصد التملك بعد أن كانت نية حيازته وقتية لحساب الزوجة". فإن هذا الذى أورده الحكم لا يكفى فى بيان القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة كما هو معرف به فى القانون، ذلك بأن مجرد الامتناع عن رد المال المختلس لا تتحقق به جريمة الاختلاس، ما دام أن سبب الامتناع راجع إلى منازعة الطاعن فى ملكية المطعون ضدها لبعض المنقولات، ولا يكفى فى تلك الجريمة مجرد التأخير فى الوفاء، بل يجب أن يقترن ذلك بانصراف نية الجانى إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضرارا بصاحبه. وإذ كان دفاع الطاعن تشهد به الأوراق التى قدمها والتى تمسك بدلالتها على ملكيته لبعض المنقولات المتنازع عليها وعلى انتفاء القصد الجنائى لديه للبعض الآخر منه، فالتفت الحكم عن هذا الدفاع ولم يتحدث عن خلو قائمه المنقولات أو عدم خلوها من توقيع الطاعن، مع ما قد يكون لذلك من أثر فى إثبات عقد الأمانة، ذلك أن المحرر العرفى لا تثبت قيمته فى الإثبات إلا بعد التوقيع عليه، كما لم يعن الحكم ببحث وتمحيص الإقرار المقدم من المدعية بالحق المدنى والمؤرخ 26 مايو سنة 1966 وكذلك الإنذارات الموجهة إليها بعرض بعض المنقولات عليه، مع ما قد يكون لها من الدلالة فى ثبوت أو انتفاء القصد الجنائى لدى الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ذلك الدفاع - وهو دفاع يعد هاما ومؤثرا فى مصير الدعوى - ولم يرد عليه بما يفنده، وقصر فى استظهار القصد الجنائى وهو ركن أساسى من أركان الجريمة التى دان الطاعن به، يكون مشوبا بالقصور الذى يعيبه ويوجب نقضه والاحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.