أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 536

جلسة 11 من أكتوبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ محمود عطيفة، وإبراهيم الديوانى، ومصطفى الاسيوطى، وعبد الحميد الشربينى.

(129)
الطعن رقم 198 لسنة 41 القضائية

اشتباه. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
الاشتباه. ماهيته؟
تأسيس الحكم قضاءه بالبراءة على أن السوابق مجردة من أى دليل آخر لا تؤكد كمون حالة الاشتباه فى المتهم دون مناقشة الأثر المترتب على سبق الحكم عليه أكثر من مرة فى سرقة ودون التعرض لما شهد به رجال الحفظ من سوء سمعته وسيرته. قصور.
إن المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 فى شأن المتشردين والمشتبه فيهم إذ عدت مشتبها فيه من حكم عليه أكثر من مرة فى الجرائم الواردة به، ومنها جرائم الاعتداء على النفس والمال أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد على ارتكاب هذه الجرائم، فقد دلت على أن الاشتباه وصف يقوم بذات المشتبه فيه إذا توافرت عناصره القانونية، وهذا الوصف ليس فعلا مما يحس به فى الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجانى إلى الوجود كما هو الحال فى الجرائم الأخرى، وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون الخطر فى شخص المتصف به ورتب عليه إذا بدا من المشتبه فيه ما يؤكد هذا الخطر وجوب إنذاره أو عقابه بوضعه تحت مراقبة البوليس. ولما كان الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بالبراءة على أن السوابق مجردة من أى دليل آخر لا تؤكد كمون هذه الحالة فيه ولا يوجد بالأوراق ما يؤيد ذلك، دون أن تناقش المحكمة الأثر المترتب على سبق الحكم عليه أكثر من مرة فى جريمتى سرقة ولم تعرض أيضا لما شهد به رجال الحفظ من أن المطعون ضده سيء السمعة والسيرة، وهو ما أثبته الحكم فى مدوناته، ولم تقل كلمتها بشأنها وهل يؤدى أيهما أو كلاهما إلى توافر حالة الاشتباه، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور الذى يتسع له وجه النعى مما يتعين معه نقضه والإحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 8/ 5/ 1969 بدائرة مركز المنيا محافظة المنيا: عد مشتبها فيه بأن حكم عليه أكثر من مرة فى جرائم الاعتداء على المال، وطلبت عقابه بالمواد 5 و6 و8 و9 من المرسوم بقانون 98 سنة 1945، ومحكمة المنيا قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بوضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر فى المكان الذى يحدده وزير الداخلية من وقت إمكان ذلك والنفاذ، عارض المتهم وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه، فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو الخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده من تهمة الاشتباه المسندة إليه على الرغم مما انتهى إليه من سبق الحكم عليه أكثر من مرة فى جرائم الاعتداء على المال مع أن المادة الخامسة من الرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 لا تشترط أكثر من ذلك لاعتبار المتهم مشتبها فيه ودون أن تستلزم مع السوابق عناصر أخرى تنبئ بدورها عن قيام هذه الحالة، كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 فى شأن المتشردين والمشتبه فيهم إذ عدت مشتبها فيه من حكم عليه أكثر من مرة فى الجرائم الواردة به، ومنها جرائم الاعتداء على النفس والمال أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد على ارتكاب هذه الجرائم، فقد دلت على أن الاشتباه وصف يقوم بذات المشتبه فيه إذا توافرت عناصره القانونية، وهذا الوصف ليس فعلا مما يحس به فى الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجانى إلى الوجود، كما هو الحال فى الجرائم الأخرى وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون الخطر فى شخص المتصف به ورتب عليه إذا بدا من المشتبه فيه ما يؤكد هذا الخطر وجوب إنذاره أو عقابه بوضعه تحت مراقبة البوليس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بالبراءة على أن السوابق مجردة من أى دليل آخر لا تؤكد كمون هذه الحالة فيه ولا يوجد بالأوراق ما يؤيد ذلك. دون أن تناقش المحكمة الأثر المترتب على سبق الحكم عليه أكثر من مرة فى جريمتى سرقة ولم تعرض أيضا لما شهد به رجال الحفظ من أن المطعون ضده سيء السمعة والسيرة. وهو ما أثبته الحكم فى مدوناته، ولم تقل كلمتها بشأنهما وهل يؤدى أيهما أو كلاهما إلى توافر حالة الاشتباه، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور الذى يتسع له وجه النعى، مما يتعين معه نقضه والاحالة.