أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 22 - صـ 472

جلسة 13 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(115)
الطعن رقم 462 لسنة 41 القضائية

( أ ) رشوة. إخفاء أشياء مسروقة. قبض. مسئولية جنائية. "موانع المسئولية". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم توافر حالة الضرورة المانعة من المسئولية الجنائية المتهم يعرض الرشوة إذا كان اقتياده لمقر الشرطة له ما يبرره قانونا.
مناط توافر حالة الضرورة المانعة من المسئولية الجنائية. ألا يكون لإرادة الجانى دخل فى قيامها.
(ب) حكم. "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
متى لا يؤثر التقرير القانونى الخاطئ فى الحكم.
1 - إن اقتياد الضابط للمتهم إلى مقر الشرطة لإتمام تحقيق بلاغ ضده يتضمن شراءه حديدا مسروقا وجد جانبا منه أمام منزله وأسفل سلمه، مع عجزه عن إثبات مصدره، ليس فيه ما يخالف القانون بل إن القانون يسوغ للضابط هذا الإجراء وقد توافرت الدلائل على صحة البلاغ المقدم إليه، وليست التحقيقات أو جمع الاستدلالات بحالة الضرورة المعرفة فى القانون والتى ترفع المسئولية الجنائية عن المتهم بعرض الرشوة إذ يشترط فى حالة الضرورة ألا يكون لإرادة الجانى دخل فى حلولها وإلا كان للمرء أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة فى سبيل النجاة مما ارتكبه.
لا يقدح فى سلامة الحكم ما انساق إليه من تقرير قانونى خاطئ عندما وصف اقتياد الضابط للطاعن إلى مقر الشرطة بأنه لم يكن قبضا بعد الذى انتهى إليه فى مدوناته من عدم مخالفة هذا الإجراء للقانون.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 8/ 1/ 1966 بدائرة مركز الجيزة محافظة الجيزة: عرض رشوة على موظف عمومى للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم لرئيس نقطة بولاق الدكرور مبلغ عشرين جنيها - على سبيل الرشوة - مقابل عدم الاستمرار فى تحقيق حادث سرقة أسند إليه الاشتراك فى ارتكابها ولكن الموظف العمومى لم يقبل الرشوة منه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للوصف والمواد الواردة بأمر الاحالة، فقرر بذلك، ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمواد 104 و109 مكررا أو 110 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط، فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على المحكمة المطعون فيه، إنه إذ دانه بجريمة عرض الرشوة على موظف عمومى للإخلال بواجبات وظيفته قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه أقام دفاعه على أساس أن عرض الرشوة على الضابط رئيس نقطة الشرطة كان بقصد الخلاص من إجراء ظالم اتخذه هذا الضابط وهو إلقاء القبض عليه بدون وجه حق، وأنه كان إزاء ذلك فى حالة ضرورة ترفع عنه المسئولية الجنائية، وقد ردت المحكمة على هذا الدفاع ردا مخالفة للقانون وغير سائغ إذ قالت إن ما فعله الضابط لم يكن قبضا وإنما هو مجرد اصطحاب له إلى مقر الشرطة، الأمر الذى يعيب الحكم بما يوجب نقضه. وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة عرض الرشوة التى دان الطاعن به، وأقام على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليه، مستمدة من أقوال الشاهدين واعتراف الطاعن بتحقيق النيابة ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن الذى مؤداه أن عرض الرشوة إنما كان عملا ألجأته إليه الضرورة لدفع الظلم عنه ورد عليه الحكم بما مفاده أن رئيس النقطة تلقى بلاغا بأن المتهم اشترى حديدا مسروقا فانتقل لضبطه ووجد جانبا من الحديد أمام منزله وبأسفل السلم وادعى الطاعن أنه اشتراه من المؤسسة، غير أنه لم يقدم فاتورة الشراء فاصطحبه الضابط إلى النقطة لسؤاله فى المحضر الذى بدأه بإثبات أقوال المبلغ، وقال الحكم أن اصطحاب الضابط للمتهم إلى النقطة لاتمام المحضر ليس إجراء جائرا أو مخالفا للقانون وإنما هو عمل يفرضه عليه واجبه وأن عرض الرشوة لم يكن مقصودا به دفع مضرة لا يبررها القانون. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم سديدا ذلك أن اقتياد الطاعن إلى مقر الشرطة لإتمام تحقيق البلاغ إثر ضبط الحديد وعجزه عن إثبات مصدره ليس فيه ما يخالف القانون بل إن القانون يسوغ له هذا الإجراء، وقد توفرت الدلائل على صحة البلاغ المقدم إليه وليست التحقيقات أو جمع الاستدلالات بحالة الضرورة المعرفه فى القانون والتى ترفع المسئولية الجنائية إذ يشترط فى حالة الضرورة ألا يكون لإرادة الجانى دخل فى حلولها وإلا كان للمرء أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة فى سبيل النجاة مما ارتكبه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون فى رده على دفاع الطاعن. ولا يقدح فى ذلك ما انساق إليه من تقرير قانونى خاطئ عندما وصف اقتياد الضابط للطاعن إلى مقر الشرطة بأنه لم يكن قبضا بعد الذى انتهى إليه فى مدوناته من عدم مخالفة هذا الإجراء للقانون، ومن ثم فالطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.