مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1755

(203)
جلسة 8 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال ذكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4455 لسنة 45 القضائية

مجلس الدولة - أعضاؤه - دعوى المخاصمة - القضاة الجائز مخاصمتهم.
المواد (494، 499) من قانون المرافعات المدنية والتجارية - دعوى المخاصمة هى دعوى تعويض وهى دعوى بطلان يقصد بها بطلان الحكم - أساسها - قيام القاضى بعمل أو بحكم مشوب بعيب من العيوب التى تضمنتها أسباب المخاصمة - هى - أيضا - طريق طعن غير عادى فى الأحكام قرره القانون بقصد حماية المتقاضين من القاضى المخل بواجبه إخلالاً جسيماً - سبب المخاصمة قد يقع من قاضى بمفرده أو الدائرة بأكملها - وتتم المخاصمة إما للقاضى بمفرده أو الدائرة بأكملها - عدم جواز اختصام رئيس مجلس الدولة بصفته الممثل القانونى للمجلس - أسباب دعوى المخاصمة والرد - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم السبت الموافق 24/ 4/ 1999 أودعت المدعية قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بدعوى مخاصمة وقررت فى ختامه مخاصمة السادة الأساتذة المستشارين المخاصمين فى الطعون أرقام 352 لسنة 45 ق. عليا، 881 لسنة 45 ق. عليا، 5488 لسنة 44 ق. عليا وطلبت الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصحتها، وفى الموضوع بإلزام المخاصمين متضامنين بأن يؤدوا مبلغاً وقدره مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت وبطلان تصرفاتهم فى هذه الطعون وإلزامهم المصروفات.
وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى السادة المخاصمين على النحو الثابت، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه أولاً: عدم قبول مخاصمة السيد رئيس مجلس الدولة بصفته - ثانياً: بقبول وصحة مخاصمة باقى السادة المستشارين وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعية مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض المؤقت وإلزامهم المصروفات وببطلان تصرفات السادة المستشارين المخاصمين فى الطعنين رقمى 5488 لسنة 44 ق. عليا، 881 لسنة 45 ق. عليا مع ما يترتب على ذلك من آثار وقد تدوول نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 7/ 11/ 2000 قدم الحاضر عن طالبة المخاصمة إعلاناً بإدخال المستشار .......... فى دعوى المخاصمة وطلب إدخاله خصماً فى الدعوى رقم 4455/ 45 ق. عليا ليشمله الحكم بذات الطلبات وبجلسة 12/ 12/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/ 3/ 2001 ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم إدارياً لمصادفة يوم 6/ 3/ 2001 يوم عطلة عيد الأضحى وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن طالبة المخاصمة سبق أن حصلت على حكم لصالحها من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 8442 لسنة 52 ق بجلسة 29/ 2/ 1998 بوقف تنفيذ قرار وزير الإعلام برفض بقائها فى منصب (رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون) حتى سن الخامسة والستين وما يترتب على ذلك من آثار، فأقامت الجهة الإدارية طعناً على هذا الحكم قيد بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا برقم 352 لسنة 45 ق. عليا، ثم فوجئت بصدور حكم فى الطعن المذكورة بجلسة 9/ 11/ 1998 من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية - فحص طعون) قضى بوقف تنفيذ الحكم الصادر لصالحها من محكمة القضاء الإدارى رغم أنها لم تخطر هى أو وكيلها بأية جلسة، وقد اتضح لها أن رئيس دائرة فحص الطعون الثانية قد حدد لنظر الشق العاجل من الطعن جلسة 9/ 11/ 1998 دون إخطارها هى أو وكيلها بهذه الجلسة كما أن الدائرة نطقت بالحكم فى نهاية الجلسة، وإن المستشار/ ........، والمستشار............ قد تنحيا عن نظر الطعن وصدر الحكم من الأساتذة المستشارين/ .......، ........، وأنه بالاستفسار تبين لها أن أمين السر (..........) لم يعلم مسبقاً بتحديد جلسة لنظر الطعن ولم يدونه بالأجندة ولا برول الجلسة المذكورة، وإن رئيس الدائرة المستشار......... هو الذى سلمه الأوراق بعد النطق بالحكم.
وأضافت المدعية أنها تقدمت بشكوى إلى المستشار أمين عام مجلس الدولة للتحقيق مع أمين السر، الذى قرر بالتحقيق إن رئيس الدائرة المستشار/ .......... حدد جلسة 9/ 11/ 1998 لنظر الشق العاجل من الطعن دون أن يخطره بذلك حتى يمكنه إعلان طرفى النزاع وأنه لم يعلم بالجلسة المحددة وبالتالى لم يدرجها فى حينه بالأجندة ولا برول جلسة 9/ 11/ 1998 وأن المستشار/ .......... المتنحى عن نظر الطعن هو بذاته الذى سلمه الاوراق بعد النطق بالحكم. وأنها طلبت من مجلس الدولة التحفظ على الأوراق وقدمت شكوى إلى الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة والسيد المستشار وزير العدل أوضحت فيها أن دائرة (فحص الطعون) فصلت فى الشق العاجل من الطعن المرفوع ضدها برقم 352 لسنة 45 ق. عليا دون إخطارها بالجلسة مما يصم الإجراءات بالبطلان مما يترتب عليه بطلان الحكم الذى أصدرته هذه الدائرة وأضافت أن رئيس الدائرة المستشار/ ....... يضمر لها حقداً شديداً بسبب ردها له فى طعن سابق وأنه قد دبر إصدار هذا الحكم دون إعلانها بالجلسة وإن ما حدث من بطلان فى الإجراءات لم يكن نتيجة سهو وإنما حدث عن عمد بدليل حجب تاريخ الجلسة حتى عن أمين السر حتى لا يخطرها بموعد الجلسة وأنه سبق للمدعية أن أقامت دعوى البطلان الأصلية رقم 848 لسنة 45 ق. عليا على الحكم الصادر فى الطعن 352 لسنة 45 ق. عليا بجلسة 9/ 11/ 1988 وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً فى دعوى البطلان انتهى إلى بطلان ذلك الحكم ولمجرد وصول الملف الخاص بدعوى البطلان الأصلية رقم 848 لسنة 45 ق. عليا إلى أمين السر ......... تسلمه المستشار/ ...... واحتجزه خارج مقر مجلس الدولة ليمنعها من الحصول على صورة من تقرير مفوضى الدولة رغم سدادها الرسوم المقررة، مما اضطرها لتقديم طلب إلى رئيس مجلس الدولة الذى أشر عليه بالرجوع إلى الأمين العام فقام سيادته بطلب تقرير هيئة مفوضى الدولة فأشر عليه المستشار/ ...... بأنه ما كان يجوز للطالبة دفع الرسوم إلا بعد الحصول على إذن من رئيس الدائرة باستخراج صورة رسمية من التقرير، رغم أن قانون مجلس الدولة يسمح لأطراف النزاع بالاطلاع على تقرير مفوضى الدولة، وبعد ذلك لجأت إلى المستشار/ ...... رئيس الدائرة ولكنها لم تجد أى صدى فلجأت إلى إدارة التفتيش الفنى بمجلس الدولة طالبة التحقيق مع أعضاء الدائرة الثانية فحص طعون، وإحالة دعوى البطلان الأصلية رقم 848 لسنة 45 ق. عليا إلى دائرة أخرى، وقد حدد المستشار/ ......... جلسة 28/ 12/ 1998 لنظر دعوى البطلان الأصلية وبهذه الجلسة حضر على المنصة السادة المستشارون/ ....... و........ و........ و......... و......... و.......... و........ و........، وكانت الهيئة المشكلة لنظر الدعوى مشكلة من الثلاثة الأخر - وقد طلبت الطاعنة إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى، وهنا قال المستشار....... القرار آخر الجلسة أى أن سيادته أصدر القرار رغم أن المستشار......... كان رئيس الهيئة التى تنظر الدعوى ولذلك طلبت الطاعنة التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد، وفى آخر الجلسة قررت المحكمة التأجيل لجلسة 8/ 2/ 1999 لاتخاذ إجراءات الرد، وقامت برد الأساتذة المستشارين/ .......، ......... و....... وقررت المحكمة وقف الدعوى 848 لسنة 45 ق. عليا لحين الفصل فى طلب الرد.
وبتاريخ 8/ 3/ 1999 تم نظر الطعنين رقمى 5488 لسنة 44 ق. عليا، 881 لسنة 45 ق. عليا المقامين ضد الطاعنة (المدعية فى الدعوى الماثلة) وحضرت مع وكيلها وطلب أجلاً لاتخاذ إجراءات الرد وأثبتت ذلك بمحضر الجلسة وفى آخر الجلسة فوجئت بحجز الطعنين المذكورين للحكم بجلسة 22/ 3/ 1999 مع إنه كان من المفروض أن تؤجل المحكمة الطعنين لاتخاذ إجراءات الرد إلا أن الحكم صدر أيضاً بوقف تنفيذ الحكمين المطعون فيهما.
وكانت الطاعنة قد تقدمت بعدة طلبات لأعضاء الدائرتين سالفتى الذكر وإذ بهم يحددون جلسة 26/ 4/ 1999 لنظر طلبات الرد أرقام 3304 لسنة 45 ق، 3305 لسنة 45 ق مع أن المفروض بداهة ألا ينظروا طلبات الرد الموجهة إليهم، وهو ما يدل على توافر الخصومة، والخطأ المهنى الجسيم من جميع السادة المستشارين المخاصمين طبقاً للمادة 494 من قانون المرافعات وأختتمت تقرير الدعوى بطلباتها سالفة الذكر.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن دعوى المخاصمة الماثلة تقوم على أسباب أولها: أن الدائرة الثانية فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا قد أصدرت حكمها فى الطعن رقم 352 لسنة 45 ق. عليا دون إخطارها بالجلسة، مع تدخل الأستاذ المستشار/ ....... فى توجيه المحكمة رغم تنحيه عن نظر الطعن.
وثانيهما: حجز الأستاذ المستشار/ ....... لملف الطعن رقم 848 لسنة 45 ق. عليا لديه وعدم تمكينها من الاطلاع على تقرير مفوضى الدولة والحصول على صورة منه رغم سدادها للرسم المقرر.
وثالثاً: قيام الدائرة الثالثة فحص طعون بنظر الطعنين رقمى 5488 لسنة 44 ق. عليا، 881 لسنة 45 ق. عليا وإصدار حكم فى الشق العاجل منهما بوقف تنفيذ الحكمين المطعون فيهما رغم طلبهما التأجيل لاتخاذ إجراءات رد الدائرة إلا أن الحكم صدر بجلسة 22/ 3/ 1999 ولم يتم التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد.
ومن حيث إن المادة 494 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه " تجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة فى الأحوال الأتية:
1 - إذا وقع من القاضى أو عضو النيابة فى عملهما غش أو تدليس أو عذر أو خطأ مهنى جسيم.
2 - إذا امتنع القاضى من الإجابة على عريضة قدمت له أو من الفصل فى قضية صالحة للحكم وذلك بعد إعذاره مرتين على يد محضر بتخللها ميعاد أربع وعشرين ساعة بالنسبة إلى الأوامر على العرائض وثلاثة أيام بالنسبة للأحكام فى الدعاوى الجزئية والمستعجلة والتجارية وثمانية أيام فى الدعاوى الأخرى.
ولا يجوز رفع دعوى المخاصمة فى هذه الحالة قبل مضى ثمانية أيام على آخر إنذار.
3 - فى الأحوال الأخرى التى يقضى فيها القانون بمسئولية القاضى والحكم عليه بالتعويضات.
وتنص المادة 499 من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999 على أنه " إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على ألفى جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه، وإذا قضت بصحة المخاصمة حكمت على القاضى أو عضو النيابة المخاصم ببطلان تصرفه وبالتعويضات والمصاريف.......... ".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن دعوى المخاصمة هى دعوى تعويض وهى دعوى بطلان يقصد بها بطلان الحكم، وتستند دعوى المخاصمة إلى قيام القاضى بعمل أو بحكم مشوب بعيب من العيوب التى تضمنتها أسباب المخاصمة، أو هى طريق طعن غير عادى فى الأحكام قرره القانون بقصد حماية المتقاضين من القاضى الذى يخل بواجبه إخلالاً جسيماً.
ومن حيث إن سبب المخاصمة قد يقع من قاضى بمفرده، كما قد يقع من دائرة بأكملها، وهنا يمكن مخاصمة قاض واحد أو مخاصمة دائرة بأكملها فالخطأ المهنى الجسيم الذى يمثل أحد أسباب المخاصمة قد يقع من قاض واحد كما قد يقع من دائرة بأكملها، وحينئذ يمكن أن تتم المخاصمة بالنسبة لقاض بمفرده أو للدائرة بأكملها.
ومن حيث إن المدعية فى دعوى المخاصمة الماثلة توجه خصومتها إلى السادة الأساتذة المستشارين أعضاء الدائرة الثانية فحص الطعون والسيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة بصفته الممثل القانونى لمجلس الدولة والمسئول عن أعمال تابعيه المخاصمين، والثابت أن سيادته لم يكن رئيساً للدائرة سالفة الذكر أو عضواً فيها، ومن ثم يكون اختصامه غير مقبول ولا يجوز اختصامه بالصفة التى وردت فى الدعوى إذ أنه وفقاً لحكم المادتين 166، 172 من الدستور " القضاة مستقلون ولا سلطان لأحد عليهم فى قضائهم ولا يخضعون لغير القانون " والعلاقة بين مستشارى مجلس الدولة ورئيس مجلس الدولة ليست علاقة تابع بالمتبوع - إذ أنهم يستمدون أختصاصاتهم من القانون مباشرة ولا يملك رئيس مجلس الدولة قبلهم وبمناسبة نظرهم القضايا التى تدخل فى اختصامهم أى سلطة تجعل منهم تابعين لسيادته فى الشأن أو تنال من استقلالهم - الأمر الذى يتعين معه عدم قبول دعوى المخاصمة ضد السيد الأستاذ رئيس مجلس الدولة بهذه الصفة.
ومن حيث إنه عن طلب المدعية إدخال السيد الأستاذ المستشار/ ........ خصماً فى دعوى المخاصمة، فإن المادة 177 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن " للخصم أن يدخل فى الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة مع مراعاة حكم المادة 66 " - ومفاد هذا النص أنه يشترط لاختصام الغير فى الدعوى أن يكون من الجائز فى الأصل اختصامه عند رفع الدعوي، وأن يكون هناك ارتباط بين الطلب الأصلى والطلب الموجه للغير، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه ولئن كانت دعوى مخاصمة القضاة ذات طبيعة خاصة وإجراءات معينة إلا أن هذا لا يخلع عنها صفة الدعوى وأن سبب المخاصمة قد يقع من قاضى بمفرده كما قد يقع من دائرة بأكملها وهنا يمكن مخاصمة قاضٍ واحد أو مخاصمة دائرة بأكملها والثابت من أوراق الدعوى الماثلة أن المدعية قد أقامتها ابتداءً لمخاصمة السادة الأساتذة المستشارين أعضاء الدائرة الثانية فحص طعون عن الأحكام الصادرة من هذه الدائرة فى الطعن رقم 352 لسنة 45 ق. عليا بجلسة 19/ 11/ 1998 برئاسة المستشار/ ....... " غير مختصم " وعضوية المستشارين/ ......... - والطعن رقم 5488 لسنة 44 ق. عليا الصادر بجلسة 22/ 3/ 1999 برئاسة المستشار/ ...... وعضوية المستشارين......، ........ والطعن رقم 881 لسنة 45 ق. عليا والصادر فيه الحكم بجلسة 22/ 3/ 1999 برئاسة السيد المستشار/ ...... وعضوية المستشارين/ ......... و......، ولم يكن السيد الأستاذ المستشار/ .......... رئيساً أو عضواً فى الدائرة التى أصدرت الأحكام المشار إليها ومن ثم لا يجوز اختصامه بالنسبة لأحكام لم يشترك فى إصدارها أصلاً ويضحى إدخاله فى هذه الدعوى هو إدخال لمن لا يجوز اختصامه فيها أصلاً ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول دعوى المخاصمة بالنسبة له.
ولا ينال من ذلك ما أوردته المدعية من أسباب فى دعواها إذ أن الأفعال المنسوبة لسيادة المستشار/ .......، فى تقرير المخاصمة لا تصلح سبباً لمخاصمته فى حكم لم يكن طرفاً فيه، وقد تصلح سبباً للطعن على تلك الأحكام إن كان لذلك وجه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على إنه تجوز مخاصمة القاضى إذا وقع منه فى عمله خطأ مهنى جسيم وهو الخطأ الذى ينطوى على أقصى ما يكون قصوره من الإهمال فى أداء الواجب فهو فى سلم الخطأ أعلى درجاته وغنى عن البيان أن الخطأ الذى يبيح مساءلة القاضى بدعوى المخاصمة لابد أن يكون ارتكابه نتيجة غلط فادح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادى أو الإهمال إهمالاً مفرطاً بما يوصف بأنه الخطأ الفاحش مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون أو الجهل الذى لا يقتصر على الوقائع الثابتة بملف الدعوى ولذلك لا يعتبر خطأً مهنياً جسيماً فهم رجال القضاء للقانون على نحو معين ولو خالف فيه إجماع الشراح ولا لتقديره لواقعة معينة أو إساءة الاستنتاج كما لا يدخل فى نطاق الخطأ المهنى الجسيم فى استخلاص الوقائع أو تفسير القانون أو قصور الأسباب وعليه يخرج من دائرة هذا الخطأ كل رأى أو تطبيق قانونى يخلص إليه القاضى بعد إمعان النظر والاجتهاد فى استنباط الحلول للمسألة القانونية المطروحة ولو خالف فى ذلك أحكام القضاء وأراء الفقهاء ويضاف إلى ذلك أنه فيما يتعلق بالمحاكم العليا فى دائرة اختصاصها فإنها القوامة على إنزال حكم القانون وإرساء المبادئ والقواعد لما لا معقب عليها فى ذلك الأمر الذى لا يسوغ معه نسبة الخطأ المهنى الجسيم إليها إلا أن يكون هذا الخطأ بيناً غير مستور ينبئ فى وضوح عن ذاته، إذ الأصل فيما تستظهره المحكمة العليا من حكم القانون أن يكون هو صحيح الرأى فى هذا الحكم بما لا معقب عليها فيه بحسبانها تستوى على القمة فى مدارج التنظيم القضائى والخطأ فى هذه الحالة إن لم يكن بيناً فى ذلك كاشفاً عن أمره لا يكون سبباً إجمالياً لتحريك دعوى المخاصمة.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم وعما أثارته طالبة المخاصمة من أن الدائرة الثانية فحص طعون قد أصدرت حكمها فى الطعن رقم 352 لسنة 45 ق. عليا دون إخطارها الجلسة كما تدخل المستشار/ ....... فى توجيه المحكمة رغم تنحيه عن نظر الطعن، فإن تحديد الجلسة المحددة لنظر الطعن منوط بالسيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة وتقع مسئولية الإخطار بموعد الجلسات على عاتق قلم الكتاب الذى يتعين عليه إخطار طرفى النزاع بموعد الجلسة المحددة لنظر الطعن، والثابت من الأوراق أن الطعن رقم 352 لسنة 45 ق. عليا أودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 21/ 10/ 1998 وسلم إلى سكرتير الدائرة الثانية فحص طعون بتاريخ 22/ 10/ 1998 وحدد لنظره جلسة 9/ 11/ 1998 وتم نظره بذات الجلسة وصدر الحكم بآخر الجلسة، والثابت من محضر الجلسة أن الحكومة قد حضرت الجلسة وقدمت مذكرة وطلبت حجز الطعن للحكم بآخر الجلسة، وهو ما يتم قرينة على أنه تم إخطار الخصوم بالجلسة المحددة لنظر الطعن، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن إصدار الحكم دون إخطار المطعون ضده بميعاد الجلسة وإن كان يمكن أن يكون سبباً للطعن على الحكم الصادر بالبطلان إلا أنه لا يشكل خطأ جسيماً فى حق الدائرة التى أصدرت الحكم، خاصة وإن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لا ينهى الخصومة فى الطعن وحجيته موقوت بالفصل فى موضوع الطعن، أى أن المنازعة لا تنتهى بالقرار الصادر بوقف تنفيذ الحكم بل تستمر أمام الدائرة حتى تصدر حكمها - برفض الطعن، أو قرارا بالإحالة إلى دائرة الموضوع وإجراءات نظر المنازعة فى كافة مراحلها (نظر الشق العاجل فى الفحص ونظر الموضوع من قبل دائرة الفحص، أو أمام دائرة الموضوع) وتعتبر متصلة ومتكاملة بحيث إذا شاب أى إجراء من الإجراءات التى تمت فيها عيب فى أى مرحلة من مراحلها يمكن تصحيحه فى المرحلة التالية إلى أن يصدر حكم منه للخصومة الأمر الذى يتعين معه عدم قبول دعوى مخاصمة كل من المستشارين/ ....... و........ فى الطعن رقم 352 لسنة 45 ق. عليا خاصة وأنهما لم يكونا سوى عضوين بالدائرة وغير منوط بهما إخطار الخصوم أو تحديد موعد نظر الطعن أو إدارة الجلسة، وهى أمور منوطة برئيس الدائرة - المستشار/ ........ وهو غير مختصم - ولم يقع من السادة المستشارين مما يمثل خطأ جسيماً يستوجب قبول دعوى المخاصمة بالنسبة لها فى هذا الطعن.
ومن حيث إنه عن مخاصمة السادة المستشارين/ ....... و....... و....... فى الطعن رقم 5488 لسنة 44 ق. عليا والصادر فيه الحكم بجلسة 22/ 3/ 1999 فإن الثابت من الأوراق أن الطاعنة (المدعية فى الدعوى الماثلة) حضرت مع محاميها بجلسة 8/ 3/ 1999 وطلبت أجلاً لاتخاذ إجراءات الرد، وبجلسة 22/ 3/ 1999 أصدرت الدائرة المشكلة من السادة المستشارين سالفى الذكر حكمها بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها المصروفات، وأمرت بإحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير فى الموضوع، كما أن الثابت من الأوراق أن الدائرة الثانية فحص طعون برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ .......، وعضوية المستشارين/ ....... و....... قد تداولت نظر الطعن رقم 881 لسنة 45 ق. عليا بجلسة 25/ 1/ 1999 وحضرت المطعون ضدها مع وكيلها وتم تأجيل نظر الطعن لجلسة 8/ 3/ 1999 للاطلاع وتقديم مذكرات، وبجلسة 8/ 3/ 1999 حضرت المطعون ضدها مع وكيلها وطلبت أجلاً لاتخاذ إجراءات الرد وبذات الجلسة قررت الدائرة إصدار الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.
ومن حيث إن المادة 155 من قانون المرافعات تنص على إنه " يجب على قلم كتاب المحكمة رفع تقرير الرد إلى رئيسها مرفقاً به بيان ما قدم من طلبات رد فى الدعوى وبما تم فيها وذلك كله خلال أربع وعشرين ساعة وعلى الرئيس أن يطلع القاضى المطلوب رده على التقرير فوراً وأن يرسل صورة منه إلى النيابة ".
ومن حيث إن طلب الرد الذى يمنع المحكمة من الاستمرار فى نظر الدعوى هو ذلك الطلب الذى يتم وفقاً للإجراءات التى حددها القانون وذلك بتقرير من قلم الكتاب ويرفع إلى رئيس المحكمة ويطلع عليه القاضى المطلوب رده - ومجرد طلب التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد لا يعد فى ذاته طلباً للرد إذ ليس من المتصور قانوناً وقف الطعن وتعطيل الفصل فيه لمجرد رغبة من المتقاضى أو هوى منه فى حجب وعزل القاضى عن ممارسة ولايته بمجرد طلب أو ورقة معنونة " طلب رد " طالما أن هذا الطلب لم يتم وفقاً للإجراءات التى حددها القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعية أودعت تقرير الرد رقم 3305/ 45 قلم كتاب المحكمة بتاريخ 11/ 3/ 1999 فى الطعن رقم 5488 لسنة 44 ق، وطلب الرد رقم 3304/ 45 ق عن الطعن 188 لسنة 45 ق بتاريخ 11/ 3/ 1999 وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام قلم الكتاب بعرض طلبات الرد على الأستاذ المستشار رئيس المحكمة أو اطلاع أعضاء الدائرة على طلبات الرد، وذلك لعدم استكمال الرسم المقرر حتى يوم 6/ 5/ 1999 على النحو الثابت من خطاب مدير إدارة المحكمة الإدارية العليا إلى المدعية بشأن مطالبتها بسداد باقى الرسوم فإذا ما أصدرت كل من الدائرتين حكمها فى الطعن المنظور أمامها قبل اتصال علمها بالتقرير بالرد فإن هذا الحكم يكون قد صدر من قضاة صالحين للفصل فيه، وإن تضمن ما قد يشكل إخلالاً بحق الدفاع قد يكون مجاله الطعن وليس مجاله دعوى المخاصمة خاصة إذا ما أخذنا فى الاعتبار أن الحكم فى الشق العاجل من الطعن موقوت بالحكم الصادر فى موضوع الطعن الذى أحالته المحكمة إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان ما أوردته طالبة المخاصمة فى تقريرها من أوجه المخاصمة على النحو السالف بيانه - ليس من شأنها وصف عمل المخاصمين بالخطأ المهنى الجسيم أو شجب القضاء الذى ارتأته دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا فى الشق العاجل من الطعن محل المخاصة وبالتالى تكون المخاصمة غير قائمة على سند صحيح من القانون بما يقتضى الحكم بعدم جوازها وإلزام طالبة المخاصمة بالمصروفات وتغريمها مائتى جنيه ومصادرة الكفالة عملاً بحكم المادتين 184، 499 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة (أولاً) بعدم قبول الدعوى المخاصمة بالنسبة للسيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة، والسيد الأستاذ المستشار........
(ثانياً) بعدم جواز المخاصمة بالنسبة لباقى السادة الأساتذة المستشارين أعضاء الدائرة الثانية فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا وهم السيد المستشار/ ......... والسيد المستشار/ ........، والسيد المستشار/ .........، والسيد المستشار/ ........، والسيد المستشار/ .........، وتغريم الطالبة مبلغ مائتى جنيه ومصادرة الكفالة، وألزمتها المصروفات.