مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1803

(209)
جلسة 13 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمد ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ على فكرى حسن صالح،ى وحسن كمال أبو زيد شلال، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعبد المنعم أحمد عامر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 6016 لسنة 44 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - حق الدفاع - الأسس الجوهرية للتحقيق القانونى.
حق الدفاع يتفرع عنه مبادئ عامة فى أصول التحقيقات ومنها حتمية مواجهة العامل بما هو منسوب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويعتبر ذلك من الأسس الجوهرية للتحقيق القانونى حيث يجب إحاطة العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة اليه وبالأدلة التى يقوم عليها الاتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه ولا يكون التحقيق مستكمل الأركان صحيحاً من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتحقيق الذى يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر بما من شأنه تجهيل الوقائع فإنه يكون معيبا ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً كذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 11/ 6/ 1998 أودع الاستاذ/ .... المحامى نيابة عن رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الزراعى بمحافظة المنوفية (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 6016/ 44 ق. ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 18/ 4/ 98 فى الطعن رقم 18/ 25 ق والقاضى بإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الطعن التأديبى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام الدائرة الخامسة (فحص طعون) التى قررت بجلسة 11/ 4/ 2000 إحالته إلى الدائره الخامسة (موضوع) حيث تدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 26/ 1/ 2001 إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص ونظر أمامها بجلسة 21/ 1/2001 حيث قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 25/ 3/ 2000 وبها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وبهذه الجلسة صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على اسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن التأديبى رقم 18/ 25 ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 7/ 10/ 1996 طالباً فى ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 1/ 96 فيما تضمنه مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من أجره والقرار رقم 6/ 96 فيما تضمنه من تحميله مع آخرين بمبلغ 127923 جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لطعنه إن البنك أصدر القرار رقم 1 بتاريخ 27/ 7/ 96 بمجازاته (مع آخرين) بخصم خمسة عشر يوماً من أجره لإهماله فى المراجعة بصفة عامة على أعمال البنك وبصفة خاصة فى المراجعة على منح السلف الموسمية لعام 94/ 95 من قبل مندوب بنك قرية تلا وتحميله (مع آخرين) بالمبالغ المتعذر تحصيلها والتى تم صرفها بمعرفة المندوب المرحوم/ ......... بالتضامن فيما بينهم وأضاف الطاعن أن البنك لم يحدد فى قراره المطعون فيه المخالفات المنسوبة إليه تحديداً وإنما نسب إليه الإهمال إجمالاً وأن السبب الرئيسى لهذا القرار هو عدم تمكن البنك من تحصيل المبالغ التى تم صرفها بمعرفة المندوب المذكور بعد وفاته فى شهر أكتوبر 95 وأردف قائلاً أن طبيعة عمله كمراجع لا تقتضى منه إلا التأكد من عدم وجود تلاعب بالبيانات بعد تمام عملية الصرف وأن هذه المراجعة تتم بطريقة الجشنى واختتم عريضة الطعن طالبا الحكم له بطلباته سالفة البيان. وبجلسة 15/ 3/ 1997 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بقبول الدعوى شكلاً وقبل الفصل فى موضوعها بندب مكتب خبراء وزارة العدل بطنطا ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للقيام بالمهمة الواردة تفصيلاً فى منطوق الحكم وبعد أن أودع الخبير تقريره فى الطعن أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرارين المطعون فيهما مستندة فى ذلك إلى ما ورد فى تقرير الخبير من أنه لا يوجد إهمال ينسب للطاعن فى مراجعة السلف التى قام بصرفها المرحوم/ ....... وأن اللجنة التى فحصت الموضوع ارتأت حفظ الموضوع بالنسبة له لعدم وجود مستندات تثبت الإهمال فى حقه.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى البنك الطاعن فقد أقام طعنه ناعياً على الحمك الطعين أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ أن طبيعة عمل المطعون ضده كمراجع مقيم ببنك قرية تلا تتطلب منه المراجعة اليومية لجميع أعمال البنك بنسبة 100% وأن المطعون ضده لم يحرك ساكناً إزاء المخالفات التى كان يقوم بها المندوب/ ...... بل إنه كان يوقع على الإيصالات التى يحررها المندوب المذكور رغم ما بها من مخالفات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن البنك الطاعن كان قد شكل لجنة لمراجعة أعمال المرحوم/ ....... مندوب بنك قرية تلا وخلصت اللجنة إلى وجود عدة مخالفات شابت أعمال المذكور وقد أشر رئيس مجلس إدارة البنك على هذه المذكرة بإحالتها للتحقيق حيث قامت إدارة الشئون القانونية بالبنك بإجراء تحقيق فيما تضمنه تقرير اللجنة المشار إليها وأوصت بمجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يوماً من أجره لإهماله فى المراجعة بصفة عامة على أعمال البنك وبصفة خاصة فى مراجعة صرف السلف من قبل المذكور وبناء على ذلك أصدر البنك القرار رقم 1/ 96 بمجازاة المطعون ضده (وآخرين) بخصم خمسة عشر يوماً من أجره كما أصدر القرار رقم 6/ 96 بتحميله مع آخرين بمبلغ 127.923 جنيه بالتضامن مع المرحوم/ .......
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حق الدفاع يتفرع عنه مبادئ عامة فى أصول التحقيقات ومنها حتمية مواجهة العامل بما هو منسوب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويعتبر ذلك من الأسس الجوهرية للتحقيق القانونى حيث يجب إحاطة العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وبالأدلة التى يقوم عليها الاتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه ولا يكون التحقيق مستكمل الأركان صحيحا من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتحقيق الذى يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر بما من شأنه تجهيل الوقائع فإنه يكون معيباً ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيبا كذلك.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على التحقيقات التى أجراها البنك الطاعن مع المطعون ضده أنه لم تتم مواجهته بوقائع محددة وإنما كان الاتهام عاماً ومجهلاً بحيث وجه للمطعون ضده مخالفة الإهمال بصفة عامة فى المراجعة على أعمال البنك وبصفة خاصة فى مراجعة صرف السلف من قبل مندوب بنك قرية تلا المرحوم/ ...... ولم يتناول التحقيق وقائع أو مستندات محددة بحيث يمكن للمطعون ضده إبداء دفاعه بشأنها كما أنه لم تتم مواجهة المطعون ضده بالأدلة التى يستند إليها الاتهام وفضلاً عن ذلك فإن تقرير الخبير المقدم أمام محكمة أول درجة قد أثبت أن البنك لم يقدم المستندات التى تثبت المخالفات المنسوبة للمطعون ضده رغم طلبها من البنك أكثر من مرة كما اوضح للتقرير أن...... الذى رأس اللجنة المكلفة بفحص ومراجعة أعمال المطعون ضده بمعرفة البنك قرر أن المطعون ضده لم يرتكب أية مخالفات عند مراجعته لأعمال مندوب بنك قرية تلا وأضاف أن اللجنة أوصت بحفظ الموضوع بالنسبة للمطعون ضده وبناء على ذلك خلص تقرير الخبير إلى عدم وجود إهمال فى مراجعة المطعون ضده لأعمال المندوب المذكور وأن البنك لم يقدم أية مستندات تثبت إهمال المطعون ضده.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن القرارين المطعون فيهما بمجازاة المطعون ضده وتحميله (مع آخرين) يكونان غير قائمين على سند صحيح من حكم القانون الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا المذهب فإنه يكون متفقاً والتطبيق الصحيح لأحكام القانون ويكون الطعن عليه فى غير محله حرياً بالرفض.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.