أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 426

جلسة 2 من أبريل سنة 1979

برياسة السيد المستشار عثمان الزينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عادل برهان نور، وشرف الدين خيرى، ومحمد وهبة، ومصطفى جميل مرسى.

(90)
الطعن رقم 2003 لسنة 48 القضائية(1)

دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات. "خبرة". "شهادة" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". ضرب. "أفضى إلى الموت".
الشهادة. تعريفها؟ اقتضاؤها. القدرة على التمييز.
جواز رد الشاهد لعدم قدرته على التمييز. المادتان 287 إجراءات، 82 إثبات.
عاهة العقل. كفاية فقدان أى من الإدراك أو التمييز. لتوافرها.
تمسك المتهم. بعدم قدرة المجنى عليه على التمييز. وتقديمه تقريرا يظاهر ذلك. دفاع جوهرى. التعويل على أقواله دون تحقيقه. إخلال بحق الدفاع.
الأصل فى الشهادة هو تقرير الشخص لما قد يكون رآه أو سمعه بنفسه أو أدراكه على وجه العموم بحواسه، فهى تقتضى بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها، ولذا فقد أجازت المادة 82 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية - والتى أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو لحداثه أو مرض أو لأى سبب آخر - مما مقتضاه أن يتعين على محكمة الموضوع إن هى رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها. ولما كان القانون لا يتطلب فى عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدارك والتمييز معاً وإنما تتوافر بفقد أحدهما وإذ ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجنى عليها بأنها مصابة بما يفقدها القدرة على التمييز وقدم تقريراً طبياً استشارياً يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث خصائص إرادتها وإدراكها العام استيثاقاً من تكامل أهليتها لأداء الشهادة، وعولت فى نفس الوقت على شهادتها فى قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعة الجدية حول قدرتها على الإدلاء بشهادتها بتعقل ودون أن تعرض لهذه المنازعة فى حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما ضربا ..... عمدا فأحدثا بها إصاباتها المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، وادعى شقيق المجنى عليها مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتى جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات القاهرة قضت فى الدعوى حضورياً عملاً بمادة الاتهام. (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالسجن مدة ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائتى جنيه والمصاريف ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. (ثانياً) ببراءة المتهمة الثانية (زوجة الطاعن) مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية قبلها، فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه عول فى الإدانة فيما عول عليه على الدليل المستمد من أقوال المجنى عليها دون تحقيق منازعة الطاعن الجدية بأنها مصابة بما يفقدها القدرة على التمييز أو الرد عليها بما يفندها.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق ومما أثبت فى محضر جلسة المحاكمة لدى استجواب الطاعن ومناقشته عن حالة المجنى عليها الصحية إنه قال: "كان عندها تليف كبدى وتضخم طحال وتصلب شرايين والتهام مزمن بالكليتين سبب لها ضغط مرتفع وكانت دائماً تشكو من دوخة وما تقدرش تركز".. كما قالت زوجته - المتهمة الأخرى المحكوم ببراءتها - وهى - تقصد المجنى عليها - ماشية تتخبط ودايما تعبانة ... وساعات تصحى تقول أنا شفت حاجة.. هى عيانة" ويبين من التقرير الطبى الاستشارى الذى أذنت المحكمة للدفاع بتقديمه تأييداً لمنازعة الطاعن فى قدرة المجنى عليها على الإدلاء بالشهادة بتعقل والمحرر بمعرفة الدكتور......... كبير الأطباء الشرعيين سابقاً أنه أورد فى الصحيفة التاسعة من تقريره أن من كان يعانى من الأمراض التى كانت تعانيها المجنى عليها - يقصد الأمراض التى أثبتها تقرير الصفة التشريحية - فإنه يتعرض لنوبات من الاختلاط العقلى أو التهيج أو فقد الوعى. لما كان ذلك، وكان الأصل فى الشهادة هو تقرير الشخص لما قد يكون رآه أو سمعه بنفسه أو أدراكه على وجه العموم بحواسه، فهى تقتضى بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها، ولذا فقد أجازت المادة 83 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية - والتى أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو لحداثه أو مرض أو لاى سبب آخر - مما مقتضاه أن يتعين على محكمة الموضوع إن هى رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها - ولما كان القانون لا يتطلب فى عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدارك والتمييز معا وإنما تتوافر بفقد أحدهما، وإذ ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجنى عليها بأنها مصابة بما يفقدها القدرة على التمييز وقدم تقريراً طبياً استشارياً يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث خصائص ارادتها وإدراكها العام استيثاقاً من تكامل أهليتها لأداء الشهادة، وعولت فى نفس الوقت على شهادتها فى قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعة الجدية حول قدرتها على الإدلاء بشهادتها بتعقل ودون أن تعرض لهذه المنازعة فى حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب فضلاً عن الاخلال بحق الدفاع، ولا يعصمه من هذا العيب كونه قد عول فى قضائه على أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا فإذا استبعد أحدها تعذر التعرف على مبلغ ما كان له من أثر فى عقيدة المحكمة، لاسيماً وأن البين من الحكم أن أقوال المجنى عليها كانت الدعامة الأساسية لقضائه بإدانة الطاعن مما لا يمكن معه التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطتت إلى هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن فى طعنه.


(1) راجع أيضاً الطعن رقم 511 لسنة 49 ق - جلسة 21/ 6/ 1979 والطعن رقم 700 لسنة 49 - جلسة 5/ 11/ 1979 - لم ينشرا.