أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 434

جلسة 5 من أبريل سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عثمان الزينى، ومحمد على بليغ، حسن جمعه، وأبو بكر الديب.

(92)
الطعن رقم 2009 لسنة 48 القضائية

(1) رابطة السببية. إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية. استقلال قاضى الموضوع بتقدير توافرها. مثال فى ضرب أحدث عاهة.
(2) إثبات. "شهادة". حكم "بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إلتزام محكمة الموضوع بالإشارة إلى أقوال شهود النفى. كفاية القضاء بالإدانة رداعليها.
(3) قصد جنائى. "القصد العام". جريمة "أركانها". ضرب. "أحدث عاهة" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائى فى جريمة الجرح العمد. قصد عام. تحققه بعلم الجانى بمساس الفعل بسلامة جسم المجنى عليه. عدم إلتزام المحكمة ببيانه على استقلال. مثال.
1 - من المقرر أن إثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضى الموضوع فلا يجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجنى عليه بقبضة يده ثم تناول عصا وانهال بها ضربا عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعى والتى تخلفت عنها عاهة مستديمة يوفر فى حق الطاعن إرتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجنى عليه هى فقد السمع بالأذن اليسرى ونقص بالسمع بالأذن اليمنى مع ضعف بعضلات الوجه بالجبهة اليسرى ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذا الضرب بقبضة اليد والعصا لما حدثت تلك الإصابة - فيكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن غير سديد.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها. وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها.
3 - إذ كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائى العام وهو يتوفر كلما إرتكب الجانى الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه مساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث إستقلالاً عن القصد الجنائى فى هذه الجرائم، بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق فى الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب ...... بعصا على رأسه فأحدث به إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها فقد السمع فى الأذن اليسرى وفقد السمع بالأذن اليمنى مع ضعف بعضلات الوجه بالجهة اليسرى مما يعتبر عاهة مستديمة تقلل من كفاءة المجنى عليه وتقدر بنحو 35% خمسة وثلاثون فى المائة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد انطوى على اخلال بحق الدفاع وقصور فى البيان ذلك أن الحكم خلا من بيان الصلة بين العاهة وبين الاعتداء المنسوب للطاعن وقد تمسك المدافع عنه بالجلسة بأن الاوراق خالية من أن المجنى عليه كان يتمتع بسمع كامل فى أذنيه وأن شراء السماعة لا يدل على أن الطاعن قد أحدث اصابة المجنى عليه، فضلاً عن أن الحكم لم يشر إلى أقوال شهود النفى ولم يعن ببيان توافر الركن المعنوى فى الجريمة وهو قصد المساس بجسم المجنى عليه كل ذلك مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله: "أنه فى مساء يوم 20/ 5/ 1974 ذهب المتهم........ إلى دكان المجنى عليه........ ببندر ببا لشراء صندل لطفله الصغير وإذ لم يعجبه ما عرضه عليه......... ابن المجنى عليه الذى كان يعاون العامل....... طلب المتهم منه أن يعرض عليه أصنافاً أخرى فلما قرر له أن جميع الأصناف هى من ذات الصنف الذى عرضه عليه ولم يجز قبولاً منه فاستشاط المتهم غضباً وصفعه على وجهه وعلا صوته فأيقظ ذلك المجنى عليه الذى كان نائماً بالدكان فتدخل فى الأمر محاولاً تهدئة الموقف غير أن المتهم كان لا يزال فى ثورة انفعال وإذ حاول المجنى عليه الاتصال بالشرطة عن طريق تليفون المركب فى دكانه منعه المتهم من ذلك وضربه بقبضة يده ثم تناول عصا وانهال به ضربا على المجنى عليه فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هى فقد فى السمع فى الأذن اليسرى وفقد السمع بالأذن اليمنى مع ضعف بعضلات الوجه بالجبهة اليسرى بما يقلل من كفاءة المجنى عليه وتقدر تلك العاهة بنحو 35%" - وأورد الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود والتقارير الطبية كما نقل عن التقرير الطبى الشرعى أن اصابات المجنى عليه شخصت عند دخوله المستشفى بجرح رضى طوله 10 سم بمقدمة فروة الرأس وكسر شرخى بعظام الجمجمة وجرح رضى 7 سم بمؤخرة فروة الرأس وأن هذه الاصابات قد تغيرت معالمها بالتداخل الجراحى وتطورات الإلتئام وأنها كانت أصلاً ذات طبيعة راضة نشأت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة وهى جائزة الحدوث من الضرب بعصا فى تاريخ يتفق وما جاء بالأوراق الطبية وأنه قد تخلف لدى المجنى عليه من جراء اصاباته فقد فى السمع بالأذن اليسرى ونقص بالسمع بالأذن اليمنى مع ضعف بعضلات الوجه بالجهة اليسرى مما يعتبر عاهة مستديمة تقلل من كفاءة المذكور بنحو 35 %. لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجنى عليه بقبضة يده ثم تناول عصا وانهال بها ضربا عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعى والتى تخلفت عنها عاهة مستديمة يوفر فى حق الطاعن إرتكابه فعلاً عمديا ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجنى عليه هى فقد السمع بالأذن اليسرى ونقص بالسمع بالأذن اليمنى مع ضعف بعضلات الوجه بالجهة اليسرى ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذا الضرب بقبضة اليد والعصا لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضى الموضوع فلا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لاتثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها فإن منعى الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت جريمة إحداث الجروح عمدا ً لا تتطلب غير القصد الجنائى العام وهو يتوفر كلما إرتكب الجانى الفعل عن إردة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه مساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث إستقلالاً عن القصد الجنائى فى هذه الجرائم، بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق فى الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.