مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر سنة 2001) - صـ 1865

(217)
جلسة 19 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ويسرى هاشم الشيخ، ود. محمد ماجد محمود نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4258 لسنة 41 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون - تأديب - الجرائم التأديبية غير محددة.
إن العقوبات التأديبية محددة بنص أما الجرائم التأديبية فهى غير محددة - يكفى للإدانة أن يخرج المحال على مقتضى الواجب الوظيفى بفعل يؤدى إلى ذلك مما يشكل مخالفة تأديبية تستوجب توقيع جزاء تأديبياً عليه - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم فى الدعوى - إرتباط منطوق الحكم بأسبابه.
يجب أن يرتبط منطوق الحكم مع أسبابه المحددة له التى تحمل هذا المنطوق وتبرره من حيث الواقع والقانون بحيث يتمكن أطراف الخصومة من معرفة السند الواقعى والقانونى الذى أقام عليه القاضى حكمه وفصله فى النزاع على الوجه الذى أورده بمنطوق حكمه - تطبيق.
(جـ) مسئولية تأديبية - مناطها - تقيد المحكمة التأديبية بقرار الإتهام.
إن المحكمة التأديبية تتقيد بما ورد فى قرار الإتهام بالنسبة إلى المخالفات المبينة أم العاملين المنسوبة إليهم هذا المخالفات - لا يجوز للمحكمة إدانة العامل فى تهمة لم ترد بقرار الإتهام ولم تكن أحد عناصر الإتهام المطروحة عليها بالقرار المذكور - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 22/ 7/ 1995 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه طعناً فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 22/ 5/ 1995 فى الدعوى رقم 278 لسنة 36 ق بمجازاة الطاعنين بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاتهم وببراءتهم مما نسب إليهم مع إلزام الإدارة المصروفات والأتعاب.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن/ السابع ومجازاته بخصم شهرين من راتبه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/ 8/ 1998، وبجلسة 14/ 4/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة تحددها المحكمة، وقد حددت المحكمة لنظر الطعن جلسة 29/ 5/ 1999، وبتلك الجلسة والجلسات التالية إستمعت المحكمة إلى ما رأت لزوما للإستماع إليه من إيضاحات ذوى الشأن، ثم قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والإستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضده الثانى (بصفته)، فإن النيابة الإدارية هى صاحبة الصفة الوحيدة فى الطعن إعمالاً لحكم المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1958 الصادر بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 وحيث إن الطاعنين قد إختصموا محافظ بنى سويف فى الطعن فإن الدفع يكون فى محله مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى لرفعه على غير ذى صفة، وتكتفى المحكمة بذكر ذلك فى الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إن الطعن قد إستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 278 لسنة 36 ق ضد الطاعنين وآخرين بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة التأديبية للتربية والتعليم وملحقاتها بإتهام الطاعنين وآخرين بأنهم خلال المدة من 30/ 11/ 1991 وحتى 7/ 4/ 1992 خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى وخالفوا أحكام القانون ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بأمانة وخالفوا الأحكام المالية والقواعد المقررة قانوناً بأن:
الأول....... الثانى والأول...... من الثانى حتى الثامن: تراخو فى فحص أصناف المنحة الايطالية فى الفترة من 24/ 12/ 1991 وحتى 15/ 3/ 1992 مما ترتب عليه عدم الوقوف على مصير أصناف العجز إلا بعد رد خطاب الضمان للشركة الموردة وبالتالى عدم الإستفادة بقيمته بشأن الأصناف التى لم ترد أصلاً.
التاسع: لم يقم بتنفيذ تعليمات رئاسته بشأن الاشتراك مع الأول فى إنهاء إجراءات التخليص الجمركى وإستلام أصناف المنحة من ميناء الإسكندرية، ورأت النيابة الإدارية أن المتهمين بذلك يكونوا قد إرتكبوا المخالفة المالية المنصوص عليها فى المواد 76/ 1 و 77/ 3 و 4 و 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، وطلبت لذلك محاكمتهم تأديبياً عملاً بأحكام المواد سالفة الذكر والمواد الأخرى الواردة تفصيلاً بقرار الإتهام.
وبجلسة 22/ 5/ 1995 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها المطعون فيه بمجازاة الطاعنين بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر. وأقامت قضاءها على أن المخالفة المنسوبة إلى المتهمين من الثانى حتى الثامن ثابتة فى حقهم من واقع الأوراق وما ذكره المتهم الثانى/ ..... فى التحقيقات من أن عملية الفحص تمت على مرحلتين وفى المدة من 24/ 12/ 1991 وحتى 15/ 2/ 1992 وقد ترتب على ذلك عدم الإستفادة من خطاب الضمان لاسيما وأنه كان يمكن أن يبين للجنة العجز فى الأصناف، ومن ثم فإن تراخى المتهمين يعد سبباً رئيسياً فى عدم تبين وجود العجز فى حينه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو بطلان الحكم المطعون فيه لعدم وجود أسباب إدانة لها أصل ثابت بالأوراق، ومخالفة القانون لأن الإتهام الحقيقى الذى يمكن توجيهه للطاعنين من الأول للسادس هو إعادة خطاب الضمان للجهة المانحة قبل الوقوف على كمية أو أصناف العجز التى أسفر عنها الفحص والطاعنون ليسوا مختصين بإعادة خطاب الضمان وإنما المسئولية تقع على عاتق السيد/ ..... مدير المخازن، وبالنسبة للطاعن السابع فإن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى سبب إدانته وإن المسئولية تنتفى عنه إذ لم يكن مشتركاً فى لجنة الإستلام وكان منتدباً فى لجنة أخرى.
كما أن الحكم المطعون فيه لم يقم على نص تشريعى حيث إن مادة الإسناد التى إستند عليها الإتهام والحكم خاصة بحالتى الإهمال والتقصير وليس التراخى.
يضاف إلى ذلك أن الحكم لم يقم على أسبابه لأن عمل اللجنة ينحصر فقط فى عملية الفحص وأن المتهم الأول هو الذى أعاد خطاب الضمان قبل إنتهاء لجنة الفحص من عملها وقبل الرجوع إلى اللجنة فى ذلك.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الستة الأوائل فإن المنسوب إليهم بتقرير الإتهام هو أنهم تراخوا فى فحص أصناف المنحة الإيطالية فى الفترة من 24/ 12/ 1991 وحتى 15/ 3/ 1992 مما ترتب عليه عدم الوقوف على مصير أصناف العجز إلا بعد رد خطاب الضمان للشركة الموردة وبالتالى عدم الإستفادة بقيمته بشأن الأصناف التى لم ترد أصلاً، فإن الثابت من الأوراق وخاصة شهادة الطاعن الأول/ ...... أن عملية فحص أصناف المنحة الإيطالية تمت على مراحل، وما قرره الطاعن/ الخامس بالتحقيقات من أن الفحص تأجل عدة مرات بسبب عدم حضور رئيس اللجنة ....... وما قرره من أن عملية الفحص كان يتم تأجيلها كلياً إذا تغيب أحد أعضاء اللجنة من التخصصات المختلفة وما قرره الطاعن/ السادس بالتحقيقات من أن عملية الفحص تمت على مراحل بناء على طلب رئيس اللجنة والتى تسببت فى هذا التأخير وما قرره رئيس اللجنة (المتهم الثانى فى الدعوى التأديبية) من أن عملية الفحص تمت على مراحل، أى أن الثابت من الأوراق أن هناك تراخ بالفعل فى أعمال اللجنة وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه لأن الفحص تم فى وقت طويل وبالتالى لم تستفد جهة الإدارة من قيمة خطاب الضمان لاسيما وأنه كان يمكن أن يتبين للجنة العجز فى الأصناف ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحقيقة فى إثبات التهمة عليهم وتوقيع الجزاء المناسب عليهم ومن ثم يكون النعى على الحكم فى غير محله واجب الرفض.
ولا يغير من ذلك ما نعاه الطاعنون على الحكم من أن الإتهام الحقيقى المنسوب إليهم هو إعادة خطاب الضمان للجهة المانحة لأن المنسوب إليهم بتقرير الإتهام هو التراخى فى فحص أصناف المنحة مما ترتب عليه عدم الوقوف على مصير أصناف العجز إلا بعد رد خطاب الضمان للشركة الموردة أما رد خطاب الضمان فلم يوجه بشأنه إتهام للطاعنين وأن المحكمة هى المهيمنة على تكييف التهمة.
كما لا ينال من صحة الحكم المطعون فيه ما نعاه الطاعنون على الحكم من أنه لم يستند لنص تشريعى ذلك أن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن العقوبات التأديبية محددة بنص أما الجرائم التأديبية فهى غير محددة، وإنه يكفى للإدانة أن يخرج المحال على مقتضى الواجب الوظيفى بفعل يؤدى إلى ذلك مما يشكل مخالفة تأديبية تستوجب توقيع جزاء تأديبياً عليه.
ومن حيث إنه بالنسبة لما نسب للطاعن السابع ...... فإن النيابة الإدارية قد قدمته للمحاكمة طبقاً لتقرير الإتهام على سند أنه لم يقم بتنفيذ تعليمات رئاسته بشأن الإشتراك مع الأول فى إنهاء إجراءات التخليص الجمركى وإستلام أصناف المنحة من ميناء الإسكندرية.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة وجوب أن يرتبط منطوق الحكم مع أسبابه المحددة له التى تحمل هذا المنطوق وتبرره من حيث الواقع والقانون بحيث يتمكن أطراف الخصومة من معرفة السند الواقعى والقانونى الذى أقام عليه القاضى حكمه وفصله فى النزاع على الوجه الذى أورده بمنطوق حكمه.
كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن المحكمة التأديبية تتقيد بما ورد فى قرار الإتهام بالنسبة إلى المخالفات المبينة أم العاملين المنسوبة إليهم هذا المخالفات ومن ثم فلا يجوز للمحكمة إدانة العامل فى تهمة لم ترد بقرار الإتهام ولم تكن أحد عناصر الإتهام المطروحة عليها بالقرار المذكور.
ومن حيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يتعرض إلى الإتهام الوارد بتقرير الإتهام بالنسبة للطاعن السابع بل إنه أدخله فى مضمون الإتهام الموجه إلى الطاعنين الستة الأوائل حيث أورد اسمه ضمن الأخرين فى مناقشة إتهامهم بالتراخى فى فحص اصناف المنحة كما سبق لذلك فإن الحكم يكون مشوباً بعيب إنعدام الأسباب والبطلان لعدم الارتباط بين أسباب الحكم ومنطوقه مما يوجب إلغاؤه فيما يتعلق بما جاء بمنطوق الحكم بمعاقبة الحكم بمعاقبة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر.
وقد كان من الواجب إعادة الطعن فى هذه الجزئية إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمة الطاعن من هيئة مغايرة، إلا أن المحكمة ترى أن الدعوى صالحة للفصل فى موضوعها لذلك فلم تر مانعاً من التصدى للفصل فيها.
ومن حيث إن ما نسب للطاعن السابع ....... من أنه لم يقم بتنفيذ تعليمات رئاسته بشأن الإشتراك مع المتهم الأول فى الدعوى التأديبية ..... فى إنهاء إجراءات التخليص الجمركى وإستلام أصناف المنحة من ميناء الإسكندرية فإن هذه التهمة غير ثابتة ثبوتاً يقينياً فى حقه إذ ورد فى مذكرة النيابة الإدارية بالإحالة أن المخالفة ثابته قبله بإعترافه بالتحقيقات ولم تحدد مدى إعترافه هذا إذ أن ما ورد بأقواله أن أعمال المناقصات العامة وإستلام الأصناف التى تمت بشأنها هذه المناقصات هو الذى حال بين إشتراكه مع لجنة أصناف المنحة الإيطالية فلم يظهر بالتحقيقات أنه لم يقم بتنفيذ تعليمات رئاسته بشأن الإشتراك مع المتهم الأول فى إنهاء إجراءات التخليص الجمركى وإستلام أصناف المنحة من ميناء الإسكندرية فلم تظهر الأوراق سبق سفره مع اللجنة إلى الإسكندرية ولو كان قد إمتنع عن السفر فكان لابد من عقابه أو تقديم مذكرة ضده وهو ما أجدبت عنه الأوراق مما يجعل الإتهام غير قائم فى حقه مما يستوجب الحكم ببراءته مما أسند إليه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن السابع بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر والحكم ببراءته مما هو منسوب إليه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.