أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 539

جلسة 17من أكتوبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(130)
الطعن رقم 241 لسنة 41 القضائية

( أ ) مستشار الإحالة. "الطعن فى قراراته". أمر إحالة. بطلان. إجراءات المحاكمة. دفوع. "الدفع بعدم جواز المحاكمة". إعلان. طعن. "ما لا يجوز الطعن فيه". نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه".
قرار الإحالة الصادر من مستشار الإحالة. طبيعته: قرار نهائى غير قابل للطعن فيه بأى وجه. ليس لمحكمة الموضوع التعرض للدفع ببطلانه. علة ذلك؟
الإحالة من مراحل التحقيق. تخلف الطاعن عن الحضور أمام مستشار الإحالة - حتى بفرض عدم إعلانه - لا يبطل قرار الإحالة.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. ما يثيره الطاعن من أن جانبا من المواد المضبوطة لم يرسل للتحليل وبالتالى لم يثبت أنه مادة مخدرة. منازعة موضوعية فى كنه بقية المواد المضبوطة التى لم ترسل للتحليل. ولا تنفى عن الطاعن إحرازه لكمية المخدر التى أرسلت للتحليل. مسئوليته عن إحراز هذه المواد جميعها(1).
(ج، د، هـ) تحقيق. "إجراءاته". إجراءات. "إجراءات التحريز". بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
إجراءات التحريز المنصوص عليها فى المواد 55، 56، 57 إجراءات تنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
القانون لم يستلزم أن يكون الخاتم المستعمل فى التحريز لمأمور الضبط القضائى.
العبرة باطمئنان المحكمة إلى سلامة التحريز.
(و) مواد مخدرة. نقض. "المصلحة فى الطعن". عقوبة. "تطبيقها" ظروف مخففة.
القيد الوارد على حق المحكمة فى النزول بالعقوبة المنصوص عليه فى القانون رقم 40 لسنة 1966 قاصر على الجرائم المنصوص عليها فى المواد 33، 34، 35 من القانون رقم 182 لسنة 1960. عدم شموله جريمة إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى.
(ز، ح، ط، ي) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". دفوع. "الدفع بالتلفيق".
(ز) الدفع بتلفيق الاتهام. دفاع موضوعى. لا يلزم الرد عليه صراحة. كفاية الرد الضمنى.
(ح) أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده: اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(ط) للمحكمة الأخذ بقول للشاهد فى مرحلة من مراحل الدعوى دون أخرى.
(ي) تقدير الدليل من إطلاقات محكمة الموضوع.
1 - استقرت أحكام محكمة النقض على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق، وأن تخلف الطاعن عن الحضور أمام مستشار الإحالة - حتى بفرض عدم إعلانه - لا يبطل القرار بالإحالة إلى المحاكمة فالقانون لم يستوجب حضوره، كما أن المحكمة هى جهة التحقيق النهائى ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات مستشار الإحالة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنه أمامها. ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعى بطلان هذا الإجراء، وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز.
2 - النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى الإسناد تأسيسا على أنه لم يتم تحليل ما ضبط من طرب الحشيش جميعها إنما هو منازعة موضوعية فى كنه بقية المواد المضبوطة التى لم ترسل للتحليل فضلا عن أنه لا ينفى عن الطاعن إحرازه لكمية الحشيش التى أرسلت للتحليل فمسئوليته الجنائية قائمة على إحراز هذه المواد قل ما ضبطا منها أو كثر.
3 - متى كان الحكم قد ورد على ما أثير بجلسة المحاكمة بصدد اختلاف وزن الحرز فى تحقيق النيابة عنه فيما أثبته تقرير التحليل بأن الحرز الذى أرسل للتحليل يحمل أسم الطاعن وخاتم وكيل النيابة الذى أجرى التحريز فإن الرد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة إلى سلامة التحريز ويكون النعى بذلك على غير أساس.
4 - من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن إجراءات التحريز المنصوص عليها فى المواد 55 و56 و57 إجراءات لا يترتب على مخالفتها أى بطلان إذ قصد بها المحافظة على الدليل فحسب.
5 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الحرز أودع بمكتب البلوكامين لصيانته من العبث وأن القانون لا يستلزم أن يكون الخاتم المستعمل فى التحريز لمأمور الضبط القضائى ولم يرتب البطلان على مخالفة إجراءات التحريز متى ثبت أن الحرز هو بذاته الحرز المضبوط وكان الخاتم المستعمل فى تحريزه لأحد العاملين بمكتب المخدرات، فإن التشكيك فى سلامة الحرز لا يكون له محل.
6 - متى كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى طبقا للمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول المرفق ثم طبقت المحكمة فى حق الطاعن المادة 17 عقوبات وقضت بحبسه ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة، وكانت عقوبة الجريمة التى دان الحكم الطاعن بها هى السجن والغرامة، وكان تطبيق المادة 17 عقوبات يجيز توقيع العقوبة التى وقعت على الطاعن، فلا يجديه القول بأن القانون رقم 40 لسنة 1966 المشار إليه فى الحكم قد قيد المحكمة عند النزول بالعقوبة، ذلك بأن هذا القيد قاصر على الجرائم المنصوص عليها فى المواد 33 و34 و35.
7 - الدفع بتلفيق الاتهام دفاع موضوعى ويغنى فى الرد عليه ما أورده الحكم من أدلة الثبوت.
8 - من المقرر أن أخذ المحكمة بشهادة الشاهد يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد فى مرحلة من مراحل الدعوى دون أخرى.
10 - إن جدل الطاعن فى إمكان رؤية الشاهدين للواقعة إن هو إلا جدل فى تقدير الدليل المستمد من شهادتهما ومن المعاينة وكلا الدليلين قد اطمأنت إليه محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها فى عقيدتها فى تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 22 أبريل سنة 1968 بدائرة مركز الصف محافظة الجيزة، أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم واحد المرفق، مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات (أولا) برفض الدفع بعدم جواز المحاكمة. وبجوازها (ثانيا) بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه ومصادرة المضبوطات. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا قد شابه البطلان والخطأ فى الإسناد والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، ذلك أنه دفع بعدم جواز محاكمته أمام محكمة الجنابات لأن الدعوى قدمت للمحكمة بقرار إحالة غير سليم من الناحية القانونية إذ صدر دون إعلان الطاعن الذى كان قد أدى من الدفاع أمام مستشار الإحالة ما دعا إلى رد القضية، إلى النيابة العامة للمعاينة وسؤال بعض الشهود وإذ تم هذا الاستيفاء وأعيدت القضية مرة أخرى إلى مستشار الإحالة لن يعلن الطاعن للحضور أمامه مع وجوب ذلك قانونا طبقا للمادة 175 أ. ج. لكى يبدى دفاعه على ضوء ما ظهر من التحقيق، ولما كانت الإحالة مرحلة هامة من مراحل الدعوى فى الجنايات وتعد مرحلة قضاء حسبما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 107 لسنة 1962 فإن الإخلال بإجراء جوهرى فيها كالإعلان يكون جزاؤه البطلان طبقا للمادة 331 أ ج ويصح ذلك حتى لو اعتبرت مرحلة الإحالة من مراحل التحقيق ما دام الطاعن لم يعلن للحضور بها. وليس صحيحا ما أورده الحكم عن عدم جواز التحدث فى بطلان أمر الإحالة أو الخوض فيه بعد أن دخلت الدعوى فى حوزة المحكمة، كما أن المحكمة أسندت للطاعن إحراز ثمانى طرب من الحشيش مع أنه لم يثبت تحليل هذه الكمية ولم تؤخذ عينة من كل طربة، إذ أن الاكتفاء بأخذ عينة من إحداها لا يقوم به إسناد الكمية كلها إلى الطاعن، كما أن العينة التى أرسلت للتحليل لا يمكن نسبتها إلى الطاعن لأن الوصف الذى أرسلت به حسبما يستفاد من محضر تحقيق النيابة يغاير الوصف الذى أثبته تقرير التحليل الكيمائى، كما اختلف وزن الكمية الوارد فى محضر تحقيق النيابة عن الوزن الوارد فى التقرير الكيمائى مما يقطع الصلة بينهما. وقد أبدى هذا الدفاع أمام محكمة الجنايات غير أنها اطرحته بمقولة إن الحرز مختوم بخاتم وكيل النيابة الذى أجرى التحريز وأن بيانات الحرز تحمل اسم المتهم وأن اختلاف الأوزان إنما مرجعه دقة ميزان المعمل الكيمائى، وفات المحكمة أن النيابة العامة أجرت الوزن بميزان دقيق أيضا وأن البيانات الخارجية للحرز قد يقع فيها خطأ بتدوين اسم متهم مكان اسم متهم آخر والأحكام لا تبنى على الاستنتاج. كذلك أخذت المحكمة الطاعن بالمعاينة التى أجرتها النيابة فى غيبته والتى لا تتعلق بقضيته إذ تتحدث عن "المجنى عليه" وقد دفع الطاعن أمامها بذلك. وأخذ الحكم المطعون فيه بأن فى الإمكان رؤية الطاعن وهو يلقى بالمخدر على الرغم من تعدد الروايات عن المسافة التى شوهد عليها وهو يلقى به، هذا إلى أن بمكان الحادث مرتفعات ومنخفضات تحجب الرؤية ولا سيما وقد أجريت معاينات فى عدة قضايا أخرى فى اليوم ذاته مما يحتمل معه اختلاط بياناتها جميعا ولا يصلح للرد على ذلك ما أثبته الحكم من أن ما ورد بالمعاينة من ذكر عبارة "المجنى عليه" ليس سهوا ماديا. كما تناقضت أقوال الضابط فى التحقيق عن الجهة التى كان يقصدها حينما رأى الطاعن مع أقواله فى هذا الخصوص أمام المحكمة، وتناقضت أقوال الضابط والمخبر المرافق له عند سؤالهما فى التحقيق وفى المحكمة عن مكان منزل الطاعن بالنسبة لمكان ضبطه. وكان مع الضابط كما هو ثابت بمحضر الأحوال عدد آخر من المخبرين ولا يبين السبب فى عدم ذكر الشاهدين لهما إلا أن يكون هو الرغبة فى تنسيق شهادتهم، مما يوحى بتلفيق الاتهام وقد سكت الحكم عن الرد على هذا الذى أثاره الدفاع مما يعيبه بالقصور فى التسبيب كذلك فإن الثابت أن الضابط قد حرص على إخفاء الضبط عن النيابة من مساء يوم حصوله حتى صباح اليوم التالى بحجة وجوده فى مهمة سرية مع أن التحقيق كشف عن عدم صدق هذه الحجة مما يبعث على الشك فى سلامة إجراءات الضبط وصحة الدليل المستمد منه، ولا يصلح ردا على ذلك قول الحكم أن الضابط أبلغ النيابة فى خلال الأربع والعشرين ساعة التى ينص عليها القانون لأن ذلك خاص بالضبط فى غير حالات التلبس. كما أن الثابت أن الحرز عليه خاتم أحد رجال الشرطة وأنه ترك مع البلوكامين بهذه الحالة مما يبعث على الشك فى سلامته أو تغيير محتوياته فإذا أخذ الحكم بصحة هذا الإجراء كان معيبا بفساد الاستدلال، ووجه الخطأ فى تطبيق القانون أن الحكم المطعون فيه قد طبق المادة 17 عقوبات بالنسبة للطاعن وأشار فى مدوناته إلى القانون رقم 40 لسنة 1966 الذى عدل بمقتضاه القانون رقم 182 لسنة 1960 والتعديل خاص بالمواد 33 و34 و35 وليس الجريمة التى دين بها الطاعن فتكون المحكمة قد قيدت نفسها بالمادة 36 منه المعدلة بالقانون رقم 40 لسنة 1966 فلم تنزل بالعقوبة إلى الحد الذى يجوز لها النزول إليه طبقا للمادة 17 عقوبات، ولو فطنت إلى عدم وجود ذلك القيد لكان من المحتمل أن ينزل بالعقوبة إلى الحبس لمدة ستة شهور وبذلك كله يكون الحكم معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة، من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الشاهدين وتقرير التحليل الكيمائى والمعاينة. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن دفع بعدم جواز محاكمته استنادا إلى بطلان أمر الإحالة لعدم إعلانه للحضور بجلسة الإحالة فرفض الحكم المطعون فيه ذلك الدفع وأورد فى أسبابه أن قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من التحقيق وأن القرار الصادر بالإحالة يعتبر نهائيا وغير قابل للطعن فيه بأى وجه ولا يجوز لمحكمة الموضوع أن تتعرض للدفع ببطلان القرار بالإحالة لأن مقتضى ذلك إعادة الدعوى إلى سلطة التحقيق من بعد دخولها فى حوزة المحكمة كما أن القانون لم يستلزم حضور المتهم أمام مستشار الإحالة بدليل جواز أن يصدر قراره فى غيبة المتهم طبقا للمادة 191 إجراءات، وهذا الذى أورده الحكم سديد. وليس صحيحا ما يقوله الطاعن عن تماثل قرار الإحالة والحكم إذ أنهما مختلفان فى مصدرهما وطبيعة كل منهما فقرار الإحالة يصدر من سلطة التحقيق والإحالة ذاتها إجراء من إجراءاته ولا يغير من ذلك وصف مرحلة الإحالة بعبارة قضاء الإحالة التى وردت فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 117 لسنة 1962، وقد استقرت أحكام هذه المحكمة على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق ومن المقرر أن تخلف الطاعن عن الحضور أمام مستشار الإحالة حتى بفرض عدم إعلانه لا يبطل القرار بالإحالة إلى المحاكمة والقانون لم يستوجب حضوره كما أن المحكمة هى جهة التحقيق النهائى، ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات مستشار الإحالة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنها أمامها. ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعى بطلان هذا الإجراء وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز ومن ثم يتعين رفض هذا الوجه من الطعن. أما ما ينعاه الطاعن عن خطأ الحكم فى الإسناد تأسيسا على أنه لم يتم تحليل ما ضبط من طرب الحشيش جميعها فمردود بما قضت به هذه المحكمة من أنه إذا كان ما يثيره الطاعن هو أن جانبا من المواد المضبوطة لم يرسل للتحليل وبالتالى لم يثبت أنه مادة مخدرة فإنه ينحل إلى منازعة موضوعية فى كنه بقية المواد المضبوطة التى لم ترسل للتحليل فضلا عن أنه لا ينفى عن الطاعن إحزاره لكمية الحشيش التى أرسلت للتحليل فمسئوليته الجنائية قائمة على إحراز هذه المواد قل ما ضبط منها أو كثر أما ما أثير بجلسة المحاكمة بصدد اختلاف وزن الحرز فى تحقيق النيابة عنه فيما أثبته تقرير التحليل فقد رد عليه الحكم بأن الحرز الذى أرسل للتحليل يحمل اسم الطاعن وخاتم وكيل النيابة الذى أجرى التحريز وهو رد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة إلى سلامة التحريز فيكون هذا النعى على غير أساس. وما يذكره الطاعن عن احتمال الخطأ فى تحرير بيانات الحرز فهو محض افتراض لا دليل عليه وقد رد عليه الحكم ردا سائغا بما تقدم وتكون دعوى الخطأ فى الإسناد لا محل له، أما بخصوص الطعن على الحكم بفساد الاستدلال لاستناده إلى المعاينة التى أجرتها النيابة فى غيبة الطاعن فقد أورد الحكم أن الطاعن إنما تخلف عن حضور المعاينة رغم علمه لموعدها وأن الثابت منها أن فى إمكان الشاهدين رؤيته وهذا رد سائغ، كما رد الحكم على دعوى احتمال الخطأ فى اختلاط المعاينة الخاصة بهذه القضية المطروحة بمعاينة أجريت فى قضية أخرى فى اليوم ذاته، بأن لفظ المجنى عليه الذى أثبت فيها إنما ورد خطأ بدلا من لفظ المتهم وأن ما دون بالمعاينة من تفاصيل يقطع بتعلقها بواقعة القضية المطروحة ذاته، هذا فضلا عن أن جدل الطاعن فى إمكان رؤية الشاهدين للواقعة إن هو إلا جدل فى تقدير الدليل المستمد من شهادتهما ومن المعاينة وكلا الدليلين قد اطمأنت إليه محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها فى عقيدتها فى تقدير الدليل وهو من اطلاقاتها أما ما يحتج به الطاعن من التناقض بين أقوال الضابط فى التحقيق وأقواله بالمعاينة بشأن المسافة والاتجاه الذى رأى الطاعن عنده وبين أقوال الضابط والمخبر فإن الحكم قد حصل أقوال الضابط والشرطى السرى بأنهما رأيا الطاعن يلقى بلفافة المخدر وهو على مسافة عشرين مترا منهما. ومن المقرر أن أخذ المحكمة بشهادة الشاهدين يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، كما أن للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد فى مرحلة من مراحل الدعوى دون أخرى، وبفرض وجود تناقض بين قول أحد الشاهدين فى إحدى المراحل عن قوله فى مرحلة أخرى فإن الحكم قد حصل أقوالهما بما لا تناقض فيه وهذا حسبه حتى يبرأ مما رماه به الطاعن، أما ما أورده عن قالة إخفاء الشاهدين لواقعة اشتراك آخرين معهما فى الضبط فقد رد عليه الحكم بأن المحكمة اطمأنت إلى شهادة الشاهدين وما ساقه الطاعن فى جملته لا يستهدف سوى التشكيك فى شهادتهم، أما الدفع بتلفيق الاتهام فهو دفاع موضوعى ويعنى فى الرد عليه ما أورده الحكم من أدلة الثبوت أما ما دفع به الطاعن بجلسة المحاكمة من تأخر الضابط فى إبلاغ النيابة العامة بالواقعة فقد رد عليه الحكم المطعون فيه بأن سبب التأخير فى الإبلاغ راجع إلى وجود الشاهدين فى مهمة سرية عادا منها فى الساعة الثامنة من صباح اليوم التالى وليس مرده إلى محاولة تلفيق الاتهام، وأن الإبلاغ قد تم فى الميعاد القانونى الذى نصت عليه المادة 36 أ. ج. كما أن نعى الطاعن بالتأخير فى الإبلاغ إنما يستهدف التشكيك فى شهادة الشاهدين بمقولة تلفيق الاتهام ويغنى فى الرد عليه ما أورده الحكم من أدلة الثبوت. أما ما أثير حول التشكيك فى سلامة الحرز فمردود بما أثبته الحكم المطعون فيه من أن الحرز قد أودع بمكتب البلوكامين لصيانته من العبث وأن القانون لا يستلزم أن يكون الخاتم المستعمل فى التحريز لمأمور الضبط القضائى ولم يرتب البطلان على مخالفة إجراءات التحريز متى ثبت أن الحرز هو بذاته الحرز المضبوط وكان الخاتم المستعمل فى تحريزه لأحد العاملين بمكتب المخدرات. ومن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إجراءات التحريز المنصوص عليها فى المواد 55 و56 و57 أ. ج لا يترتب على مخالفتها أى بطلان إذ قصد بها المحافظة على الدليل فحسب. وعن النعى بمخالفة القانون فإن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى طبقا للمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول المرفق ثم طبقت المحكمة فى حق الطاعن المادة 17 عقوبات وقضت بحبسه ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة، ولما كانت عقوبة الجريمة التى دان الحكم الطاعن بها هى السجن والغرامة وكان تطبيق المادة 17 عقوبات يجيز توقيع العقوبة التى وقعت على الطاعن، فلا يجديه القول بأن القانون رقم 40 لسنة 1966 المشار إليه فى الحكم قد قيد المحكمة عند النزول بالعقوبة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.


(1) هذا المبدأ مقرر أيضاً فى الطعن رقم 786 لسنة 41 ق جلسة 8/ 11/ 1971.