أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 486

جلسة 16 من أبريل سنة 1979

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وعادل برهان نور، وشرف الدين خيرى، ومحمد وهبة.

(102)
الطعن رقم 2081 لسنة 48 القضائية

إصابة خطأ. خطأ. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "خبرة".
مجرد مصادمة المتهم المجنى عليه بسيارته. عدم كفايته تدليلاً على توافر ركن الخطأ. فى جريمة الإصابة الخطأ.
السرعة التى تصلح أساساً للمساءلة الجنائية فى جريمة الإصابة الخطأ. هى التى تجاوز الحد الذى تقتضيه ظروف المرور وزمانه ومكانه.
وجوب بيان الإصابات من واقع التقرير الطبى. وإلا كان الحكم قاصراً.
من المقرر أن الخطأ فى الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لها، ومن ثم فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة الإصابة الخطأ أن يبين فضلاً عن مؤدى الأدلة التى اعتمد عليها فى ثبوت الواقعة عنصر الخطأ المرتكب وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق، كما أن من المقرر أن السرعة التى تصلح أساساً للمساءلة الجنائية فى جريمة الاصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة، وإنما هى التى تجاوز الحد الذى تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الجرح، وإنه وأن كان تقدير سرعة السيارة فى ظروف معينة، وهل تعد عنصراً من عناصر الخطأ أم لا، مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها بغير معقب عليها، إلا أن شرط ذلك أن يكون تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق. ولما كان ما أورده الحكم فى مدوناته لا يبين منه عناصر الخطأ الذى وقع من الطاعن، ذلك أن مجرد مصادمة الطاعن للمجنى عليه بالسيارة قيادته لا يعتبر دليلاً على الخطأ. فضلاً عن أن الحكم لم يستظهر سلوك الطاعن أثناء قيادته لسيارته والعناصر التى استخلص منها قيادته لها بسرعة تجاوز السرعة القانونية، كما أن الحكم من جهة أخرى لم يبين موقف المجنى عليه وكيفية عبوره الطريق ليتسنى بيان مدى قدرة الطاعن فى الظروف التى وقع فيها الحادث على تفادى تلافى اصابة المجنى عليه، وأثر ذلك على قيام رابطة السببية أو انتفاؤها. هذا وقد اغفل الحكم طلبه الإشارة إلى الكشف الطبى ولم يورد مؤداه وبهذا خلا أيضاً من أى بيان عن الاصابات التى شوهدت بالمجنى عليه ونوعها وكيف أنها لحقت به من جراء التصادم. وإذ أدانت المحكمة الطاعن مع كل ذلك، فإن حكمها يكون قاصرا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - تسبب خطأ فى جرح ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر فصدم المجنى عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى. ثانياً - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات والقانون رقم 66 لسنة 1973. ومحكمة الجيزة الجزئية قضت فى الدعوى حضورياً عملاً بمادتى الاتهام بحبس المتهم "الطاعن" شهراً واحداً مع الشغل عن التهمتين وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت فى الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاصابة الخطأ قد شابه قصور فى البيان. ذلك أنه لم يعن ببيان أركان هذه الجريمة ولم يستظهر عنصر الخطأ ويورد عليه رغم ما تمسك به الطاعن فى دفاعه من أن الخطأ يقع فى جانب المجنى عليه لعبورة الطريق فجأة قبل التأكد من أن حالته تسمح بذلك كما أغفل الحكم الإشارة إلى التقرير الطبى ولم يورد مؤداه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الإبتدائى الذى أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه اقتصر فى بيان الواقعة وتسبيب قضائه بادانة الطاعن على قوله "وحيث إن وقائع الدعوى تجمل فى أن...... الطالب بمدرسة الأهرام وأثناء سيره بشارع مراد أمام محلات عمر أفندى فوجىء بالسيارة الأجرة قيادة المتهم تصدمه فى ساقه وبعد ذلك ارتمى على الأرض والناس حملوه إلى المستشفى. كما قرر بأن المتهم كان يسير بسيارته مسرعاً جداً ولم يستعمل آلة التنبيه والفرامل وحيث أنه بسؤال المتهم قرر أن الطريق كان مزدحم بالمارة كما قرر بأن المجنى عليه كان متردد فى السير وأنه صدم المجنى عليه بالجانب الأيسر الأمامى وأنه كان مبتدىء فى السير بالنسبة لفتح الإشارة له. وحيث إن التهمة المنسوبة للمتهم ثابتة قبله ثبوتاً كافياً مما تضمنته أقوال المجنى عليه والسرعة التى كانت تزيد على حدودها القاتونية مما يتعين معه القضاء بمعاقبة المتهم طبقاً لمواد الاتهام مع تطبيق نص المادة 32 وعملاً بالمادة 304/ 2". لما كان ذلك وكان الخطأ فى الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة الإصابة الخطأ أن يبين فضلاً عن مؤدى الأدلة التى اعتمد عليها فى ثبوت الواقعة، عنصر الخطأ المرتكب وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق، كما أن من المقرر أن السرعة التى تصلح أساسا للمساءلة الجنائية فى جريمة الاصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة، وإنما هى التى تجاوز الحد الذى تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الجرح، وإنه وأن كان تقدير سرعة السيارة فى ظروف معينة، وهل تعد عنصراً من عناصر الخطأ أم لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها بغير معقب عليها، إلا أن شرط ذلك أن يكون تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق. ولما كان ما أورده الحكم فى مدوناته لا يبين منه عناصر الخطأ الذى وقع من الطاعن، ذلك أن مجرد مصادمة الطاعن للمجنى عليه بالسيارة قيادته لا يعتبر دليلاً على الخطأ، فضلاً عن أن الحكم لم يستظهر سلوك الطاعن أثناء قيادته السيارة والعناصر التى استخلص منها قيادته لها بسرعة تجاوز السرعة القانونية رغم ما حصله من أقواله من أنه كان مبتدأ السير بها بعد أن أذنت إشارة المرور له بذلك، كما أن الحكم من جهة أخرى لم يبين موقف المجنى عليه وكيفية عبوره الطريق ليتسنى بيان مدى قدرة الطاعن فى الظروف التى وقع فيها الحادث على تلافى اصابة المجنى عليه، وأثر ذلك كله على قيام رابطة السببية أو انتفاؤها على الرغم مما تمسك به الطاعن فى دفاعه بأن الحادث وقع قضاء وقدراً لأن المجنى عليه نزل فجأة من الرصيف محاولاً اختراق الشارع عرضاً دون التأكد من سلامة الطريق فاصطدم بالجانب الأيسر الأمامى للسيارة التى كانت تسير سيرا عاديا دون أن يتمكن هو من إيقافها، هذا وقد اغفل الحكم طلبه الإشارة إلى الكشف الطبى ولم يورد مؤداه، وبهذا خلا أيضاً من أى بيان عن الاصابات التى شوهدت بالمجنى عليه ونوعها وكيف أنها لحقت به من جراء التصادم. وإذ أدانت المحكمة الطاعن مع كل ذلك، فإن حكمها يكون قاصرا البيان واجبا نقضه والاحالة.