أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 490

جلسة 19 من أبريل سنة 1979

برياسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس؛ نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين/ عثمان الزينى، ومحمد عبد الواحد الديب، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(103)
الطعن رقم 2091 لسنة 48 القضائية

(1) دفوع. "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مأمورو الضبط القضائى.
(1) الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصوله فى غير المكان المحدد بإذن التفتيش. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) صدور أمر تفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائى تنفيذه أينما وجده. ما دام فى دائرة إختصاص مصدر الإذن ومنفذه.
(3) إثبات. "بوجه عام". شهادة.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مؤداه: إطراحها لكافة الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(4) إثبات. "بوجه عام". شهادة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردها الحكم كفايته رداً على أقوال المتهم وشاهد النفى باحتمال دس المخدر.
(5) تفتيش. "إذن التفتيش إصداره".
تقدير جدية التحريات المبررة لإصدار إذن التفتيش. من سلطة محكمة الموضوع.
1 - متى كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه على الأساس الذى يتحدث عنه فى وجه طعنه لحصوله فى غير المكان المحدد بإذن التفتيش لإجرائه، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه فى حقيقته دفع موضوعى أساسه المنازعة فى سلامة الأدلة التى كونت منها المحكمة عقيدتها والتى اطمأنت منها إلى صحة إجراءات الضبط والتفتيش.
2 - من المقرر أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص، كان لمأمور الضبط القضائى المندوب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده، ما دام المكان الذى جرى فيه التفتيش واقعاً فى دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - لمحكمة الموضوع - أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لم تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالادانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تعتد بدفاع الطاعن حول إحتمال دس المخدر عليه ولا بأقوال الشاهد التى أيدته فأطرحتها.
5 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى محكمة الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمادة 1 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 92 من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر قد أخطأ فى تطبيق القانون، وشابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب، ذلك أن تفتيش الطاعن قد تم فى مكان آخر غير المكان المحدد فى الإذن الصادر من النيابة العامة لإجرائه، فقد صدر الإذن بالقبض على الطاعن وتفتيشه فى بلدته محلة زياد بدائرة مركز سمنود ولكن الضابط قبض عليه وفتشه أثناء وجوده ببلدة سمنود ذاتها ومن ثم تكون الإجراءات باطلة فلا يجوز الاعتماد عليها أو الأخذ بالأدلة الناتجة عنها. هذا إلى أن الحكم دان الطاعن بالرغم من تمسكه باحتمال دس المخدر عليه فى السوق الذى تم فيه تفتيشه ولم يعرض الحكم لهذا الدفاع ولا لأقوال شاهد النفى التى قامت عن تأييده وأخذ الحكم بأقوال الضابط والشرطى السرى مع ما شابها من تناقض ينبىء على عدم صدقها كما لم يعرض الحكم برد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لأنه بنى على تحريات غير جدية وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز الجوهر المخدر التى دان الطاعن بها، وساق على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال رئيس وحدة المباحث الجنائية والشرطى السرى الذى كان يرافقه وتقرير التحليل وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه على الأساس الذى يتحدث عنه فى وجه طعنه لحصوله فى غير المكان المحدد بإذن التفتيش لإجرائه، فإنه لا يقبل من إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه فى حقيقته دفع موضوعى أساسه المنازعة فى سلامة الأدلة التى كونت منها المحكمة عقيدتها والتى اطمأنت منها إلى صحة إجراءات الضبط والتفتيش. ومع ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يؤبه به لما هو مقرر من أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص، كان لمأمور الضبط القضائى المندوب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده، ما دام المكان الذى جرى فيه التفتيش واقعاً فى دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه وهو ما لا ينازع الطاعن فى شأنه، ومن ثم فإن منعاه على الحكم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال ضابط المباحث الجنائية شاهد الإثبات بما مؤداه أن تحرياته دلت على أن الطاعن وهو من بلدة محطة زياد مركز سمنود يتجر فى المواد المخدرة ويقوم بتوزيعها على المدمنين من أهالى بلدته وبجهة سمنود، فحصل على إذن من النيابة العامة بتفتشه وتفتيش مسكنه، وإذ انتقل لتنفيذ الإذن إثر علمه بوجود المتهم بمدينة سمنود فقد تمكن من ضبطه بمعاونة الشرطى السرى المرافق له وقام بتفتيشه فعثر بحيب جلبابه العلوى الأيسر على قطعتين من الحشيش كما عثر بجيب صديريه الأيسر على ثلاث لفافات سلوفانية بداخل إحداها نصف تربة من الحشيش وبداخل كل من اللفافتين الأخريين على قطعة صغيرة من نفس المخدر كما عثر بجيب الصديرى الأيمن على مبلغ 8 ج و800 م ومطواه على نصلها آثار من الحشيش، ثم انتقل إلى بلدة المتهم حيث قام بتفتيش منزله فعثر فى حجرة نومه على ورقتى سلوفان إحداهما حمراء والأخرى صفراء. كما حصل الحكم أقوال الشرطى السرى بما يتفق وشهادة الضابط وأتخذ من هذه الأقوال دليلاً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن لما آنسه فيها من صدق ومطابقة للحقيقة والواقع. ولما كان ما استخلصه الحكم من ثبوت إحراز الطاعن لجوهر المخدر واستناداً إلى الأدلة التى أوردها سائغاً ولا شائبه فيه وكان الحكم قد أورد أقوال شاهدى الإثبات على صورة متسقة ولا تناقض فيها، فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن احتمال دس المخدر عليه ونعيه على الحكم التفاته عن هذا الدفاع المؤيد بقالة شاهد النفى مردوداً بما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لم تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالادانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تعتد بدفاع الطاعن حول إحتمال دس المخدر عليه ولا بأقوال الشاهد التى أيدته فأطرحتها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه خلافا لما يدعيه الطاعن قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لأنه بنى على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله "أن ما أبداه الدفاع مردود بأن الثابت على لسان الضابط أنه أجرى تحريات عن المتهم اسفرت عن إحرازه لمواد مخدرة وترى المحكمة أن تلك التحريات كافية لاستصدار إذن النيابة بالضبط والتفتيش". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى محكمة الموضوع وكانت المحكمة فيما أوردته قد أيدت اقتناعها بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش كفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون فى غير محله متعينا رفضه موضوعا.