أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 495

جلسة 19 من أبريل سنة 1979

برياسة السيد المستشار أحمد فؤاد جنينة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى، وأحمد طاهر خليل، وصلاح محمد نصار، ومحمد حلمى راغب.

(104)
الطعن رقم 2103 لسنة 48 القضائية

(1) قتل خطأ. حكم. "بيانات الديباجة". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
إيراد الحكم فى ديباجته. نقلاً عن وصف النيابة للتهمة بأن المتهم كان يقود سيارة على خلاف ما خلص إليه من أنه كان يقود عربة نقل (كارو). خطأ مادى. لا يعيبه.
(2) خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. إثبات. "بوجه عام".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنياً. موضوعى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سائر عناصرها. موضوعى.
قول الحكم أن الطاعن وهو يقود عربة كارو أخطأ إذ خرج بها فجأة من طريق جانبى وعبر بها عرض الطريق الرئيسى دون أن يتحقق من خلوه من السيارات بما رتب إصطدام سيارة المجنى عليهم بها. سائغ.
1 - لما كان الواضح من سياق الحكم أن المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود ومن المعاينة أن الطاعن كان يقود عربة نقل "كارو" فإن خطأ حكم محكمة أول درجة فيما نقله فى ديباجته عن وصف النيابة العامة للتهمة الأولى المسندة إلى الطاعن من أنه كان يقود سيارة لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادى ولا يؤثر فى سلامة استدلال الحكم.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص فى تدليل سائغ من أقوال شهود الحادث وما دلت عليه المعاينة أن الطاعن كان يقود عربة كارو يعبر بها عرض الطريق السريع بين القاهرة والاسكندرية دون أن يتحقق من خلوه من السيارات رغم قدومه من طريق زراعى جانبى بما يوفر قيام ركن الخطأ فى جانبه، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى شأن تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) تسبب خطأ فى موت كل من ..... و..... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته القوانين والقرارات بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر ولم يتأكد من خلو الطريق قبل عبور الطريق الرئيسى فتسبب فى تصادم السيارة التى كان يستقلها المجنى عليهما وحدثت إصابتيهما الواردة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياتهما. (ثانياً) تسبب خطأ فى إصابة ..... و.... بالاصابات الواردة بالتقرير الطبى وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته القوانين واللوائح على النحو الوارد بالتهمة الأولى. (ثالثا) قاد مركبة "عربة كارو" بحالة ينجم عنها الخطر. (رابعاً) لم يهدىء من سرعة المركبة "العربة الكارو" عند دخوله فى مفارق الطرق. وطلبت عقابه بالمادتين 242/ 1 و238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 2 و3 و4 و74 و77 و78 و79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 وقرار الداخلية. ومحكمة جنح أبو حمص الجزئية قضت فى الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وغرامه 50 جنيهاً وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. فاستأنف، ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل والإصابة الخطأ قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع، وذلك بأنه ساير فى مدوناته النيابة العامة فيما أوردته خطأ فى وصف التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن من أنه كان يقود سيارة فى حين أنه كان يقود عربة كارو مما ينم عن أن المحكمة لم تلم بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة، كما أثار الدفاع عن الطاعن أن الحادث كان نتيجة خطأ أحد المجنى عليهم، إذ كان يقود السيارة رقم....... ملاكى الإسكندرية بسرعة كبيرة فاصطدم بالعربة الكارو التى كان يقودها الطاعن وينتظر بها فى منتصف الطريق ترقبا لعبوره بعد خلوه من السيارات وأنه بسبب هذه السرعة الزائدة انحرف قائد هذه السيارة إلى الجانب الآخر من الطريق واصطدم مرة أخرة بالسيارة رقم...... نقل الإسكندرية القادمة من الاتجاه المقابل، إلا أن المحكمة أغفلت هذا الدفاع، فضلاً عن أن الحكم استخلص أن قائد السيارة الملاكى فوجىء بالعربة الكارو التى يوقودها الطاعن تعبر الطريق أمامه رغم انتفاء عنصر المفاجأة بالنسبة له، إذ أن الحادث وقع فى منتصف الطريق بعد أن وصلت العربة الكارو إلى الجزيرة الترابية التى تتوسطه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بينما كان المجنى عليه قائد السيارة رقم .... ملاكى الإسكندرية التى يستقلها باقى المجنى عليهم قادماً فى الطريق السريع المتجه من الاسكندرية إلى القاهرة إذ فوجىء بالطاعن يقود عربة كارو - قادماً من طريق زراعى جانبى - ويعبر الطريق أمامه دون أن يتحقق من خلوه من السيارات فاصطدم بها وانحرف نتيجة لذلك إلى الجانب الآخر من الطريق واصطدم بالسيارة رقم....... نقل الإسكندرية التى تصادف مرورها فى الاتجاه المقابل فى ذلك الحين مما أدى إلى وقوع الحادث وإصابة ووفاة المجنى عليهم. لما كان ذلك، وكان الواضح من سياق الحكم أن المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود ومن المعاينة أن الطاعن كان يقود عربة نقل "كارو" فإن خطأ حكم محكمة أول درجة فيما نقله فى ديباجته عن وصف النيابة العامة للتهمة الأولى المسندة إلى الطاعن من أنه كان يقود سيارة لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادى ولا يؤثر فى سلامة استدلال الحكم ويكون منعى الطاعن فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص فى تدليل سائغ من أقوال شهود الحادث وما دلت عليه المعاينة أن الطاعن كان يقود عربة كارو يعبر بها عرض الطريق السريع بين القاهرة والاسكندرية دون أن يتحقق من خلوه من السيارات رغم قدومه من طريق زراعى جانبى بما يوفر قيام ركن الخطأ فى جانبه، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى شأن تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعي وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله دفاعه القائم على أن الحادث وقع نتيجة خطأ أحد المجنى عليهم بقيادته السيارة الملاكى التى يستقلها باقى المجنى عليهم بسرعة كبيرة، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً فى شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفى فى الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها واستقرت فى وجدانها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


قارن أيضاً السنة 29 صـ 666