مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1873

(218)
جلسة 19 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. فاروق عبد البر، وأحمد عبد الفتاح حسن، وأحمد عبد الحميد عبود، وأحمد محمد المقاول نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2674 لسنة 44 القضائية

ترخيص - ترخيص سلاح - سلطة جهة الإدارة التقديرية فى منح هذا الترخيص - حدودها.
خول المشرع الجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية واسعة النطاق فى هذا المجال، وجعل من اختصاصها أن ترفض الترخيص أو التجديد وأن تقصر مدته أو تقصره على إحراز أو حمل أنواع معينة من الأسلحة دون سواها وأن تقيد الترخيص بأى شرط تراه، كما خولها أن تسحب الترخيص مؤقتاً أو تلغيه نهائياً وكل ذلك حسبما يتراءى لها من ظروف الحال وملابساته، بما يكفل وقاية المجتمع وحماية الأمن، وبما لا معقب عليها مادامت تلك الجهة المختصة لم تخالف القانون ولم تتعسف فى إستعمال سلطتها عند إصدار قرارها، خاصة أن هذه السلطة ليست مطلقة من كل قيد بل هى مقيدة بما أمرها به المشرع من أن يكون قرارها الصادر فى هذا الشأن مسبباً - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الاثنين الموافق 16/ 2/ 1998، أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 2674 لسنة 44 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى الدعوى رقم 9006 لسنة 1 ق بجلسة 22/ 12/ 1997 الذى قضى بإلغاء القرار السلبى عن تجديد رخصة حمل وإحراز السلاح للمدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات. وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى إلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فى ختامة الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 1/ 2000، وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/ 6/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 10/ 3/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 5/ 2001 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع، وبجلسة 19/ 5/ 2001 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 9006 لسنة 1 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية ضد الطاعنين طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تسليمه رخصة سلاحيه المسدس والبندقية المشار إليهما بالعريضة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال المدعى شرحاً للدعوى أنه رخص له بحمل وإحراز السلاح بالترخيص رقم 28104 من مركز شرطة فايد بمحافظة الإسماعيلية عام 1978 ويحوز بناء على ذلك مسدساً رقم 61416 ماركة سميث ناشيونال ويندقية رقم 8943 ألمانى ويقوم بتجديد ترخيص هذين السلاحين سنوياً، وبتاريخ 23/ 10/ 1995 تقدم لمركز شرطة فايد لتجديد ترخيص السلاحين المشار إليهما وقام بسداد مبلغ 7.90 جنيهات رسم تجديد ترخيص قطعتى السلاح المشار إليهما بالإيصال رقم 56540 بتاريخ 23/ 10/ 1995 ومبلغ 50.40 جنيهاً رسم تنمية موارد الدولة بالإيصال رقم 56541 فى ذات التاريخ إلا أنه لم يتسلم رخصة السلاح بعد تجديدها بناء على طلب مصلحة الأمن العام على سند من القول بأنه ممنوع من السفر، فتظلم إلى إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن الإسماعيلية فأفادته بأن عدم تجديد رخصة السلاح كان بناء على طلب مصلحة الأمن العام فتظلم إلى مديرية إدارة الرخص بمصلحة الأمن العام بتاريخ 13/ 12/ 1996 ولم يتلق رداً على تظلمه مما دعاه إلى إقامة هذه الدعوى. وأضاف المدعى أنه يمتلك مساحات شاسعة من حدائق الفاكهة وأرضاً زراعية بمدينة فايد ومحلاً تجارياً بسوق العبور لتجارة الجملة، ومحلات للملابس الجاهزة بشارع إبراهيم اللقانى بروكسى بمصر الجديدة وتقضى طبيعة عمله الانتقال يوميا من محل إقامته بمدينة فايد إلى سوق العيور بالقاهرة وكذا محلاته المشار إليها بمدينة القاهرة للإشراف عليها والعودة يومياً مما يحتاج معه لحمل السلاح لتأمين حياته، وقد فوجئ بإدارج اسمه ضمن قوائم الممنوعين من السفر للخارج رغم نجاحه كرجل أعمال معروف ولم تصدر ضده أية أحكام جنائية مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 735 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة لوقف تنفيذ قرار منعه من السفر، وبجلسة 28/ 9/ 1993 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار الطعين وقامت الوزارة بالاستشكال فى هذا الحكم بالإشكال رقم 9710 لسنة 49 ق، وبجلسة 28/ 11/ 1995 قضت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم مما يكشف عن تعسف جهة الإدارة فى عدم تسليمه رخصة سلاحيه المشار إليهما وانتهى المدعى فى ختام عريضة دعواه إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 22/ 12/ 1997 قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تجديد رخصة حمل وإحراز السلاح للمدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن ما ساقته الجهة الإدارية تبريراً لقرارها - من أن المدعى يقوم بالاتجار فى المخدرات وأن اسمه مدرج بسجل الإدارة العامة لمكافحة المخدارت برقم 4265 شرقية ومسجل خطر مخدرات تحت رقم 964 فئة (أ) - لا يسانده دليل من الأوراق، ولم تقدم الجهة الإدارية أى تحقيق أجرى مع المدعى بشأن الاتجار أو جلب المخدرات أو أية أحكام صدرت ضده فى هذا الشأن، كما لم تقدم الأدلة التى استندت إليها فى تسجيل المدعى ضمن الخطرين فى شأن المخدرات، ومن ثم يكون السبب الذى استندت إليه جهة الإدارة فى عدم تجديد رخصة إحراز وحمل السلاح للمدعى غير قائم على دليل من الأوراق، ويغدو القرار المطعون فيه فاقداً لركن السبب الذى يبرره مما يتعين الحكم بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم الطعين قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله على سند من القول بأن المطعون ضده مسجل خطر مخدرات وينتمى إلى عائلة تعمل فى مجال الاتجار فى المواد المخدرة وفقاً لمعلومات أفادت بها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ومن ثم فلا تثريب على الجهة الإدارية فى عدم تجديد ترخيص السلاح الخاص بالمدعى بحسبانها الجهة القوامة على حماية المجتمع وصيانة الامن العام إذا أعملت سلطتها التقديرية المخولة لها طبقاً لأحكام القانون دون تجاوز أو تعسف فى استعمال السلطة.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر معدلاًَ بالقانون رقم 34 لسنة 1974 وبالقانون رقم 26 لسنة 1978 تنص على أنه " يحظر بغير ترخيص من وزير الداخلية أو من ينيبه عنه حيازة أو إحراز الأسلحة النارية .... " وتنص المادة (4) على أن " لوزير الداخلية أو من ينيبه عنه رفض الترخيص أو تقصير مدته أو قصره على أنواع معينة من الأسلحة أو تقييده بأى شرط يراه، وله سحب الترخيص مؤقتاً أو إلغاؤه، ويكون قرار الوزير برفض منح الترخيص أو سحبه أو إلغاؤه مسبباً ".
ومن حيث إن البين مما تقدم ومن إطلاق هذه العبارات وشمولها، بل مما سبق هذا التشريع من تشريعات، أن المشرع - وحسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - من أن تصدى لتنظيم حمل السلاح وإحرازه خول الجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية واسعة النطاق فى هذا المجال، وجعل من اختصاصها أن ترفض الترخيص أو التجديد وأن تقصر مدته أو تقصره على إحراز أو حمل أنواع معينة من الأسلحة دون سواها وأن تقيد الترخيص بأى شرط تراه، كما خولها أن تسحب الترخيص مؤقتاً أو تلغيه نهائياً وكل ذلك حسبما يتراءى لها من ظروف الحال وملابساته، بما يكفل وقاية المجتمع وحماية الأمن، وبما لا معقب عليها مادامت تلك الجهة المختصة لم تخالف القانون ولم تتعسف فى إستعمال سلطتها عند إصدار قرارها، خاصة أن هذه السلطة ليست مطلقة من كل قيد بل هى مقيدة بما أمرها به المشرع من أن يكون قرارها الصادر فى هذا الشأن مسبباً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان مرخصاً له بحمل وإحراز مسدس وبندقية للدفاع، وامتنعت الجهة الإدارية عن تجديد ترخيص السلاح للمطعون ضده على سند من أنه مسجل خطر مخدرات، وله نشاط فى جلب والإتجار فى المواد المخدرة، وأنه ينتمى إلى عائلة تعمل فى مجال الاتجار فى المخدرات.
ومن حيث إنه ولئن كانت اعتبارات الأمن ودواعيه محل اعتبار هذه المحكمة فيما يتعلق بالترخيص بحيازة الأسلحة إلا أنه يتعين أن تنزل الجهة الإدارية على صحيح حكم القانون الذى يقيم توازناً بين اعتبارات الأمن وبين الرخصة المقررة للأفراد فى هذا الصدد، وهذا التوازن الدقيق بين مختلف الاعتبارات تجريه الجهة الإدارية إنطلاقاً من أحكام القانون نزولاً على أوامره وتغيياً لصحيح مراده تحت رقابة قاضى المشروعبة الذى ينزل حكم صحيح القانون بإعمال وجه التوفيق بين مختلف المصالح: مصالح أمن المجتمع ومتطلبات أمان الفرد التى تبرر استعمال المواطنين للرخصة التى أجازها التشريع بحمل السلاح. وبالترتيب على ما تقدم جميعه فلما كان ما سيق سبباً للقرار المطعون فيه لا يعدو أن يكون محض أقوال مرسلة عارية من دليل يساندها أو قرينة تظاهرها، ولم تكشف الجهة الإدارية عن واقعات محددة تم ضبط المدعى فيها أو التحقيق معه فى شأنها، أو صدور أحكام جنائية ضده، وإذ أجدبت الأوراق من دليل على سابقة اتهامه أو اتخاذ إجراءات حياله من قبل سلطات الضبط والتحقيق المختصة تلقى بظلال من الشكوك والريب على مسلكه، ولم تقدم الجهة الإدارية تدليلاً على صحة ما نسبته إلى المطعون ضده أو تشر إلى الوقائع التى استدلت منها على صحة ما نسبته إليه واستندت إليها فى تسجيله ضمن الخطرين فى شأن المخدرات ومن ثم يغدو القرار المطعون فيه مفتقراً إلى السبب الصحيح الذى يحمله واقعاً وقانوناً متعيناً القضاء بإلغائه، لاسيماً وقد توافرت مقتضيات حمل السلاح فى حالة المطعون ضده لأنه يعمل تاجراً وكثير التنقلات بين المحافظات بقصد التجارة والإشراف على ما يمتلكه من أراض زراعية وأن حمله للسلاح يحقق له الأمن والطمأنينة وصون نفسه وماله من خطر الأعتداء عليه على نحو ما ذكره المطعون ضده فى صحيفة دعواه ولم تجحده الجهة الإدارية. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فمن ثم يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويضحى النعى عليه فى غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.