أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 565

جلسة 24 من أكتوبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، وطه دنانة.

(136)
الطعن رقم 271 لسنة 41 القضائية

( أ ) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "شهادة". "بوجه عام".
استناد الحكم فى قضائه إلى شهادة لا أصل لها سوى ما ذكره محرر محضر ضبط الواقعة من أنه بسماعها وجدت مطابقة لرواية شاهد آخر. خطأ. علة ذلك: أن المحكمة تكون قد أقامت قضاءها على غير عقيدة حصلها قاضيا بنفسه دون مشاركة غيره.
(ب) نقض "نطاق الطعن". نظر الطعن والحكم فيه". مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. دعوى مدنية.
نقض الحكم بالنسبة للمتهم. يوجب نقضه للمسئول المدنى. أساس ذلك: إن ثبوت الواقعة الجنائية هو أساس مسئوليته عن التعويض.
1 - إذا كان الحكم قد استند فيما استند إليه من أدلة الثبوت إلى شهادة شاهدين تبين من محاضر جلسات المحاكمة والمفردات المضمومة أنه ليس للشاهدين المذكورين من أقوال سوى ما أثبته محرر محضر ضبط الواقعة من أنه بسماع أقوالهما وجدها مطابقة لأقوال زميلهما، وكان الحكم المطعون فيه، يقول بتطابق أقوالهما مع أقوال الشاهد...، فإنه يكون قد أقام قضاءه على ما ليس له أصل فى الأوراق، وأنه إنما اعتنق رأى محرر المحضر وسلم به تسليما بغير أن يستوثق من مدى صحته أو فساده لعدم وجود أقوال لهما حتى يتسنى إجراء المطابقة عليها، وهو ما لا يجوز لما هو مقرر من أن الحكم يجب أن يكون صادرا عن عقيدة للقاضى يحصلها بنفسه لا يشاركه فيها غيره.
2 - إن حسن سير العدالة يوجب عند نقض الحكم بالنسبة للمتهم، نقضه بالنسبة للمسئول عن الحقوق المدنية، ولو أنه لم يقرر بالطعن، طالما أن مسئوليته عن التعويض مترتبة على ثبوت الواقعة ذاتها المرفوعة بها الدعوى ضد المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 14/ 11/ 1968 بدائرة قسم سيدى جابر: (أولا) تسبب خطأ فى جرح ... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته للقوانين والقرارات بأن سار بالسيارة قيادته بسرعة تجاوز السرعة المقررة ولم يهدئ من تلك السرعة أثناء عبوره ملتقى الطرق أو يتحقق وهو يسير فى الطريق الفرعى من الطريق الرئيسى من السيارات فحدث تصادم بين السيارة قيادته وتلك التى كان يستقلها المجنى عليه فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى نشأ عنها عاهة مستديمة هى استئصال عينه اليمنى (ثانيا) قاد السيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة قانونا (ثالثا) لم يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق للتأكد من سلامة الطريق (رابعا) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر (خامسا) بصفته موظفا عموميا "رقيب بقسم مركبات إسكندرية" استعمل القسوة مع...... قائد السيارة التى كان يستقلها المجنى عليه سالف الذكر اعتمادا على سلطة وظيفته بأن صفعه بيده على وجهه. وطلبت عقابه بالمادتين 129، 244/ 1 من قانون العقوبات وأحكام قانون المرور رقم 449 سنة 1950 وقرار وزير الداخلية. وادعى..... المجنى عليه مدنيا قبل المتهم ووزارة الداخلية بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنح باب شرقى الجزئية قضت عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات عن التهم الأربع الأول وتغريمه ثلاثة جنيهات عن التهمة الخامسة وألزمته بالتضامن مع المسئولة عن الحقوق المدنية بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم والمسئولة بالحق المدنى المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإصابة الخطأ والجرائم الأخرى المرتبطة به وجريمة استعمال القسوة فقد شابه خطأ فى الإسناد وبنى قضاءه على رأى غيره ذلك أن استند إلى تطابق أقوال الشاهدين محمود عبده غنيم وحسين محمد حسن مع أقوال الشاهد حنا جاد رمزى بينما الثابت من الأوراق أنه لم يثبت لهما أية أقوال سوى ما قرره محرر محضر ضبط الواقعة من أنه سمع أقوالهما فوجدها مطابقة لأقوال الشاهد حنا جاد رمزى، ومن ثم فإن الحكم إذ قال بتطابق أقوال الشهود واستخلص منها مجتمعة ثبوت ركن الخطأ يكون قد أقام قضاءه على رأى لمحرر المحضر ولم يصدر عن عقيدة حصلتها المحكمة مما أجرته بنفسها من تحقيق الأمر الذى يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد حصل واقعة الدعوى أورد أقوال شاهد الإثبات حنا جاد رمزى بما مفاده أنه كان راكبا مع المجنى عليه فى سيارة شركة "راكتا" بقيادة السائق فاروق عبد المنعم محمد وأنه عند ملتقى شارعى صفر وعبد الكريم الخطابى اخترق الشرطى الطاعن التقاطع بسيارة الشرطة قيادته دون أن يهدئ من سرعتها أو يستعمل آلة التنبية فصدم سيارة الشركة وأصيب المجنى عليه الذى كان جالسا بالمقعد الخلفى للسيارة المذكورة وأن الطاعن صفع السائق فاروق عبد المنعم عقب الحادث، كما أثبت الحكم أن الشاهدين محمود عبده غنيم وحسين محمد حسن شهدا بمضمون ما أدلى به الشاهد حنا جاد رمزى، وانتهى من بعد ذلك إلى إدانة الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند فيما استند إليه من أدلة الثبوت إلى شهادة الشاهدين محمود عبده غنيم وحسين محمد حسن، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة والمقردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن أنه ليس للشاهدين المذكورين من أقوال سوى ما أثبته محرر محضر ضبط الواقعة من أنه بسماع أقوالهما وجدها مطابقة لأقوال زميلهما، وكان الحكم المطعون فيه يقول بتطابق أقوال الشاهد حنا جاد رمزى فإنه يكون قد أقام قضاءه على ما ليس له أصل فى الأوراق وإنما اعتنق رأى محرر المحضر وسلم به تسليما بغير أن يستوثق من مدى صحته أو فساده لعدم وجود أقوال لهما حتى يتسنى إجراء المطابقة عليها. وهو ما لا يجوز لما هو مقرر من أن الحكم يجب أن يكون صادرا عن عقيدة للقاضى يحصلها بنفسه لا يشاركه فيه غيره. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن بالنسبة للطاعن ولوزارة الداخلية المسؤولة عن الحقوق المدنية، ولو أنها لم تقرر بالطعن لحسن سير العدالة طالما أن مسؤوليتها عن التعويض مترتبة على ثبوت الواقعة ذاتها المتهم فيها الطاعن.