أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 530

جلسة 6 من مايو سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ودكتور أحمد رفعت خفاجى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد حلمى راغب.

(113)
الطعن رقم 1884 لسنة 48 القضائية

ضرب أحدث عاهة. إثبات. "بوجه عام". "قرائن". "إستعراف". استعراف. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير الدليل. من إطلاقات محكمة الموضوع. متى كان سائغاً.
عدم رسم القانون شكلاً معيناً للتعرف.
إطراح نتيجة التعرف. إستناداً إلى تمامه بالإشارة وبناء على طلب الدفاع. غير سائغ.
لئن كان أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية قاضى الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى فله أن يقدر الدليل التقدير الذى يطمئن إليه دون أن يكون ملزماً ببيان سبب إطراحه، إلا أنه متى أفصح القاضى عن الأسباب التى من أجلها لم يعول على الدليل فإنه يلزم أن يكون ما أورده واستدل به مؤدياً لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا يتنافر فى حكم العقل والمنطق، وأن لمحكمة النقض فى هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التى خلص إليها. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم تبريراً لإطراح الدليل المستمد من تعرف الطاعن على المطعون ضدهما ليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه من الشك فى صحة الواقعة ذلك أن تعرف الشاهد على المتهمين ليس من إجراءات التحقيق التى يوجب القانون لها شكلاً خاصاً، فلا يقدح فى سلامته إجراؤه بناء على طلب من محامى المجنى عليه، كما لا ينال من حجية الدليل المستمد منه أن يتم التعرف على المطعون ضدهما بإشارة صدرت من المجنى عليه خاصة وأن الثابت من مدونات الحكم أنه قد نتج عن إصاباته صعوبة فى الحركة والنطق، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد فسد استدلاله ولا يغنى عن ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة البراءة الأخرى إذ ليس من المستطاع مع ما جاء فى الحكم الوقوف على مبلغ أثر الدليل المستمد من هذا التعرف - لو فطنت إلى صحته - فى الرأى الذى انتهت إليه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما ضربا .....  الطاعن بجسمين صلبين راضين "عصا وفأس" على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائى والشرعى والتى نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من عظام الجمجمة الجدارية اليسرى فى مساحة 7% 5 سم لا ينتظر أن تملأ بعظام بل بنسيج ليفى مما يعرض حياة المصاب للمخاطر التى ما كانت لتؤثر عليه لو كان المخ محمياً بعظام كما أحدثت تلك الضربتين شلل نصفى أيسر نتيجة لانسداد الشرايين وتهتك بالمخ مما ينتج عنه صعوبة فى الحركة والنطق مما يقلل من كفاية المجنى عليه من العمل بنسبة لم تقدر بعد. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بمواد الاتهام، فقرر ذلك. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت ببراءة المتهمين - المطعون ضدهما - وبرفض الدعوى المدنية، فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدها ورفض دعواه المدنية قبلهما قد شابه فساد فى الاستدلال، ذلك بأن الأسباب التى ساقها الحكم لإطراح الدليل المستمد من تعرف الطاعن على المطعون ضدهما غير سائغة ولا تصلح تبريرا لإهدار هذا الدليل، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استند فى اطراح الدليل المستمد من تعرف المجنى عليه - الطاعن - على المطعون ضدهما إلى أن عملية التعرف إنما أجريت بناء على طلب محاميه وأن التعرف تم باشارة صادرة من المجنى عليه تحديداً لأشخاص المتهمين. لما كان ذلك، ولئن كان أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية قاضى الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى فله أن يقدر الدليل التقدير الذى يطمئن إليه دون أن يكون ملزماً ببيان سبب إطراحه، إلا أنه متى أفصح القاضى عن الأسباب التى من أجلها لم يعول على الدليل فإنه يلزم أن يكون ما أورده واستدل به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا يتنافر فى حكم العقل والمنطق، وأن لمحكمة النقض فى هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التى خلص إليها. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم تبريرا لاطراح الدليل المستمد من تعرف الطاعن على المطعون ضدهما ليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه من الشك فى صحة الواقعة ذلك أن تعرف الشاهد على المتهمين ليس من إجراءات التحقيق التى يوجب القانون لها شكلا خاصا، فلا يقدح فى سلامته إجراؤه بناء على طلب من محامى المجنى عليه كما لا ينال من حجية الدليل المستمد منه أن يتم التعرف على المطعون ضدهما بإشارة صدرت من المجنى عليه خاصة وأن الثابت من مدونات الحكم أنه قد نتج عن إصاباته صعوبة فى الحركة والنطق، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد فسد استدلاله ولا يغنى عن ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة البراءة الأخرى إذ ليس من المستطاع مع ما جاء فى الحكم الوقوف على مبلغ أثر الدليل المستمد من هذا التعرف - لو فطنت إلى صحته - فى الرأى الذى انتهت إليه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه فى خصوص الدعوى المدنية والاحالة مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية، وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.