أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 538

جلسة 7 من مايو سنة 1979

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وشرف الدين خيرى، ومحمد وهبة، ومصطفى جميل مرسى.

(115)
الطعن رقم 89 لسنة 49 القضائية

(1) جريمة "أركان الجريمة". خطف. إثبات. "بوجه عام". إكراه.
إبعاد الأنثى التى تجاوزت السادسة عشرة عن مكان خطفها. باستعمال طرق احتيالية. أو أية وسيلة من شأنها سلب إرادتها. وحملها على مواقعة الجانى. كفايته لتحقق جريمة المادة 290 من قانون العقوبات.
(2) خطف. إكراه. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ركن التحيل أو الإكراه. تقديره موضوعى.
(3) جريمة "أركان الجريمة". هتك عرض. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ركن القوة فى جناية المواقعة. توافره باستعمال أية وسيلة تعدم إرادة المجنى عليها. تهديدها بعدم تمكينها من مغادرة المسكن إلا بعد مواقعتها. يتحقق به هذا الركن.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واطراح ما يخالفها من صور أخرى. ما دام استخلاصها سائغا.
1 - جريمة خطف الأنثى التى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل أو الاكراه المنصوص عليه بالمادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذى خطفت من أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مواقعة الجانى لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها.
2 - من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادى للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائى فى هذه الجريمة وتساند فى قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه وكان تقدير توفر ركن التحيل أو الاكراه فى جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - استقر القضاء على أن ركن القوة فى جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجنى عليها سواء باستعمال المتهم فى سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر فى المجنى عليها فيعدمها الإرادة ويقصدها من المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التى شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الاكراه، ومتى أثبت الحكم أخذاً بأقوال المجنى عليها التى اطمأنت إليها أنها لم تقبل مواقعة الطاعن لها إلا تحت التهديد بعدم تمكينها من مغادرة المسكن إلا بعد أن يقوم بمواقعتها، فإن هذا الذى أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام إستخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وإذ كانت الصورة التى استخلصتها المحكمة من أقوال المجنى عليها والشهود وسائر الأدلة التى أشارت إليها فى حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون فى غير محله إذ هو فى حقيقته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً فلا يجوز منازعتها فى شأنه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنه: خطفوا بالإكراه ........ والتى تبلغ سنها أكثر من سبع عشرة سنة كاملة بأن اعترضها الأول والثانى فى حضور الثالث أثناء سيرها بالطريق العام واشهر كل منهما عليها مطواه مهدداً بالاعتداء عليها وجذباها عنوة وقام المتهم الثالث باقتيادها بعيدا فى سيارة أجرة ثم قام المتهم الرابع بحملها فى سيارة أخرى إلى منزل المتهم الخامس. (ثانياً) المتهم الأول أيضاً: واقع المجنى عليها سالفة الذكر بغير رضاها بأن اقتادها بالاكراه مع المتهمين الثلاثة الأول إلى مسكن المتهم الخامس وهددها باستمرار احتجازها به ما لم يتمكن من مواقعتها فشل بذلك مقاومتها وواقعها رغماً عنها وطلبت من مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 267/ 1، 290، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى خطف أنثى تبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة ومواقعتها بغير رضاها قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه أثار دفاعاً مؤداه أنه لم يكن عالماً بخطف المجنى عليها وأنها رافقته برضائها غير أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه كما أعرض عن دفاعه بأنه واقع المجنى عليها برضائها ولم يقم الدليل على توافر ركن الإكراه فى حقه وجاء تصوير الحكم لواقعة الدعوى مخالفاً لطبيعة الأمور إذ وقع الحادث فى مكان مكتظ بالسكان ولا تستساغ رواية المجنى عليها بأنها كانت تحت تهديد ووعيد منه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لجناية الخطف بالاكراه المنسوبة إلى الطاعن بقوله: "وحيث إن المتهم الرابع (الطاعن) يسأل عن جناية الخطف كذلك باعتبارها من الجرائم المستمرة لما ثبت من الأدلة سالفة الذكر من أنه شارك المتهمين الأول والثانى فى اقتياد المجنى عليها رغماً عنها إلى مسكن المتهم الخامس وقيامه بدفعها إليه أثناء تهديد المتهمين الأول والثانى لها حين امتنعت وحاولت الاستغاثة أثر مغادرة السيارة الأجرة مما يقطع بعلمه بخطفها واتجاه إرادته إلى المشاركة فى تلك الجريمة". لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى التى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل والإكراه المنصوص عنها بالمادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذى خطفت من أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مواقعة الجانى لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادى للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائى فى هذه الجريمة وتساند فى قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان تقدير توفر ركن التحيل أو الاكراه فى جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً كما هو الحال فى هذه الدعوى، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن فى شأن مواقعة المجنى عليها برضاها ورد عليه فى قوله: "أما عن ادعائه بأنه قام بمواقعتها برضائها فمردود بأن الثابت من أقوال المجنى عليها التى اطمأنت إليها المحكمة أنها لم تقبل مواقعته لها إلا تحت التهديد بعدم تمكينها من مغادرة المسكن إلا بعد أن يقوم بمواقعتها، ومن ثم كان ذلك استسلاماً ورضوخاً للتهديد وليس رضا صادراً عن إرادة حرة". لما كان ذلك، وكان القضاء قد استقر على أن ركن القوة فى جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجنى عليها سواء باستعمال المتهم فى سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر فى المجنى عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التى شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الاكراه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجنى عليها التى اطمأنت إليها أنها لم تقبل مواقعة الطاعن لها إلا تحت التهديد بعدم تمكينها من مغادرة المسكن إلا بعد أن يقوم بمواقعتها، فإن هذا الذى أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن تصوير الحكم للواقعة يجافى طبيعة الأمور مردوداً بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام إستخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وإذ كانت الصورة التى استخلصتها المحكمة من أقوال المجنى عليها والشهود وسائر الأدلة التى أشارت إليها فى حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون فى غير محله إذ هو فى حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً فلا يجوز منازعتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.