مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر تونيه سنة 2001) - صـ 1887

(220)
جلسة 20 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2438 و 2397 لسنة 45 القضائية

دعوى - الحكم فى الدعوى - تسبيب الأحكام.
وجوب صدور الأحكام القضائية مسببة - المقصود بالتسبيب أن يحدد الوقائع ومواد القانون ووجه الرأى الذى تبنته المحكمة بوضوح كافى يؤدى إلى منطوق الحكم عقلاً وحكماً.
- لا يكفى فى هذا الشأن لإعتبار الحكم مسبباً ترديد نصوص القانون أو سرد الوقائع دون تحديد واضح وقاطع لما اعتمدته المحكمة وأقرته من حادثات الوقائع وتحصل فهم نصوص القانون الذى بنت عليه المنطوق - الأسباب تكون ناقصة مشوبة بالقصور الشديد الذى ينحدر بالحكم إلى درجة البطلان فى حالة الدفوع أو الدفع الموضوعى الجوهرى الذى يتغير بمقتضاه وجه الحكم فى الدعوى أو الدفاع القانونى الذى يتعلق بالنظام العام للتقاضى لما فى هذا الاهدار من تجهيل للأسانيد الواقعية والقانونية للحكم وإهدار حق الدفاع الذى كفله الدستور للخصوم - تطبيق.


إجراءات الطعن:

بتاريخ 8/ 2/ 1999 أقام وكيل الطاعن ....... الطعن رقم 2397 لسنة 45 ق بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة حيث قيد بالرقم عاليه مقرراً الطعن فى القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة إستئناف الإسماعيلية فى الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 23 ق بجلسة 13/ 12/ 1998 والقاضى بمجازاة الطاعن و......... بتأجيل الترقية عند استحقاقهما لمدة سنتين.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الطعون فيه وببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقد إنتهت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى أنها ترى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة إستئناف الإسماعيلية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وبتاريخ 9/ 2/ 1999 أقام وكيل الطاعنة/ ....... الطعن رقم 2438 لسنة 45 ق مقرراً الطعن على قرار مجلس التأديب سالف البيان.
وطلب وكيل الطاعنة فى ختام تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المذكور والقضاء مجدداً ببرائتها مما نسب إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقد إنتهت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة إستئناف الإسماعيلية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وتدوول الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بالأوراق حيث قررت بجلسة 24/ 10/ 2000 إحالتهما إلى هذه المحكمة حيث تدوولت أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وقد تقرر إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة فهما ومن ثم مقبولان شكلا.
ومن حيث إن واقعات القرار المطعون فيه تخلص فى أنه صدر قرار رئيس محكمة إستئناف الاسماعيلية بإحالة الطاعنين إلى مجلس التأديب فى الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 23 ق لأن الطاعن الأول بوصفه بالفئة الثانية الكتابية والقائم سابقاً بعمل الأمين العام المساعد للشئون المدنية بالمحكمة والطاعنة بالفئة الثالثة الكتابية ورئيس وحدة المطالبة سابقاً وفى خلال المدة من 19/ 4/ 1996 حتى 18/ 8/ 1998 للأول والمدة من عام 90 حتى 8/ 8/ 1998 للثانية وبدائرة عملهما محكمة إستئناف الإسماعيلية.
الأول: 1 - خرج على مقتضى الواجب الوظيفى بأن أهمل فى أدائه بالتقاعس عن ممارسة إختصاصه فى الإشراف على وحدة المطالبة بالمحكمة والمختصة بإتخاذ إجراءات تحصيل أتعاب المحاماه المحكوم بها نهائياً بما يخالف الواجبات المسندة إليه فى هذا الصدد بالقرارات الصادرة من المستشار رئيس المحكمة أرقام 41 لسنة 1996، 19، 34 لسنة 97، 142 لسنة 1998 بالإهمال والتراخى وعدم الدقة فى أداء واجب هذا الإشراف مما ترتب عليه عدم حصر مواد المطالبة بهذه الأتعاب بما أبهم حقيقة حجم هذا العمل داخل قسم أتعاب المحاماة ونتج عنه التأخير فى إجراءات عدد 1212 مادة مطالبة (أتعاب محاماة) قدرت مبالغها بنحو 28910 جنيه (فقط ثمانية وعشرين ألف وتسعمائة وعشر جنيها) وذلك فى الفترة من عام 1996 وحتى 15/ 8/ 1998م.
2 - تعمد تقديم بيانات غير صحيحة للجنة المكلفة بفحص أعمال قسم أتعاب المحاماة بأن قام بتحرير كشوف حصر مواد أتعاب المحاماة لعدد 990 مادة بتاريخ آخر إجراء على نحو غير صحيح يخالف ما هو ثابت بملفات هذه المواد رغم تكليفه بهذا العمل بالأمر المكتبى الصادر فى 5/ 8/ 1998 فأخل بذلك بأداء هذا العمل بأمانة وبما أدى إلى إعادة حصر المواد المذكورة مرة أخرى بمعرفة اللجنة وبذلك لم يسهل عمل اللجنة المنوط بها.
3 - أهمل وقصر فى أداء عمله المكلف به بالرد على التقرير رقم 29 لسنة 1998 متنوع والمضمن الرد على مناقصات الجهاز المركزى للمحاسبات الشعبة 15 محاكم فى خصوص رسوم القضايا بمأموريتى بورسعيد والسويس بأن سافر مرتين إلى المأموريتين المذكورتين لاحضار الردود المطلوبة إلا أنه أهمل ذلك ولم يتحر الدقة فى معرفة صحة البيانات المطلوبة فجاء رده مناقضاً للحقيقة وترتب على ذلك توجه اللجنة إلى ذات المأموريتين لتدارك الخطأ فى هذه البيانات مما كلف خزينة المحكمة مبلغ 144 جنيهاً (مائة وأربعة وأربعين جنيهاً) بدلات سفر بدون داع ولا مبرر.
الثانية: 1 - خرجت على مقتضى الواجب الوظيفى وذلك بإلاخلال والتقاعس عن ممارسة إختصاصها فى الإشراف المباشر على قسم أتعاب المحاماة بعدم إتخاذ الإجراءات الواجبة لتحصيل رسوم أتعاب المحاماة المحكوم بها نهائياً بما يخالف الواجبات المسندة إليها فى هذا الصدد بما أبهم حقيقة حجم هذا العمل داخل القسم المذكور ونتج عن ذلك التأخير فى إجراءات عدد 1212 مادة مطالبة قدرت مبالغها بنحو 28910 جنيها ثمانية وعشرين ألفا وتسعمائة وعشرة جنيهات.
2 - تعمدت تقديم بيانات غير صحيحة للجنة المكلفة بفحص ومراجعة أعمال قسم أتعاب المحاماة بأن اشتركت فى تحرير كشوف فحص مواد أتعاب المحاماة لعدد 990 مادة فى تاريخ آخر إجراء على نحو غير صحيح بما يخالف ما هو ثابت بملفات هذه المواد رغم تكليفها بهذا العمل بالأمر المكلف الصادر فى 5/ 8/ 1998.
ونسب تقرير الإتهام إليهما معاً بأنهما تسببا بخطئهما وإهمالهما على النحو سالف البيان فى المساس بحقوق مالية تتعلق برسوم أتعاب المحاماة المحكوم بها نهائياً لنقابة المحامين الخاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبة وكان من شأن ذلك أن يؤدى إلى ضياع هذه الحقوق بصفة مباشرة.
وبجلسة 13/ 12/ 1998 صدر قرار مجلس التأديب المطعون فيه وقام على أن المحكمة قد إستبان لها وقوع كافة المخالفات الواردة فى قرار الإتهام ونسبتها إلى المحالين وأن المحكمة أطمأنت إلى ما ورد فى قائمة أدلة الثبوت المرفقة وإنتهت إلى قرارها المطعون فيه ويقوم الطعنان فى مجملهما على وجود بطلان فى إجراءات محاكمة الطاعن الأول لأن أحد أعضاء اللجنة التى أعدت التقرير القائم عليه إتهام الطاعن كان بأجازة وقت إعداد التقرير وأن ما قام بالتحقيق مع الطاعن أقل منه فى الدرجة الوظيفية وأن هناك شاهد لم يقم بحلف اليمين قبل الإدلاء بشهادته فضلاً عن أنه لم يتم تحقيق دفاعه الذى أبداه أمام مجلس التأديب كما قام الطعن المقدم من الطاعنة على تجهيل قرار الإحالة، لتواريخ إرتكاب المخالفات المنسوب إليها ارتكابها فضلا عن انتفاء مسؤولية الطاعنة عن الاتهامات المنسوبة إليها وعدم تحقيق جميع أوجه دفاعها وإنتهى تقريرى الطعن إلى الطلبات سالفة البيان.
ومن حيث إنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن التسبيب ليس متطلباً فقط لصحة الحكم التأديبى بل متطلب أيضاً لصحة القرار التأديبى الصادر من مجلس التأديب فى هذا الخصوص.
(حكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 189 لسنة 45 ق جلسة 20/ 6/ 1999).
ومن حيث إنه من المبادئ العامة الأساسية للنظام العام القضائى ضرورة صدور الأحكام القضائية مسببة والمقصود بالتسبيب أن يحدد الحكم الوقائع ومواد القانون ووجه الرأى الذى تبنته المحكمة بوضوح كافى يؤدى إلى منطوق الحكم منطقاً وعقلاً ولا يكفى فى هذا الشأن لإعتبار الحكم مسبباً ترديد نصوص القانون أو سرد الوقائع دون تحديد واضح وقاطع لما إعتمدتة المحكمة وأقرته من حادثات الواقع وتحصل فهم نصوص القانون الذى بنت عليه المنطوق وأن الأسباب تكون ناقصة ومشوبة بالقصور الشديد الذى ينحدر بالحكم إلى درجة البطلان فى حالة إهدار الدفوع أو الدفاع الموضوعى ذو الطبيعية الأساسية والجوهرية والذى يتغير بمقتضاه وجه الحكم فى الدعوى أو الدفوع والدفاع القانونى الذى تتعلق بالنظام العام للتقاضى لما فى هذا الإهدار من تجهيل للأسانيد الواقعية والقانونية للحكم وإهدار حق الدفاع الذى كفله الدستور للخصوم.
(الطعن رقم 727 لسنة 33 ق جلسة 17/ 6/ 1989 والطعن رقم 2402 لسنة 32 ق و 4350 لسنة 36 ق جلسة 7/ 3/ 1993).
ومن حيث إنه بتطبيق المبادئ سالفة البيان على واقعات الطعنين الماثلين فالثابت أن القرار المطعون فيه قد اتسم بالقصور الشديد ويتبدى هذا القصور لأول وهلة من مطالعة أسباب القرار والتى لم تتجاوز نصف صفحة فى حين أن قرار الإحالة ذاته يقع فى ثلاث صفحات من القطع الكبير وأن الثابت أن الطاعنين قدما مذكرات بدفاعهما وحوافظ للمستندات بلغت بالنسبة للطاعن الأول أكثر من سبع حوافظ للمستندات أمام مجلس التأديب المذكور وقد تضمنت مذكرات الدفاع الإشارة إلى دفوع موضوعية جوهرية لم يشر لها مجلس التأديب من قريب أو بعيد ولم يقم بالرد على ما جاء بها من دفوع جوهرية شكلية وموضوعية حول صحة التحقيق وما ترتب عليه من إحالة إلى مجلس التأديب وكذلك دفوع تناولت مسئولية الطاعنين وقد غض مجلس التأديب الطرف عن ذلك كله واكتفى المجلس بالإشارة إلى أنه يتعين له ثبوت وقوع كافة المخالفات الواردة فى تقرير الإتهام ونسبتها إلى المحالين ولم يقم المجلس بتوضيح سنده فى التأكد من ثبوت هذه الإتهامات فى حق الطاعنين سوى بالإشارة إلى ما ورد فى قائمة أدلة الثبوت وهذه القائمة لم تتضمن سوى سرد للقرارات المحددة لمسئوليات الطاعنين والإشارة إلى اللجنة المشكلة لمراجعة أعمال القسم وهذه القائمة بالأدلة هى سبب إتهام الطاعنين ولا شك أن الإشارة إليها ليس تسبيباً للحكم أو القرار وإنما كان يجب أن تكون البداية لتتبع الإتهامات الموجهة للطاعنين وإثباتها أو نفيها فى حقهما وفقاً لما أبداه الطاعنين من أوجه دفاع وإستخلاص صحة دفاعهما من عدمه من واقع الأوراق والمستندات ومنها التقرير المشار إليه بقائمة أدلة الثبوت حيث قدم الطاعنين عديداً من أوجه الدفوع المتعلقة بعمل تلك اللجنة لم تقم المحكمة بتمحيصها لتتثبت من صحة أو بطلان ما أبداه الطاعنان من أوجه دفاع فى هذا الخصوص.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد اتسم بالقصور الشديد فى أسبابه على النحو الذى أخل بحق الطاعنين فى الدفاع عن نفسهما من ناحية وأنه لا يمكن هذه المحكمة من ممارسة دورها فى الرقابة على صحة القرار من عدمه على ضوء ذلك القصور المخل ومن ثم فإنه يتعين والحال كذلك الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس التأديب المذكور لإعادة محاكمة الطاعنين أمام المجلس بتشكيل جديد.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة إستئناف الإسماعيلية فى الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 23 ق وأمرت بإعادة الدعوى إلى المجلس المذكور للفصل فيه مجدداً من هيئة أخرى.