مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1933

(226)
جلسة 26 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ فريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ويسرى هاشم الشيخ، ود. محمد ماجد محمود نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4222 لسنة 42 القضائية

دعوى - الحكم فى الدعوى - تسبيب الأحكام - ارتباط المنطوق بالأسباب - أثر الاختلاف بين المنطوق والأسباب.
من المبادئ العامة الأساسية للنظام العام القضائى ضرورة الأحكام القضائية مسببة على نحو يرتبط معه منطوق الحكم بالأسباب المحددة الواضحة التى تحمل هذا المنطوق وتبرره من ناحية الواقع والقانون بحيث يتمكن أطراف الخصومة من معرفة السند الواقعى والأساس القانونى الذى أقام عليه القاضى حكمه وفصله فى النزاع على الوجه الذى أورده بمنطوق حكمه، وبالتالى يكون لكل منهم مباشرة حقه فى الطعن على الحكم وإبداء دفاعه بشأن ما أورده من منطوق وما قام عليه من أسباب أمام محكمة الطعن على نحو تتمكن معه من مباشرة ولايتها القضائية فى مراجعة الأحكام المطعون فيها أمامها ووزنها بميزان الحق والعدل بما هو ثابت فيها من منطوق وأسباب محددة واضحة ويكون استخلاص محكمة الطعن لفهم القضاء الوارد بالحكم المطعون فيه بالرجوع إلى منطوق الحكم لأن القاضى فى المنطوق يعبر عما حكم به بألفاظ صريحة واضحة، أما أسباب الحكم بالمقصود منها فى الأصل بيان الحجج التى أقنعت القاضى بما قضى به وجعلته يسلك فى فهم الدعوى السبيل الذى ارتاح إليه فهى تشمل الحجج القانونية والأدلة الواقعية التى بنى عليها الحكم - يتعين ارتباط الأسباب بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث إذا وقع الحكم فى تناقض ظاهر وجسيم بين الحيثيات والمنطوق فإنه يغدو مخالفاً للقانون مما يعيبه قانوناً ويوجب القضاء بإلغائه - تطبيق.


إجراءات الطعن:

بتاريخ 26/ 5/ 1996 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بالرقم عاليه طعنا على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا "الدائرة الثانية" فى الطعن التأديبى رقم 145 لسنة 24ق. بجلسة 30/ 3/ 1996 والقاضى: أولا برفض الدفع بعدم قبول الطعن لعدم سابقة التظلم وبقبوله شكلاً.
ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف الطاعن عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف راتبه ونقله إلى خارج منطقة المنوفية الأزهرية إلى وظيفة ليس من مهامها الأعمال القيادية أو الإشرافية أو إمساك الأختام مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلبات المطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن وجلسة المحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما يتعلق بمجازاة المطعون ضده بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف راتبه ومجازاته بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف راتبه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 2/ 2000 وبجلسة 26/ 7/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - موضوع - لنظره بجلسة 14/ 10/ 2000، وبتلك الجلسة والجلسات التالية استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوى الشأن، ثم قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 145 لسنة 24 ق بتاريخ 16/ 12/ 1995 بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا طالباً الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاته بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 15/ 10/ 1995 صدر قرار الأزهر رقم 1172 متضمنا وقفه عن العمل مدة ثلاثة أشهر مع صرف أجره ونقله إلى معهد آخر خارج منطقة المنوفية الأزهرية لصالح العمل وإلى وظيفة ليس من مهامها الأعمال القيادية والإشرافية مع المباعدة بينه وبين مسك الأختام، وتظلم منه فى 28/ 11/ 1995 بالسجل رقم 304، وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام دعواه - ونعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون والإجحاف بحقوقه على سند انعدام المبرر القانونى على أساس أنه لم يقم ببصم الخطاب بخاتم منطقة البحيرة الأزهرية أو بأى ختم آخر، وأن هذا القرار اعتمد على قرائن كاذبة لا ترقى إلى مرتبة الدليل القاطع وأن ما تضمنه القرار من نقله من وظيفته هو جزاء إدارى لم ينص عليه القانون.
وبتاريخ 30/ 3/ 1996 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها سالف الذكر، وأقامت قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه صدر لما نسب إلى الطاعن أنه قام ببصم خطاب ندب العامل/ ........ من معهد معلمى الجيار إلى معهد الجيار الإبتدائى وذلك بخاتم منطقة البحيرة الأزهرية رغم تبعية المعهد الأخير لمنطقة المنوفية الأزهرية، وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقات فى الموضوع انتهت فيه إلى مسئولية " الطاعن " الذى كان يشرف على معهد معلمى الجيار حتى 12/ 11/ 1994 وأنه احتفظ بالخاتم حتى 26/ 1/ 1995 دون مبرر، وحيث إن الثابت أن الخاتم البيضاوى موضوع التحقيق والمخالفة كان بحيازة الطاعن بعد انتهاء إشرافه على المعهد المذكور وأنه هو الذى تقدم بهذا الطلب لاعتماده مما يقطع بثبوت المخالفة فى حقه مما يكون معه القرار المطعون فيه قد أصاب حكم القانون ويكون النعى عليه بالطعن الماثل قد جاء عارياً من السند القانونى جديراً بالرفض.
وأنه فى خصوص الطعن على القرار الصادر بنقل الطاعن إلى خارج منطقة المنوفية الازهرية وفى وظيفة ليس من مهامها الأعمال الإشرافية أو القيادية وبعيد عن إمساك الأختام فقد انتهت المحكمة إلى أن النقل ليس من الجزاءات التأديبية المقررة قانوناً وكان القرار صادر بمناسبة المخالفة المنسوبة إليه فمن ثم انتهى الحكم المطعون فيه إلى منطوقه إلى إلغاء القرار المطعون فيه فى شقيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند عدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه.
وكذلك القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال على سند أن الحكم المطعون فيه استند فى إلغاء القرار الطعين إلى أن الطاعن هو المشرف على المعهد خلال تلك الفترة وأنه بحوزته الخاتم وإقراره بوجود الخاتم بحوزته بعد إتهاء عمله بمنطقة البحيرة الأزهرية وثبوت صحة المخالفات أمام النيابة الإدارية وهو ما تأخذ به المحكمة الأمر الذى تكون معه المحكمة أخطأت فى التسبيب.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه من المبادئ العامة الأساسية للنظام العام القضائى ضرورة الأحكام القضائية مسببة على نحو يرتبط معه منطوق الحكم بالأسباب المحددة الواضحة التى تحمل هذا المنطوق وتبرره من ناحية الواقع والقانون بحيث يتمكن أطراف الخصومة من معرفة السند الواقعى والأساس القانونى الذى أقام عليه القاضى حكمه وفصله فى النزاع على الوجه الذى أورده بمنطوق حكمه، وبالتالى يكون لكل منهم مباشرة حقه فى الطعن على الحكم وإبداء دفاعه بشأن ما أورده من منطوق وما قام عليه من أسباب أمام محكمة الطعن على نحو تتمكن معه من مباشرة ولايتها القضائية فى مراجعة الأحكام المطعون فيها أمامها ووزنها بميزان الحق والعدل لما هو ثابت فيها من منطوق وأسباب محددة واضحة ويكون استخلاص محكمة الطعن لفهم القضاء الوارد بالحكم المطعون فيه بالرجوع إلى منطوق الحكم لأن القاضى فى المنطوق يعبر عما حكم به بألفاظ صريحة واضحة، أما أسباب الحكم فالمقصود منها فى الأصل بيان الحجج التى أقنعت القاضى بما قضى به وجعلته يسلك فى فهم الدعوى السبيل الذى ارتاح إليه فهى تشمل الحجج القانونية والأدلة الواقعية التى بنى عليها الحكم، ويتعين ارتباط الأسباب بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث إذا وقع الحكم فى تناقض ظاهر وجسيم بين الحيثيات والمنطوق فإنه يغدو مخالفاً للقانون مما يعيبه قانوناً ويوجب القضاء بإلغائه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى أسبابه أنه لما كان الثابت مما تقدم أن الخاتم البيضاوى المبصوم به طلب الندب محل المخالفة كان بحيازة الطاعن بعد انتهاء إشراف الطاعن على معهد معلمى الجيار فى 12/ 11/ 1994 وأثناء وقوع المخالفة وأن الطاعن هو الذى تقدم بهذا الطلب لاعتماده كما سلف البيان مما يقطع بثبوت المخالفة بحق الطاعن وأنه هو الذى قام ببصم الطلب بالخاتم حيازته مما يكون معه القرار المطعون فيه فيما انتهى إليه من مجازاته بالوقف عن العمل مدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر قد أصاب حكم القانون ويكون النعى عليه بالطعن الماثل قد جاء عاريا من السند القانونى جديرا بالرفض، إلا أن الحكم قضى فى منطوقه رغم ما تقدم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف الطاعن عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف راتبه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد سقط فى تناقض ظاهر وجسيم من الأسباب والمنطوق مما يعيبه قانوناً ويجعله باطلاً حرياً بالإلغاء حيث يغدو عسيرا فهم القضاء الذى انتهى إليه وما إذا كان قد حقق الغرض المنشود من إقامة الدعوى ووضع حداً للنزاع القضائى من عدمه ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه، وإعادة الطعن إلى المحكمة التأديبية بطنطا لنظره من جديد بهيئة أخرى، ولا تتصدى المحكمة الإدارية العليا فى هذه الحالة لموضوع الدعوى، ذلك لأن الحكم المطعون فيه قد شابه عيب جوهرى يتعين معه أن تعيد النظر فيه المحكمة التأديبية باعتبارها محكمة أول درجة لتستعيد ولايتها فى الموضوع على وجه صحيح.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الطعن التأديبى رقم 145 لسنة 34 ق. إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل فيه مجدداً من هيئة أخرى.