أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 588

جلسة 17 من مايو سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد الديب، وفاروق راتب، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(125)
الطعن رقم 143 لسنة 49 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". تفتيش. "التفتيش بإذن". إذن التفتيش. "إصداره". استدلالات. تحقيق. إجراءات "إجراءات التحقيق".
تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش. لسلطة التحقيق. تحت إشراف محكمة الموضوع. مثال.
شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جدتها.
(2) تفتيش. "تفتيش الأنثى". "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائى. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش "بطلانه".
تكليف مدير المستشفى إحدى الممرضات بتفتيش المتهمة بناء على طلب مأمور الضبط شفاهة. صحيح. عدم تحليفها اليمين قبل قيامها بذلك. لا بطلان. أساس ما تقدم.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهادة".
إحالة الحكم فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. متى كانت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
(4) محكمة الموضوع "حقها فى تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. مواد مخدرة.
استبعاد المحكمة قصد الاتجار فى المخدر. عدم اقتضائه تنبيه الدفاع.
1 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش موكولاً إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون خاصة وأن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها.
2 - استلزم نص المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية إذا كان المتهم أنثى أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائى ولم يشترط القانون الكتابة فى هذا الندب لأن المقصود بندب الأنثى ليس تحقيق ضمانات حرية من يجرى تفتيشها ولكن اشتراط ندب الأنثى جاء عندما يكون التفتيش فى المواضع الجثمانية التى لا يجوز لرجل الضبط القضائى الاطلاع عليها ومشاهدتها بقصد الحفاظ على عورات المرأة التى تخدش حياءها إذا مست. بل يكتفى بالندب الشفوى الأمر الذى تم فى الدعوى حيث ثبت أن الممرضة أجرت تفتيش المتهمة بناء على انتداب نائب مدير المستشفى لها بناء على طلب وكيل قسم مكافحة المخدرات. لما كان ذلك، وكان القانون قد خلا مما يوجب حلف الأنثى اليمين قبل قيامها بالمهمة التى أسندت إليها إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماعها بيمين طبقاً للقاعدة التى وضعتها المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تحيل فى إيراد أقوال الشهود إلى ما أوردته من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها. ومن ثم فلا يعيب الحكم أن المحكمة قد أحالت فى أقوال الممرضة ونائب المستشفى الأميرى إلى أقوال الضابط وكيل قسم مكافحة المخدرات بصدد ظروف تفتيش الطاعنة بالمستشفى.
4 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذى تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر وهى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعنة به. وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنة واستعار هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعنة للمخدر مجرد من أى قصد إنما هو تطبيق سليم للقانون وليس فيه إخلال بحق الدفاع بحجة تغيير الوصف دون تنبيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة: أحرزت بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقاً لمواد الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم بعد أن عدلت وصف التهمة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 37/ 1، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها خمسمائة جنيه وبمصادرة المضبوطات. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة احراز جوهر مخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه البطلان والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والاخلال بحق الدفاع ذلك أن مأمور الضبط القضائى لم يندب بنفسه الممرضة التى فتشت المتهمة، ولكن ندبها غير مختص هو مدير المستشفى الأميرى الذى تعمل به ودون أن تؤدى اليمين قبل تنفيذها العمل الذى ندبت له عملاً بالمادة 86 من قانون الاجراءات، الأمر الذى يبطل عملها ويستوجب استبعاد نتيجته والشهادة المأخوذة منه، وأنه ما كان للحكم أن يعول على هذا التفتيش الباطل ويقرر بأنه تم صحيحاً ثم يحيل فى شهادة نائب مدير المستشفى والممرضة بصدده إلى شهادة الضابط الذى رافق المتهمة إلى المستشفى، ودون أن يورد على استقلال أقوال كل منهم بشأن ظروف الندب، كما أنه إذا اعتبر التحريات التى سبقت إذن التفتيش رغم عدم جديتها المستفادة من شمولها عشرة أشخاص غير الطاعنة وهى وحدها التى ضبط معها المخدر ولم يعثر فى مسكنها على شىء منه وما وجد معها من مخدر استبعدت المحكمة بشأنه قصد الاتجار والتعاطى والاستعمال الشخصى خلافاً لما أوردته التحريات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه إذ أدان الطاعنة عن حيازة المخدر وبغير قصد الاتجار يكون قد عاقبها على واقعة غير التى أحيلت بها الدعوى ودون أن يلفت نظر الدفاع إلى تعديله الوصف مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها وصحة إسنادها أدلة مستمدة من أقوال المقدم.......... رئيس مكتب مكافحة المخدرات والملازم أول ....... و....... الممرضة بمستشفى أشمون والدكتور......... نائب مدير مستشفى أشمون وتقرير المعمل الكيماوى، فأورد عن الشاهد الأول أن التحريات دلت على أن الطاعنة وعشرة آخرين بدائرة المحافظة يتجرون فى الجواهر المخدرة فاستأذن النيابة بتفتيش أشخاصهم ومساكنهم ونفاذاً لهذا الإذن توجه مع وكيل المكتب لمنزل الطاعنة التى ما أن شاهدته حتى همت بالقاء كيس من النايلون كان بيدها فأمسك هذا الكيس وضبط بداخله لفافة بها قطعة حشيش ومبلغ من النقود ثم ضبط المدية التى كانت بيسراها وأجرى تفتيش المنزل فلم يسفر عن شىء فكلف وكيل المكتب بإصطحاب المتهمة إلى مستشفى أشمون حيث قامت بتفتيشها الشاهدة الثالثة فعثرت بداخل مشد صدرها على باكو شاى بداخلة ثمانى لفافات من السلوفان بها حشيش ثم عرض الحكم لأقوال الشاهد الثانى وقال أنها تتفق ومضمون ما سبقها من شهادة وأن وكيل مكتب مكافحة المخدرات ذكر أنه هو الذى طلب من طبيب المستشفى ندب احدى الممرضات لتفتيش شخص الطاعنة، ثم أحال الحكم فى شهادة الطبيب والممرضة بشأن تلك الواقعة إلى أقوال الشاهد الثانى من نتيجة التقرير المعملى الذى انتهى إلى أن اللفات جميعها التى كانت بيد الطاعنة وملابسها تحتوى على جوهر الحشيش الذى تلوث بآثاره أيضاً نصل المدية. فإن الحكم يكون بما أورده قد بين واقعة الدعوى بما تتوافره به كافة العناصر القانون لجريمة احراز المخدر التى دان الطاعنة بها وذلك بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى لما رتبه الحكم عليها. ثم عرض للدفع الذى أبداه المدافع عن الطاعنة بشأن عدم جدية التحريات وأطرحه فى قوله: "وحيث إن بالنسبة للدفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات فمردود بأن المحكمة ترى أن التحريات جدية وكافية لإصدار الإذن" لما كان ذلك وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لعلقه بالموضوع لا بالقانون خاصة وأن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها، وإذ عرض الحكم للدفع ببطلان تفتيش الممرضة ورد عليه بقوله "أما بالنسبة للدفع ببطلان تفتيش المتهمة بالمستشفى فمردود بأن المشرع لم يستلزم ندباً كتابيا فى هذه الحالة، بل يكتفى بالندب الشفوى الأمر الذى تم فى الدعوى حيث ثبت أن الممرضة أجرت تفتيش المتهمة بناء على انتداب نائب مدير المستشفى لها بناء على طلب وكيل قسم مكافحة المخدرات، أما عن القول بعدم أداء الممرضة اليمين فمردود أيضاً بأن المشرع لم يستلزم مثل هذا الإجراء وكل ما استلزمه ما جاء بنص المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه كان المتهم أنثى أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائى الأمر الذى تم فى الواقعة أيضاً، وهذا الذى ساقه الحكم صحيح فى القانون إذ أن اختيار نائب مدير المستشفى الأميرى إحدى الممرضات لتفتيش الطاعنة تنفيذاً لأمر مأمور الضبط القضائى هو فى حقيقته ندب من مأمور الضبط للأنثى التى قامت بالتفتيش، ولم يشترط القانون الكتابة فى هذا الندب لأن المقصود بندب الأنثى ليس تحقيق ضمانات حرية من يجرى تفتيشها ولكن اشتراط ندب الأنثى جاء عندما يكون التفتيش فى المواضع الجثمانية التى لا يجوز لرجل الضبط القضائى الاطلاع عليها ومشاهدتها بقصد الحفاظ على عورات المرأة التى تخدش حياءها إذا مست. لما كان ذلك، وكان القانون قد خلا مما يوجب حلف الأنثى اليمين قبل قيامها بالمهمة التى أسندت إليها إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماعها بيمين طبقا للقاعدة التى وضعتها المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية. فإن ما تثيره فى هذا الصدد لا يكون له محل. أما عن النعى بأن المحكمة قد أحالت فى أقوال الممرضة ونائب المستشفى الأميرى إلى أقوال الضابط وكيل قسم مكافحة المخدرات بصدد ظروف تفتيش الطاعنة بالمستشفى فذلك لا يعيب الحكم إذ للمحكمة أن تحيل فى إيراد أقوال الشهود إلى ما أوردته من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها وكانت الطاعنة لا تجادل فى أن أقوال وكيل مكتب المخدرات والممرضة ونائب مستشفى أشمون متفقة مع الأقوال التى أحال عليها فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله. لما كان ذلك وكان ليس ثمت ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى لاسناد واقعة احراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الاحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى دون أن يعد ذلك تناقضاً فى حكمها وأن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذى تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر وهى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعنة به وكان مراد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنة واستعار هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرد من أى قصد إنما هو تطبيق سليم للقانون وليس فيه إخلال بحق الدفاع بحجة تغيير الوصف دون تنبيه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.