أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 610

جلسة 27 من مايو سنة 1979

برياسة السيد المستشار عثمان مهران الزينى وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، وصلاح محمد نصار، ومحمد حلمى راغب، وجمال الدين منصور.

(129)
الطعن رقم 200 لسنة 49 القضائية

(1 - 2) إثبات "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". سرقة.
1 - تقدير الاعتراف. موضوعى. أساس ذلك؟
إطراح الاعتراف للاكراه، استنادا إلى وجود إصابات بالمتهم. دون بيان صلتها بهذا الاعتراف. قصور.
2 - تبرئة المتهمة بقالة خلو الأوراق من دليل غير الاعتراف الباطل. خلافا للثابت بها. يعيب الحكم.
1 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه دليلاً من أدلة الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التى من أجلها أخذت به أو اطرحته، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً إلى ما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق، ويكون لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك، لما كان ذلك وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أنه أطرح اعترافات - المطعون ضده فى المراحل السابقة على المحاكمة الاستئنافية تأسيساً على عدوله عن تلك الاعترافات أمام محكمة ثانى درجة والتى عزا صدورها إلى ما وقع من إكراه، وعلى ما لاحظته المحكمة من وجود آثار اعتداء بجسم المطعون ضده وكان ما أورده الحكم تبريراً لاطراحه تلك الاعترافات ليس من شأنه أن يؤدى إلى اهدارها إذ كان على المحكمة وقد استرابت فى أمرهما - ومن بينها اعترافه أمام محكمة أول درجة وحتى يستقيم قضاؤها أن تجرى تحقيقاً تستجلى به حقيقة الأمر قبل أن تنتهى إلى ما انتهت إليه. أما وهى لم تفعل فإن منعى النيابة فى هذا الشأن يكون فى محله.
2 - من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها بأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيره ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته بعد أن طرح اعتراف المطعون ضده أن الأوراق خلت من أى دليل غيره، وأن الحكم الابتدائى الملغى بالحكم المطعون فيه قد عول فى إدانة المطعون ضده فضلاً عن الاعتراف على أقوال المجنى عليه وعلى أقوال شاهدين باعهما المسروقات، وعلى تعرف المجنى عليه على المضبوطات، نفى ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه لا يوجد دليل قبل المطعون ضده غير الاعتراف الذى أهدره، وهى عبارة غامضة ليس لها مدلول واضح محدد أرسلها الحكم دون أن يعرض لأدلة الثبوت ويدلى برأيه فيها، ينبىء أن المحكمة أصدرت حكمها دون تمحيص الدعوى والاحاطة بظروفها مما يعجز محكمة النقض عن إعمال على الوجه الصحيح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه سرق قطعة القماش المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة .... وذلك بواسطة التسور وطلبت عقابه بالمادة 317/ 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الإبتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب، ذلك بأن اطرح اعتراف المطعون ضده فى تحقيقات النيابة وأمام محكمة أول درجة تأسيساً على ما قاله من أنه كان وليد اكراه، ورتب على ذلك وعلى ما أورده فى مدوناته من خلو أوراق الدعوى من أى دليل آخر قضاءه بالبراءة، دون أن يعنى بالوقوف على حقيقة ما بالمطعون ضده من إصابات وما إذا كانت معاصرة لوقت صدور الاعتراف منه أم لا، وبغير أن يعرض لأدلة الثبوت الأخرى التى استند إليها حكم محكمة أول درجة فى الإدانة، مما يدل على أن المحكمة أصدرت حكمها بغير تمحيص عناصر الدعوى والاحاطة بظروفها بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أحال فى بيان واقعة الدعوى إلى ما أورده الحكم الإبتدائى قال تبريراً لقضائه بتبرئة المطعون ضده "وقد أنكر المتهم ما أسند إليه من اتهام وواجهته المحكمة بما جاء باعترافاته فأورى أن ذلك كان وليداً للضرب والاكراه وقد لاحظت المحكمة آثار الضرب على المتهم وحيث إنه من المقرر أن الاعتراف الذى يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً، ولا يعتبر كذلك إذا حصل تحت تأثير الإكراه أو التهديد أو الخوف الناشئين عن أمر غير مشروع مما يتعين معه إهدار الإعتراف الصادر منه. وإذ خلت الأوراق من دليل خلافه فإنه ترتيباً على ما تقدم يتعين الحكم بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه". لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية لا يخرج عنه كونه دليلاً من أدلة الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التى من أجلها أخذت به أو أطرحته، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديا إلى ما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق، ويكون لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك، لما كان ذلك وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أنه أطرح اعترافات - المطعون ضده فى المراحل السابقة على المحاكمة الاستئنافية تأسيساً على عدوله عن تلك الاعترافات أمام محكمة ثانى درجة والتى عزا صدورها إلى ما وقع عليه من إكراه، وعلى ما لاحظته المحكمة من وجود آثار اعتداء بجسم المطعون ضده وكان ما أورده الحكم تبريرا لاطراحه تلك الاعترافات ليس من شأنه أن يؤدى إلى اهدارها إذ كان على المحكمة وقد استرابت فى أمرهما - ومن بينها اعترافه أمام محكمة أول درجة وحتى يستقيم قضاؤها أن تجرى تحقيقاً تستجلى به حقيقة الأمر قبل أن تنتهى إلى ما انتهت إليه، أما وهى لم تفعل فإن منعى النيابة فى هذا الشأن يكون فى محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها بأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته - بعد أن طرح اعتراف المطعون ضده أن الأوراق خلت من أى دليل غيره، وأن الحكم الابتدائى الملغى بالحكم المطعون فيه قد عول فى إدانة المطعون ضده فضلاً عن الاعتراف على أقوال المجنى عليه وعلى أقوال شاهدين باعهما المسروقات، وعلى تعرف المجنى عليه على المضبوطات، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه لا يوجد دليل قبل المطعون ضده غير الاعتراف الذى أهدره، وهى عبارة غامضة ليس لها مدلول واضح محدد أرسلها الحكم دون أن يعرض لأدلة الثبوت ويدلى برأيه فيها، ينبئ أن المحكمة أصدرت حكمها دون تمحيص الدعوى والاحاطة بظروفها مما يعجز محكمة النقض عن إعمال راقابتها على الوجه الصحيح - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والاحالة.