أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 662

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد محمد حسنين، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(161)
الطعن رقم 1258 لسنة 41 القضائية

(أ، ب) حجز. اختلاس أشياء محجوزة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع. "الدفع بعدم العلم بيوم البيع". تبديد.
( أ ) توقيع الحجز يقتضى احترامه قانونا ويظل منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بالبطلان، ما دام لم يثبت صدور حكم ببطلانه من جهة الاختصاص.
مجرد معارضة الطاعن فى الحكم الغيابى الذى وقع الحجز تنفيذا له لا تبرر له الاعتداء على الحجز بالتصرف فى المحجوزات أو العمل على عرقلة التنفيذ عليها.
(ب) الدفع بعدم العلم بيوم البيع. طبيعته: دفع موضوعى. عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن توقيع الحجز يقتضى احترامه قانونا ويظل منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بالبطلان ما دام لم يثبت صدور حكم ببطلانه من جهة الاختصاص، لأن الشارع إنما قصد من النصوص التى وضعها للمعاقبة على جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها الاعتداء على السلطة العامة التى أوقعت الحجز قضائية كانت أو إدارية والغرض من العقاب عليها هو وجوب احترام أوامر السلطة المذكورة. ومن ثم فإن مجرد معارضة الطاعن فى الحكم الغيابى الذى وقع الحجز تنفيذا له لا تبرر له الاعتداء على الحجز بالتصرف فى المحجوزات أو العمل على عرقلة التنفيذ عليها بدلا من اتخاذ الطرق القانونية فى سبيل إرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح، ويكون ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن من قالة القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون على غير سند.
2 - من المستقر عليه فى قضاء محكمة النقض أن دفع المتهم بالتبديد بأنه لم يكن يعلم باليوم المحدد للبيع هو من الدفوع التى يجب أن يتمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنه يتطلب تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة. ولما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة فى جميع أدوارها أن الطاعن لم يثر شيئا من ذلك أو يطلب تحقيقا معينا فى هذا الصدد فليس له أن يتمسك بالدفع المذكور لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 23/ 12/ 1969 بدائرة قسم باب الشعرية بدد المنقولات المحجوز عليها والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها فاختلسها لنفسه إضرارا بالجهة الحاجزة ولم يقدمها فى اليوم المحدد للبيع. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح باب الشعرية الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة تبديد المحجوزات قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول فى إدانة الطاعن على محضر الحجز الإدارى الموقع خلال سنة 1969 دون أن يرد على ما دفع به الطاعن من سقوط هذا الحجز تبعا لسقوط سنده التنفيذى وهو الحكم الغيابى الصادر خلال سنة 1966 فى المخالفة رقم 79 سنة 1966 من محكمة بلدية القاهرة لمضى عامين على صدوره، هذا فضلا عن صدور ذلك الحكم غيابيا ومعارضة الطاعن فيه مما لا يجوز معه التنفيذ به قانون، كما أن الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بعدم علمه باليوم المحدد للبيع وطلب - تحقيقا لذلك - استدعاء مندوب البلدية محرر المحضر لمناقشته فى التعارض بين ما أثبته فى الورقة التى قدمها الطاعن للمحكمة من أنه توجه يوم 26/ 11/ 1969 لبيع المحجوزات فامتنع الحارس عن تقديمها وأنه سيحرر فورا محضرا بالتبديد وبين محضر التبديد الذى حرره المندوب نفسه المؤرخ 20/ 12/ 1969 بحيث لم يعد يعرف حقيقة التاريخ المحدد للبيع وهل كان فى اليوم الأول أو الأخير، غير أن الحكم أغفل كلية التعرض لهذا الدفاع الجوهرى أو الرد عليه بما يفنده مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها إداريا التى دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة مستمدة من محضر الحجز والتبديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يدفع بسقوط الحجز تبعا لسقوط سنده التنفيذى - كما زعم فى أسباب طعنه - وإنما اقتصر على تقديم شهادة تفيد أنه عارض فى الحكم الغيابى الذى جرى التنفيذ عليه بمقتضاه وقد عرض الحكم المطعون فيه لهذه الشهادة، وما رتب عليها من دفاع ورد عليه فى قوله "إنه لا أثر لمعارضة المتهم فى الحكم المنفذ به فى صدور التهمة المنسوبة إليه". وما أورد الحكم فيما تقدم سائغ ويتفق مع صحيح القانون، ذلك بأنه من المقرر أن توقيع الحجز يقتضى احترامه قانونا ويظل منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بالبطلان ما دام لم يثبت صدور حكم ببطلانه من جهة الاختصاص لأن الشارع إنما قصد من النصوص التى وضعها للمعاقبة على جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها الاعتداء على السلطة العامة التى اوقعت الحجز، قضائية كانت أو إدارية، والغرض من العقاب عليها هو وجوب احترام أوامر السلطة المذكورة. ومن ثم فإن مجرد معارضة الطاعن فى الحكم الغيابى الذى وقع الحجز تنفيذا له لا تبرر له الاعتداء على الحجز بالتصرف فى المحجوزات أو العمل على عرقلة التنفيذ عليها بدلا من اتخاذ الطرق القانونية فى سبيل إرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح، ويكون ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن من قالة القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المستقر عليه فى قضاء محكمة النقض أن دفع المتهم بالتبديد بأنه لم يكن يعلم باليوم المحدد للبيع هو من الدفوع التى يجب أن يتمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنه يتطلب تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة فى جميع أدوارها أن الطاعن لم يثر شيئا من ذلك أو يطلب تحقيقا معينا فى هذا الصدد فليس له أن يتمسك بالدفع المذكور لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذه الخصوصية لا يكون له وجه . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.