أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 622

جلسة 4 من يونيه سنة 1979

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وشرف الدين خيرى، ومحمد وهبة، ومصطفى جميل مرسى.

(132)
الطعن رقم 94 لسنة 49 القضائية

إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". ضرب. "ضرب أفضى إلى موت". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تمسك الدفاع باستحالة حصول الاصابة بيسار صدر المجنى عليه من طعنه اليد اليسرى للمتهم المواجة لة بغير انحراف. وطلبه مناقشة الطبيب الشرعى. دفاع جوهرى. الأخذ بأقوال الشهود فى هذا الصدد دون تحقيقه عن طريق المختص فنيا. اخلال بحق الدفاع.
لما كان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول استحالة حصول إصابة المجنى عليه فى صدره من طعنة المتهم له بيده اليسرى وهو فى المواجهة بغير انحراف وأن تحدث الاصابة من الجهة اليسرى للصدر يتضمن فى حقيقته استحالة حصول الواقعة وفقا لأقوال الشهود الذين اعتمدت عليهم المحكمة. وهو يعد دفاعا جوهريا فى صورة الدعوى ومؤثراً فى مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأى فيها. وهو يعد من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأى فيها فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها وذلك عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعى. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن التى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق الخبير الفنى واستند فى الوقت نفسه إلى أقوال شاهدى الإثبات التى يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه فى شأنها القطع بحقيقة الأمر فيها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلاً عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والاحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه قتل ....... بأن طعنه بآلة حادة "مطواه "بمقدم يسار الصدر فإحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت معاقبته بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات، وذلك على اعتبار الواقعة ضرب أفضى إلى موت. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد شابه قصور وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تمسك فى دفاعه بطلب استدعاء أى طبيب شرعى لإبداء الرأى الفنى عما إذا كانت إصابه المجنى عليه التى أودت بحياته وهى فى الجهة اليسرى من الصدر يمكن أن تحدث وفق تصوير شاهد الإثبات الأول من الطعن باليد اليسرى للطاعن وهو فى مواجهة المجنى عليه غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ اطراحه وركن إلى تقرير الطبيب الشرعى مع أنه لم يقطع برأى فى هذه المسألة الفنية.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل دفاع الطاعن بقوله "وانتهى الدفاع إلى طلب الحكم أصليا ببراءة المتهم واحتياطيا استدعاء أى طبيب شرعى لمناقشته بالجلسة فى خصوص الطعنة التى أدت إلى وفاة المجنى عليه وهل يتأتى فنياً أن تكون اليد الطاعنة هى اليد اليسرى وهل يمكن للطاعن بيسراه تسديد طعنه فى المواجهة بغير انحراف؟ وهل يمكن أن تحدث الاصابة من الجهة اليسرى للصدر؟ إذ لم يفطن الطبيب إلى أن المتهم قيل عنه أنه طعن بيده اليسرى" ثم رد الحكم على هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه عن الطلب الاحتياطى الخاص بمناقشة الطبيب الشرعى فى خصوص الطعنة التى أصابت المجنى عليه فإن الثابت من مطالعة تقرير الصفة التشريحية أن الطبيب الشرعى انتهى فى تقريره إلى أن إصابة المجنى عليه القطعية حائزة الحدوث وفقا لتصوير الشاهدين الوارد بمذكرة النيابة المرسلة إليه والثابت بها كيفية حدوث الواقعة طبقاً لرواية شاهدى الإثبات الأولين ومن ثم فإن الطبيب الشرعى يكون قد قطع برأيه الفنى فى هذا الخصوص ويتعين تبعاً لذلك الالتفات عن هذا الطلب الاحتياطى لعدم جدواه" وحيث أنه يبين من الاطلاع على تقرير الطبيب الشرعى بعدم ضم المفردات أنه تضمن فى صدرة تلخيصاً لمذكرة النيابة جاء فيه: "حاصل الواقعة يخلص فيما قرره......... بأنه لدى سيره بشارع جامع حسين بك ومعه......... شاهد المتهم......... يطعن المجنى عليه......... فى صدره بالناحية اليسرى من المواجهة بمطواه قرن غزال فسقط المجنى عليه على الأرض وأضاف بأن المجنى عليه كان مصاباً فى وجهه ويده وأن محدث إصاباته الأخيرة المتهم أيضاً لأن المشاجرة كانت بينهما وقت الحادث وكان ذلك عصر يوم 25/ 12/ 1974 وحيث إنه بسؤال الشاهد........ قرر بما لا يخرج مضمونه عما شهد به الشاهد الأول وبسؤال المتهم أنكر ما نسب إليه وثبت بالتقرير الطبى للمجنى عليه وجود حالة نزع موت من جرح طعنى نافذ بالضلوع الصدرية اليسرى - جرح قطعى بفروة الرأس طوله 10 سم وجرح آخر بالفروة طوله 4 سم وجرح قطعى بالكوع الأيمن طوله 15 سم وتوفى فور وصوله للاستقبال "ثم ختم الطبيب الشرعى تقريره بقوله" الإصابات المشاهدة بجثة المجنى عليه المذكور طعنية قطعية تحدث باستعمال آلة حادة كسكين أو مطواه وهى جائزة الحدوث وفقاً لتصوير الشاهدين الوارد بمذكرة النيابة، لما كان ذلك وكان تلخيص الطبيب الشرعى لمذكرة النيابة جاء خلواً مما يفيد أن الطاعن كان ممسكاً السكين بيده اليسرى وقت أن طعن المجنى عليه بها وهو ما أثاره الدفاع عن الطاعن وتمسك بطلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فيما إذا كانت إصابة المجنى عليه يمكن حدوثها فنياً من اليد اليسرى للطاعن وهو فى مواجهة المجنى عليه بغير انحراف وتصيب الجهة اليسرى للصدر وكان تلخيص تقرير الطبيب الشرعى لتصوير الشاهدين للواقعة جاء خلواً مما نقله الحكم المطعون فيه عن الشاهد الأول........ فى تحقيقات النيابة من أنه أبصر المتهم ممسكاً بمطواه بيده اليسرى ويطعن بها المجنى عليه طعنة واحدة فى صدره أتت على حياته مما مؤداه أن الطبيب الشرعى حين وضع تقريره لم يفطن إلى أن الطاعن كان ممسكا بمطواه فى يده اليسرى وقت أن طعن بها المجنى عليه وبالتالى لم يقطع برأى فنى فيما أثاره الطاعن فى دفاعه وإذ أحال الحكم المطعون فيه إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعى بأنه قد قطع برأيه فى هذا الخصوص يكون قد خالف الثابت فى الأوراق، لما كان ذلك، وكان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول استحالة حصول إصابة المجنى عليه فى صدره من طعنة المتهم له بيده اليسرى وهو فى المواجهة بغير انحراف وأن تحدث الاصابة من الجهة اليسرى للصدر يتضمن فى حقيقته استحالة حصول الواقعة وفقاً لأقوال الشهود الذين اعتمدت عليهم المحكمة وهو يعد دفاعا جوهريا فى صورة الدعوى ومؤثرا فى مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأى فيها وهو يعد من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأى فيها فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها وذلك عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعى ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن التى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق الخبير الفنى واستند فى الوقت نفسه إلى أقوال شاهدى الإثبات التى يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه فى شأنها القطع بحقيقة الأمر فيها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلاً عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والاحالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.