أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 707

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ محمود عطيفة، وإبراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى، وحسن المغربى.

(172)
الطعن رقم 665 سنة 41 القضائية

( أ ) حكم. "بياناته. تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان.
وجوب الإشارة إلى نص القانون الذى حكم بموجبه فى حالة الإدانة. المادة 310 أ. ج. عدم لزوم ذلك فى حالة البراءة.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "تسبيب أحكامها". بطلان. استئناف. "الحكم فيه".
لا بطلان فى أن تحيل المحكمة الاستئنافية على أسباب الحكم المستأنف إذا رأت تأييده. ليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها. الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها.
(ج، د) براءات اختراع. نماذج صناعية. جريمة "أركانها". قانون.
(ج) عنصرا الابتكار والجدة شرطان أساسيان فى كل من الاختراع والنموذج الصناعى المادتان 1، 37 من القانون 132 سنة 1949 فى شأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية.
(د) التسجيل لا ينشئ ملكية الرسوم والنماذج الصناعية. نشوء الملكية من ابتكارها وحده. التسجيل قرينة قابلة لإثبات العكس. إذاعة النموذج قبل تسجيله فى محيط التجار والصناع يفقده عنصر الجدة ويجيز لكل شخص أن يقلده أو يستعمله.
(هـ) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها" إثبات. "شهود". تحقيق. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره".
القعود عن طلب سماع الشاهد أمام محكمة أول درجة. عدم جواز النعى على الحكم الاستئنافى بالإخلال بحق الدفاع لعدم سماعه. المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق. هى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه.
1 - لا توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية الإشارة إلى نص القانون الذى حكم بموجبه إلا فى حالة الحكم بالإدانة أما إذا كان الحكم قد صدر بالبراءة ورفض الدعوى المدنية فإنه لا يلزم بطبيعة الحال الإشارة إلى مواد الاتهام.
2 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل عليه، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منه، وإذ بين الحكم المستأنف واقعة الدعوى وبرر قضاءه بأسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها واعتنق الحكم المطعون فيه تلك الأسباب فإن ما يثيره الطاعن من دعوى البطلان يكون على غير أساس.
3 - يبين من استقراء نصوص القانون رقم 132 لسنة 1949 فى شأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية أن المادة الأولى منه اشترطت لمنح براءة الاختراع أن ينطوى الاختراع على ابتكار وأن يكون الابتكار جديدا فضلا عن قابليته للاستغلال الصناعى كما أن المادة 37 من القانون المذكور إذ نصت على أن يعتبر رسما أو نموذجا صناعيا كل ترتيب للخطوط أو كل شكل جسم بألوان أو بغير ألوان لاستخدامه فى الإنتاج الصناعى بوسيلة آلية أو يدوية أو كيماوية فقد دلت على أن الرسم أو النموذج الصناعى يجب أن ينطوى على قدر من الابتكار والجدة.
4 - من المقرر أن عنصرى الابتكار والجدة شرطان أساسيان فى كل من الاختراع والنموذج الصناعى. وإذ ما كان قضاء النقض قد جرى على أن التسجيل لا ينشئ ملكية الرسوم أو النماذج الصناعية وإنما تنشأ من ابتكارها وحده، وأن التسجيل وإن يكن قرينة على الملكية وعلى أن من قام بالتسجيل هو مبتكرها غير أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس كما أن تسجيل النموذج ليس من شأنه أن يغير من طبيعته، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص من واقع المستندات المقدمة إلى المحكمة ولما أورده الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بشطب تسجيل النموذج موضوع الاتهام إلى أن الطاعن قد أذاع نموذجه قبل تسجيله فى محيط التجار والصناع مما يفقده عنصر الجدة وأنه يجوز تبعا لذلك لكل شخص أن يقلده أو يستعمله بمنأى عن أية مسئولية مدنية أو جنائية فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيح، وما دام الظاهر أن المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وبحثت مدى جدة النموذج محل الاتهام ورجحت سبق استعماله فى المجال الصناعى فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض.
5 - إذا كان الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يطلب إلى هذه المحكمة سماع شهادة مراقب براءات الاختراع وكان الأصل أن محكمة ثانى درجة إنما تقضى على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، وما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى سماع أقوال الشاهد، فإن النعى على الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى 10 مايو سنة 1962 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة (أولا) قلد موضوع نموذج صناعى تم تسجيله قانونا وذلك على النحو المبين بالمحضر (ثانيا) باع وعرض للبيع نموذجا صناعيا ومنتجات مقلدة مع علمه بذلك. وطلبت معاقبته بمواد القانون رقم 132 لسنة 1949. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الساحل الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام (أولا) ببراءة المتهم مما أسند إليه (ثانيا) برفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات. فاستأنفت النيابة العامة والمدعى المدنى هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المدعى المدنى مصاريف استئنافية. فطعن وكيل المدعى المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله - عن تهمة تقليده نموذج صناعى تم تسجيله وبيعه منتجات مقلدة - قد شابه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن ديباجة الحكم قد خلت من بيان المحكمة التى أصدرته ووصف التهمة وطلبات النيابة والمستأنف ورقم القضية، كما لم يستظهر الحكم واقعات الدعوى ولم يشر إلى نص القانون المطلوب تطبيقه. وأخطأ فى استخلاص معنى ذيوع النموذج الصناعى إذ اعتبر مجرد عرضه على المطعون ضده بصفته من أرباب الصناعات لتنفيذه فى حدود معينة ولحساب الطاعن نفسه ذيوعا يفقده صفة الجدة مع أن هذه الصفة لا تنتفى عنه من مجرد التشغيل الشخصى فى أضيق الحدود بل من وضعه فى متناول الكافة. هذا إلى إغفال المحكمة طلب مناقشة مراقب براءات الاختراع فى نقاط جوهرية تتعلق بدفاع الطاعن بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أن ديباجته قد استكملت البيانات الجوهرية التى نص عليها القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب الإشارة إلى نص القانون الذى حكم بموجب إلا فى حالة الحكم بالإدانة، أما إذا كان الحكم قد صدر بالبراءة ورفض الدعوى المدنية فإنه لا يلزم بطبيعة الحال الإشارة إلى مواد الاتهام، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منه، وإذ بين الحكم المستأنف واقعة الدعوى وبرر قضاءه بأسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليه، واعتنق الحكم المطعون فيه تلك الأسباب فإن ما يثيره الطاعن من دعوى البطلان يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان يبين من استقراء نصوص القانون رقم 132 لسنة 1949 فى شأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية أن المادة الأولى منه اشترطت لمنح براءة الاختراع أن ينطوى الاختراع على ابتكار وأن يكون الابتكار جديدا فضلا عن قابليته للاستغلال الصناعى كما أن المادة 37 من القانون المذكور إذ نصت على أن يعتبر رسما أو نموذجا صناعيا كل ترتيب للخطوط أو كل شكل جسم بألوان أو بغير ألوان لاستخدامه فى الإنتاج الصناعى بوسيلة آلية أو يدوية أو كيماوية فقد دلت على أن الرسم أو النموذج الصناعى يجب أن ينطوى على قدر من الابتكار والجدة، وإذ ما كان عنصرا الابتكار والجدة شرطين أساسيين فى كل من الاختراع والنموذج الصناعى، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التسجيل لا ينشئ ملكية الرسوم أو النماذج الصناعية وإنما تنشأ الملكية من ابتكارها وحده، وأن التسجيل وإن يكن قرينة على الملكية وعلى أن من قام بالتسجيل هو مبتكره، غير أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس كما أن تسجيل النموذج ليس من شأنه أن يغير من طبيعته، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص من واقع المستندات المقدمة إلى المحكمة ومما أورده الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بشطب تسجيل النموذج موضوع الاتهام إلى أن الطاعن قد أذاع نموذجه قبل تسجيله فى محيط التجار والصناع مما يفقده عنصر الجدة وأنه يجوز تبعا لذلك لكل شخص أن يقلده أو يستعمله بمنأى عن أية مسئولية مدنية أو جنائية، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيح، وما دام الظاهر أن المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وبحثت مدى جدة النموذج محل الاتهام ورجحت سبق استعماله فى المجال الصناعى، فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يطلب إلى هذه المحكمة سماع شهادة مراقب براءات الاختراع وكان الأصل أن محكمة ثانى درجة إنما تقضى على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، وما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى سماع أقوال الشاهد فإن نعى الطاعن على الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.