أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة التاسعة الأربعون - صـ 150

الجلسة 9 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الهام نجيب نوار، سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهته ويحيى جلال نواب رئيس المحكمة.

(35)
الطعن رقم 7998 لسنة 63 القضائية

(1 - 4) إيجار " إيجار الأماكن " " الامتداد القانونى لعقد الإيجار". أهليه. حكم " عيوب التدليل: القصور فى التسبيب، الخطأ فى تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
(1) الإقامة التى يترتب عليها امتداد عقد الإيجار. م29 ق49 لسنة 1977. المقصود بها. اتجاه نية المقيم إلى جعل العين المؤجرة موطناً ومحلاً لإقامته المعتادة. الانقطاع عن الإقامة لسبب عارض. لا يفيد إنهاءها. نية الإقامة. أمر يبطنه صاحبه. خضوعه لسلطة محكمة الموضوع. استقلاله عن العنصر المادى. علة ذلك.
(2) إرادة النائب حلولها محل إرادة الصغير فى فترة حضانته. مؤداه. تحديد إقامة الصغير منوط بحاضنته وولى نفسه. بلوغه عاقلا. حقه فى الاستقلال بتحديد محل إقامته ولا ولاية لغيره عليه فى هذا الشأن.
(3) إقامة الصغير مع والديه فى عين النزاع وتركه لها لطلاق أمه فى فترة الحضانة وإقامته معها. اعتباره غيابيا عارضا. علة ذلك. تجاوزه الخامسة عشرة هجرية وصيرورته ولياً على نفسه. مؤاده. وجوب استظهار المحكمة من ظروف الدعوى ما إذا كان يرغب فى إنهاء إقامته فى العين التى تركها أم أنه لا زال يعتبرها موطنه.
(4) تمسك الطاعن بأن المطعون ضدهما تركا عين النزاع منذ خمسة عشر عاماً سابقة على مقتل والدهما لطلاق والدتهما. اطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع استناداً إلى أنهما كانا فى حضانة والدتهما واعتباره أن تركهما لعين النزاع كان لسبب عارض دون أن يلتفت لأثر تلك المدة على اهليتهما ولم يستظهر نية كل منهما على استقلال فى اتخاذ عين النزاع موطناً له أو التخلى عنها. خطأ وقصور.
1 - المقصود بالإقامة التى يمتد بها عقد الإيجار فى مفهوم نص المادة 29 من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 هو التواجد فى عين النزاع الذى تنصرف فيه نية المقيم إلى جعل العين المؤجرة موطناً له ومحلاً لإقامته المعتادة حتى لو تخلل ذلك فترات غياب متقاربة أو متباعدة لسبب عارض لا يكشف عن رغبته فى إنهاء الإقامة. فلا يكفى مجرد التواجد بالعين المؤجرة حتى لو استطالت مدته ما لم تنصرف نية صاحبه إلى اتخاذها موطناً لإثبات الإقامة......... كما لا يكفى مجرد الغياب لإنهاء الإقامة ما لم تنصرف إرادة صاحبه إلى إحداث هذا الأثر. والنية أمر يبطنه صاحبه ويضمره فى نفسه وتستخلصه محكمة الموضوع من الإمارات الدالة عليه حسب ظروف كل دعوى وملابساتها. وهى عنصر مستقل بذاته عن العنصر المادى. وهو متغير، فقد يترك المقيم عين النزاع لسبب عارض ثم تتغير نيته فى تاريخ لاحق بما ينبئ عن رغبته فى إنهاء الإقامة، كما قد يتواجد الشخص فى العين المؤجرة لسبب عارض ثم تتجه نيته بعد ذلك إلى اتخاذها موطناً له.
2 - الأصل فى الصغير أن تحل إرادة نائبه محل إرادته فيكون تحديد إقامته فى فترة الحضانة منوطا بحاضنته وولى نفسه حتى إذ بلغ عاقلا سواء بظهور الإمارات المعهودة أو بتجاوز خمس عشرة سنة " هجرية " كانت إرادته نفسه هى محل الاعتبار، إذ يصبح من حقه الاستقلال بتحديد محل إقامته ولا ولاية لغيره عليه فى هذا الشأن.
3 - إذ كان الصغير قد أقام مع والديه فى عين النزاع ثم تركها بمناسبة طلاق أمه فى فترة الحضانة وأقام معها عد ذلك غيابا عارضا إذ لا يمكن أن ينسب إليه إرادة إنهاء الإقامة. حتى إذا جاوز الخامسة عشرة " هجرية " وأصبح ولى نفسه فإنه يتعين على المحكمة أن تستظهر من ظروف الدعوى وملابساتها ما إذ كان قد رغب فى إنهاء إقامته فى العين التى خرج منها أم أنه لازال يعتبرها موطنه.
4 - إذ كان الطاعن قد تمسك بأن المطعون ضدهما تركا الإقامة فى عين النزاع منذ خمس عشرة سنة سابقة على مقتل والدهما بمناسبة طلاق أمهما دون أن يترددا عليها فاطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن سن أكبرهما وقت طلاق أمه كان ثمانى سنوات والأصغر أربع سنوات وقد كانا فى حضانتها فتركهما لعين النزاع كان لسبب عارض ولم يلتفت لأثر مضى السنوات الخمس عشرة على أهليتهما فلم يستظهر نية كل منهما على استقلال فى اتخاذ عين النزاع موطناً أو التخلى عنها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وجره ذلك إلى القصور فى التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى 8323 لسنة 1990 إيجارات طنطا الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار وطردهما من الشقة الموضحة بالأوراق ...... ذلك أن زوجة المستأجر الأصلى انفصلت عنه وأقامت بولديها منه " المطعون ضدهما " بالقاهرة وظل المستأجر الأصلى مقيماً بشقة النزاع يمفرده حتى قتل فيها. ومحكمة أول درجة أحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 783 لسنة 42 ق. طنطا وبتاريخ 26/ 8/ 1993 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبب ...... ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهما تركا عين النزاع منذ خمس عشرة سنة سابقة على قتل والدهما ولم يعودا إليها إلا بعد وفاته فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع على سند من أنهما كانا فى حضانة أمهما المطلقة دون أن يلتفت أثر تلك المدة ودلالة عدم ترددهما على أبيهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المقصود بالإقامة التى يمتد بها عقد الإيجار فى مفهوم نص المادة 29 من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 هو التواجد فى عين النزاع الذى تنصرف فيه نية المقيم إلى جعل العين المؤجرة موطنا له ومحلا لاقامته المعتادة، حتى لو تخلل ذلك فترات غياب متقاربة أو متباعدة لسبب عارض لايكشف عن رغبته فى إنهاء الإقامة، فلا يكفى مجرد التواجد بالعين المؤجرة حتى لو استطالت مدته ما لم تنصرف نية صاحبه إلى اتخاذها موطناً لإثبات الإقامة.... كما لا يكفى مجرد الغياب لإنهاء الإقامة ما لم تنصرف إرادة صاحبه إلى إحداث هذا الأثر، والنية أمر يبطله صاحبه ويضمره فى نفسه وتستخلصه محكمة الموضوع من الإمارات الدالة عليه حسب ظروف كل دعوى وملابساتها، وهى عنصر مستقل بذاته عن العنصر المادى. وهو متغير فقد يترك المقيم عين النزاع لسبب عارض ثم تتغير نيته فى تاريخ لاحق بما ينبئ عن رغبته فى إنهاء الإقامة، كما قد يتواجد الشخص فى العين المؤجرة لسبب عارض ثم تتجه نيته بعد ذلك إلى اتخاذها موطناً له، والأصل فى الصغير أن تحل إرادة نائبه محل إرادته فيكون تحديد إقامته فى فترة الحضانة منوطاً بحاضنته وولى نفسه حتى إذ بلغ عاقلاً سواء بظهور الإمارات المعهودة أو بتجاوز خمس عشرة سنة هجرية كانت إرادته نفسه هى محل الاعتبار إذ يصبح من حقه الاستقلال بتحديد محل إقامته ولا ولاية لغيره عليه فى هذا الشأن. فإذا كان الصغير قد أقام مع والديه فى عين النزاع ثم تركها بمناسبة طلاق أمه فى فترة الحضانة وأقام معها عد ذلك غياباً عارضاً إذ لا يمكن أن ينسب إليه إرادة إنهاء الإقامة حتى إذا جاوز الخامسة عشرة هجرية وأصبح ولى نفسه فإنه يتعين على المحكمة أن تستظهر من ظروف الدعوى وملابساتها ما إذا كان قد رغب فى إنهاء إقامته فى العين التى خرج منها أم أنه لازال يعتبرها موطنه. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك بأن المطعون ضدهما تركا الإقامة فى عين النزاع منذ خمس عشر سنة سابقة على مقتل والدهما بمناسبة طلاق أمهما دون أن يترددا عليها فاطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن سن أكبرهما وقت طلاق أمه كان ثمانى سنوات والأصغر أربع سنوات وقد كانا فى حضانتها فتركهما لعين النزاع كان لسبب عارض ولم يلتفت لأثر مضى السنوات الخمس عشرة على أهليتهما فلم يستظهر نية كل منهما على استقلال فى اتخاذ عين النزاع موطناً أو التخلى عنها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وجره ذلك إلى القصور فى التسبيب مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.