مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 2057

(241)
جلسة 9 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. فاروق عبد البر، وأحمد عبد الفتاح حسن، وأحمد عبد الحميد عبود، وأحمد محمد المقاول نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2343 لسنة 44 القضائية

( أ ) شخص اعتبارى - نشأته - استمرار وجوده.
المادتان 52، 53 من القانون المدنى.
الشخص الاعتبارى يستمد وجوده من القانون الذى نشأ فى ظله مستندا إلى أحكامه ويكون استمرار قيامه ووجوده رهيناً بصحة سنده إلى القانون الذى يدين له بالوجود لشخص اعتبارى - تطبيق.
(ب) هيئات أهلية - الأندية الرياضية والاجتماعية.
القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة - الفرق الهيئة الأهلية لرعاية الشباب والرياضة وبين الأندية والهيئات الرياضية - تعريف النادى الرياضى لا يستغرق تعريف الهيئة الأهلية لرعاية الشباب والرياضة فالأول نوع من ذات جنس الهيئات الأهلية، فلا يصدق على الأخيرة وصف النادى الرياضى - نادى أعضاء هيئة التدريس بأسيوط يدخل فى مفهوم الهيئة الأهلية ولا يعتبر نادياً رياضياً - تطبيق.
(جـ) حقوق - حق تكوين الجمعيات الخاصة
الأصل فى التجمع المدنى الإدارى هو قيامه على إرادات حرة تلاقت لقيامه فى إطار من الحق المقرر دستوراً للمواطنين فى تكوين الجمعيات الخاصة على نحو ما هو منصوص عليه فى المادة (55) من الدستور - حق تكوين الجمعيات الخاصة من الحقوق الدستورية الأساسية - تفسير الأحكام المنظمة لممارسة الجهة الإدارية الاختصاصات التى قد يقررها القانون المنظم لحق تكوين الهيئات الأهلية يتعين أن يكون فى إطار أحكام الدستور - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأحد الموافق 1/ 2/ 1998 أودع الأستاذ ..... المحامى نائبا عن الأستاذ الدكتور ...... المحامى وكيلا عن الدكتور ........ بصفته وكيل مجلس إدارة نادى أعضاء هيئة التدريس بأسيوط، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2343 لسنة 44 ق. ع، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط فى الشق العاجل من الدعوى رقم 181 لسنة 9 ق، والقاضى فى منطوقه " بعدم قبول تدخل كل من د/ ...... ود/ ....... فى الدعوى، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة، لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها ". وطلب الطاعن - للأسباب الواردة فى تقرير الطعن - الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثالثاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن أمام محكمة القضاء الإدارى فى الشق المستعجل من دعواه (أى بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، ثم فى موضوعها بإلغاء القرار المذكور) مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن، طلبت فى ختامه - وللأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار الطعين، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 2/ 2000، وبجلسة 7/ 8/ 2000 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 5/ 11/ 2000، حيث نظرته هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/ 2/ 2001 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 19/ 5/ 2001، مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين. وخلال الأجل أودع وكيل الطاعن مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم بطلباته المبينة فى تقرير طعنه، وبتلك الجلسة قررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، واتمام المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 181 لسنة 9 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بتاريخ 29/ 10/ 1997، طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من مديرية الشباب والرياضة فى 14/ 10/ 1997، فيما تضمنه من وقف جميع الإجراءات التى اتخذها نادى أعضاء هيئة التدريس بأسيوط لدعوة الجميعة العمومية لاجراء الانتخابات للدورة الجديدة 1997 - 2001 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذكر بياناً لدعواه، أنه بتاريخ 3/ 10/ 1997 اجتمع مجلس إدارة نادى أعضاء هيئة التدريس برئاسته، وقرر فى البند خامساً من محضر الاجتماع دعوه الجمعية العمومية للنادى للانتخابات يوم 2/ 12/ 1997، وفتح باب الترشيح لمنصب رئيس مجلس الإدارة ووكيل المجلس وأمين الصندوق، وباقى الأعضاء للدورة الجديدة اعتباراً من 18/ 10/ 1997 حتى 24/ 10/ 1997، وتم اخطار مديرية الشباب والرياضة بأسيوط فى 7/ 10/ 1997 بموجب كتاب مرفق به محضر اجتماع مجلس الإدارة، إلا بتاريخ 9/ 10/ 1997 ورد كتاب المديرية المؤرخ فى 8/ 10/ 1997 متضمنا وقف إجراءات دعوة الجمعية العمومية، وتلاه الكتاب المؤرخ فى 13/ 10/ 1997 بذات المضمون، وذلك بمسند من أن نادى أعضاء هيئة التدريس يدخل ضمن الأندية التابعة لجهات حكومية، وبالتالى يتم تشكيل مجلس إدارته بالتعيين وليس بالإنتخاب مما حدا بالطاعن إلى إقامة دعواه طعناً على هذا القرار تأسيساً على أن النادى غير تابع لجامعة أسيوط، ولا يتلقى دعماً مالياً منها، وليس لإدارة الجامعة أى اشراف عليه، وأن مقره خارج الحرم الجامعى، كما أن مجلس إدارته يتم تشكيله - منذ انشائه - بالانتخاب، ويتعين أن يستمر كذلك حتى يكون لأعضاء هيئة التدريس الحق فى انتخاب مجلس إدارة ناديهم.
وبجلسة 3/ 12/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن "البادى من ظاهر الأوراق أن النادى المذكور يعتبر نادى جهة حكومية، ذك أنه يبين من الاطلاع على اللائحة النظامية أنه يسمى (نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط) وهى جهة حكومية، وأن الأعضاء العاملين به هم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، والذين تتكون منهم الجمعية العمومية للنادى وأن أعضاء مجلس الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس وسكرتيرها العام أعضاء فى النادى بحكم مراكزهم، وأن رئاسة الجمعية العمومية لمدير الجامعة - والذى أصبح فيما بعد رئيس الجامعة - كما تضمن النظام أنه فى حالة تصفية النادى يؤول ما بقى بعد التصفية إلى صندوق الخدمات الإجتماعية بجامعة أسيوط، وهو ما يشير إلى مدى تبعية النادى للجامعة، وبدون هذه التبعية فإن ما يتبقى بعد التصفية ما كان سيئول إلى الجامعة، فضلاً عن أنه يبين من الأوراق، أن الجامعة تخصص مبلغاً سنوياً للنادى مقداره 5675 جنيها يقوم بالصرف منه، كما أن الأوراق الصادرة من النادى تحمل ذات الشعار الموجود على أوراق ومستندات الجامعة. فضلا عن أن النادى جرى انشاؤه على أرض مخصصة من وزارة الرى للجامعة، بالتالى فإن النادى يعتبر نادى هيئة حكومية، ومن ثم يتم تشكيل مجلس إدارته عن طريق التعيين، ويضحى القرار المطعون فيه قائماً - حسب الظاهر من الأوراق - على سند صحيح من الواقع والقانون.... الأمر الذى ينتفى معه ركن الجدية فى الطلب العاجل مما يتعين معه القضاء برفضه دون حاجة للبحث فى ركن الاستعجال لعدم جدوى ذلك. ولاينال من ذلك ما أثاره المدعى من أن أرض النادى تقع خارج مقر الجامعة، إذ ان تلك مسألة مادية بحتة، ذلك أن المعول عليه فى هذا الشأن هو التبعية القانونية والإدارية، وأن ما ردده المدعى من أن النادى لا يتلقى دعماً من الجامعة يخالف المستندات المقدمة من الجهة الإدارية، والخصوم المتدخلين. أما ما أثاره المدعى من أن مجلس الإدارة كان يتم تشكيله بالانتخاب طوال الفترة الماضية، فإن العبرة بالتطبيق الصحيح للقانون، فضلاً عن أن التشكيل بالانتخاب لم يتم إلا مرة واحدة بعد صدور لائحة الأندية الرياضية الصادر بها القرار رقم 470 لسنة 1992، والتى حددت طوائف الأندية التى يتم التشكيل فيها بالتعيين، وذلك فى الفترة التالية لصدورها (1993 - 1997) وليس من شأن ذلك أن يحول دون التطبيق السليم لأحكام التشريعات".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وشابه فساد فى الاستدلال، ذلك أن الحكم شاد بنيانه على نصوص القانون رقم 77 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978، وعلى تطبيق نص المادة (39) من النظام الأساسى للأندية الرياضية، وهذا جميعه لا ينطبق على وقائع الدعوى، ولا يحكم نشاط أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط، فعنوان القانون ينصرف إلى أنه " بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة " ونادى أعضاء هيئة التدريس ليس أحد هذه الهيئات، بل هو ناد خاص بأعضاء هيئة التدريس الذين لا ينطبق عليهم وصف الشباب، ولاعلى ما يمارسونه فى ناديهم وصف " الرياضة " وأن الغرض من إنشاء النادى هى " توثيق روابط الإخاء والتضامن فيما بينهم " وهذا لا يعد من نشاطات الهيئة الخاصة بالشباب والرياضة. وإذ كان ذلك فإن كل تطبيق لأحكام قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة على نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط يكون مخالفاً للقانون، ويكون القضاء المبنى عليه واجب الإلغاء. وكذلك فإن قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 470 لسنة 1992 لا تسرى أحكامه على نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط، ذلك أن الهدف من النادى الرياضى حسبما حددته المادة (2) من النظام الأساسى الصادر بالقرار المشار إليه لا يتفق مع الغرض الذى أنشئ من أجله نادى أعضاء هيئة التدريس، كما أن ما تضمنته المادة (39) من النظام الأساسى من ذكر الجهات الحكومية أو غيرها بعد ذكر نوادى الشركات والمصانع لا يمكن أن يتسع، فى فهم صحيح، ليشمل نادى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وليس أدل على ذلك من أن المادة المشار إليها توجب أن يكون من بين أعضاء مجلس الإدارة اثنان من الشباب لا يزيد عمرهم على ثلاثين عاما، وأن يكون كذلك من بين هؤلاء الأعضاء أحد أعضاء اللجنة النقابية يختاره رئيس اللجنة، وهذا وذاك، يستحيل تطبيقه فى النادى موضوع التداعى حيث لا يوجد بين أعضاء مجلس إدارته من يقل عمره عن ثلاثين سنة، كما لا توجد لأعضاء هيئة التدريس نقابة أو لجنة نقابية، الأمر الذى يؤكد أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون، وأضحى واجب الإلغاء. وعما شاب الحكم من فساد فى الاستدلال فأساسه أن الحكم ذهب إلى تبعية النادى المذكور للجامعة، وتبعية النادى للجامعة - على فرض ثبوتها - توجب استبعاده من نطاق القانون، المشار إليه، وجميع القرارات التى تصدر تنفيذاً له طبقاً للمادة (1) من القانون رقم 77 لسنة 1975 باصدار قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، كما أن الحكم المطعون فيه استخلص استخلاصات خاطئة بنيت عليها النتيجة النهائية له، حيث أثبت فى نهاية الصفحة الثالثة منه انتفاء صفة ومصلحة الدكتور ....... والدكتور ....... فى الدعوى لكونهما غير مشتركين بالنادى، وبذلك أثبت أن من بين أعضاء هيئة التدريس من يشترك فى النادى ومنهم من لا يشترك فى النادى، كما أن رئيس الجامعة وإن كان يرأس الجمعية العمومية للنادى فذلك تقديراً لرئاسته للجامعة، لا بحكم تبعية النادى للجامعة ولرئيسها، وقد أهل الحكم الفرق بين النشاط التابع للجامعة وبين النشاط الذى يتم فى الجامعة. كما أن المتعارف عليه فى شأن جميع المؤسسات التى تقوم بنشاط خدمى أو اجتماعى أن تئول أموالها - عند تصفيتها - إلى أقرب الجهات إليها نشاطاً، دون أن يعنى ذلك تبعية الجهة المصفاة للجهة التى تئول إليها أموالها عند التصفية بموجب القانون، كما أن الدعم المالى المقرر للنادى عبارة عن مبلغ محدد من ميزانية الجامعة سنوياً، ومن ثم فهو من الدولة وليس من الجامعة.
ومن حيث إن البادى من الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل فى الشق المستعجل وهو بعد المطروح أمره وحسب على هذه المحكمة بالطعن الماثل، أن النادى موضوع المنازعة كان قد تم شهره ابتداءً تحت اسم " نادى هيئة التدريس بجامعة أسيوط" برقم 45 فى 13/ 12/ 1958 فى إطار تطبيق أحكام القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة (حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 17/ 7/ 2000)، ثم أعيد شهر النظام الأساسى للنادى بذات المسمى تحت رقم 21 فى 30/ 3/ 1966 طبقاً لأحكام القانون رقم 26 لسنة 1965 فى شأن الهيئات الخاصة العاملة فى ميدان رعاية الشباب (المستند رقم 1 من حافظة مستندات الطاعنين المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى فى 26/ 11/ 1997، وأثناء تداول الدعوى أمام تلك المحكمة) كما تم شهر النادى باسم " نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط " تحت رقم 3 فى 5/ 3/ 1973 فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 41 لسنة 1972 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1965 المشار إليه، وأخيراً أعيد شهر النادى تحت رقم 72 فى 4/ 5/ 1976 فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة.
ومن حيث إن نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط إنما يستمد الشخصية القانونية، بحسبانه شخصاً اعتبارياً، من القانون الذى يقرر له هذه الشخصية، وهو قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1975، فلا يكون له من قيام إلا فى إطار القانون الذى نشأ فى ظله مستنداً إلى أحكامه، ويكون استمرار قيامه ووجوده، كشخص اعتبارى، رهيناً بصحة سنده إلى القانون الذى يدين له بالوجود كشخص اعتبارى، فلا يستقيم فى القانون سوياً أن يستمد الشخص الاعتبارى وجوده القانونى من سند من قانون بعينه، مع المجادلة فى ذات الوقت فى صحة خضوع الشخص لأحكام ذات القانون تأسيساً على أن نشأته أو أغراضه مما لا يندرج ضمن تلك التى ينظمها القانون. أساس ذلك أن الوجود القانونى للشخص الاعتبارى فى جميع الأحوال يدور، فى صحيح القانون، على صحة دخوله فى حيز القانون المنظم له والذى تقرر بالرجوع إليه إسباغ الشخصية الاعتبارية له، فعلى ذلك تدور أحكام الشخصية الاعتبارية قياماً وعدماً، على نحو مايستفاد من حكم المادتين (52) و (53) من القانون المدنى اللتين تنظمان كيفية إسباغ الشخصية الاعتبارية وتحديد نطاق الأهلية التى تتقرر للشخص الاعتبارى فى ضوء الغرض الذى أنشئ من أجله، وابتغاء تحقيقه على نحو ما يقرره القانون الذى يقيم كيانه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان البادى من الأوراق أن النادى استند فى قيامه، كشخص اعتبارى، لنص المادة (14) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة المشار إليه التى تجرى عبارتها بأن " تثبت الشخصية الاعتبارية للهيئه بمجرد شهر نظامها طبقاً لهذا القانون ويتم الشهر بالقيد فى السجل المعد لذلك ". فإن وجود النادى، كشخص اعتبارى، يكون رهيناً باستمرار خضوعه، صدقاً وحقاً، للقانون الذى أنشئ فى ظله واستمد وجوده من أحكامه. ولا يغير من هذا النظر سابقة شهر النادى، تحت مسمى آخر هو " نادى هيئة التدريس بجامعة أسيوط " فى ظل أحكام القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة المشار إليه، إذ إن هذا الشهر لم تعقبه تسوية أوضاع ذلك النادى فى إطار أحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1964 بل كان أن تم إعادة شهره فى إطار أحكام القانون رقم 26 لسنة 1965 فى شأن الهيئات الخاصة العاملة فى ميدان رعاية الشباب ثم فى إطار ما أعقبه من قوانين تنظيم شئون رعاية الشباب والرياضة على نحو ما سبق البيان، وعلى ذلك يكون النادى، بحكم الضرورة القانونية، من نفس الهيئات الخاصة للشباب والرياضة التى ينظم أمورها القانون الصادر بشأنها رقم 77 لسنة 1975.
ومن حيٍث إنه متى كان ذلك، فإن حقيق الخلف فى المنازعة الماثلة إنما يتعلق بما إذا كانت أحكام النظام الأساسى للأندية الرياضية (وبالأخص ما ورد بالمادة 39 منه) الصادر بقرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 470 لسنة 1992، تنطبق صدقاً وحقاً وقانوناً على نادى هيئة التدريس بجامعة أسيوط.
ومن حيث إنه استظهاراً لركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ محل الطعن الماثل، فالبادى من استعراض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون بشان الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، يبين أنه ينص فى الفقرة الأخيرة من المادة (1) منه على أنه " كما لا تسرى أحكام القانون المرافق على أوجه النشاط المختلفة فى المدارس والمعاهد والجامعات ". ومفاد ذلك، بحكم اللزوم القانونى والاستخلاص المنطقى، أنه لايكون سائغاً القول، فى ذات الوقت، بأن نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط يخضع لأحكام قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة مع الادعاء بأنه يعتبر قانوناً، من أندية الجامعة فيدخل بهذه المثابة فى زمرة الأندية الرياضية التى تكون إدارتها منوطة بمجلس إدارة يصدر بتعيينه قرار من الوزير المختص على نحو ما ورد بالفقرة الثالثة من المادة (39) من النظام الأساسى للأندية الرياضية الصادر به قرار وزير الشباب والرياضة رقم 470 لسنة 1992، التى تجرى عبارتها بأنه " بالنسبة إلى أندية الشركات والمصانع أو الجهات الحكومية أو غيرها فيدير شئون النادى مجلس إدارة يصدر بتعينه قرار من الوزير المختص ويشكل على النحو الآتى: ....... " أساس ذلك أنه إذا كان صحيحاً، افتراضاً، القول بأن النادى يعتبر نادياً للجامعة (أى لجهة حكومية فى مفهوم حكم المادة 39 المشار إليها) لخرج النادى، بهذه المثابة من نطاق تطبيق قانون الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة برمته إعمالاً لحكم المادة (1) من مواد إصداره بالقانون رقم 77 لسنة 1975 التى تحدد فى وضوح لا يحتمل لبساً أن القانون لا يخاطب أوجه النشاط المختلفة التى ينظمها متى تمت فى المدارس والمعاهد والجامعات. وعلى ذلك يستفاد من خضوع النادى، بحسب الظاهر، لأحكام الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة، أنه لا يعتبر نادياً للجامعة فى مفهوم حكم المادتين (1) من القانون رقم 77 لسنة 1975 و (39) من النظام الأساسى للأندية الرياضية المشار إليهما. وفضلاً عن ذلك فالبادى من استعراض أحكام قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة أنها تقيم تفرقة بين الهيئة الأهلية لرعاية الشباب والرياضة التى يستهدف القانون تنظيم شئونها وبين الأندية والهيئات الرياضية التى إن هى إلا نوع من تلك. أساس ذلك أن قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة المشار إليه يتصدى فى الباب الأول منه لتعريف الهيئة الأهلية وبيان ما هيتها وكيفية إنشائها وشهرها وإدارتها، بينما يخاطب الباب الثانى تحت عنوان " النشاط الرياضى" بيان تكييف النادى والهيئة الرياضية فى مفهوم حكم القانون، فتنص المادة (72) على أن " النادى الرياضى هيئة تكونها جماعة من الأفراد بهدف تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة من النواحى الاجتماعية والصحية والنفسية والفكرية والروحية....... " ثم نص فى المادة (73) على أنه " يجب على الأندية والهيئات الرياضية اتباع السياسة العامة والبرامج والتوجيهات التى يضعها اتحاد اللعبة المختص وذلك بالنسبة للعبة التى يشترك فيها النادى أو الهيئة ". وعلى ذلك فيكون البادى من النظر إلى أحكام القانون فى مجملها، وبما يفسر بعضه بعضاً، وبما يزيل ماقد يبدو متعارضاً بين أحكام التشريع الواحد، إذ لا يمكن افتراض تناقض المشرع أو افتراض تهاتر الأحكام التى يقررها، فيكون تعريف النادى الرياضى مما لا يستغرق تعريف الهيئة الأهلية لرعاية الشباب والرياضة فالأول نوع من ذات جنس الهيئات الأهلية، فإن كانت الهيئة الأهلية تشمل فيما تشمل الأندية الرياضية، إلا أن النادى الرياضى يبقى نوعاً من ذات جنس الهيئات الأهلية، وتكون هناك هيئات أهلية لا يصدق عليها وصف النادى الرياضى. فإذا كان ذلك وكانت العبرة دائماً، ويجب أن تكون، بحقيقة التكييف وصحيح المعنى وليس بظاهر المسمى والمبنى فيكون نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط داخلاً فى مفهوم الهيئة الأهلية التى ينصرف إليها خطاب المشرع بالقانون رقم 77 لسنة 1975، وان كان لا يعتبر نادياً رياضياً فى مفهوم حكم المادة (72) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة. وبالترتيب على ذلك فإن النظام الأساسى للأندية الرياضية، (الذى يتمضن فى المادة 39 منه الحكم مثار الخلاف بالمنازعة الماثلة) لا يسرى اصلاً على النادى باعتبار أن النظام الأساسى المشار إليه إنما ينصرف خطابه إلى الأندية الرياضية، فى مفهوم حكم القانون على نحو ما سلف البيان، استناداً إلى صريح عبارة المادة الأولى من قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 470 لسنة 1992 التى تجرى عبارتها بأن " يعمل بأحكام النظام الأساسى المرافق للأندية الرياضية الخاضعة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975...... " فإذا كان ذلك وكان النادى محل الطعن الماثل مما لا يندرج، حسبما سلف البيان وبحسب الظاهر من استعراض أحكام التشريعات، فى مفهوم النادى الرياضى فإنه يكون مخاطباً أصلاً بما ورد من تنظيم بموجب قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 470، للأندية الرياضية.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الأصل فى التجمع المدنى الإدارى هو قيامه على إرادات حرة تلاقت لقيامه فى إطار من الحق المقرر دستوراً للمواطنين فى تكوين الجمعيات الخاصة على نحو ما هو منصوص عليه فى المادة (55) من الدستور، فإنه ترتيباً على ذلك، وعلى هدى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن حق تكوين الجمعيات الخاصة، هو من الحقوق الدستورية الأساسية التى يتعين أن يكون تفسير القانون الذى يصدر بتنظيمها على النحو الذى يتفق مع الحكم الدستورى، فى عبارته وحقيق مضمونه، بما مفاده أن يكون الأصل هو حرية المنشأة التى يتفرغ عنها بحكم اللزوم الدستورى والقانونى حرية الإدارة والتنظيم. فلا يكون متفقاً مع حكم الدستور فرض المشرع قيوداً إلا بالقدر الذى لا يحمل انتقاصا للحكم الدستورى أو انتهاكاً لمفهومه، فلا يكون التظيم جائرا إلا بالقدر الذى لا يتجاوز قدره كتنظيم فلا يتعداه إلى الجور أو التغول. وعلى ذلك وفى ضوء قضاء هذه المحكمة الهادى يبين أنه فى شأن تفسير الأحكام المنظمة لممارسة الجهة الإدارية الاختصاصات التى قد يقررها القانون المنظم لحق تكوين الهيئات الأهلية فإنه يتعين دائماً أن يراعى أن يكون التفسير بما يتفق، صدقاً وحقاً، مع التوجه الدستورى الذى يرتفع بالحق إلى مصاف الحقوق الدستورية فتعتبر من أحد عمد المجتمع الذى تحدد سماته وتنظم الجليل من أموره، أحكام الدستور التى يتعين أن تنحنى أمامها جميع التشريعات وتخضع لها كافة الممارسات.
ومن حيث إنه بالترتيب على ذلك، فإن ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الذى مؤداه إحلال إرادة الجهة الإدارية محل إرادة أصحاب التجمع المدنى المكون طبقاً للقانون بحيث لا يكون لأعضاء ذلك التجمع الحق فى اختيار من يدير شئون الهيئة الأهلية التى هبوا لتكوينها، يكون متوافراً فى خصومة المنازعة الماثلة، ويكون توافر ركن الجدية فى ذاته، وأمره ما هو عليه من اتصال بشأن دستورى، هو حق تكوين هيئة وما يتفرغ عنه بحكم اللزوم من حقوق لأفراد ذلك التجمع المدنى فى إدارة شئونه على نحو ما تنعقد عليه إرادتهم، مقيماً بكل الصدق والحق، ركن الاستعجال فى طلب وقف التفنيذ الأمر الذى تهب معه هذه المحكمة للاستجابة إليه إعمالاً لصحيح أحكام الدستور والقانون بتطبيقها على واقع المنازعة الماثلة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانب صحيح القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات إعمالاً لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدراية المصروفات.