أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 645

جلسة 7 من يونيه سنة 1979

برياسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد الديب، وفاروق راتب، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(138)
الطعن رقم 147 لسنة 49 القضائية

(1) مرور. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل خطأ. خطأ. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
(1) قيام خطأ فى جانب المجنى عليه أو الغير. لا يمنع مساءلة المتهم. ما لم ينف ركنا فى الجريمة.
رجوع قائد السيارة للخلف. يجب أن يكون بعد التحقق من خلو الطريق إستعانة بآخر لا يجزىء عن هذا الواجب.
(2) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. رابطة السببية. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية الجنائية أو المدنية. موضوعى. عدم قبول الجدل بشأنه أمام النقض.
(3) إثبات. "شهود". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بطلبات التحقيق التى ترد خلال فترة حجز الدعوى للحكم. ما دامت لم تثر بجلسة المرافعة.
عدم التزام محكمة ثانى درجة بإجراء تحقيق إلا ما ترى لزومه، وما فات أول درجة إجراءه.
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. عدم قبوله.
1 - من المقرر وفق قواعد المرور أن قائد السيارة هو المسئول عن قيادتها مسئولية مباشرة ومحظور عليه قيادتها بحالة تعرض حياة الأشخاص أو الأموال للخطر ومفروض عليه تزويدها بمرآه عاكسة متحركة لتمكنه من كشف الطريق خلفه. ومن المقرر كذلك أن الخطأ المشترك فى مجال المسئولية الجنائية - بفرض قيامه فى جانب المجنى عليه أو الغير لا يمنع من مسئولية المتهم ما دام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة - لما كان ذلك - فإن الرجوع بالسيارة إلى الخلف يوجب على القائد الأحتراز والتبصر والإستيثاق من خلو الطريق مستعيناً بالمرآة العاكسة ومن ثم فلا يرفع عنه ذلك الواجب استعانته بآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام الحجة قبل الطاعن على أنه عند رجوعه بسيارته إلى الخلف فى طريق متسع لم يستمع آلة التنبيه ولم يتخذ أى قدر من الحيطة لمن عساه يكون خلف السيارة من المارة فصدم المجنى عليه فأحدث به الإصابات التى أودت بحياته، فإنه لا يجدى الطاعن من بعد ما يثيره من أنه قد اعتمد فى تراجعه على توجيه شخص آخر لم يستطع الارشاد عنه على ما يبين من المفردات المنضمة تحقيقاً لوجه الطعن.
2 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توفرها هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق، وإذ كان الحكم قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ثبوت ما يوفر قيام ركن الخطأ فى حق الطاعن وتوافر رابطة السببية بين هذا الخطأ ووفاة المجنى عليه فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل وهو محض جدل موضوعى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة فى الدعوى وحجزتها للحكم فهى من بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه المتهم فى مذكرته التى يقدمها فى فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه ما دام هو لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن اقتصر على انكار التهمة ولم يطلب إلى المحكمة سماع شاهد فى الدعوى، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هى لم تستجب لطلب إعادة القضية للمرافعة لسماع عامل الجراج الذى أبداه بمذكرته التى صرحت له المحكمة بتقديمها - لما كان ذلك - وكان الثابت الذى من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يعد إلى التمسك أمامها بسماع العمل المذكور وكانت محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، ما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن قد ترافع أمام محكمة ثانى درجة طالباً أصلياً البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة دون أن يشير إلى طلب استدعاء الشاهد فإنه لا يجوز للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب بخطئه فى وفاة ...... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن لم يتأكد من خلو الطريق من المارة أثناء رجوعه بسيارته للخلف الأمر الذى أدى إلى اصطدامه بالمجنى عليه سالف الذكر بما أدى إلى وفاته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الشرابية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لايقاف التنفيذ. فاستأنف. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع ذلك بأن خطأ لم يقع من جانب الطاعن إذ أنه حين رجع بسيارته إلى الخلف لإدخالها حظيرة السيارات كان يستهدى بارشاد العامل المختص معتمدا على حسن توجيهه وما كان له أن يتصور وجود المجنى عليه وهو طفل فى نحو الخامسة من عمرة خلف السيارة أو متعلقا بها إلا أن الحكم دانه دون أن يفطن إلى حقيقة سن المجنى عليه أو مسلكه ولم يعرض برد على ما تمسك به من أن الحادث لم يقع إلا بخطأ عام الجراج أو والدى المجنى عليه بتركهما له على هذه الصورة كما لم يجب الطاعن إلى طلبه بمذكرته المقدمة بجلسة 5/ 1/ 1977 من ضرورة فتح باب المرافعة لسماع أقوال العامل المذكور تحقيقاً لدفاعه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن كان يتراجع بسيارته إلى الخلف فى الطريق دون أن يستعمل آلة التنبيه فدهس المجنى عليه وهو طفل فى الرابعة من عمره بالعجلة الخلفية اليسرى فأحدث به الاصابات التى أودت بحياته وقد خلص الحكم إلى توافر ركن الخطأ فى حقه بقوله "إن التهمة ثابتة قبل المتهم من أقوال الشاهد ومن المعاينة وكلاهما يؤكد أن الخطأ من جانب المتهم أثناء رجوعه إلى الخلف لعدم تبصره أو حيطته لما قد يكون هناك من أحاد الناس خلف السيارة أو على مسافة منها ومن ثم اندفع المتهم فى رعونه وعدم تبصر إلى الخلف بسيارته فأصاب المجنى عليه بالاصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أدت إلى وفاته، ويثبت الأتهام كذلك قبل المتهم أنه أثناء رجوعه إلى الخلف لم يستعمل آلة التنبيه وكان الطريف عادى متسع وبينه وبين المتهم مسافة أربعة أمتار كان يستطيع خلافاً مفاداة الحادث لو كان يقظا أثناء قيادته ولا ينال من ذلك دفاع المتهم فإن مقصده إبعاد التهمة عنه وهو ما يخالف الثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان من المقرر وفق قواعد المرور أن قائد السيارة هو المسئول عن قيادتها مسئولية مباشرة ومحظور عليه قيادتها بحالة تعرض حياة الأشخاص أو الأموال للخطر ومفروض عليه تزويدها بمرآه عاكسة متحركة لتمكنه من كشف الطريق خلفه. ومن المقرر كذلك أن الخطأ المشترك فى مجال المسئولية الجنائية بفرض قيامه فى جانب المجنى عليه أو الغير لا يمنع من مسئولية المتهم ما دام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة، لما كان ذلك، فإن الرجوع بالسيارة إلى الخلف يوجب على القائد الأحتراز والتبصر والاستيثاق من خلو الطريق مستعيناً بالمرآة العاكسة ومن ثم فلا يرفع عنه ذلك الواجب استعانته بآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام الحجة قبل الطاعن على أنه عند رجوعه بسيارته إلى الخلف فى طريق متسع لم يستمع ألة التنبيه ولم يتخذ أى قدر من الحيطة لمن عساه يكون خلف السيارة من المارة فصدم المجنى عليه فأحدث به الإصابات التى أودت بحياته فإنه لا يجدى الطاعن من بعد ما يثيره من أنه قد اعتمد فى تراجعه على توجيه شخص آخر لم يستطيع الارشاد عنه على ما يبين من المفردات المنضمة تحقيقاً لوجه الطعن، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توفرها هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق وإذ كان الحكم قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ثبوت ركن الخطأ فى حق الطاعن وتوافر رابطة السببية بين هذا الخطأ ووفاة المجنى عليه، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل وهو محض جدل موضوعى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى أمرت باقفال باب المرافعة فى الدعوى وحجزتها للحكم فهى من بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه المتهم فى مذكرته التى يقدمها فى فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه ما دام هو لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن اقتصر على انكار التهمة ولم يطلب إلى المحكمة سماع أى شاهد فى الدعوى، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هى لم تستجب لطلب إعادة القضية للمرافعة لسماع عامل الجراج الذى أبداه بمذكرته التى صرحت له المحكمة بتقديمها - لما كان ذلك - وكان الثابت الذى من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يعد إلى التمسك أمامها بسماع العمل المذكور، وكانت محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم، أمام محكمة أول درجة ما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم وكان المدافع عن الطاعن قد ترافع أمام محكمة ثانى درجة طالباً أصلياً البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة دون أن يشير إلى طلب استدعاء الشاهد فإنه لا يجوز للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.


(1) راجع أيضاً مجموعة أحكام النقض لسنة 26 صـ 184.