مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 2091

(244)
جلسة 10 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، ود. محمد طاهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 118 لسنة 42 القضائية

تأديب - تأديب العاملين بالمحاكم والنيابات - إجراءات مجلس التأديب - وجوب صدور قرارات مجلس تأديب العاملين بالمحاكم والنيابات بجلسة علنية وإلا كان القرار باطلاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 14/ 10/ 1995 أودع الأستاذ ...... المحامى نيابة عن الأستاذ ..... المحامى الوكيل عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 118/ 42 ق. ع وذلك فى قرار مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الإبتدائية فى الدعوى رقم 43/ 1995 والقاضى بوقفه عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن وللأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تقدمت هيئة مفوضى الدولة بتقرير بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم أصلياً أولاً:بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه على غير ذى صفة.
وبصفة احتياطية ثانياً: فى حالة اختصام وزير العدل صاحب الصفة وإعلانه بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 12/ 1/ 1999 والجلسات التالية وقررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا موضوع لنظره بجلسة 2/ 1/ 2000، ونظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه فى المواعيد القانونية وبالنظر إلى أن آخر يوم فى الطعن هو 13/ 10/ 1995 قد صادف عطلة رسمية وتم إيداع تقرير الطعن فى اليوم التالى مباشرة مما يؤدى إلى إمتداد الميعاد لذلك اليوم وإذ استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى بحضور عضو هيئة قضايا الدولة لبعض جلسات المحكمة فمن ثم يكون الطعن مقبول شكلا.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية قد أحال بتاريخ 8/ 7/ 1995 الطاعن ...... الموظف بقلم محضرين الظاهر إلى مجلس التأديب للعاملين بالمحكمة لما نسب إليه من مخالفته للقانون والتعليمات المتمثلة فى عدم قيد أوراق بدفاتر البريد الصادر وارسالها دون قيد وكذلك إهماله فى أداء عمله بقطع أوراق بدفتر البريد الصادر الخارجى، وكذلك قيامه بإعلان ورقة بسراى المحكمة رغم أنه لا يعمل خارج القلم ويكلف بأعمال كتابية فقط، كذلك عدم ذكره أرقام القضايا وعدم إرسال ورقة لمصدرها مما تسبب فى سقوط الجلسة، وتغيبه عن العمل دون إذن من عدم وجود رصيد للأجازات تخول له ذلك، وقد قيد الاتهام دعوى تأديبية رقم 43/ 1995 تأديب شمال القاهرة ونظرها مجلس التأديب على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدر قراره بجلسة 14/ 8/ 95 بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر وذلك تأسيسا على أن ما أتاه المحضر يعد مخالفا للمادتين 76/ 1/ 4، 78 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978.
ومن حيث إن مبنى الطعن بطلان قرار مجلس التأديب المطعون فيه للأسباب الآتية:
أولاً: القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال إذ جاء القرار الطعين خاليا من الأسباب التى قام عليها وعدم بيان الأسس والأدلة فى إثبات وقوع المخالفات المنسوبة إليه.
ثانياً: الإخلال بحق الدفاع بعدم إعلان الطاعن بجلسة المحاكمة إلا يوم 13/ 8/ 1995 للحضور يوم 14/ 8/ 95 وأنه طلب بهذه الجلسة التأجبل للاطلاع ولتوكيل محام ولم تحقق المحكمة طلبه.
ثالثا:ً الخطأ فى تطبيق القانون لعدم بيان القرار الطعين تاريخ وقوع كل مخالفة من المخالفات المنسوبة إليه بالرغم من أن هناك بعض المخالفات مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات قبل إقامة الدعوى التأديبية.
رابعاً: الغلو فى توقيع الجزاء.
ومن حيث إن المادة (169) من الدستور تنص على أن جلسات المحاكم علنية.... إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام والأداب وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية، ونصت المادة (174) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن " ينطق القاضى بالحكم... ويكون النطق بالحكم علانية وإلا كان الحكم باطلاً. وتنص المادة (18) من قانون السلطة القضائية رقم 26/ 1972 على أن " تكون جلسات المحاكم علنية إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية... ويكون النطق بالحكم فى جميع الأحوال فى جلسة علنية، كما نصت المادة (303) من قانون الإجراءات الجنائية على أن يصدر الحكم فى جلسة علنية..... "
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم من نصوص أن النطق بالحكم يجب أن يكون فى جلسة علنية وإلا كان باطلاً وهو أصل من الأصول العامة فى المحاكمات والتى حرص الدستور على النص عليها ورددتها قوانين السلطة القضائية والمرافعات المدنية والتجارية والإجراءات الجنائية على النحو السابق ومن ثم تسرى تلك القواعد والأحكام على مجالس التأديب بإعتبارها تؤدى وظيفة المحاكم التأديبية تماما ومن ثم فهى كالمحاكم وقرارتها تعتبر بمثابة أحكام قضائية ولذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن يسرى عليها ما يسرى على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية من أحكام وإجراءات قضائية ومقتضى ما تقدم أن أحكام أو قرارات مجالس التأديب بما فيها مجالس تأديب العاملين بالمحاكم يجب أن تصدر فى جلسة علنية وإلا كان الحكم باطلاً، ومتى كان الثابت من الإطلاع على النسخة الأصلية من القرار المطعون فيه أنه قد صدر بجلسة غير علنية فمن ثم يكون باطلاً.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإنه لما كانت مجالس التأديب تخضع للقواعد المطبقة فى المحاكمات التأديبية ومن بين هذه القواعد تسبيب القرار التأديبى ذلك أن تسبيب الأحكام يعد شرطاً من شروط صحتها ولذا فإنه يجب أن يصدر الحكم مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة النسخة الأصلية للقرار المطعون عليه أنه قد خلا من الأسباب التى تؤدى إلى إدانة الطاعن فيما هو منسوب إليه وبالتالى فإنه يكون قد فقد أحد مقومات الأحكام الأساسية وهى التسبيب الأمر الذى يستوجب لما تقدم جميعه القضاء بإلغائه مع اعادة الدعوى التأديبية رقم 43/ 1995 تأديب شمال القاهرة إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه بإعادة الدعوى التأديبية رقم 43/ 1995 تأديب إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى.