أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 662

جلسة 10 من يونية سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، وصلاح محمد نصار، ومحمد حلمى راغب، وجمال الدين منصور.

(141)
الطعن رقم 276 لسنة 49 القضائية

(1) قصد جنائى. قتل عمد. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. الاستدلال عليه؟.
إستخلاص الحكم. نية القتل من اعتداء المتهم على المجنى عليه بآلة حادة مرتين: الأولى فى رقبته سببت قطع الأعصاب والأوعية الدموية بها، والثانية فى خصره الأيسر نفذت إلى التجويف البطنى وأبرزت الأمعاء الدقاق. سائغ.
(2) محكمة الجنايات. "نظرها الدعوى والحكم فيها". تصد.
حق التصدى. من إطلاقات محكمة الموضوع. المادة 11 إجراءات.
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية . نقض. "المصلحة فى الطعن".
تمسك الطاعن بإدخال شخص آخر فى الدعوى. عدم جدواه. طالما أنه لا يحول دون مساءلته عن الجريمة التى دين بها.
1 - لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله: "وحيث إن نية القتل متوافرة فى حق المتهم من استعماله آلة صلبة ذات حافة حادة (مطواه) من شأنها احداث الوفاة من اعتدائه على المجنى عليه مرتين: الأولى فى رقبته وما صاحب ذلك من قطع الأعصاب والأوعية الدموية مقابلة للإصابة وحدوث نزيف دموى، والثانية فى خاصره الأيسر نفذت إلى التجويف البطنى وأبرزت الأمعاء الدقاق وأن هاتين الإصابتين تعتبران خطيرتين وفى مقتل". وكان ما أورده الحكم تدليلاً على ثبوت نية القتل فى حق الطاعن سائغاً وكافياً لحمل قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس.
2 - حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات، تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها فى هذا الشأن.
3 - لا جدوى للطاعن من التمسك بادخال شخص آخر فى الدعوى طالما أن إدخال ذلك الشخص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجريمة التى دين بها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع فى قتل ..... عمدا بأن طعنه فى بطنه ورقبته فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه بالعلاج، وطلبت من السيد مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الإحالة. فقرر ذلك، وادعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا عملا بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع فى القتل قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر قصد القتل فى حقه، واغفل بيان وقت وقوع الجريمة ولم يرد على ما دفع به الطاعن من أنها وقعت فى الظلام بما يتعذر معه الرؤية والتحقق من الجانى. كما أخذ بأقوال المجنى عليه مع تكذيب شاهدته له وعول على أقوال شهود الاثبات رغم أن هذه الشاهدة نفت وجودهم بمسرح الجريمة. وأخيراً فإن محكمة الجنايات وقد استخلصت أن هناك متهماً آخر أسهم مع الطاعن فى الاعتداء على المجنى عليه كان عليها بما لها من حق التصدى أن تقيم الدعوى عليه وتحيل الدعوى إلى محكمة أخرى للفصل فيها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع فى القتل العمد التى دانه بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه ومن شهود الإثبات ومن التقرير الطبى الشرعى، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله: "وحيث إن نية القتل متوافرة فى حق المتهم من استعماله آلة صلبة ذات حافة حادة (مطواه) من شأنها إحدث الوفاة من اعتدائه على المجنى عليه مرتين الأولى فى رقبته وما صاحب ذلك من قطع الأعصاب والأوعية الدموية مقابلة للإصابة وحدوث نزيف دموى، والثانية فى خاصره الأيسر نفذت إلى التجويف البطنى وأبرزت الأمعاء الدقاق وأن هاتين الإصابتين تعتبران خطيرتين وفى مقتل". وكان ما أورده الحكم تدليلاً على ثبوت نية القتل فى حق الطاعن سائغاً وكافياً لحمل قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له فى ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التى ساقتها إلى أن المجنى عليه واحد شهود الإثبات رأيا الطاعن وهو يطعن الأول بمدية طعنتين إحداهما فى رقبته والثانية فى بطنه، وإذ كان الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب مع الدفوع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل ردا صريحا من الحكم ما دام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها - وفوق ذلك - لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار شيئا من هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن منعاه على الحكم فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شيهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض عليها، وأنه متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن مفاد ذلك إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اقوال المجنى عليه وشهود الإثبات واقتنعت بها فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات، تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها فى هذا الشأن، وإذ كانت المحكمة لم تشأ استعمال هذا الحق، وكان لا جدوى للطاعن من التمسك بادخال شخص آخر فى الدعوى طالما أن إدخال ذلك الشخص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجريمة التى دين بها فإن منعاه فى هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.