أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 755

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ محمود عطيفة، وإبراهيم الديوانى، ومصطفى الاسيوطى، وحسن المغربى.

(182)
الطعن رقم 1021 لسنة 41 القضائية

(أ، ب) إثبات." شهود". "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
( أ ) حق محكمة الموضوع فى تجزئة شهادة الشهود. تعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى.
(ب) حق محكمة الموضع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع العناصر المطروحة أمامها. شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
(ج) ظروف مشددة. سرقة. وصف التهمة. جريمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ظرف تعدد الجناة الموجب لتكييف الواقعة جناية فى حق المتهم المرتبط بمركز متهمين آخرين لم تطمئن المحكمة لاتهامهم. إفصاحها من اقتناعها بأن المتهم وحده هو الذى استقل بمقارفة الحادث واعتبارها وما وقع منه جنحة. تطبيق صحيح للقانون.
(د) حكم. "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "شهود".
الخطأ المادى البحت فى اسم الشاهد وترتيبه بين شهود الإثبات لا يؤثر فى سلامة الحكم.
(هـ) ارتباط. ضرب . سرقة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها "حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات الحكم لوقائع الدعوى بما ينبئ عن الارتباط بين تهمتى الضرب والشروع فى السرقة وارتكابها لغرض واحد إغفاله التحدث عن تهمة الضرب على استقلال لا يوجب نقضه ما دام قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد وهو ما كان سينتهى إليه حتما عملا بنص المادة 32/ 2 عقوبات.
1 - من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وإطراح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
3 - إذا كان ظرف تعدد الجناة فى واقعة الدعوى الموجب لتكييف الواقعة بوصف الجناية فى حق المتهم الأول مرتبطا بمركز المتهمين الثانى والثالث - والذى استبعدت المحكمة الاتهام الموجه إليهما - فإنها إذ لم تطمئن لهذا الاتهام واستبعدت وجود المتهمين فى مكان الحادث وقت وقوعه وأفصحت عن اقتناعها بأن المتهم الأول هو وحده الذى استقل بمقارفة الحادث واعتبرت أن ما وقع منه يكون الجنحة المعاقب عليها بمقتضى المواد 45، 47، و317/ 4، 6 و321 من قانون العقوبات، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى كما استقرت فى يقينها بالاستناد إلى الأدلة التى اطمأنت إليه، ويكون غير سديد النعى بأن المحكمة لم تقل كلمتها فى مدى قيام ظرف التعدد.
4 - من المقرر أن الخطأ المادى البحت فى اسم الشاهد وترتيبه بين شهود الاثبات لا يؤثر فى سلامة الحكم.
5 - إذا كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تنبئ بذاتها عن الارتباط القائم بين تهمتى الضرب والشروع فى السرقة ليلا مع حمل سلاح المسندتين إلى المتهم وأنهما ارتكبتا لغرض واحد فإن إغفال الحكم التحدث عن تهمة الضرب على استقلال لا يوجب نقضه ما دام أنه قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد وهو ما كان سينتهى إليه حتما عملا فى واقعة الدعوى عملا بنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم فى ليلة 19 نوفمبر سنة 1969 بدائرة مركز الفيوم محافظة الفيوم: المتهمين من الأول إلى الثالث. شرعوا فى سرقة الأذرة المبين وصفا وقيمة بالمحضر والمملوك لمحمد على عبد العزيز حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحا ظاهرا مطواة وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهم الأول والجريمة متلبس بها وفرار الثانى والثالث خشية ضبطهما - المتهم الأول أيضا - أحدث عمدا بعبد العزيز محمد على الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 47، 49/ 1 و50/ 1 و317/ 2 - 4 و321 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثانى والثلث بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل ثلاث سنوات وبراءة الثانى والثالث مما أسند إليهما. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ولم يقدم أسبابا لطعنه، كما طعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ...... وإن قرر بالطعن فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
ومن حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده الأول ......... بجنحة الشروع ليلا فى سرقة كمية الذرة مع حمل سلاح وبراءة زميليه الثانى والثالث قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى الإسناد، ذلك أن مؤدى أقوال الشاهد محمد على عبد العزيز بالجلسة والتى عولت عليها المحكمة فى براءة المتهمين الثانى والثالث أنه رأى أكثر من شخص يرتكب الحادث وأن عبد العزيز محمد على أمسك بالمطعون ضده الأول ولحق هو بالمتهمين الآخرين إلا أنه لم يتمكن من ضبطهما وهو ما يقطع بتعدد الجناة ليلا ومع حمل السلاح وبه يتحقق الظرف المشدد لجناية الشروع فى السرقة المنصوص عليها فى المادة 316 من قانون العقوبات، غير أن المحكمة انتهت إلى نفى الفعل عن المتهمين الثانى والثالث دون أن تقول كلمتها فى مدى قيام ظرف التعدد بذاته، كما أن المحكمة وقد رأت ألا تفصل جنحة الضرب عن جناية الشروع فى السرقة قبل نظر الدعوى وأغفلت القضاء فيها ولم تضمن حكمها ما يجلى ما إذا كانت قد اعتبرت جنحة الضرب مرتبطة بجناية الشروع فى السرقة التى دانت المطعون ضده الأول بها وأن العقوبة الموقعة تشمل هذه التهمة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد أم أنها لم تعتبرها كذلك مما كان يوجب توقيع عقوبة مستقلة بشأنه، كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى الإسناد إذ نسب إلى عبد العزيز محمد على أنه شهد بالجلسة بعدم رؤيته المتهمين الثانى والثالث وقت الحادث وأنه لم يعرفهما إلا بعد القبض على المطعون ضده الأول، فى حين أن الذى شهد بجلسة المحاكمة هو والده محمد على عبد العزيز وقد رتبت المحكمة على ما وقع بمحضر الجلسة من خطأ مادى أن الشاهد عبد العزيز محمد على نفى رؤيته للمتهمين الثانى والثالث والقضاء ببراءتهم، فى حين أن هذا الشاهد قرر صراحة بالتحقيقات أنه تحقق من شخصية كل من المتهمين الثانى والثالث، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن شاهدى الإثبات ضبطا المتهم الأول حال قيامه بسرقة الذرة وأن هذا المتهم قد اعتدى حال محاولته الفرار على الشاهد عبد العزيز محمد على وانتهى إلى إدانة المتهم الأول بتهمة الشروع فى السرقة ليلا حالة كونه يحمل سلاحا ظاهرا "مطواة" وعاقبه بالمواد 45 و47 و49/ 1 و50/ 1 و317/ 4 - 6 و321 من قانون العقوبات وعرض من بعد لما أسند للمتهمين الثانى والثالث فقال "وحيث إن الثابت من أقوال الشاهد الأول عبد العزيز محمد على بجلسة اليوم أنه لم ير أحدا من المتهمين وقت الحادث ولم يعرف أحدهم إلا بعد القبض على المتهم الأول، كما أن الخفير محمد زيدان أيد الشاهد الأول فى هذه الرواية فى أقواله فى النيابة عندما ذكر أنه لم ير المتهمين الثانى والثالث وتأيدت أيضا بأقوال عبد الله فرج محمد الذى شهد فى التحقيقات أنه رأى المتهم الثالث بركة جالسا أمام منزله خروجه لمعرفة ماهية الحادث وسببه. وحيث إنه لما تقدم يكون ما أسند إلى المتهمين الثانى والثالث ادعاءات لم يقم عليها الدليل". كما يبين أيضا من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سألت شاهد الإثبات عبد العزيز محمد على وصحة اسمه محمد على عبد العزيز فشهد بأنه وجد وابنه المتهمين يقومون بتقطيع الذرة ليلا ويشرعون فى سرقتها وحينما سألته المحكمة عن حالة الرؤية أجاب بأنها كانت "غير متيسرة" ولما استفسرت منه المحكمة عن مدى تعرفه على الجناة فى الظلام قال "إحنا ماعرفناهمش إلا بعد ما مسكنا أيوب وهو قال أسماء المشتركين معه". لما كان ذلك، وكان مفاد شهادة الشاهد أنه لم يقطع برفقة آخرين للمطعون ضده الأول نظرا للظلام، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى، فإن ما تنعاه النيابة العامة فى طعنها حول أقوال ذلك الشاهد يكون فى حقيقته مصادرة للمحكمة فى سلطتها فى هذا الخصوص مما تستقل هى به بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أيضا أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وإطراح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وكانت المحكمة قد استبعدت المحكمة الاتهام الموجه إلى المتهمين الثانى والثالث وكان ظرف تعدد الجناة فى واقعة الدعوى الموجب لتكييف الواقعة بوصف الجناية فى حق المتهم الأول مرتبطا بمركز هذين المتهمين فإن المحكمة إذ لم تطمئن لهذا الاتهام واستبعدت وجود المتهمين فى مكان الحادث وقت وقوعه وأفصحت عن اقتناعها بأن المتهم الأول هو وحده الذى استقل بمقارفة الحادث واعتبرت أن ما وقع منه يكون الجنحة المعاقب عليها بمقتضى المواد 45، 47، و317/ 4، 6 و321 من قانون العقوبات فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى كما استقرت فى يقينها بالاستناد إلى الأدلة التى اطمأنت إليه، ومن ثم فإن منعى الطاعنة فى هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان ما تردى فيه الحكم من خطأ فى بيان أسماء الشاهدين الأول والثانى هو من قبيل الخطأ المادى البحت فى بيان اسم الشاهد وترتيبه بين شهود الإثبات فإنه لا أثر له على سلامة ما انتهت إليه المحكمة بالنسبة للمتهمين الثانى والثالث طالما أن ما أورده الحكم فى التدليل على براءتهمما له سنده الصحيح من أقوال أحد شاهدى الإثبات بجلسة المحاكمة وهو ما لم تجادل فيه النيابة الطاعنة، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل لما هو مقرر من أن الخطأ المادى البحت فى اسم الشاهد وترتيبه بين شهود الإثبات لا يؤثر فى سلامة الحكم. لما كان ذلك، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تنبئ بذاتها عن الارتباط القائم بين تهمتى الضرب والشروع فى السرقة ليلا مع حمل سلاح المسندتين إلى المتهم الأول وأنهما ارتكبتا لغرض واحد فإن إغفال الحكم التحدث عن تهمة الضرب على استقلال لا توجب نقضه ما دام أنه قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد وهو ما كان الأمر سينتهى إليه حتما فى واقعة الدعوى عملا بنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، فإن هذا النعى يكون غير سديد. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.