أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 761

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه دنانة.

(183)
الطعن رقم 78 لسنة 41 القضائية

(أ، ب، ج، د، ه، و، ز) تبديد. حجز. جريمة. "أركان الجريمة". دفوع. "الدفع بعدم العلم بيوم البيع". مأمورو الضبط القضائى. "واجباتهم".
حكم. "بطلانه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محضر الجلسة. نقض. "حالات الطعن بالنقض. بطلان الحكم".
( أ ) جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها. أركانها؟
(ب) توقيع الحجز. يوجب احترامه. ولو كان مشوبا بالبطلان. ما دام لم يصدر حكم ببطلانه. ادعاء الحارس بأنه غير مدين. لا يبرر الاعتداء على أوامر السلطة التى أوقعت الحجز أو عرقلة التنفيذ. مثال.
(ج) كفاية إحالة الحكم - فى شأن التاريخ المحدد للبيع - على أوراق الحجز والتبديد. ما دامت قد اشتملت فعلا عليه. مثال.
(د) الدفع بعدم العلم بيوم البيع. محله: أن تكون المحجوزات موجودة لم تبدد.
(هـ) تحرير محضر بواقعة تبديد الأشياء المحجوز عليها يوم حصولها. غير لازم. افتتاح المحكمة بثبوت الواقعة من أى دليل أو قرينة تقدم إليها. كفايته. مثال.
(و) حضور المحجوز عليه عند توقيع الحجز وامتناعه عن التوقيع على محضر الحجز. تعيينه حارسا دون الاعتداد برفضه الحراسة. دليل علمه اليقينى بالحجز. المادة 11 من القانون 308 لسنة 1955 المعدل.
(ز) محضر الجلسة. يكمل الحكم فى شأن بيان الهيئة التى أصدرته. مثال.
1 - من المقرر قانونا أن جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هى فى عهدته إلى المكلف ببيعها فى اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ.
2 - إن توقيع الحجز يقتضى احترامه قانون، ويظل منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بالبطلان ما دام لم يصدر حكم من جهة الاختصاص ببطلانه. ولا يعفى الحارس من العقاب احتجاجه بأنه غير مدين بالمبلغ المحجوز من أجله أو بوقوع مخالفة للإجراءات المقررة أو لبيع المحجوزات، فإن ذلك كله لا يبرر الاعتداء على أوامر السلطة التى أوقعته أو العمل على عرقلة التنفيذ.
3 - لئن كان ذكر التاريخ المحدد لبيع الأشياء المحجوز عليها من البيانات الجوهرية إلا أنه متى كان الحكم قد أحال فى شأنه إلى أوراق الحجز والتبديد التى اشتملت فعلا عليه - كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة - فلا يعيب الحكم إن هو جاء خلوا من بيان هذا التاريخ.
4 - من المقرر أن محل الدفع بعدم العلم باليوم المحدد للبيع أن تكون المحجوزات موجودة ولم تبدد.
5 - لا يشترط فى إثبات جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها أن يحرر مندوب الحجز محضرا يثبت فيه واقعة التبديد يوم حصولها بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم أن تقتنع المحكمة بثبوت الواقعة من أى دليل أو قرينة تقدم إليها. فمتى أثبتت على المتهم مقارفته جريمة التبديد وذكرت الأدلة التى استخلصت منها ذلك وكانت أدلة سائغة تؤدى إلى ما انتهت إليه، كما هو الشأن فى الدعوى الماثلة، فإن عدم تحرير محضر بالتبديد لا يجدى الطاعن ولا يقدح فى سلامة الحكم.
6 - متى كان يبين من مذكرة أسباب الطعن فضلا عن محضر الحجز أن الطاعن كان حاضرا وامتنع عن التوقيع على محضر الحجز وأنه عين حارسا دون اعتداد برفضه الحراسة وذلك بالتطبيق لحكم المادة 11 من القانون رقم 308 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 181 لسنة 1959 مما يدل على علمه اليقينى بالحجز، فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله.
7 - متى كان يبين أن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه أنه يحوى تاريخ إصداره كما يبين من الرجوع إلى محضر الجلسة التى صدر فيها الحكم المذكور أنه أشتمل على بيان الهيئة التى أصدرته، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم بشأن هذا البيان، فإن ما ينعاه الطاعن عليه من بطلان لهذا السبب يكون غير سديد.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 26 يوليو سنة 1969 بدائرة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا: بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إداريا لصالح مديرية أوقاف المنيا والتى كانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها فى اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضرارا بالحاجز، وطلبت عقابه بالمادتين 341، و342 من قانون العقوبات، ومحكمة أبو قرقاص الجزئية قضت غيابيا عملا بمادتى الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ فعارض وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف، ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها إداريا فقد شابه خطأ فى تطبيق القانون وقصور فى البيان وخطأ فى الإسناد ذلك لعدم قيام هذه الجربمة فى حقه قانونا لابتنائها على محضر حجز باطل لتوقيعه ضد الطاعن عن دين غير مستحق فى ذمته، وأن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه جاء قاصر البيان فى واقعة الدعوى والأدلة وتاريخ البيع وعدم علم الطاعن به وأقام قضاءه على أن الطاعن طولب بالأشياء المحجوز عليها فى اليوم المحدد لبيعها فلم يقدمها مع أن ذلك ليس له أصل ثابت فى الأوراق إذ جاءت خلوا من بيان انتقال مندوب الحجز إلى مكان الأشياء المحجوز عليها أو مطالبة الطاعن بتقديمها أو تحرير محضر تبديد ضده كما جاء الحكم الابتدائى المذكور خلوا من تاريخ اصداره ومن الهيئة التى أصدرته ومن شأن كل ذلك أن يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التى دان الطاعن بها إذ أثبت أنه بتاريخ 14/ 5/ 1969 أوقع مندوب وزارة الأوقاف حجزا إداريا على الزراعة المبينة بالمحضر لصالح الوزارة لدين لها مقداره 1782 ج و87 م وعين الطاعن حارسا وفى اليوم المحدد للبيع لم يقدم المحجوزات المسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع واختلسها لنفسه إضرارا بالحاجز وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق مستمدة من أوراق الحجز والتبديد ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها.
ولما كان الثابت من الأوراق كما يبين من مطالعة المفردات المضمومة أن مندوب البيع قدم بلاغا أثبت فيه أنه اليوم المحدد للبيع وهو 16/ 7/ 1969 لم يجد المحجوزات وأن مطالبة الطاعن لم تجد نفعا وطلب من الشرطة تحرير جنحة تبديد ضده. ولما كان من المقرر قانونا أن جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هى فى عهدته إلى المكلف ببيعها فى اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ لأن هذا الامتناع ينطوى على الإضرار بالدائن الحاجز وعلى الإخلال بواجب الاحترام لأوامره السلطة التى أوقعته. ولا يعفى الحارس من العقاب احتجاجه بأنه غير مدين بالمبلغ المحجوز من أجله أو بوقوع مخالفة للإجراءات المقررة أو ببيع المحجوزات، فإن ذلك كله لا يبرر الاعتداء على أوامر السلطة التى أوقعته أو العمل على عرقلة التنفيذ. إذ أن توقيع الحجز يقتضى احترامه قانونا ويظل منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بالبطلان ما دام لم يصدر حكم من جهة الاختصاص ببطلانه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الشأن. وإذ كان يبين من مدونات الحكم الابتدائى أنه اعتمد فى ثبوت الواقعة على أوراق الحجز والتبديد وأوضح تاريخ الحجز وتعيين الطاعن حارسا على الأشياء المحجوز عليها وعدم تقديمه إياها عند الطلب فى اليوم المحدد لبيعها غير أنه لم يذكر تاريخ يوم البيع. وأنه وإن كان ذكر هذا التاريخ من البيانات الجوهرية إلا أنه متى كان الحكم قد أحال فى شأنه إلى أوراق الحجز والتبديد التى اشتملت فعلا عليه - كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة - فلا يعيب الحكم إن هو جاء خلوا من بيان هذا التاريخ كما لا ينال منه دفع الطاعن بعدم علمه بهذا التاريخ ما دام لم يدع بوجود الأشياء المحجوزة لأن من المقرر أن محل هذا الدفع أن تكون المحجوزات موجودة ولم تبدد وكذا الشأن بالنسبة لما أثاره من عدم تحرير محضر بالتبديد يوم حصوله لأنه لا يشترط فى إثبات هذه الجريمة أن يحرر مندوب الحجز محضرا يثبت فيه واقعة التبديد يوم حصولها بل يكفى كما هى الحال فى سائر الجرائم أن تقتنع المحكمة بثبوت الواقعة من أى دليل أو قرينة تقدم إليها فمتى أثبتت على المتهم مقارفته جريمة التبديد وذكرت الأدلة التى استخلصت منها ذلك وكانت أدلة سائغة تؤدى إلى ما انتهت إليه كما هو الشأن فى الدعوى المماثلة فإن عدم تحرير محضر بالتبديد لا يجدى الطاعن ولا يقدح فى سلامة الحكم. هذا إلى أن الطاعن أقر فى محضر الشرطة بأنه لم يقم بالسداد وعندما وجهت إليه تهمة التبديد لم يدع بوجود المحجوزات ولا بعدم علمه بيوم البيع وانما وعد بالسداد ولم يحضر بعد ذلك بأى جلسة من جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم المطعون فيه، ولما كان البين من مذكرة أسباب الطعن فضلا عن محضر الحجز أنه كان حاضرا وامتنع عن التوقيع على محضر الحجز وأنه عين حارسا دون اعتداد برفضه الحراسة وذلك بالتطبيق لحكم المادة 11 من القانون رقم 308 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 181 لسنة 1959 مما يدل على علمه اليقينى بالحجز، فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه أنه يحوى تاريخ إصداره وهو 26/ 1/ 1967 كما يبين من الرجوع إلى محضر الجلسة التى صدر فيها الحكم المذكور أنه أشتمل على بيان الهيئة التى أصدرته، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم بشأن هذا البيان، فإن ما ينعاه الطاعن عليه من بطلان لهذا السبب يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.