أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 767

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(184)
الطعن رقم 678 لسنة 41 القضائية

( أ ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. إجراءات المحاكمة.
القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم. مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع أن يكون القضاء بإدانة أحدهم يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر. تعارض المصلحة الذى يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه. أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال ما كان يسع كل متهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل.
(ب، ج) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع. "سلطتها فى استخلاص توافر نية القتل" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتتم عما يضمره فى نفسه.
(ج) استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.
(د) عقوبة. "تطبيق العقوبة. العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة فى الطعن". قتل عمد.
لا مصلحة من النعى بتخلف ظرف سبق الإصرار طالما أن العقوبة الموقعة تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل مجردة عن أى ظرف مشدد.
(هـ) إثبات. "شهود". إكراه. دفوع. "الدفع بإكراه الشاهد". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بإكراه الشاهد لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(و) طعن. نقض. "أسبابه".
كون وجه الطعن واضحا محددا شرط لقبوله.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم. وإذ كان الثابت من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبا معا فعلى القتل والشروع فيه واعتبرهما فاعلين أصليين فى هاتين الجريمتين، وكان القضاء بإدانة أحداهما - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع، فإنه لا يعيب الحكم فى خصوص هذه الدعوى أن تولى الدفاع عن الطاعنين محام واحد ذلك بأن تعارض المصلحة الذى يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه.
3 - إن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. ومتى كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافرها لدى الطاعنين فإن نعيهم فى هذا الصدد لا يكون له محل.
4 - إذا كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهى الأشغال الشاقة خمس عشرة سنة تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل مجردة عن أى ظرف مشدد فلا مصلحة لهم فيما أثاروه من تخلف ظرف سبق الإصرار ويكون النعى على الحكم فى هذه الخصوصية غير سديد.
5 - إذا لم يثر الطاعنون لدى محكمة الموضوع أن إكراها ما قد وقع على الشاهد أو أن أقواله صدرت تحت تهديد أو وعيد فلا يقبل منهم أن يطالبوا المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يجوز لهم أن يثيروا هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقا موضوعيا تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
6 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا ومحددا. وإذا كان الطاعنون لم يفصحوا عن وجه التناقض والتضارب المقول به فى أقوال الشهود فإن ما يثيرونه فى هذا الصدد لا يكون مقبولا.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم فى يوم 21 سبتمبر سنة 1969 بدائرة مركز أبشواى محافظة الفيوم: (أولا) المتهمون جميعا:1 - قتلوا محمد سالم رمضان عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية وتربصوا بالمجنى عليه فى الطريق الذى أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عيارا ناريا قاصدا إزهاق روحه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. 2 - فى الزمان والمكان - سالفى الذكر - أيضا شرعوا فى قتل عبد الرازق محمد سالم عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وصمموا على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية وتربصوا له فى الطريق الذى أيقنوا مروره فيه فلما ظفروا به أطلق عليه المتهم الثانى عيارا ناريا بقصد قتله وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم انطلاق المقذوف من ماسورة السلاح المستعمل (ثانيا) المتهم الأول أيضا: أحرز سلاحا ناريا "خرطوش" عيار 16 ماسورته مششخنة وصالح للاستعمال فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعا قبتهم بالمواد 45 و46 و230 و232 و234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا عملا بالمواد 17 و32/ 2 و45 و46 و230 و232 من قانون العقوبات والمواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 54 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرافق بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما ومصادرة السلاح النارى المضبوط. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتى القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن محاميا واحدا تولى المرافعة عن الطاعنين جميعا جملة واحدة على الرغم من قيام التعارض بين صوالح كل من الطاعنين الأول والثانى فى الدفاع بالنظر إلى ما شهد به ناجى جودة فى الجلسة من أن الثانى هو الذى قتل المجنى عليه ومن نفيه التهمة عن الأول، مما كان يقتضى فصل دفاع كل منهما وإفراد محام خاص به. كما أن الحكم لم يورد على توفر نية القتل لدى الطاعنين أدلة سائغة واستخلص ظرف سبق الإصرار من أمور لا تنتجه، ثم إن المحكمة استندت فى قضائها بالإدانة إلى أقوال الشاهد ناجى جودة فى التحقيقات رغم عدوله عنها فى جلسة المحاكمة وتقريره بأنه كان قد أدلى بها نتيجة التأثير والإكراه من رجال الشرطة ولم يعن الحكم بالرد على ما أثاره الشاهد المذكور فى هذا الخصوص مكتفيا بالقول بأن شهادته "غير ذى موضوع" وأخيرا فإن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات رغم ما يعيبها من تناقض وتضارب لم يقم برفعه، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعنون بهما وأورده على ثبوتها فى حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأورق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم وكان الثابت من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين الأول والثانى ارتكبا معا فعلى القتل والشروع فيه واعتبرهما فاعلين أصليين فى هاتين الجريمتين، وكان القضاء بإدانة أحداهما - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع، فإنه لا يعيب الحكم فى خصوص هذه الدعوى إن تولى الدفاع عن الطاعنين محام واحد، ذلك بأن تعارض المصلحة الذى يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى القصد الجنائى الخاص لجريمة القتل العمد فى قوله "وحيث إنه عن نية القتل فمتوافرة لدى المتهمين الثلاثة من إقدامهم على انتظار المجنى عليهما فى الطريق واستعمال كل منهم سلاحا ناريا معدا للقتل، ثم إطلاق النار على المجنى عليه (الأول) فى مقتل وسقوطه على إثر هذا الإطلاق قتيل، ثم إطلاق النار على المجنى عليه الثانى ولكن خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم الثانى فيه وهو عدم انطلاق المقذوف.... وحيث إنه يضاف إلى ذلك وتأكيدا لرواية الشهود ما جاء فى التقرير الطبى من أن جلباب المجنى عليه كان مبتل، وهذا يؤيد أن المتهم الأول تبع المجنى عليه وأطلق عليه العيار فى الوجه، وإذا لم يكن يقصد قتله فقد كان فى إمكانه أن يصيبه فى قدمه أو ساقه أو فى غير مقتل". ولما كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافرها لدى الطاعنين فإن نعيهم فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهى الأشغال الشاقة خمس عشرة سنة تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل مجردة عن أى ظرف مشدد فلا مصلحة لهم فيما أثاروه من تخلف ظرف سبق الإصرار ويكون النعى على الحكم فى هذه الخصوصية غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو الدفاع عنهم قد أثاروا لدى محكمة الموضوع أن إكراها ما قد وقع على الشاهد ..... أو أن أقواله صدرت تحت تهديد أو وعيد، ومن ثم لا يقبل منهم أن يطالبوا المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يجوز لهم أن يثيروا هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقا موضوعيا تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا. وإذ كان الطاعنون لم يفصحوا عن وجه التناقض والتضارب المقول به فى أقوال الشهود فإن ما يثيرونه فى هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.