أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 777

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(186)
الطعن رقم 1172 لسنة 41 القضائية

حكم . "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد. شروع. اقتران.
بيانات حكم الإدانة؟ المقصود من عبارة "بيان الواقعة" الواردة بالمادة 310 إجراءات؟ مثال لتسبيب معيب فى جريمة قتل عمد مقترن بجناية شروع فى قتل.
من المقرر أن القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرا. والمقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثيت قاضى الموضوع فى حكمه كل الأفعال والمقاصد التى تتكون منها أركان الجريمة. ولما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه فى بداية أسبابه من صورة الواقعة على نحو ما أثبته محرر محضر جمع الاستدلالات أن هذه الصورة لا يتوفر فيها بيان واقعة القتل العمد المقترن بجناية الشروع فى القتل بيانا تتحقق به أركان الجريمة على النحو الذى يتطلبه القانون ويتغياه من هذا البيان، هذا إلى أنه يبين من تحصيل الحكم لشهادة الشهود أن صورة الواقعة قد اضطربت فى ذهن المحكمة على نحو لا يعلم معه ما استقرت عليه فى هذا الصدد مما يعيب الحكم المطعون فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 17 يوليو سنة 1968 بدائرة قسم ومحافظة الفيوم: قتل .... عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من مسدسه قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الاصابات النارية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر شرع فى قتل .... و.... و.... بأن أطلق على كل منهم عيارا ناريا من سلاحه النارى آنف الذكر قاصدا من ذلك قتلهم فأحدث بهم الاصابات النارية الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجنى عليهم بالعلاج. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر بذلك. وادعى .... مدنيا وطلب القضاء به قبل المتهم بمبلغ 2000 ج على سبيل التعويض مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا عملا بالمواد 45 و46 و234/ 1 - 2 و30/ 1 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبمصادرة السلاح النارى والذخيرة المضبوطين. (ثانيا) بإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ 500 ج خمسمائة جنيه على سبيل التعويض المدنى مع إلزامه بالمصروفات المناسبة لهذا المبلغ وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم إذ دانه فى جريمة القتل العمد - المقترنة بجنايات الشروع فى القتل - لم يورد صورة الواقعة التى استقرت فى يقين المحكمة بل راح يعرض أقوال الشهود فى مراحل التحقيقات المختلفة وعلامات تضاربها واستدل بها جملة - برغم ما فيها من تعارض - فى إدانة الطاعن ومن ذلك تعارض أقوال الشاهد سعداوى على محمد فى التحقيقات عنها فى جلسة المحاكمة، وكذلك الشاهد محمود على القللى ولم يكشف الحكم عن الرواية التى اختارها مع تعدد روايات الشهود وتعارضها خاصة فى وضع الشاهد الأخير عند إصابته ومع ما بين الدليلين القولى والفنى من تعارض بشأن عدد الأعيرة التى أصابت المجنى عليه الأول (القتيل) وبشأن موقف الطاعن من المجنى عليه (محمود القللى) مما يعيب الحكم بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بدأ أسبابه ببيان الواقعة كما اثبتها الرائد محمد خالد حمدى من اخطاره بالحادث ونقل المصابين فيه وهم... فتحى ومحمود القللى وصلاح محمود القللى وسعد فتحى إلى المستشفى وإثبات ما بهم من إصابات حدثت نتيجة مشاجرة وقعت بناحية سوق الخضار وعقب معركة سابقة فى ذات اليوم وإثبات اتهام المتهم بإحداث الإصابات النارية بهم واتهام ابن الطاعن بإحداث الاصابات القطعية وغير النارية بمحمود القللى وصلاح محمود القللى وبعد أن حصل الحكم أقوال الطاعن وشهود الحادث بالتحقيقات وأقوال من سئل منهم بجلسة المحاكمة ومؤدى تقرير الصفة التشريحية عن إصابة القتيل أورد "أنه مما سبق جميعه يتبين أن الطاعن قد أقترف الحادث دون غيره أخذا بالثابت من التحقيقات ومن أقوال من كان لهم قول فى الحادث أن أحدا لم يكن يحمل سلاحا يطلقه سوى الطاعن". استدل الحكم على ذلك أيضا بقول الشاهد سعد فتحى (ابن أخ الطاعن) وتكذيبه له عن وجوده بالمسجد. وفى مجال تحصيل الحكم لأقوال الشاهدين سعداوى على حسن ومحمود على القللى يبين أنه حصل شهادة أولهما بالتحقيقات فى أنه شاهد الطاعن يحمل غدارته وابنه حسين يحمل سكينا أراد الهجوم بها على المجنى عليه محمود القللى فنبهه الشاهد فأمسكها من حاملها وحين خف إليه ابنه صلاح (القتيل) أطلق عليه الطاعن عيارا ناريا فلما هم والده بالقيام أطلق عليه الطاعن طلقتين وعاد الحكم إلى تحصيل رواية الشاهد بالجلسة بأنه نبه المجنى عليه بعد أن كان طعن بالسكين فعلا وأنه لما قام هرج فى السوق خف صلاح لنجدة أبيه محمود القللى الذى تماسك مع حسين ابن الطاعن وسقطا على الأرض ولما هم محمود القللى بعد أن أحس بإصابة ابنه صلاح عاجله الطاعن بالطلقة النارية، كما حصل الحكم شهادة ثانيهما محمود القللى بالتحقيقات وبالجلسة فى أنه أحس وهو يجلس فى محل تجارته بطعنة سكين فأراد أن يهم واقفا فإذا بطلقة نارية تستقر بين فخذيه وطعنات سكين فى فخذه أيضا وفى كتفه وإصبعه وأنه لم ير الطاعن إلا بعد أن أطلق النار وكان على بعد ثلاثة أمتار منه وكان ابنه....... ملقى على الأرض إذ أطلق عليه الطاعن عيارا ناريا عندما كان مقبلا نحو محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصر، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإحراءات الجنائية هو أن يثبت قاضى الموضوع فى حكمه كل الأفعال والمقاصد التى تتكون منها أركان الجريمة، ولما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه فى بداية أسبابه عن صورة الواقعة على نحو ما أثبته محرر محضر جمع الاستدلالات أن هذه الصورة لا يتوافر فيها بيان واقعة القتل العمد المقترن بجناية الشروع فى القتل بيانا تتحقق به أركان الجريمة على النحو الذى يتطلبه القانون ويتغياه من هذا البيان إلا أنه يبين من تحصيل الحكم لشهادة سعداوى على حسن وشهادة محمود القللى أن صورة الواقعة قد اضطربت فى ذهن المحكمة على نحو لا يعلم معه ما استقرت عليه فى هذا الصدد مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى وجوه الطعن.