أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 694

جلسة 17 من يونيو سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، والدكتور أحمد رفعت خفاجى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد حلمى راغب.

(147)
الطعن رقم 1668 لسنة 48 القضائية

كحول. قانون. "تفسيره". وصف التهمة. رسوم إنتاج. غش. جمارك. تهريب جمركى. إرتباط. دفوع. "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
قضاء المحكمة فى الدعوى. أثره. عدم جواز إعادة نظرها. إلا بالطعن فى حكمها بالطرق المقررة قانونا.
عدم جواز طرح الدعوى الجنائية من جديد يعد الحكم فيها نهائياً ضد ذات المتهم. ولو بناء على وصف جديد. أساس ذلك. المادتان 454، 455 إجراءات.
عرض المتهم كحولاً غير مطابق للمواصفات. انطواؤه فى ذاته على حيازته له دون أداء رسوم الإنتاج عنه. محاكمته عن التهمة الأولى نهائياً. أثره. عدم جواز محاكمته عن التهمة الثانية. المادة 32/ 1 ع.
1 - لما كان القانون رقم 263 لسنة 1956 - بتنظيم تحصيل رسوم الإنتاج والاستهلاك على الكحول - قد نص فى البند (1) من المادة 18 منه على أنه "تعتبر مادة مهربة وتضبط (1) الكحول والسوائل الكحولية المنتجة فى معمل أو مصنع غير مرخص طبقاً للمادة السابعة وكذلك المواد الأولية التى توجد فيه مما يمكن استعماله فى صناعة الكحول "وكان مفاد نص هذه المادة أن مجرد كون الكحول منتجاً فى معمل أو مصنع غير مرخص طبقاً للقانون يعتبر مادة مهربة ويضبط ويشكل مخالفة لأحكام القانون آنف الذكر معاقباً عليها بمقتضى أحكام المرسوم بقانون 321 لسنة 1952، ومن ثم يسوغ القول بأن فعل عرض كحول - غير مطابق للمواصفات - للبيع، ينطوى فى ذاته - فى خصوصية الدعوى المطروحة على حيازته منتجاً فى معمل أو مصنع غير مرخص به وبالتالى مهرباً من أداء رسوم الإنتاج، ومن ثم فإنه يمثل فعلاً واحداً تقوم به جريمتان - لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "إذ كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب أعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها ويعنى ذلك أن تلتزم المحكمة فى هذه الحالة بأن تقضى فى الفعل على أساس وصفه الأشد وتصرف النظر عن سائر أوصافه، مما مقتضاه أن تبحث المحكمة الفعل الذى ارتكبه الجانى بكافة أوصافه القانونية التى يحتملها، وهى مختصة بالنظر فى ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وعليها أن تحكم بالعقوبة المقررة الوصف الأشد منها، وهى متى أصدرت حكمها فى الدعوى فلا تملك إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون، كما أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً على تغيير الوصف القانونى للجريمة، وذلك على ما سجلته المادتان 454 و455 من قانون الاجراءات الجنائية، فإنه لا يجوز طرح الدعوى من جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المتهم المحكوم عليه. لما كان ما تقدم، وكانت الواقعة التى طلبت سلطة الاتهام محاكمة الطاعن عنها فى الجنحة رقم 2950 لسنة 1971 جرحاً - موضوع الطعن الماثل - سبق أن طرحت على المحكمة - التى خولها القانون سلطة الفصل فيها - فى الجنحة رقم 1408 لسنة 1970 جرحا وأصدرت فيها حكما نهائيا ضد الطاعن، فإن المحكمة إذ عادت إلى نظر الدعوى - بوصف آخر للفعل وفصلت فى موضوعها من جديد بالنسبة للطاعن بعد أن زالت ولايتها بإصدار الحكم الأول، يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ فى القانون خطأ يؤذن لهذه المحكمة - عملاً بنص المادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإحراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تصحح الحكم على مقتضى القانون بالقضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها نهائيا فى الجنحة رقم 1408 لسنة 1970 جرجا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر حاز كحولاً لم يؤديا عنه رسوم الإنتاج وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 363 لسنة 1956 والمادة الأولى من القانون رقم 328 لسنة 1952. ومحكمة جنح مركز جرجا الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين خمسة جنيهات وغلق محل كل منهما خمسة عشرة يوما تبدأ من تاريخ مكان التنفيذ والمصادرة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لمصلحة الجمارك مبلغ 357ج و760 م قيمة الرسوم والتعويض فعارضا، وأثناء نظر المعارضة ادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 357 ج و760 م وقضى فى معارضتهما بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنفا، ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً (أولا ً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثانياً) برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبنظرها (ثالثاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير طلب من مدير عام مصلحة الجمارك وبقبولها (رابعاً) وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف. بالنسبة للمتهم الثانى وبراءته مما أسند إليه ورفض التعويض بالنسبة له وتأييد الحكم بالنسبة للمتهم الأول فى شأن العقوبة والمصادرة وتعديل الحكم بالنسبة للتعويض وذلك بالزامه بأن يؤدى إلى مصلحة الجمارك مبلغ 62 ج 240 م رسم الإنتاج و186 ج و720 م تعويض. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ فى تطبيق القانون، إذ دانه بجريمة حيازة كحول لم يؤد عنه رسوم الإنتاج رغم سابقة الفصل نهائيا فى الواقعة موضوع هذا الاتهام فى الجنحة رقم 1408 سنة 1970 جرجا، ذلك أن الحكم فى هذه الدعوى استغرق جميع الأوصاف التى يمكن أن تنطبق قانوناً على الفعل الذى اقترفه الطاعن وأصبح من غير الجائز تقديمه إلى المحاكمة الجنائية عن ذات الفعل فى الدعوى الحالية وقد كان تحت نظر المحكمة عند نظرها الجنحة رقم 1408 سنة 1970 جرجا، إذ طلبت مصلحة الإنتاج فى مذكرة دفاعها المقدمة فيها معاقبة الطاعن طبقا لأحكام القانون رقم 363 لسنة 1956 بتظيم تحصيل رسم الانتاج والاستهلاك على الكحول - وشمله قيد النيابة لمواد الاتهام فيها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن - والمتهم الثانى - فى الجنحة رقم 2950 لسنة 1971 جرجا - موضوع الطعن الماثل - لمحاكمتهما بوصف أنهما فى يوم 25/ 6/ 1969 بدائرة مركز جرجا - حازا كحولاً لم يؤديا عنه رسوم الإنتاج، وطلبت النيابة العامة معاقبتهما طبقاً لأحكام القانون رقم 363 لسنة 1956 والمرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 وقضت المحكمة غيابياً بتغريم كل منهما خسمة جنيهات وغلق محله خمسة عشر يوماً والمصادرة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لمصلحة الجمارك مبلغ 357 ج و760 م قيمة الرسوم والتعويض بلا مصروفات، وعارض المتهمان وأسسا دفاعهما على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 1408 لسنة 1970 جرجا، ورفضت المحكمة هذا الدفع وقضت بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، واستأنف المتهمان هذا الحكم وتمسكا بذات الدفع وقضت المحكمة الاستئنافية برفضه وبحكمها المطعون فيه بالنسبة للطاعن وبالإلغاء والبراءة ورفض التعويض بالنسبة للمتهم الآخر فى الدعوى واستندت المحكمة فى رفضها الدفع إلى أن الدعويين وإن كانتا قد اتحدتا فى الخصوم إلا أنهما يختلفان موضوعاً وواقعة. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة مفردات الجنحة رقم 1408 سنة 1970 جرجا المضمومة - أن محصلها يوجز فى أن إدارة إنتاج القاهرة حصلت على عينة من الكحول المعروض للبيع فى محل الطاعن تبين من تحليلها أنها غير مطابقة للمواصفات القياسية لعدم توافر الخواص الطبيعية المميزة للصنف بها، وأنها غير مطابقة للعينة الممثلة للعملية بما يعد معه الكحول المأخوذ منه هذه العينة مجهول المصدر ومهرب من الرسوم، وقد ألقى الطاعن مسئولية هذه النتيجة على المتهم الآخر فى الدعوى بوصفه مسئولاً عن المعمل الذى باعه الكحول، وانتهت إدارة الإنتاج إلى طلب إحالة الطاعن والمتهم الآخر إلى المحاكمة لمعاقبتهما بمقتضى أحكام القانون رقم 363 لسنة 1956 والقانون رقم 10 لسنة 1966 ومطالبتهما بمبلغ 357 ج و760 مليما قيمة الرسوم والتعويض وقد أمرت النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية ضد المتهمين لمحاكمتهما وفقاً لأحكام القانونين سالفى الذكر بوصف أن الطاعن فى 25/ 6/ 1969 وعرض للبيع شيئاً من مشروبات الإنسان "كحول" مغشوشاً وبوصف أن المتهم الآخر غش الكحول، وقضى نهائياً فى الدعوى بتأييد الحكم الابتدائى الصادر بتغريم الطاعن خمسة جنيهات والمصادرة وبراءة المتهم الثانى، وقد أشر وكيل النيابة على الأوراق بتاريخ 6/ 4/ 1971 بنسخ صورة هذا المحضر وتخصيصه عن واقعة حيازة كحول لم تسدد عنه رسوم الإنتاج ضد ذات المتهمين - وهو المحضر الذى قيد برقم 2950 لسنة 1971 جنح جرجا موضوع هذا الطعن. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 363 لسنة 1956 - بتنظيم تحصيل رسوم الإنتاج والاستهلاك على الكحول - قد نص فى البند ( أ ) من المادة 18 منه على أنه: "تعتبر مادة مهربة وتضبط (1) الكحول والسوائل الكحولية المنتجة فى معمل أو مصنع غير مرخص طبقاً للمادة السابعة وكذلك المواد الأولية التى توجد فيه مما يمكن استعماله فى صناعة الكحول" وكان مفاد نص هذه المادة أن مجرد كون الكحول منتجاً فى معمل أو مصنع غير مرخص طبقاً للقانون يعتبر مادة مهربة ويضبط ويشكل مخالفة لأحكام القانون آنف الذكر معاقباً عليها بمقتضى أحكام المرسوم بقانون 328 لسنة 1952، ومن ثم يسوغ القول بأن فعل عرض كحول - غير مطابق للمواصفات - للبيع، ينطوى فى ذاته - فى خصوصية الدعوى المطروحة - على حيازته منتجاً فى معمل أو مصنع غير مرخص به وبالتالى مهربا من أداء رسوم الإنتاج، ومن ثم فإنه يمثل فعلاً واحداً تقوم به جريمتان - لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات قد نصت على أنه: "إذ كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب أعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها" ويعنى ذلك أن تلتزم المحكمة فى هذه الحالة بأن تقضى فى الفعل على أساس وصفه الأشد وتصرف النظر عن سائر أوصافه، مما مقتضاه أن تبحث المحكمة الفعل الذى ارتكبه الجانى بكافة أوصافه القانونية التى يحتملها، وهى مختصة بالنظر فى ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وعليها أن تحكم بالعقوبة المقررة الوصف الأشد منها، وهى متى أصدرت حكمها فى الدعوى فلا تملك إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون، كما أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً على تغيير الوصف القانونى للجريمة، وذلك على ما سجلته المادتان 454 و455 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا يجوز طرح الدعوى من جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المتهم المحكوم عليه. لما كان ما تقدم، وكان الواقعة التى طلبت سلطة الاتهام محاكمة الطاعن عنها فى الجنحة رقم 2950 لسنة 1971 جرحاً - موضوع الطعن الماثل - سبق أن طرحت على المحكمة - التى خولها القانون سلطة الفصل فيها - فى الجنحة رقم 1408 لسنة 1970 جرحاً وأصدرت فيها حكماً نهائياً ضد الطاعن، فإن المحكمة إذ عادت إلى نظر الدعوى - بوصف آخر للفعل وفصلت فى موضوعها من جديد بالنسبة للطاعن بعد أن زالت ولايتها بإصدار الحكم الأول، يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ فى القانون خطأ يؤذن لهذه المحكمة - عملاً بنص المادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تصحح الحكم على مقتضى القانون بالقضاء بعدم جواز الدعوى لسابقة الفصل فيها نهائيا فى الجنحة رقم 1408 لسنة 1970 جرجا.