أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 805

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار نصر الدين عزام وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(193)
الطعن رقم 1056 لسنة 41 القضائية

(أ، ب، ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف".. إكراه. دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما يوفره".
( أ ) الاعتراف. شرط التعويل عليه أن يكون اختياريا.
(ب) الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره إثر إكراه. دفع جوهرى. على المحكمة مناقشته والرد عليه. ما دامت قد عولت عليه فى قضائها بالإدانة.
مثال لاعتراف صدر من متهم على أثر تعرف الكلب البوليسى عليه.
(ج) تساند الأدلة فى المواد الجنائية. أثر ذلك فى الإثبات؟
1 - الأصل أن الاعتراف الذى يعول عليه يجب أن يكون اختيارى، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر إثر ضغط أو إكراه كائنا ما كان قدره.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهرى يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول فى قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف. ولما كان يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن كلا من الطاعنين دفع بأن اعترافه بمقارفة الحادث كان وليد إكراه إذ صدر عقب هجوم كلب الشرطة عليه أثناء العرض مما أدى إلى تمزيق ملابسه، وإصابة ثانيهما بجروح، وكان الحكم المطعون فيه قد عول فى إدانة الطاعنين على الاعتراف الصادر منهما بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهرى ويقول كلمته فيه فإنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب.
3 - الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 30/ 4/ 1968 بدائرة مركز فارسكو محافظة دمياط: قتلا حنيفة عبده الغريب عمدا مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتلها وأعدا لذلك حبلا واستدراجها إلى مكان الحادث، ولما ظفرا بها قاما بوضع الحبل حول عنقها وضرباها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بمواد الاتهام فقرر بذلك، وادعى محمد إبراهيم الدسوقى بصفته وليا على قصر المجنى عليها مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنايات دمياط قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى بالحق المدنى بصفته مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وقد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إليهما لم يكن تلقائيا بل صدر نتيجة اكراه شديد لا قبل لهما بدفعه وقع عليهم، إذ وثب كلب الشرطة عليهما أثناء العرض ومزق ملابسهما وأحدث إصابات بأحدهما أثبتها المحقق فى محضره وإلا أن الحكم أخذ بهذا الاعتراف واستند إليه فى إدانة الطاعنين بغير أن يعنى بمناقشة هذا الدفاع الجوهرى أو الرد عليه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن كلا من الطاعنين دفع بأن اعترافه بمقارفة الحادث كان وليد إكراه إذ صدر عقب هجوم كلب الشرطة عليه أثناء العرض مما أدى إلى تمزيق ملابسه وإصابة ثانيهما بجروح. كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند فى إدانة الطاعنين - ضمن ما استند إليه - إلى الاعتراف الصادر منهما دون أن يعرض إلى دفاعهما آنف الذكر أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الاصل أن الاعتراف الذى يعول عليه يجب أن يكون اختيارى، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر إثر ضغط أو إكراه كائنا ما كان قدره، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهرى يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول فى قضائه بالادانة على هذا الاعتراف. ولما كان الحكم المطعون فيه عول فى إدانة الطاعنين على الاعتراف الصادر منهما بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهرى ويقول كلمته فيه، فإنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب، ولا يغنى فى ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعنان فى أوجه طعنهما.