أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 712

جلسة 21 من يونيه سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد الديب، وفاروق راتب، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(151)
الطعن رقم 181 لسنة 49 القضائية

أمر حفظ. أمر بألا وجه. دعوى جنائية نصب. نقد.
أمر الحفظ الصادر من نيابة الشئون المالية فى جريمة نقد. لعدم صدور طلب برفع الدعوى الجنائية عنها. عدم إمتداده إلى جريمة النصب المرتبطة بها. أساس ذلك؟
جواز استخلاص الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. من أى تصرف أو إجراء آخر يدل عليه. افتراض صدوره أو الأخذ فيه بالظن. غير جائز.
من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر حفظ فيها من النيابة هو من قبيل الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه ولأجل أن يكون له محل يجب أن تكون الواقعة المطلوب محاكمة المتهم من أجلها هى بعينها الواقعة الصادر فيها أمر الحفظ. ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن نيابة الشئون المالية بعد أن باشرت التحقيق فى جريمة التعامل بالنقد الأجنبى المسندة إلى المطعون ضده وآخرين رأت الأمر يقيدها بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً إزاء رفض إدارة النقد الإذن لها برفع الدعوى الجنائية عنها ومن ثم قامت النيابة المختصة بمباشرة التحقيق فى وقائع النصب وأقامت الدعوى الجنائية عنها قبل المطعون ضده طالبة عقابه بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات بوصفه مرتكباً لجريمة النصب التى لا شأن لنيابة الشئون المالية بالتصرف فيها. ولما كان لكل من واقعتى التعامل بالنقد الأجنبى والنصب ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التى يمتنع معها القول بوحدة السبب فى كل منهما، وكان الأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحاً فى الدلالة على انصراف إرادة سلطة التحقيق المختصة باصداره إلى صرف النظر عن الجرائم التى تناولها التحقيق وإنه وإن جاز أن يستفاد الحفظ استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر يدل عليه إلا أنه لا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه بالظن، وإذ كان المستفاد من الأوراق أن الأمر الصادر من نيابة الشئون المالية بقيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً إنما انصب على واقعة التعامل بالنقد الأجنبى التى لم تأذن إدارة النقد برفع الدعوى الجنائية عنها دون غيرها من وقائع النصب التى رفعت بشأنها الدعوى الجنائية، فإنه لا حجية له بالنسبة لها ولا يقوم فى صحيح القانون مانعاً من نظر الدعوى الجنائية عنها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه توصل إلى الاستيلاء على مبلغ مائة وثلاثة وعشرين الف مارك ألمانى وسبعة آلاف دولار أمريكى من ......... وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض ثروته باستعمال طرق احتيالية من شأنها ايهام المجنى عليه بوجود مشروع كاذب وباتخاذ صفة غير صحيحة - وذلك بأن ادعى للمجنى عليه كذباً الوكالة عن عدد من الرأسماليين السعوديين الذين يرغبون فى اقراض أموالهم بعقود طويلة الأجل واتفق مع المجنى عليه على تحرير ثلاث من العقود يقرضه الممولون السعوديون بموجبها ثلاثمائة وخمسين مليون دولار أمريكى وثلاثمائة مليون جنيه استرلينى، ثم سلمه واحد من تلك العقود حيث وقعه المجنى عليه وصدق على توقيعه لدى موثق بمدينة ميونيخ ورده للطاعن حيث زعم له أنه سيرسله لمدينة بيروت ليوقع عليه الطرف الآخر الممول وحصل من المجنى عليه بناء على ذلك مبلغ خمسين ألف مارك ألمانى على أنه من حساب مصاريف القرض. ثم استمر فى الحصول منه على باقى المبالغ المستولى عليها على أنها ضمن تلك المصاريف مقرراً ادعائه بوجود المشروع الكاذب باتصالات هاتفيه مدعياً أنها تتم مع موكليه المزعومين وببرقيات يرسلها للمجنى عليه يطلب منه فيها الحضور لمقابلة هؤلاء الموكلين أو لإنهاء الصفقة باستلام عقود القرض وشيكات المبالغ المقترضة وكذلك بعرض مستندات محررة باللغة العربية التى يجهلها المجنى عليه على أنها تلك العقود والمشروعات الوهمية ثم بتقديم والده المتهم الثانى مدعياً صلته بـ ....... وسفره لمقابلته لأنهاء موضوع الصفقة وتأكيد وتأييد المتهم الثانى لتلك الصفقة وبصلته........ وسفره لاستحضار توكيل منه لأبنه الطاعن يمكنه من انهاء الصفقة كما عمد الطاعن فى سبيل توليد الاعتقاد فى نفس المجنى عليه بصدق ما يدعيه من مشروع كاذب الادعاء بصلته ........... وبتكليفه بمأموريات سرية خارج البلاد من الجهات المختصة وأنه بات مقرراً تعينه وزيراً أو سفيراً لمصر فى بون. وقد انخدع المجنى عليه بتلك الأكاذيب والأقوال والأفعال الصادرة من الطاعن وسلمه بناء على ذلك المبالغ المستولى عليها آنفة الذكر. وطلبت عقابه بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح سيدى جابر الجزئية قضت حضوريا اعتباريا بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ثلاثمائة جنيه لايقاف التنفيذ. فاستأنف. ومحكمة الاسكندرية الإبتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة التقرير بالأوجه لإقامتها. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى عن جريمة النصب المسندة إلى المطعون ضده تأسيسا على سابقة صدور أمر بالحفظ عنها من نيابة الشئون المالية قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الأمر الذى اعتمد عليه الحكم لم يصدر من نيابة الشئون المالية إلا عن جريمة التعامل بالنقد الأجنبى وهو ما تدل عليه عبارته، فلا تستطيل حجيته إلى جريمة النصب التى رفعت بشأنها الدعوى الجنائية لاستقلال كل من الجريمتين عن الأخرى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر الدعوى عن جريمة النصب المسندة إلى المطعون ضده فى قوله: "أنه يبين من مطالعة التحقيق رقم 2 لسنة 1973 إدارى مالية سيدى جابر الذى باشرته نيابة الشئون المالية والتجارية أن هذه النيابة أثناء تحقيقها الوقائع النقدية المسندة إلى المتهم وجهت إليه الاتهام بالنصب وإذ رأت إدارة النقد عدم الاذن برفع الدعوى أمر السيد المحقق بحفظ الأوراق اداريا فى 5/ 7/ 1973 ثم أفرد بعد ذلك تحقيق آخر للواقعة المطروحة انتهى إلى تقديم المتهم للمحاكمة فى 11/ 3/ 1976. ولما كان أمر الحفظ الصادر بعد تحقيقات أجرتها نيابة الشئون المالية هو فى حقيقته أمر بألا وجه لإقامة الدعوى يمنع من العودة إلى مساءلة المتهم عن الوقائع التى كانت موضوع التحقيق إلا إذا ألغى الأمر بالطرق المقررة قانونا وهو ما لم يحدث، وأنه وإن كانت نيابة الشئون المالية نيابة متخصصة إلا أن ذلك لا يمنع الحصانة عن قرارها بشأن الواقعة المطروحة إذ هى جزء من النيابة العامة وقد ارتبطت الواقعة المطروحة بالوقائع الأخرى موضوع التحقيق التى شملها أيضا وليس فى التحقيقات الجديدة ما يضيف جديداً إلى الواقعة المبلغ بها ذاتها قبل صدور القرار بألا وجه ومن ثم تخلص المحكمة إلى إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الأمر بألا وجه لإقامتها...." لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر حفظ فيها من النيابة هو من قبيل الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه ولأجل أن يكون له محل يجب أن تكون الواقعة المطلوب محاكمة المتهم من أجلها هى بعينها الواقعة الصادر فيها أمر الحفظ. ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن نيابة الشئون المالية بعد أن باشرت التحقيق فى جريمة التعامل بالنقد الأجنبى المسندة إلى المطعون ضده وآخرين رأت الأمر بقيدها بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً إزاء رفض إدارة النقد الإذن لها برفع الدعوى الجنائية عنها ومن ثم قامت النيابة المختصة بمباشرة التحقيق فى وقائع النصب وأقامت الدعوى الجنائية عنها قبل المطعون ضده طالبة عقابه بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات بوصفه مرتكباً لجريمة النصب التى لا شأن لنيابة الشئون المالية بالتصرف فيها. ولما كان لكل من واقعتى التعامل بالنقد الأجنبى والنصب ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التى يمتنع معها القول بوحدة السبب فى كل منهما، وكان الأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحاً فى الدلالة على انصراف إرادة سلطة التحقيق المختصة باصداره إلى صرف النظر عن الجرائم التى تناولها التحقيق وإنه وإن جاز أن يستفاد الحفظ استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر يدل عليه إلا أنه لا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه بالظن، وإذ كان المستفاد من الأوراق أن الأمر الصادر من نيابة الشئون المالية بقيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً إنما انصب على واقعة التعامل بالنقد الأجنبى التى لم تأذن إدارة النقد برفع الدعوى الجنائية عنها دون غيرها من وقائع النصب التى رفعت بشأنها الدعوى الجنائية عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة ثانى درجة عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الاحالة.