أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 722

جلسة 21 من يونيه سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد الديب، والدكتور رفعت خفاجى، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(153)
الطعن رقم 1058 لسنة 49 القضائية

(1، 2) إختصاص. "الاختصاص الولائى". "إختصاص محكمة الوزراء". "تنازع الاختصاص". قانون. "تفسيره". نقض. "ما يجوز الطعن فيه". حالات الطعن "الخطأ فى تطبيق القانون".
(1) إختصاص المحاكم العادية بكافة المنازعات والجرائم. إلا ما نص على انفراد غير هابه. محاكمة الوزراء. إنعقاد الاختصاص بها لكل من القضاء العادى والمحكمة المنصوص عليها فى القانون رقم 79 لسنة 58، أساس ذلك؟
(2) الوزير فى حكم القانون رقم 79 لسنة 1958 هو من يشغل بالفعل منصباً وزارياً فحسب. إنحسار هذه الصفة عنه. أثره. إنفراد المحاكم العادية بالاختصاص بمحاكمته.
قضاء محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى إستناداً إلى سبق شغل المتهم منصب وزير. خطأ. جواز الطعن فيه بطريق النقض. علة ذلك: أنه منه للخصومة.
(3) دستور. قانون. "إلغاؤه"(1).
الدستور هو القانون الوضعى الأسمى. نسخه. أحكام أى تشريع يتعارض معه.
المادة 20 من القانون رقم 79 لسنة 1958 تعارضها مع أحكام المادة 159 من الدستور الدائم. أثر ذلك. وجوب الالتفات عنها.
1 - إستقر قضاء محكمة النقض على أن المحاكم العادية هى صاحبة الولاية العامة بالفصل فى كافة الجرائم إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 سنة 1972 فى حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية وأنه وإن أجازت القوانين فى بعض الأحوال إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة - كمحاكم أمن الدولة - فإن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فى تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أى نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص دون غيرها ويستوى فى ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص إذ لو أراد المشرع أن يقصر الاختصاص على محكمة معينة ويفردها به لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه فى تشريعات عدة من ذلك المادة 83 من قانون السلطة القضائية سالف الذكر التى ناطت بدوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض "دون غيرها" الفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الجمهورية والوزارية المتعلقة بشئونهم وفى شأن طلبات التعويض والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت كما نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على اختصاص محاكم مجلس الدولة "دون غيرها" بالفصل فى المسائل التى حددها. وقد أخذ الدستور ذاته بهذا المفهوم عندما نص فى المادة 175 على أن "تتولى المحكمة الدستورية دون غيرها" الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح" لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء رقم 79 سنة 1958 قد قضت بأن "تتولى محاكمة الوزراء محكمة عليا". وكان هذا القانون أو أى تشريع آخر قد جاء خلواً من أى نص بأفراد هذه المحكمة العليا دون غيرها بالاختصاص ولائياً بنظر الجرائم التى يرتكبها الوزراء أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها. ومن ثم فإن محاكمة الوزير عما يقع منه من جرائم سواء تلك التى يحرمها القانون العام أم تلك التى نص عليها القانون رقم 79 لسنة 1958 تختص بها أصلاً المحاكم العادية بحسبانها صاحبة الولاية العامة أما المحكمة الخاصة التى نص عليها القانون سالف الذكر فإنها تشاركها فى اختصاصها دون أن تسلبها إياه. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة إستعمالاً لحقها المقرر قانونا قد أقامت الدعوى الجنائية أمام المحاكم العادية فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قضائه بعدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى استنادا إلى أن كلاً من المطعون ضدهما الرابع والخامس كان يشغل منصب وزير فى تاريخ ارتكاب الوقائع المنسوبة إليه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
2 - إن لفظ وزير فى المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1958 إنما ينصرف لغة ودلالة إلى من يشغل منصب وزير بالفعل بحسبانه عضواً فى التنظيم السياسى الذى يتكون منه مجلس الوزراء فإذا انحسرت عنه هذه الصفة أصبح شأنه شأن أى موظف زالت عنه صفة الوظيفة لأى سبب من الأسباب وبالتالى فإن لفظ الوزير لا يمكن أن ينصرف إليه، ويؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 7 من هذا القانون إذ رتبت على الحكم بالإدانة عزل الوزير من منصبه، كما يؤكد هذا المعنى ما نصت عليه المادة 157 من الدستور من أن "الوزير هو الرئيس الأعلى لوزارته".. والمادة 158 من أنه "لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة".. والمادة 159 من أن "لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب حق إحالة الوزير إلى المحاكمة".... والمادة 160 من أنه "يوقف من يتهم من الوزراء عن عمله إلى أن يفصل فى أمره".. وكل هذه المواد قاطعة فى الدلالة على أن محكمة الوزراء تختص بمحاكمة من يشغل وظيفة الوزير بالفعل باعتبار أنها أضفت عليه حصانة خاصة مقررة لمنصبه لا لشخصه.
3 - جرى قضاء محكمة النقض بأن الدستور هو القانون الوضعى الأسمى صاحب الصدارة فكان على ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها ويعتبر الحكم المخالف فى هذه الحالة قد نسخ حتماً بقوة الدستور نفسه. لما كان ذلك، وكان يبين مما نصت عليه المادة 20 من القانون رقم 79 لسنة 1958 من أنه: "إذا قدم اقتراح باتهام وزير وكانت خدمته قد انتهت" يتعارض مع ما نصت عليه المادة 159 من الدستور من أنه: "لرئيس الجمهورية ومجلس الشعب حق إحالة الوزير إلى المحاكمة".. الأمر الذى يقطع بأن من يحال إلى المحاكمة أمام المحكمة المبينة فى القانون رقم 79 لسنة 1958 هو الوزير الذى يشغل منصبه لا الوزير السابق فإنه يتعين الالتفات عن المادة 20 سالفة الذكر.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم (أولاً) (المتهمان الأول والثانى) بصفتهما موظفين عموميين "الأول مستشار فنى لوزير الطيران المدنى، والثانى مدير عام التخطيط بشركة مصر للطيران" أضرا عمداً بأموال ومصالح الجهة التى يعملان ويتصلان بها بحكم وظيفتهما. بأن أعدا دراسة بشأن تدعيم أسطول شركة مصر للطيران بأربع طائرات طويلة المدى طراز يوينج 707 عمدا فيها إلى إدراج بيانات غير صحيحة بقصد الايهام على خلاف الحقيقة بحاجة الشركة إلى هذه الطائرات، وأثبتا بيانات غير أمنية عن حسابات التشغيل، وقدروا سعرا لشراء الطائرات يزيد عن الأسعار العالمية الجارى التعامل بها والمعلن عنها، مما أدى إلى إبرام الصفقة بالأسعار المغالى فيها وبشروط التمويل المجحفة مما حقق ضرراً جسيماً بأموال الشركة سالفة الذكر بلغت جملته حتى 20/ 10/ 1977 مبلغ 81 و909 و247 و13 دولار أمريكى تمثل فروق العملة عما تم سداده من أقساط القرض والفوائد المستحقة، فضلاً عن الأضرار المستقبلة عن المدة الباقية من آجال السداد المقرر انتهاؤه فى 20/ 10/ 1984 على النحو المبين بالتحقيقات. (ثانياً) (المتهم الأول أيضاً) بصفته الوظيفية سالفة الذكر أخذ عمولة للإخلال بواجبات وظيفته، بأن أخذ من مندوبى الشركة البائعة للطائرات دفعات مالية جملتها مائة وخمسة وعشرون ألف دولار أمريكى على سبيل الرشوة مقابل إصداره الدراسة غير الصحيحة آنفة الذكر لقبول عرض الشركة البائعة، ومتابعة إجراءات إبرام الصفقة. (ثانياً) (المتهمون من الثالث إلى الأخير) بصفتهم موظفين عموميين" الأول رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران، وثانيهم وزير الطيران المدنى، وثالثهم نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية". تسببوا بخطئهم الجسيم فى إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهات التى يعملون ويتصلون بها بحكم وظائفهم سالفة البيان، وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم الجسيم فى أدائها وإخلالهم الجسيم بواجباتها، إذ لم يعن الثالث بتمحيص الدراسة غير الصحيحة آنفة الذكر بشأن هذه الصفقة، وحجب الأجهزة المختصة بالشركة عن الاسهام فيها، وأعرض عن إعتراضات الفنيين بشأنها، وسارع بالتوقيع على عقد الشراء فى 24/ 8/ 1972 مغفلا عدم تعجل توقيع عقد التمويل فيه دراسته من الجهات المصرفية المعنية، والرابع مع علمه بأن الأول......... كان على علاقة مشبوهة ومصالح خاصة بالشركة البائعة كلفه باعداد الدراسة المشار إليها تمهيد لإبرام الصفقة والاتصال بهذه الشركة، وإجراء المباحثات معها بشأن التعاقد على شراء الطائرات، وأقر هذه الدراسة المعيبة وقدمها للجهات المعنية للبت بشأنها رغم خبرته الفنية فى هذا المجال، ولم يحفل ببحث مدى ملاءمة أسعار شراء الطائرات. والأخير وافق على تمويل عقد الصفقة بما تضمنه من شروط ربط العملة المحددة أساساً للشروط بعملات أخرى رغم تحذيرات الاقتصاديين من خطورته، وانفرد بتعديل نتائج الاجتماع الذى تم برئاسته فى 18/ 11/ 1972 لمناقشة إعتراضات البنوك على شروط عقد القرض مما أدى إلى إضعاف مركز الجانب المصرى فى استمرار التفاوض بشأن هذه الشروط، وخرجوا فى ذلك على ما وضعه مستشار السيد رئيس الجمهورية المؤرخ 16/ 8/ 1972 من شرائط فى هذا الشأن. ولم يعنوا فى هذا السبيل ببحث اعتراضات الشئون القانونية بالشركة المجنى عليها وإدارة الفتوى بمجلس الدولة ورجال البنوك على شروط عقد القرض مما أدى إلى إلحاق أضراراً جسيمة بأموال الشركة سالفة الذكر بلغت جملتها حتى 20/ 10/ 1977 مبلغ 81 و609 و247 و13 دولار أمريكى "ثلاثة عشر مليوناً ومائتان وسبعة وأربعون ألفا وستمائة وتسعة دولارات أمريكياً وواحد وثمانون من مائة من الدولار" تمثل فروق العملة عما تم سداده من أقساط القرض والفوائد المستحقة، فضلاً عن الاضرار المستقبلة عن المدة الباقية من الأجل المقرر انتهاؤه فى 20/ 10/ 1984 وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 103 و104 و110 و111/ 5 - 6 و116/ 1 مكرراً و116/ 1 مكرر ب و119 و119 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً (أولاً) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر التهمة الأولى التى اشتملها أمر الإحالة. (ثانياً) تحديد جلسة 24 من أبريل سنة 1979 للمرافعة فى الاتهام الثانى الموجه إليه فى أمر الإحالة الخاص بتهمة الرشوة. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه ليس فى قانون محاكمة الوزراء رقم 79 سنة 1958 أى نص بإفراد المحكمة المبينة بالمادة الأولى من هذا القانون - دون سواها - بمحاكمة الوزراء إذا ارتكبوا فى تأدية وظيفتهم جريمة واردة فيه، فهو لم يسلب محكمة الجنايات اختصاصها بمحاكمة المطعون ضدهما الرابع والخامس باعتبارهما وزيرين سابقين - عن الجرائم التى أسندت إليهما أثناء تولى منصييهما. فضلا عن أن محكمة الوزراء المنصوص عليها فى القانون رقم 79 لسنة 1958 لا تختص بنظر الدعوى المطروحة طالما أن المطعون عليهما الآخرين تركا منصبيهما الوزارى قبل تقديمهما للمحاكمة.
وحيث إن قضاء محكمة النقض استقر على أن المحاكم العادية هى صاحبة الولاية العامة بالفصل فى كافة الجرائم إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 سنة 1972 فى حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية وأنه وإن أجازت القوانين فى بعض الأحوال إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة - كمحاكم أمن الدولة - فإن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فى تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أى نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص دون غيرها ويستوى فى ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص إذ لو أراد المشرع أن يقصر الاختصاص على محكمة معينة ويفردها به لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه فى تشريعات عدة من ذلك، المادة 83 من قانون السلطة القضائية سالف الذكر التى ناطت بدوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض "دون غيرها" الفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الجمهورية والوزارية المتعلقة بشئونهم وفى شأن طلبات التعويض والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت كما نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على اختصاص محاكم مجلس الدولة "دون غيرها" بالفصل فى المسائل التى حددها. وقد أخذ الدستور ذاته بهذا المفهوم عندما نص فى المادة 175 على أن "تتولى المحكمة الدستورية "دون غيرها" الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح" لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء رقم 79 سنة 1958 قد قضت بأن "تتولى محاكمة الوزراء محكمة عليا". وكان هذا القانون أو أى تشريع آخر قد جاء خلواً من أى نص بأفراد هذه المحكمة العليا دون غيرها بالاختصاص ولائيا بنظر الجرائم التى يرتكبها الوزراء أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها. ومن ثم فإن محاكمة الوزير عما يقع منه من جرائم سواء تلك التى يحرمها القانون العام أم تلك التى نص عليها القانون رقم 79 لسنة 1958 تختص بها أصلاً المحاكم العادية بحسبانها صاحبة الولاية العامة أما المحكمة الخاصة التى نص عليها القانون سالف الذكر فإنها تشاركها فى اختصاصها دون أن تسلبها إياه. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة إستعمالاً لحقها المقرر قانوناً قد أقامت الدعوى الجنائية أمام المحاكم العادية فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قضائه بعدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن كلاً من المطعون ضدهما الرابع والخامس كان يشغل منصب وزير فى تاريخ ارتكاب الوقائع المنسوبة إليه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان لفظ وزير فى المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1958 إنما ينصرف لغة ودلالة إلى من يشغل منصب وزير بالفعل بحسبانه عضواً فى التنظيم السياسى الذى يتكون منه مجلس الوزراء فإذا انحسرت عنه هذه الصفة أصبح شأنه شأن أى موظف زالت عنه صفة الوظيفة لأى سبب من الأسباب وبالتالى فإن لفظ الوزير لا يمكن أن ينصرف إليه، ويؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 7 من هذا القانون إذ رتبت على الحكم بالإدانة عزل الوزير من منصبه، كما يؤكد هى المعنى ما نصت عليه المادة 157 من الدستور من أن "الوزير هو الرئيس الأعلى لوزارته".. والمادة 158 من أنه "لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة".. والمادة 159 من أن "لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب حق إحالة الوزير إلى المحاكمة".... والمادة 160 من أنه "يوقف من يتهم من الوزراء عن عمله إلى أن يفصل فى أمره".. وكل هذه المواد قاطعة فى الدلالة على أن محكمة الوزراء تختص بمحاكمة من يشغل وظيفة الوزير بالفعل باعتبار أنها أضفت عليه حصانة خاصة مقررة لمنصبه لا لشخصه، ولا يقدح فى ذلك ما نصت عليه المادة 20 من القانون 79 سنة 1958 التى أجازت توجيه اقتراح باتهام وزير قد انتهت خدمته ذلك أن قضاء النقض قد جرى بأن الدستور هو القانون الوضعى الأسمى صاحب الصدارة فكان على ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها ويعتبر الحكم المخالف فى هذه الحالة قد نسخ حتماً بقوة الدستور نفسه. لما كان ذلك، وكان يبين مما نصت عليه المادة 20 من القانون رقم 79 لسنة 1958 من أنه: "إذا قدم اقتراح باتهام وزير وكانت خدمته قد انتهت" يتعارض مع ما نصت عليه المادة 159 من الدستور من أنه: "لرئيس الجمهورية ومجلس الشعب حق إحالة الوزير إلى المحاكمة". الأمر الذى يقطع بأن من يحال إلى المحاكمة أمام المحكمة المبينة فى القانون رقم 79 لسنة 1958 هو الوزير الذى يشغل منصبه لا الوزير السابق فإنه يتعين الالتفات عن المادة 20 سالفة الذكر. لما كان ذلك، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى قبل المطعون ضدهما الرابع والخامس بقالة انعقاد الاختصاص فى ذلك للمحكمة المنصوص عليها فى القانون رقم 79 لسنة 1958 بدعوى شغلها منصب الوزير فى وقت سابق على إقامة الدعوى عليهما سوف يقابل حتماً من المحكمة المذكورة بقضاء بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى قبلهما ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه يكون على خلاف ظاهره منهيا للخصومة فيكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً، وإذ جاء معيبا بالخطأ فى تطبيق القانون فإنه يتعين نقضه. لما كان ذلك، وكان هذا الخطأ قد حجب محكمة الجنايات عن نظر الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الاحالة.


(1) المبدأ ذاته مقرر فى الطعون أرقام 200 لسنة 45 ق - جلسة 24/ 3/ 1975 السنة 26 صـ 258 و866 لسنة 45 ق - جلسة 9/ 6/ 1975 و824 لسنة 45 ق - جلسة 15/ 6/ 75 و1302 لسنة 45 ق - جلسة 21/ 12/ 1975 - لم تنشر.