أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 730

جلسة أول أكتوبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عادل برهان نور، وشرف الدين خيرى، ومصطفى جميل مرسى، وفوزى أسعد.

(154)
الطعن رقم 583 لسنة 49 القضائية

(1) إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية الشك فى صحة إسناد التهمة. سندا للبراءة. متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(2) إثبات. "إعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف فى المسائل الجنائية. موضوعى. لمحكمة الموضوع ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع.
(3) إثبات. "بوجه عام". إعتراف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استئناف. "نظره والحكم فيه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى النيابة فى استئنافها. بتزوير الشهادة المقدمة من المتهم تدليلاً منه على أن اعترافه كان وليد إكراه من الضابط. سكوت المحكمة عن الرد على هذا النعى. مفاده. إطراحه. ولو ثبت أن المحضر المحرر عن واقعة الإكراه. قيد ضد مجهول.
عدم التزام المحكمة الاستئنافية أن تردد أسباب حكم أيدته. كفاية إحالتها على أسبابه.
1 - من المقرر أنه يكفى فى المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى بالبراءة. إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
2 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك المحكمة كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه يخالف الحقيقة والواقع.
3 - متى كانت محكمة أول درجة قد رأت أن اعتراف المتهمة فى محضر الضبط قد وقع تحت شبهة الإكراه وداخلتها الريب والشكوك فى باقى الأدلة فقضت بالبراءة، وكان فى سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى ما ضمته النيابة العامة أسباب استئنافها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر فيها ما يغير اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت المحكمة الاستئنافية قد رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها، فليس فى القانون ما يلزمها بأن تعيد ذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل إليها إذ الإحالة على هذه الأسباب تقوم مقام إيرادها وتبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم الابتدائى لا يستفاد منه أنه لم يحط بأسباب استئناف الطاعنة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها اعتادت ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر حالة كونها عائدة سبق الحكم عليها فى القضية رقم..... جنح آداب القاهرة بتهمة ممارسة الدعارة وحكم فيها عليها حضورياً بتغريمها خمسين جنيهاً حددتها على النحو الموضح بمذكرة الجدول المرفقة. وطلبت عقابها بالمادتين 9/ جـ و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمادة 49/ 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح آداب القاهرة الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمة مما أسند إليها. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا اعتباريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدها من تهمة الاعتياد على ممارسة الدعارة قد شابه القصور فى التسبيب، ذلك بأنه اعتنق أسباب الحكم الابتدائى الذى عول فى قضائه بالبراءة على شهادة من نيابة الأزبكية تفيد أن الجنحة رقم ....... مقيدة ضد محرر محضر ضبط الواقعة موضوع الطعن لتعديه على المطعون ضدها بالضرب، ولم يعرض الحكم لما أثارته النيابة فى أسباب استئنافها لحكم البراءة الصادر من محكمة أول درجة من أن تلك الشهادة مزورة وأن التهمة التى ضبطت عنها جنحة التعدى على المطعون ضدها قيدت ضد مجهول، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن ضابط قسم الآداب فى محضر ضبط الواقعة أن تحرياته دلته على أن نسوة ساقطات يترددن على منزل لممارسة الدعارة، وأنه أثناء قيامه بمراقبة هذا المنزل شاهد المتهمة - المطعون ضدها - تطرق باب إحدى الشقق المفروشة ويفتح لها شخص معين، فانتظر فترة ثم طرق باب الشقة وفتح له هذا الأخير وعلم منه أن المتهمة أعتادت التردد عليه ليرتكب الفحشاء معها وأنه مارس معها هذا الفعل قبيل حضوره، كما أثبت الضابط فى ذات المحضر أن المتهمة اعترفت بما نسب إليها، وأنه لاحظ وجود إصابات بعينها وسألها عن سبب حدوثها وقررت أنها نتيجة اصطدامها بباب إحدى الشقق ثم عادت وقررت أنها ترجع إلى سقوطها من سيارة، ولما سأل صاحب الشقة فى هذا الخصوص أنبأه أن عاملاً باحدى الشقق الأخرى اعتدى على المتهمة بالضرب، وبعد أن حصل الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المتهمة أنكرت النهمة المنسوبة إليها لدى سؤالها بتحقيقات النيابة وعزت إصابتها إلى اعتداء الضابط محرر محضر الضبط عليها أثناء القبض عليها بأحد الميادين، وقدمت شهادة من نيابة الأزبكية تفيد أن الجنحة رقم......... مقيدة ضده بوصف أنه فى يوم......... وهو تاريخ ضبط المطعون ضدها - أحدث عمداً بالمطعون ضدها إصابات تقرر لعلاجها مدة تقل عن عشرين يوما انتهى الحكم إلى تبرئة المطعون ضدها بقوله: "ولما كانت المحكمة ترى أن تقريرات المتهمة بمحضر الشرطة قد وقعت تحت شبهة الإكراه ولا تطمئن لباقى الأدلة المثبتة فى الدعوى، ومن ثم تضحى التهمة محل شك ويتعين القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليها عملاً بالمادة 304 إجراءات جنائية". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى بالبراءة. إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، كما أنه من المقرر أيضاً أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك المحكمة كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكانت محكمة أول درجة قد رأت أن اعتراف المتهمة فى محضر الضبط قد وقع تحت شبهة الإكراه وداخلتها الريب والشكوك فى باقى الادلة فقضت بالبراءة، وكان فى سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى ما ضمنته النيابة العامة أسباب استئنافها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر فيها ما يغير اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة، وكان من المقرر أنه إذا كانت المحكمة الاستئنافية قد رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها، فليس فى القانون ما يلزمها بأن تعيد ذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل اليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم الابتدائى لا يستفاد منه أنه لم يحط بأسباب استئناف الطاعنة، ويكون النعى عليه فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.