أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 755

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شرف الدين خيرى، وفوزى المملوك، وفوزى أسعد، وهاشم قراعة.

(159)
الطعن رقم 640 لسنة 49 القضائية

1 - نقض. "إيداع الكفالة".
الأصل تعدد الكفالة بتعدد الطاعنين. ما لم تجمعهم مصلحة واحدة.
2 - حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". "بطلان الحكم". محضر الجلسة.
إغفال القاضى التوقيع على محاضر الجلسات. لا أثر له على صحة الحكم. طالما أنه قد وقع عليه.
(3) دعوى مدنية. "رسومها". رسوم قضائية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استئناف. "نظره والحكم فيه".
عدم سداد رسوم الدعوى المدنية. لا يتصل بذات المحاكمة من حيث الصحة والبطلان.
التفات الحكم عن الدفع بعدم قبول استئناف الدعوى المدنية. لعدم سداد رسومها. لا عيب.
4 - مسئولية مدنية. "مسئولية متولى الرقابة". دعوى مدنية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "قرائن".
قوام مسئولية متولى الرقابة. افتراض الإخلال بواجب الرقابة أو إساءة التربية. نقض هذه القرينة. وقوعه على عاتق متولى الرقابة. المادة 173 مدنى.
عدم جواز المجادلة فى أساس المسئولية المدنية. لأول مرة أمام النقض.
5 - دعوى مدنية "إختصاص المحاكم الجنائية بنظرها" مسئولية مدنية "المسئولية الناشئة عن الأشياء". حكم. "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل".
عدم اختصاص المحاكم الجنائية بدعوى المسئولية الشيئية.
1 - متى كان الطاعنان - وأحدهما محكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية والثانى مسئول عن الحقوق المدنية - وإن لم يودعا سوى مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل الكفالة عنهما معاً - إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل هو أن تتعدد الكفالة الواجب إيداعها عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بتعدد الطاعنين، أما إذا جمعتهم مصلحة واحدة. كما هو واقع الحال فى الدعوى. فلا تودع سوى كفالة واحدة.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن إغفال التوقيع فى محاضر الجلسات لا أثر له على صحة الحكم. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن رئيس الهيئة التى أصدرته قد وقع عليه وأن أسماء أعضاء هيئة المحكمة ثابتة فى صدرة خلافاً لما يدعيه الطاعنان فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
3 - إن عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها، فلا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أبداه الطاعنان من عدم قبول الاستئناف المرفوع من المدعين بالحق المدنى لعدم أدائهما الرسم إلا أمام المحكمة الاستئنافية ذلك أنه من المقرر أنه لا إلزام على الحكم بالرد على دفع قانونى ظاهر البطلان.
4 - إن نص المادة 173 من القانون المدنى يجعل الوالد مسئولاً عن رقابة ولده الذى لم يبلغ خمس عشرة سنة أو بلغها وكان فى كنفه، ويقيم من ذلك مسئولية مفترضة تبقى إلى أن يبلغ سن الرشد. لما كان ذلك، وكانت هذه المسئولية بالنسبة إلى الوالد تستند إلى قرينة الإخلال بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربية ولده أو الأمرين معاً ولا تسقط إلا بإثبات العكس وعبء ذلك يقع على كاهل المسئول الذى له أن ينقض هذه القرينة بأن يثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن يثبت أن الضرر كان لابد واقعاً ولو قام بهذا الواجب بما ينبغى من العناية وعلى المسئول وهو الوالد أن يثبت أيضاً أنه لم يسئ تربية ولده. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يجادل فى أساس مسئوليته هذه أمام محكمة الموضوع، فلا يقبل منه إثارة شىء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لئن كان نعى الطاعن الثانى على الحكم بالخطأ حين استجاب لطلب التعويض على سند من أحكام المسئولية الناشئة عن إهماله فى حراسة مسدسه صحيحاً - لأنه ولائه للمحاكم الجنائية بالفصل فى دعوى التعويض المؤسسة على المسئولية الناشئة عن الأشياء إذ الدعوى فى هذه الحالة تكون مبنية على افتراض المسئولية فى جانب حارس الشىء وليست ناشئة عن الجريمة بل ناشئة عن الشىء ذاته، غير أنه لما كان استناد الحكم على هذه المسئولية لا يعدو أن يكون تزيداً لم تكن المحكمة فى حاجة إليه بعد أن أقامت حكمها على سبب صحيح للمسئولية مستمد من أوراق الدعوى هو مسئولية الطاعن الثانى عن الأعمال التى يرتكبها ولده القاصر - فإن النعى بذلك يكون غير مجد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه: (أولاً) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "طبنجة أوتوماتيكية عيار 9 مللى" فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (ثانياً) أحرز ذخيرة مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر (طلقتين) دون أن يكون مرخصاً له فى حيازة السلاح أو إحرازه. (ثالثاً) تسبب خطأ فى موت.......... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القانون بأن أمسك فى حفل عرس سلاحاً نارياً وأطلق منه مقذوفاً لم يحتط لمساره فأصاب المجنى عليه وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية. (رابعاً) حمل سلاحاً نارياً فى حفل. (خامساً) أطلق عياراً نارياً فى قرية.......... وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. وادعى والدا المجنى عليه مدنياً قبل المتهم ووالده المسئول عن الحقوق المدنية (الطاعن الثانى) بمبلغ ألفى جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم قررت بجلسة.......... فصل جنحة القتل الخطأ عن الجناية وإحالتها مع الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة وقضت حضورياً بمعاقبة الطاعن الأول بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر لما هو منسوب إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات إيقافاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم عملاً بالمواد 1 و6 و11 مكرراً 26/ 2 - 4 و29 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به والمواد 32/ 2، 17، 55، 56، 379/ 2 من قانون العقوبات. ومحكمة أشمون الجزئية فى قضية الجنحة رقم ...... قضت حضوريا عملا بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدنى مبلغ ألف جنيه وألزمته مصاريف الدعوى المدنية ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عداه ذلك من طلبات استأنف المتهم هذا الحكم، كما استأنفه المدعيان بالحق المدنى ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع وبصدد الدعوى الجنائية برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، وفى صدد الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤديا متضامنين للمدعيين بالحق المدنى مبلغ ألف جنيه وإلزامهما المصاريف المدنية عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين - وأحدهما محكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية والثانى مسئول عن الحقوق المدنية - وإن لم يودعا سوى مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل الكفالة عنهما معاً - إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل هو أن تتعدد الكفالة الواجب إيداعها عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بتعدد الطاعنين، أما إذا جمعتهم مصلحة واحدة. كما هو واقع الحال فى الدعوى. فلا تودع سوى كفالة واحدة.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة القتل الخطأ وألزم الطاعن الثانى بالتضامن مع الأول فى التعويض - قد شابه بطلان وقصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون. ذلك بأن الحكم المطعون فيه خلا من توقيع رئيس الهيئة التى أصدرته ومن ذكر اسم اثنين من أعضائها، كما خلت بعض محاضر الجلسات من توقيع رئيس الهيئة وأمين السر عليها. وقد تمسك الطاعنان فى مذكرتهما المقدمة إلى محكمة ثانى درجة بأن المدعيين بالحق المدنى لم يسددا رسوم الدعوى المدنية إلا أمام المحكمة الاستنئافية وأن من شأن ذلك أن يكون الاستئناف المرفوع منهما غير مقبول - إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تعن بالرد عليه. كما أقام الحكم قضاءه بإلزام الطاعن الثانى بالتضامن فى التعويض عن جريمة القتل الخطأ التى دان بها ابنه الطاعن الأول على مقوله أن الطاعن الأول قاصر فى حين أن المادة 173 من القانون المدنى لا تعتبر القاصر فى حاجة إلى الرقابة إلا إذا لم يبلغ خمس عشرة سنة والحال أن الطاعن الأول كان عند وقوع الحادث قد جاوز السابعة عشرة وبالتالى فلا تجوز مساءلة الطاعن الثانى على أساس أنه أهمل فى مراقبته، كما أن الحكم ألزم الأخير بالتعويض على أساس ما أسنده إليه من إهمال فى حراسة مسدسه الذى وقع به الحادث بينما لا يصح - إعمالاً لنص المادة 253/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية - مساءلته عن ذلك إلا أمام المحاكم المدنية - وأن كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه رئيس الهيئة التى أصدرته قد وقع عليه وأن أسماء أعضاء هيئة المحكمة ثابتة فى صدره - خلافاً لما يدعيه الطاعنان وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إغفال التوقيع فى محاضر الجلسات لا أثر له على صحة الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها، فلا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أبداه الطاعنان من عدم قبول الاستئناف المرفوع من المدعيين بالحق المدنى لعدم أدائهما الرسم إلا أمام المحكمة الاستئنافية ذلك أنه من المقرر أنه لا إلزام على الحكم بالرد على دفع قانونى ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما محصله أنه أثناء إقامة حفل ختان أخذ المتهم (الطاعن الأول) سلاح والده (الطاعن الثانى) المرخص له بحمله وأطلق منه عيارين ناريين للابتهاج فأصاب أحدهما المجنى عليه وأراده قتيلاً وتم ضبط المتهم فور الحادث فاعترف إحرازه السلاح وإطلاقه الأعيرة النارية. وبعد أن ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ودان المحكوم عليه بجريمة القتل الخطأ عرض للدعوى المدنية بقوله: إن المدعيين بالحق المدنى ادعيا بمبلغ ألف جنيه قبل المتهم ووالده "وأنه لما كان كل من ارتكب خطأ يلزم بتعويض من أصابه ضرر من إجراء ذلك الخطأ ومما لا شك فيه أن المدعيين بالحق المدنى قد أصابهما ضرر مادى وأدبى من فقد نجلهما وهو فى مقتبل العمر.... إذ أنه بفقده يتحقق الضرر المادى ويضاف إلى ذلك ما أصابهما من ألم ولوعة وحسرة وهو الضرر الأدبى ومن ثم يحق لهما أن يطالبا بتعويض عن هذه الأضرار. ولما كان المسئول عن الحقوق المدنية وهو والد المتهم مسئول باعتباره والده وهو قاصر، فضلا عن مسئوليته عن حراسة مسدسه وهو آلة خطيرة تستلزم المحافظة عليها عناية خاصة أما وقد أهمل فى وضعها فى المكان المناسب - لأنه يعد مسئولاً عما تحدثه هذه الآلة نتيجة لهذا الإهمال بفعل الغير ومن ثم يعد مسئولاً على سبيل التضامن مع المتهم عن الضرر الذى لحق بالمدعيين بالحق المدنى من جراء وفاة المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان نص المادة 173 من القانون المدنى يجعل الوالد مسئولاً عن رقابة ولده الذى لم يبلغ خمس عشرة سنة أو بلغها وكان فى كنفه، ويقيم من ذلك مسئولية مفترضة تبقى إلى أن يبلغ سن الرشد، وكانت هذه المسئولية بالنسبة إلى الوالد تستند إلى قرينة الإخلال بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربية ولده أو إلى الأمرين معاً، ولا تسقط إلا بإثبات العكس وعبء ذلك يقع على كاهل المسئول الذى له أن ينقض هذه القرينة بأن يثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن يثبت أن الضرر كان لابد واقعاً ولو قام بهذا الواجب بما ينبغى من العناية وعلى المسئول وهو الوالد أن يثبت أيضاً أنه لم يسئ تربية ولده. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يجادل فى أساس مسئوليته هذه أمام محكمة الموضوع، فلا يقبل منه إثارة شىء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان نعى الطاعن الثانى على الحكم بالخطأ حين استجاب لطلب التعويض على سند من أحكام المسئولية الناشئة عن إهماله فى حراسة مسدسه صحيحاً - لأنه لا ولاية للمحاكم الجنائية بالفصل فى دعوى التعويض المؤسسة على المسئولية الناشئة عن الأشياء إذ الدعوى فى هذه الحالة تكون مبنية على افتراض المسئولية فى جانب حارس الشىء وليست ناشئة عن الجريمة بل ناشئة عن الشىء ذاته، غير أنه لما كان استناد الحكم على هذه المسئولية لا يعدو أن يكون تزيداً لم تكن المحكمة فى حاجة إليه بعد أن أقامت حكمها على سبب صحيح للمسئولية مستمد من أوراق الدعوى هو مسئولية الطاعن الثانى عن الأعمال التى يرتكبها ولده القاصر - فإن النعى بذلك يكون غير مجد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنين بالمصاريف المدنية إعمالا لنص المادتين 320/ 1، 321 من قانون الإحراءات الجنائية.