أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 766

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى، ومحمد حمدى، وإبراهيم رضوان، وممدوح سالم.

(161)
الطعن رقم 703 لسنة 49 القضائية

(1) ضرب. "ضرب أفضى إلى موت". إثبات. "بوجه عام". "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
تقرير إمكانية حدوث الضرب على قمة الرأس. ممن يقف أمام المجنى عليه أو خلفه. بداهة. لا تحتاج إلى خبرة فنية.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب "نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود والتعويل عليها. تستقل بهما محكمة الموضوع.
عدم التزام المحكمة بأن تورد روايات الشاهد المتعددة. حقها فى الأخذ بقوله فى أى مرحلة دون بيان علة ذلك أو موضعه. ما دام له أصله فى الأوراق.
(3) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعى. الرد عليه. صراحة. غير لازم.
1 - إنه من البداهة أن الضرب بآلة راضة على قمة الرأس يمكن أن يحدث من ضارب يقف أمام المجنى عليه أو يقف خلفه على السواء مما لا يحتاج فى تقريره أو استنباطه إلى خبرة فنية خاصة يتعين على القاضى الالتجاء إليها.
2 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك - وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها فى ذلك أن تأخذ بأقواله فى أى مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة فى ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضوع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها.
3 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمنياً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب ....... على رأسه بذراع حديدية فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك، ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم بالإشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، ذلك بأن من بين ما عول عليه الحكم ما قررته الشاهدة ....... من أن الطاعن كان يقف فى مواجهة المجنى عليه عند إحداثه إصابته، وما قررته الشاهدة ..... من أنها ظلت بمحل الحادث بعد اعتداء الطاعن عليها قرابة نصف ساعة حتى حضر المجنى عليه وأصيب، ورغم تمسك الدفاع بفساد روايتهما إذ أن إصابة المجنى عليه تحدث من الخلف ولا يعقل بقاء الشاهدة الثانية بمكان الحادث بعد إصابتها طوال تلك الفترة، غير أن الحكم اعتنق أقوالهما ورد على هذا الدفاع بما لا يسبغ إطراحه، فضلاً عن تناقض الشاهدة الثانية فى روايتها بمحضر ضبط الواقعة وأمام النيابة بشأن الآلة المستعملة فى الحادث. وعن تلفيق الاتهام بمعرفة شقيق المجنى عليه كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى ما محصله "أنه أثناء وجود (الشاهدة الثانية) بحقلها واستعدادها لرى الأرض وقع خلاف بينها وبين بعض جيرانها فى الزراعة حول الرى واعتدى عليها أحدهم بالضرب ولم يلبث أن حضر إلى مكان الشجار ابن أخيها المجنى عليه ........ للدفاع وعندئذ تصدى له المتهم وضربه بذراع من الحديد على رأسه من الخلف ضربة واحدة أفضت إلى موته" وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بما ينتجها من وجوه الأدلة السائغة التى إستمدها من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المميت التى دان الطاعن بها وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر من البداهة أن الضرب بآلة راضة على قمة الرأس يمكن أن يحدث من ضارب يقف أمام المجنى عليه أو يقف خلفه على السواء، مما لا يحتاج فى تقريره أو استنباطه إلى خبرة فنية خاصة يتعين على القاضى الالتجاء إليها، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشاهدة.......... وتقرير الصفة التشريحية مما يتلازم به فحوى الدليلين القولى والفنى بغير تناقض، ولا ينال من سلامة الحكم ما استطرد من القول "بأن المتشاجرين لا يكونون وقت الشجار فى أوضاع ثابتة بل يكونون فى حالة حركة مستمرة فقد يكون الجانى فى مواجهة المجنى عليه ويتلفت هذا الأخير أو يستدير خلال الشجار فتأتيه ضربة الجانى من الخلف"، ذلك بأنه لم يكن بحاجة إلى ما استطرد إليه تزيداً فى مجال استدلاله ما دام أنه قد أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيده فى منطقة أو فى النتيجة التى انتهى إليها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها فى ذلك أن تأخذ بأقواله فى مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة فى ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضوع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، ومن ثم فإن منعى الطاعن فى شأن أقوال شاهدتى الإثبات إنما ينحل فى واقعه إلى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمنياً من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التى أوردتها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.