أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة التاسعة الأربعون - صـ 228

جلسة 15 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحى الجمهودى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ خيرى فخرى، حسين نعمان نائبى رئيس المحكمة، فتحى محمد حنضل والسيد عبد الحكيم السيد.

(57)
الطعن رقم 585 لسنة 67 القضائية

(1 - 5) حكم " عيوب التدليل " " ما يعد قصوراً، ما يعد خطأ. بطلان " بطلان الحكم". دعوى الدفاع فيها: الدفاع الجوهرى". محكمة الموضوع " مدى التزامها بالرد على دفاع الخصوم". بيع " التزامات البائع: ضمان العيوب الخفية". التزام " حق الحبس". إثبات " عبء الإثبات".
(1) إغفال الحكم بحث دفاع جوهرى أبداه الخصم. قصور فى أسبابه الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم.
(2) الدفاع الذى تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهرى الذى يقدم الخصم دليله أو يطلب تمكينه من إثباته.
(3) العيب الخفى. ماهيته. العلم المسقط لضمان العيب. العبرة فيه بالعلم الحقيقى دون العلم الافتراضى وبالعلم اليقينى وليس المبنى على الظن.
(4) حق الحبس. ماهيته. وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ الالتزام المقابل بشرط توافر الارتباط بين الدينين. م 246 مدنى.
(5) تمسك الطاعن فى دفاعه بعدم علمه بالعيب فى العين المبيعة إلا بصدور قرار اللجنة الهندسية لمجلس المدينة بتصدع العقار لعيب يرجع إلى سوء صنعة البناء. تعمد البائع إخفاءه عنه مما يحق له حبس باقى الثمن المتفق عليه. دفاع جوهرى. التفات الحكم المطعون فيه عن بحثه على قالة إقامته دعواه بعد مرور سنة من تاريخ تسلمه المبيع حال أنه لا تلازم حتمى بين تسليم المبيع للمشترى وسقوط الحق فى الضمان. خطأ وقصور.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه.
2 - إن الدفاع الجوهرى الذى تلتزم محكمة الموضوع بتحصيله وبحثه وتحقيقه والرد عليه هو الدفاع الذى يقدمه الخصم مؤيداً بدليله أو يطلب إلى المحكمة تمكينه من التدليل عليه وإثباته.
3 - إن العيب فى المبيع يعتبر خفياً متى كان المشترى غير عالم به، وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً لا يتوافران فى المشترى أو كان من السهل اكتشافه بالفحص المعتاد وأثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه، والعلم الذى ينتقى به ضمان البائع إنما هو العلم الحقيقى دون العلم الافتراضى والعلم اليقينى وليس العلم المبنى على الظن.
4 - إذ كانت المادة 246 من القانون المدنى قد وضعت قاعدة عامة تخول المدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به، فإن حق الحبس يعد دفاعاً يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ الالتزام المقابل.
5 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك امام محكمة الموضوع بإصدار الإدارة الهندسة بمجلس المدينة قرارا هندسيا يتضمن تصدع الدور الأرضى من العقار الكائن به المحل المبيع بتاريخ 9/ 1/ 1993 وقرن علمه بالعيب الذى تكشف فى العقار بصدور هذا القرار فى التاريخ المذكور فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تناول هذا الدفاع الجوهرى بما يقتضيه من بحث وتمحيص وتحقيق للوقوف على أثره فى الدعوى وواجهه بما لا يصلح رداً عليه بقالة أنه أقام دعواه بعد مرور سنة من تاريخ تسلمه المبيع حال أنه لا تلازم حتمى بين تسليم المبيع للمشترى وسقوط الحق فى ضمان العيب وحجب نفسه بذلك عن التثبت من توافر مقتضيات إعمال الضمان وأثر ذلك فى دفاع الطاعن بشأن قيام حقه فى حبس الباقى من الثمن بسبب تخلف الصفات المتفق عليها فى المبيع كما تضمنها عقد البيع فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الهيئة المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 2858 لسنة 1993 مدنى طنطا الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 18/ 11/ 1991 واعتبار مقدم الثمن المسدد حقا لها والتسليم، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب هذا العقد اشترى الطاعن منها الدكان المبين بالصحيفة لقاء ثمن قدره 56000 جنيه دفع نصفه عند التعاقد واتفق على سداد الباقى على ثلاثة أقساط شهرية، وإذ تخلف عن سداد القسط الأول منها حلت باقى الأقساط ولما لم يقم بالوفاء بها فقد أقامت الدعوى، كما أقام الطاعن الدعوى رقم 3047 لسنة 1993 مدنى طنطا الابتدائية فى 1/ 9/ 1993 بطلب الحكم ببطلان عقد البيع سالف الذكر قولا منه إنه بعد تسلمه الدكان المبيع من المطعون عليها فوجئ بصدور القرار الهندسى من السلطة القائمة على شئون التنظيم بتصدع البناء، وإذ تكشف هذا العيب الخفى الذى يضمنه البائع فقد طلب القضاء له بطلباته، صمت المحكمة الدعويين وندبت خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 12/ 1995 فى الدعوى رقم 3047 لسنة 1993 سالفة الذكر بسقوطها بمضى المدة. وفى الدعوى رقم 2858 لسنة 1993 المقامة من المطعون عليها بفسخ عقد البيع سند الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 197 سنة 46 ق، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت فى 25/ 12/ 1996 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه لم يعلم بالعيب فى العين المبيعة إلا بعد صدور القرار الهندسى من مجلس المدينة بتاريخ 5/ 1/ 1993 والمتضمن تصدع الدور الأرضى من العقار الكائنة به أن هذا العيب قديم يرجع إلى سوء صنعة البناء ذاته، وتعمد البائع إخفاءه عنه، أيضا فقد دفع دعوى المطعون عليها بقيام حقه فى حبس الباقى من الثمن لتخلف الصفات المتفق عليها فى المبيع والتى تنقص من قيمته، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن بحث وتمحيص هذا الدفاع الجوهرى وأقام قضاءه على مجرد القول إنه أقام دعواه بشأن العيب بعد مرور سنة من تسلمه المبيع وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه، وأن الدفاع الجوهرى الذى تلتزم محكمة الموضوع بتحصيله وبحثه وتحقيقه والرد عليه هو الدفاع الذى يقدمه الخصم مؤيداً بدليله أو يطلب إلى المحكمة تمكينه من التدليل عليه وإثباته، وإن العيب فى المبيع يعتبر خفياً متى كان المشترى غير عالم به، وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصا معينا لا يتوافران فى المشترى أو كان من السهل اكتشافه بالفحص المعتاد وأثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه، والعلم الذى ينتقى به ضمان البائع إنما هو العلم الحقيقى دون العلم الافتراضى والعلم اليقينى وليس العلم المبنى على الظن، و كانت المادة 246 من القانون المدنى قد وضعت قاعدة عامة تخول المدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطا به، فإن حق الحبس يعد دفاعاً يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ الالتزام المقابل. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك امام محكمة الموضوع بأوجه دفاعه الواردة بسبب النعى، واستند إلى دلالة إصدار الإدارة الهندسية بمجلس المدينة قراراً هندسياً يتضمن تصدع الدور الأرضى من العقار الكائن به المحل المبيع بتاريخ 9/ 1/ 1993 وقرن علمه بالعيب الذى تكشف فى العقار بصدور هذا القرار فى التاريخ المذكور فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تناول هذا الدفاع الجوهرى بما يقتضيه من بحث وتمحيص وتحقيق للوقوف على أثره فى الدعوى وواجهه بما لا يصلح رداً عليه بقاله أنه أقام دعواه بعد مرور سنة من تاريخ تسلمه المبيع حال أنه لا تلازم حتمى بين تسليم المبيع للمشترى وسقوط الحق فى ضمان العيب وحجب نفسه بذلك عن التثبت من توافر مقتضيات إعمال الضمان وأثر ذلك فى دفاع الطاعن بشأن قيام حقه فى حبس الباقى من الثمن بسبب تخلف الصفات المتفق عليها فى المبيع كما تضمنها عقد البيع فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.