أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 777

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شرف الدين خيرى، ومصطفى جميل مرسى، وفوزى المملوك، وهاشم قراعة.

(164)
الطعن رقم 763 لسنة 49 القضائية

إثبات. "بوجه عام". تزوير. "تزوير الأوراق العرفية". خيانة أمانة "فى الأوراق الممضاه على بياض". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تسلم الورقة الممضاه على بياض. واقعة مادية. عدم الالتزام فى إثباتها بقواعد الإثبات المدنية.
تزوير هذه الأوراق. إثباته بكافة الطرق.
دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تحقيق أدلة الإدانة. لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم. إثارته دفاعاً جوهرياً. يوجب على المحكمة تحقيقه أو الرد عليه.
إثبات. "بوجه عام". قرائن". تزوير. "الادعاء بالتزوير". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قعود المتهم عن سلوك طريق الطعن بالتزوير. فى ورقة من أوراق الدعوى. لا يسوغ معه افتراض صحتها. ولو كانت من الأوراق الرسمية. أساس ذلك؟


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد مبلغ النقود المبين بالمحضر والمملوك لـ.... والذى لم يسلم إليه إلا على سبيل الوكالة فاختلسه لنفسه إضراراً بمالكه، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح المنشية الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس شهرا مع الشغل وكفالة مائتى قرش لإيقاف التنفيذ، فعارض، وقضى فى معارضته بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه فاستأنف، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد فقد انطوى على قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد فى الاستدلال، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على عدم استلامه المبلغ الذى أسند إليه تبديده وأن السند الذى قدمه المجنى عليه كدليل على استلامه ذلك المبلغ على سبيل الأمانة مزور عليه إذ كان ورقة وقعها على بياض وسلمها للمجنى عليه لاستعمالها فى شئون شركة بينهما فاصطنع المجنى عليه فوق إمضائه عليها بيانات تخالف ما اتفقا عليه وتتضمن قبضه المبلغ المدعى عليه بتبديده، إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها أطرحت هذا الدفاع الجوهرى دون أن تحققه أو ترد عليه بما يسوغ به رده وعولت فى إدانة الطاعن على هذا السند رغم تزويره وذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة نظر المعارضة الابتدائية ومحاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن تمسك أمام محكمة أول درجة وأمام محكمة ثانى درجة بدفاعه المشار إليه بأسباب الطعن بيد أن الحكم المستأنف الصادر فى معارضة الطاعن الابتدائية أيد الحكم الغيابى الابتدائى لأسبابه دون أن يتعرض لما أثاره الطاعن من دفاع، كما أحال الحكم المطعون فيه إلى الحكم المستأنف وقضى بتأييده وأطرح دفاع الطاعن بقوله أنه وإن قرر بتزوير المستند إلا أنه لم يتخذ أى إجراء من إجراءات الطعن عليه بالتزوير. لما كان ذلك، وكان تسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تتقيد المحكمة فى إثباتها بقواعد الإثبات فى المواد المدنية كما أن تغيير الحقيقة فى تلك الورقة ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليه بالمادة 340 من قانون العقوبات ومن ثم يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات، وكان من المقرر أن المحكمة متى قدم إليها دليل بعينه فواجب عليها تحقيق هذا الدليل ما دام ذلك ممكنا بغض النظر عن مسلك المتهم فى شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة فى المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم فى الدعوى، وكان دفاع المتهم يعد - فى صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم فى الدعوى بحيث إذا صح هذا الدفاع لتغير وجه الرأى فيها، فقد كان لزاما على الحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - دون تعليق ذلك على ما يقدمه الطاعن أو يتخذه من إجراءات تأييداً لدفاعه - أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن دون أن يتناول ما أثاره من دفاع وتنكب عن تحقيقه والرد عليه وعول فى الإدانة على السند المقدم من المجنى عليه رغم تمسك الطاعن بتزويره ملتفتاً عن تحقيق دفاع الطاعن فى هذا الشأن فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الطاعن فى الدفاع فضلا عن انطوائه على فساد فى الاستدلال. هذا إلى أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية قد اتخذت من عدم طعن المتهم بالتزوير فى الورقة المتخذه دليلاً على استلامه المبلغ سنداً يظاهرها فيما افترضته من صحة الورقة فإنها تكون قد فهمت القانون على غير وجهه الصحيح ذلك أن المتهم عندما يدعى أثناء المحاكمة بتزوير ورقة من الأوراق المقدمة فى الدعوى كدليل ضده، لا يصح قانونا مطالبته - حتى ولو كانت الورقة من الأوراق الرسمية - بأن يسلك طريق الطعن بالتزوير وإلا اعتبرت الورقة صحيحة فيما تشهد به عليه، إذ أن مناط الإثبات فى المواد الجنائية بحسب الأصل - وفيما عدا ما ورد بشأنه نص خاص - هو اقتناع القاضى واطمئنانه إلى ذات الدليل المقدم إليه ومن ثم فإنه يجب إلا يتقيد فى تكوين عقبدته بأى قيد من القيود الموضوعة للأدلة فى المواد المدنية، وإذن فمتى كان المتهم قد ادعى بالتزوير وإن لم يسلك طريق الطعن به فقد كان على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع كما تحقق سائر الدفوع وأن تقول كلمتها فيه وما دامت هى لم تفعل فى ظروف تدل على أنها رأت نفسها مقيدة بغير حق بمسألة قانونية فإن ذلك بالإضافة إلى ما سبق خطأ يوجب نقض الحكم المطعون فيه والاحالة.