أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 821

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار عثمان مهران الزينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد نصار، وحسن جمعة الكتاتنى، ومحمد عبد الخالق النادى، وصفوت خالد مؤمن.

(176)
الطعن رقم 742 لسنة 49 القضائية

(1) قتل خطأ. خطأ. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مسئولية جنائية.
تمسك الطاعن بانتفاء بعض صور الخطأ المسندة إليه. عدم جدواه. طالما لا ينازع فى توافر غيرها وكفايتها لترتيب مسئوليته.
(2) موظفون عموميون. إتحاد اشتراكى.
العاملون بالاتحاد الاشتراكى. ليسوا موظفين عموميين. عدم خضوعهم لحكم المادة 63 عقوبات ولو اقتضت العلاقة بينهم إطاعة الرؤساء. إطاعة الرئيس. حدها. ألا يكون الفعل موضوع الأمر. معاقباً عليه.
(3) مسئولية جنائية. "موانع المسئولية". أسباب الإباحة وموانع العقاب.
الحادث القهرى. شرطه. ألا يكون للجانى يد فى حصول الضرر أو فى قدرته منعه.
(4) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "خبرة".
إستناد المحكمة إلى التقرير الفنى. مفاده. إطراحها التقدير الاستشارى. الرد عليه استقلالاً. غير لازم.
1 - لما كان من بين صور الخطأ التى خلص الحكم إلى توافرها فى حق الطاعن قيادته السيارة بسرعة تجاوز مقتضى الحال وتقاعسه عن استعمال فرامل السيارة وقت الحادث حين كان يمكنه ذلك وتخليه عن عجلة القيادة، وكانت هذه الصور تكفى وحدها لحمل الحكم فيما انتهى إليه من إدانته عن الحادث، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم بشأن صور الخطأ الأخرى والتى تتمثل فى قبوله ركاباً بالسيارة وهى غير معدة لذلك وبعدد يفوق الحد المسموح به، لما هو مقرر من أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ فى حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها تكفى لترتيب مسئوليته ولو لم يقع خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة فى باقى صور الخطأ التى أسندها الحكم إليه.
2 - الأحكام التى تضمنتها المادة 63 من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام، ومن ثم فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - حتى وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تقضى عليه الطاعة كما أنه ليس لمرؤوس أن يطبع الأمر الصادر من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.
3 - يشترط لتوافر حالة الحادث القهرى ألا تكون للجانى يد فى حصول الضرر أو فى قدرته على منعه. وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى توافر الخطأ فى حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذى وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن ذلك ما ينتفى معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهرى، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن استناد الحكم إلى تقرير الفنى المقدم فى الدعوى يفيد إطراحها التقرير الاستشارى المقدم فيها، وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير استقلالاً، لما كان ذلك - فإن ما يثيره الطاعن فى شأن إغفال مناقشة التقرير الاستشارى لا يكون له محل.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) تسبب خطأ فى وفاة تسعة وأربعين شخصا وإصابة ستة أشخاص آخرين مبينة أسماؤهم بالمحضر وكان ذلك ناتجا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن سمح بوجود حمولة أزيد من المقرر قانونا للسيارة فانفجر الاطار الداخلى للعجلة الأمامية اليسرى وانقلبت السيارة وبها المجنى عليهم فحدثت أصاباتهم المبينة بالكشوف الطبية والتى أودت بحياة البعض وإصابة البعض الآخر على النحو سالف الذكر. ثانيا: استعمل مركبة فى غير الغرض المبين برخصتها. ثالثاً: قبل ركاباً أكثر من العدد المقرر برخصة السيارة قيادته. رابعاً: نقل أشخاصاً فى سيارة نقل يزيد عددهم عن 25 شخصاً وليس بها مقاعد لجلوسهم ولم يقدم وثيقة التأمين الإجبارى عن الركاب الذين قام بنقلهم، وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 3 و244/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973، وادعى كل من ..... و...... و...... مدنيا قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح مركز قوص قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولا ً: بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة مائة جنيه عن التهمة الأولى ثانيا: تغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمة الثانية. ثالثاً: تغريم المتهم مائة قرش عن كل تهمة من التهمتين الثالثة والرابعة. رابعاً: قبول الادعاء المدنى وإلزام المتهم بأن يدفع مبلغ واحد وخمسين جنيها للمدعين بالحق المدنى على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف، ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع أولاً: بتعديل العقوبة المقضى بها والاكتفاء بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل عما هو منسوب إليه. ثانياً: رفض الاستئناف فيما يتعلق بالدعوى المدنية وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى القتل والإصابة الخطأ قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه استدل على خطأ الطاعن بأنه حمل السيارة قيادته ركاباً أكثر من المقرر رغم أن الثابت بالأوراق وبما أورده الحكم بمدوناته أنه قام بنقل الركاب إلى مدينة الأقصر تنفيذاً لأمر صادر من أمين الاتحاد الاشتراكى بمحافظة قنا وهو ما حال بينه وبين السطيرة على عددهم وأفقده التحكم فى عجلة القيادة بما تنقضى معه مسئوليته الجنائية عن جميع التهم المسندة إليه. كما أن الحكم لم يستظهر سبب إنفجار الإطار الداخلى لعجلة السيارة الأمامية اليسرى وهو الذى أدى مباشرة إلى وقوع الحادث بما يقطع رابطة السببية بين ما أسند إليه من خطأ وبين النتيجة التى حصلت، فضلاً عن أنه التفت عن مناقشة التقرير الاستشارى وهو الأجدر بالاستناد إليه لصدوره من خبير مختص فى المسألة الفنية مثار البحث. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المأخوذ بأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وقد أثبت الخطأ فى حق الطاعن بقوله: "إن عنصر الخطأ فى جانب المتهم قد توافر وتمثل فى السرعة الزائدة وبحمل ركاب فى سيارة نقل غير معدة وغير مجهزة وبقدر يفوق العدد المقرر وهو 25 راكباً فى حالة صدور ترخيص بذلك حيث إن الثابت أن المتهم قام بتحميل السيارة بعدد يزيد عن 50 راكباً وسمح لأكثر من راكبين بالجلوس فى كابينة السيارة ولم يستعمل الفرامل وقت الحادث حين كان يمكنه ذلك وتخلى عن عجلة القيادة والسيارة تاركاً إياها بحمولتها من المواطنين تغوص فى المياة مما أودى بحياة 49 شخصاً وإصابة ستة أشخاص".. لما كان ذلك، وكان من بين صور الخطأ التى خلص الحكم إلى توافرها فى حق الطاعن قيادته السيارة بسرعة تجاوز مقتضى الحال وتقاعسه عن استعمال فرامل السيارة وقت الحادث حين كان يمكنه ذلك وتخليه عن عجلة القيادة، وكان هذه الصور تكفى وحدها لحمل الحكم فيما انتهى إليه من إدانته عن الحادث، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم بشأن صور الخطأ الأخرى والتى تتمثل فى قبوله ركاباً بالسيارة وهى غير معدة لذلك وبعدد يفوق الحد المسموح به، لما هو مقرر من أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ فى حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها تكفى لترتيب مسؤوليته ولو لم يقع خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة فى باقى صور الخطأ التى أسندها الحكم إليه. هذا إلى أن الأحكام التى تضمنتها المادة 63 من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام، ومن ثم فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة - كما هو واقع الحال فى الدعوى المطروحة - حتى وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تقضى عليه الطاعنة كما أنه ليس لمرؤوس أن يطيع الأمر الصادر من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الجرائم المنسوبة للطاعن قد وقعت نتيجة نشاط إجرامى واحد يتحقق به الارتباط بالمعنى المقصود فى المادة 32 فقرة أولى من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة لجريمة القتل الخطأ فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها أن الحادث وقع بناء على خطأ الطاعن وأرجع انفجار عجلة السيارة الامامية اليسرى إلى تجاوزه للسرعة التى تقتضيها ظروف الحال وقت وقوع الحادث، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهرى ألا تكون للجانى يد فى حصول الضرر أو فى قدرته على منعه. وإذ وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى توافر الخطأ فى حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذى وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن ذلك ما ينتفى معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهرى، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استناد الحكم إلى التقرير الفنى المقدم فى الدعوى يفيد إطراحها التقرير الاستشارى المقدم فيها، وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير استقلالا، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن إغفال مناقشة التقرير الاستشارى لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.